الفصل العشرون
حق المرء في أن يدافع عن نفسه بشخصه أو من خلال محام يترافع عنه
لكل شخص يتهم بارتكاب فعل جنائي الحق في أن يدافع عن نفسه بشخصه أو من خلال محامٍ. وله الحق في الحصول على مساعدة من محامٍ يختاره بنفسه أو يُنتدب لمساعدته من أجل مصلحة العدالة بدون مقابل، إذا كان غير قادر على أن يدفع أتعابه. وله الحق في أن يتصل بمحاميه في إطار من السرية. (انظر كذلك الفصل 3 الخاص بالحق في الاستعانة بمحامٍ أمام المحاكم).
20/1 حق المتهم في أن يدافع عن نفسهلكل من يتهم بارتكاب فعل جنائي الحق في أن يدافع عن نفسه أو ضد التهمة المنسوبة إليه.*
ولكي يكون الحق في الدفاع مجدياً يجب أن يكون من حق المتهم حضور محاكمته (انظر الفصل 21 الخاص بالحق في حضور المحاكمة والاستئناف) وأن يدافع عن نفسه شخصياً. ويجب أن يكون من حق المتهم أيضاً الحصول على مساعدة من محامٍ. ويشمل الحق في الحصول على محامٍ الحق في اختيار محامي الدفاع أو، في الحالات التي تقتضي فيها ذلك مصلحة العدالة، ينتدب له محامٍ دون مقابل إذا لزم الأمر.
ويجب أن يحصل المتهم ومحاميه، إن وجد، الوقت الكافي والتسهيلات المناسبة لإعداد دفاعه (انظر الفصل 8). وعلاوة على ذلك، فيجب أن يمنح المتهم فرصاً متكافئة مع الفرص المتاحة للادعاء لبسط دعواه (انظر الفصل 13/2 الخاص بالحق في المساواة في المعاملة بين الادعاء والمتهم)، ويشمل ذلك الحق في استدعاء الشهود واستجوابهم. (انظر الفصل 22).
المعايير ذات الصلة
المادة 14(3)(د) من "العهد الدولي""لكل متهم بجريمة أن يتمتع أثناء النظر في قضيته، وعلى قدم المساواة التامة، بالضمانات الدنيا الآتية:
"أن يحاكم حضورياً وأن يدافع عنه نفسه بشخصه أو بواسطة محامٍ من اختياره، وأن يخطر بحقه في وجود من يدافع عنه إذا لم يكن له من يدافع عنه، وأن تزوده المحكمة حكماً، كلما كانت مصلحة العدالة تقتضي ذلك، بمحامٍ يدافع عنه، دون تحميله أجراً على ذلك، إذا كان لا يملك الوسائل الكافية لدفع هذا الأجر."
المادة 7(ج) من "الميثاق الأفريقي""حق التقاضي مكفول للجميع وأن يشمل هذا الحق:
"حق الدفاع بما في ذلك الحق في اختيار مدافع عنه."
المادة 8(2)(د) من الاتفاقية الأمريكية:"لكل متهم بارتكاب فعل جنائي الحق في أن يُعتبر بريئاً طالما لم يثبت ذنبه طبقاً للقانون. ومن حق كل شخص أثناء الإجراءات، على قدم المساواة التامة، التمتع بالضمانات الدنيا التالية:
(د) حق المتهم في أن يدافع عن نفسه بشخصه أو بواسطة محام يختاره وأن يتصل بمحاميه دون قيود وعلى انفراد."
20/2 حق المتهم في أن يدافع عن نفسه بشخصه**لكل من يتهم بارتكاب فعل جنائي الحق في أن يدافع عن نفسه بشخصه.
وللمتهم أن يختار محامٍ ليساعده، والمحكمة ملزمة بأن تبلغه بحقه في الاستعانة بمحامٍ.
20/3 حق المتهم في أن يدافع عنه محامٍإن الاستعانة بمحامٍ وسيلة رئيسية لضمان حماية حقوق الإنسان المكفولة للمتهمين بارتكاب أفعال جنائية، وخاصةً حقهم في المحاكمة العادلة.
ولكل من يتهم بارتكاب فعل جنائي الحق في الاستعانة بمساعدة قانونية لحماية حقوقه والدفاع عنها.***
والحق في الحصول على مساعدة قانونية ينطبق على جميع مراحل الدعوى الجنائية، بما في ذلك أثناء التحقيق المبدئي وقبل بدء المحاكمة. (انظر الفصل 2/2/1 الخاص بإبلاغ المتهم بحقه في الاستعانة بمحامٍ، والفصل 3 الخاص بالحق في الاستعانة بمحامٍ قبل المحاكمة).
والحق في تمثيل المتهم بواسطة محامٍ واجب التطبيق، حتى وإن اختار المتهم ألا يحضر محاكمته.
أما بالنسبة للدعاوى الخاصة بالجرائم المعاقب عليها بالإعدام، فقد رأت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان أن مصلحة العدالة تقتضي ألا تنظر الدعوى ما لم يكن للمتهم محامٍ يدافع عنه.
وقد اعتبرت اللجنة الأفريقية أن المادة 7(1)(ج) من الميثاق الأفريقي قد انتهكت في حالة فيرا وأورتون تشيروا في ملاوي بسبب حرمانهما من محامٍ يدافع عنهما في محاكمتهما التي انتهت بمعاقبتهما بالإعدام.
ويشمل حق المتهم في أن يدافع عنه محامٍ الحق في أن يخطر بحقه هذا، وبحقه في مقابلة محاميه والاتصال به في إطار من السرية، وحقه في توكيل محامٍ يختاره أو في انتداب محامٍ كفءٍ للدفاع عنه.
المعايير ذات الصلة
المادة 6(3)(ج) من "الاتفاقية الأوروبية""لكل فرد متهم بارتكاب فعل جنائي الحقوق الدنيا التالية:
(ج) أن يدافع عن نفسه بشخصه أو بمساعدة من محام يختاره، أو في حالة عدم قدرته على دفع أتعاب محامْ، ينتدب له محامٍ دون مقابل عندما تقتضي ذلك مصلحة العدالة.:
المبدأ 1 من المبادئ الأساسية الخاصة بدور المحامين:"لكل شخص الحق في طلب المساعدة من محامٍ يختاره بنفسه لحماية حقوقه وإثباتها، وللدفاع عنه في جميع مراحل الإجراءات الجنائية."
20/3/1 إبلاغ المتهم بحقه في توكيل محاميجب أن يُخطر أي شخص بحقه في أن يدافع عنه محامٍ. وهو حق واجب التطبيق سواء أكانت الشرطة قبضت عليه أو احتجزته أم لم تقبض عليه ولم تحتجزه قبل المحاكمة. ولكي يكون الإخطار بذلك الحق مجدياً، يتعين أن يتم قبل المحاكمة مع ترك فسحة كافية من الوقت، وتوفير تسهيلات كافية للمتهم من أجل إعداد دفاعه.**** انظر الفصل 2/2/1 الخاص بإخطار المتهم بحقه في الاستعانة بمحامٍ.
20/3/2 حق المتهم في اختيار محاميهنظراً لما لعلاقة الثقة والوثوق من أهمية بين المتهم ومحاميه، فمن حق المتهم بوجه عام أن يختار المحامي الذي سيدافع عنه.*+
وقد رأت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان إن حق المتهم في اختيار محاميه قد انتهك في حالة قصرت فيها المحكمة هذا الحق على الاختيار بين محاميين اثنين منتدبين. وبالمثل، فقد وجدت اللجنة المذكورة أن هذا الحق قد انتُهك، عندما اكتفت المحكمة بإعطاء المتهم قائمة بأسماء مجموعة من المحامين العسكريين كان عليه أن يختار منها وحدها محامٍ للدفاع عنه، وكذلك عندما أُرغم متهم على قبول المحامي الذي انتدبه له مجلس عسكري، رغم وجود محامٍ مدني كان على استعداد للدفاع عنه.
وقالت اللجنة الأمريكية الدولية إن الحق في اختيار محامٍ قد تعرض لانتهاك خطير على يد قانون، صدر بموجب مرسوم في بيرو، يمنع أي محامٍ من الدفاع عن أكثر من متهم واحد من المتهمين بممارسة الإرهاب في وقت واحد في أي مكان بالبلاد.
ويجوز تقييد الحق في اختيار المحامي إذا لم يلتزم المحامي المختار بآداب المهنة، أو إذا كان هو نفسه موضوع دعوى جنائية، أو إذا رفض الالتزام بإجراءات المحكمة.
ولم تجد اللجنة الأوروبية أن أحكام الاتفاقية الأوروبية قد انتهكت في حالة منعت فيها المحاكم الوطنية المحامين الذين اختارهم المتهم من الدفاع عنه، بسبب وجود شبهات حول اشتراكهم في نفس الأفعال الجنائية التي اتهم بارتكابها، وفي حالة أخرى رفضت فيها محكمة محلية السماح للمحامي الذي اختاره المتهم بالمرافعة لأنه رفض ارتداء زي المحاماة.
وعلاوةً على ذلك، فليس للمتهم حق غير مقيد في اختيار المحامي الذي سيترافع عنه، خاصةً إذا كانت الدولة هي التي سوف تدفع نفقاته. ومع هذا، فقد رأت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان أنه في الحالات الخاصة بعقوبة الإعدام، يجب على المحكمة أن تعطي الأولوية للمحامي الذي يختاره المتهم، حتى وإن تطلب الأمر تأجيل الجلسة، وينطبق هذا أيضاً على دعاوى الاستئناف. انظر الفصل 28 الخاص بالدعاوى الخاصة بعقوبة الإعدام.
وقالت المحكمة الأوروبية: "يجب على المحاكم الوطنية عند انتداب محامٍ للدفاع عن متهم ما أن تراعي بكل تأكيد رغبات المتهم... ولكن يجوز لها أن تتجاهلها في حالة وجود أسباب وثيقة الصلة بالدعوى وكافية تبرر الاعتقاد بأنها ليست في مصلحة العدالة.
20/3/3 الحق في انتداب محامٍ للدفاع عن المتهم وحقه في الحصول على مساعدة قانونية مجانيةإذا لم يكن المتهم قد وكِّل محامٍ من اختياره ليترافع عنه، فيجوز انتداب محامٍ للدفاع عنه.*++
وقد اعتبرت "الاتفاقية الأمريكية" في المادة 8(2)(هـ) أن الحق في انتداب محامٍ ثابت إذا اختار المتهم ألا يدافع عن نفسه بشخصه أو لم يوكل محامٍ في غضون الفترة التي حددها القانون لذلك الغرض. غير أن المادة 14(3)(د) من "العهد الدولي" والمادة 6(3) من "الاتفاقية الأوروبية" قد اشترطتا لإعمال هذا الحق أن ترى المحكمة أن مصلحة العدالة تقتضي ذلك.
وهذا الشرط المتعلق بانتداب المحامين مرهون في المقام الأول بمدى خطورة الجريمة، والاحتمالات الخطيرة التي قد تترتب على عدم وجود محامٍ، ومن بينها الحكم المحتمل صدوره على المتهم، ومدى تعقد القضية.
وقد رأت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان إن مصلحة العدالة تتطلب انتداب محامٍ في جميع مراحل الدعوى من أجل الدفاع عن الأشخاص المتهمين بجرائم عقوبتها الإعدام؛ إذا لم يكن المتهم قد اختار محامٍ ووكله للدفاع عنه.
وقد نظرت اللجنة المذكورة حالة رجل اتهم بتجاوز السرعة القانونية، ثم حوكم في نفس الوقت بتهمة لا تتصل بالتهمة الأولى، وهي عدم إبلاغ إدارة السجل التجاري بشركة يديرها. ورأت اللجنة أن المتهم عجز عن إثبات أن مصلحة العدالة في هذه الدعوى بالذات كانت تقتضي انتداب محامٍ على نفقة الدولة.
والدولة ملزمة بانتداب محامٍ "دون مقابل" من أجل المتهم بموجب أحكام "العهد الدولي" و"الاتفاقية الأوروبية"، إذا توافر شرطان. الأول أن تتطلب مصلحة العدالة انتداب محامٍ، والثاني ألا يكون المتهم قادراً على دفع أتعاب محامٍ.*^
أما المادة 8(2)(هـ) من الاتفاقية الأمريكية، فلا تلزم الدولة بتحمل نفقات المحامي ما لم ينص على ذلك القانون المحلي. ومع هذا، فقد رأت المحكمة الأمريكية الدولية أن على الدولة أن توفر محامٍ بدون مقابل لكل من يعجز عن الدفع، إذا كان من اللازم الاستعانة بمحامٍ لضمان عدالة المحاكمة.
المعايير ذات الصلة
المادة 8(2)(هـ) من "الاتفاقية الأمريكية""لكل إنسان، على قدم المساواة التامة، الحق، أثناء الإجراءات، في الضمانات الدنيا التالية ...
هـ) حق ثابت في أن توفر الدولة محامٍ، مدفوع الأجر أو بدون مقابل حسبما ينص القانون المحلي، لأي متهم إذا لم يدافع عن نفسه بشخص أو لم يوكل محام في غضون المدة التي يقررها القانون لذلك."
ورأت المحكمة الأوروبية أن المادة 6(3)(ج) من "الاتفاقية الأوروبية" قد انتهكت عندما حرم رجل ما من الحصول على مساعدة قانونية مجانية عند التحقيق معه بتهمة تتعلق بالاتجار في المخدرات، وأثناء محاكمته بهذه التهمة، رغم أن العقوبة على هذه التهمة قد تصل إلى السجن ثلاث سنوات؛ ورغم تعقيد التدابير المتنوعة المقترنة بها لأن المتهم كان قد اتهم بارتكاب تهمة مماثلة، وأفرج عنه بشرط التزام حسن السير والسلوك، وقد ارتكب هذه التهمة المزعومة أثناء فترة خضوعه للمراقبة للتأكد من التزامه بشروط الإفراج. وعلاوة على ذلك، فقد كان المتهم شاباً وله صحيفة سوابق حافلة ويتعاطى المخدرات منذ وقت طويل.
وبالمثل، فقد رأت المحكمة الأوروبية أنه كان من الضروري انتداب محامٍ خلال دعوى استئناف رفعها رجل يواجه تهمة عقوبتها السجن خمس سنوات.
والحكومات مطالبة بأن ترصد اعتمادات مالية كافية وغيرها من الموارد المطلوبة لانتداب المحامين للدفاع عن الفقراء والمحرومين.*^^
20/4 حق المتهم في الاتصال بمحاميه في إطار من السريةيجب أن تجري الاتصالات بين المتهم ومحاميه في إطار من السرية.*# ويجب أن تضمن السلطات أن تظل هذه الاتصالات محاطة بالسرية.
وتقضي المادة 22 من المبادئ الأساسية الخاصة بدور المحامين بأن تعترف الحكومات بضرورة الحفاظ على سرية جميع الاتصالات بين المحامين وموكليهم، التي تتم في نطاق العمل المهني، وأن تحترم سريتها.*##
وقد فسرت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان المادة 14(3) من العهد الدولي، التي تضمن الحق في الاتصال بالمحامين، بقولها إن هذه المادة تلزم "المحامي بالاتصال بالمتهم في ظل أوضاع توفر الاحترام الكامل لسرية هذه الاتصالات."
وبالنسبة للمحتجزين، يتعين على السلطات أن توفر لهم مساحة كافية من الزمن وتسهيلات مناسبة للالتقاء بالمحامين وللحفاظ على سرية الاتصالات بينهم، سواء أكان لقاءً مباشراً أو عن طريق الهاتف أو الخطابات. ويجوز أن تجري هذه اللقاءات أو الاتصالات الهاتفية تحت بصر، وليس سمع، آخرين.(*) (انظر الفصل 3 الخاص بالحق في الاستعانة بمحامٍ قبل المحاكمة).
وقالت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان إنه حيثما وجدت إجراءات مفرطة في البيروقراطية تجعل من العسير الاتصال بالمحامين، فإن الشروط المقررة في المادة 14 من "العهد الدولي" لا تتحقق.
ولا يجوز الأخذ بالمراسلات المتبادلة بين المحامي وموكله كدليل للإدانة ما لم تتصل بجريمة مستمرة أو يُدَبر لارتكابها.(**)
المعايير ذات الصلة
المبدأ 3 من المبادئ الأساسية الخاصة بدور المحامين:"تكفل الحكومات توفير التمويل الكافي والموارد الأخرى اللازمة لتقديم الخدمات القانونية للفقراء ولغيرهم من المحرومين حسب الاقتضاء، وتتعاون الرابطات المهنية للمحامين في تنظيم وتوفير الخدمات والتسهيلات وغيرها من الموارد."
20/5 الحق في الاستعانة بمحامٍ متمرس متخصص كفءٍيجب أن يمارس محامو الدفاع عملهم في إطار من الحرية وأن يؤدوا واجبهم بجد واجتهاد وفقاً للقانون والمعايير المعترف بها وآداب المهنة. ويجب أن يوضحوا لموكليهم حقوقهم التي يكفلها القانون والواجبات التي يمليها عليهم وما غمض عليهم من أمور متصلة بالنظام القانوني القائم. ويجب أن يساعدوهم بكل صورة مناسبة، وأن يتخذوا من الإجراءات ما هو ضروري لحماية حقوقهم ومصالحهم، ويعينوهم في الدفاع عن أنفسهم أمام المحاكم.(***) وعليهم، وهم يسعون لحماية حقوق موكليهم وتعزيز العدالة، أن يعملوا على تعزيز حقوق الإنسان والحريات الأساسية المعترف بها في إطار القانون الوطني والدولي.(+)
وقد اعتبرت اللجنة الأمريكية الدولية أن الحق في الاستعانة بمحامٍ يُنتهك عندما يتقاعس المحامي عن الوفاء بالتزاماته في الدفاع عن موكليه.
ويتعين على السلطات، عندما تشرع في انتداب محام للدفاع عن متهم ما، أن تحرص على اختيار محامٍ متمرس ومتخصص في مباشرة القضايا التي لها نفس طبيعة الجريمة المرتكبة.(++) وعلى الدولة واجب محدد إزاء اتخاذ التدابير اللازمة لضمان توفير دفاع فعال للمتهم. فإذا كان المحامي المنتدب لا ينهض بواجب الدفاع على نحو فعال، فعليها أن تتأكد من حسن أدائه لوجباته، أو تستبدله.
وقد أبدت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان قلقها بشأن "الافتقار لتدابير فعالة [في الولايات المتحدة] من أجل ضمان توفير محامين أكفاء للدفاع عن المتهمين من السكان الأصليين، خاصةً أمام محاكم الولايات."
ورأت اللجنة المذكورة أن حق المتهم في الحصول على دفاع كافٍ ينتهك عند تضييق دائرة الاختيار أمامه لتنحصر في محام منتدب للدفاع عنه رسمياً، ثم يتبنى هذا المحامي "موقف الادعاء."
وفي حالة قام فيها محامي الدفاع بسحب عريضة الاستئناف دون الرجوع إلى موكله، انتهت اللجنة المذكورة إلى أنه كان من واجب المحامي، لكي يساعد موكله مساعدة فعلية، أن يتشاور معه ويخبره بعزمه على سحب دعوى الاستئناف أو يبلغه بأنها غير مجدية.
20/6 حظر تعريض المحامين لأي ضرب من المضايقة أو الترهيبيجب ألا يتعرض المحامون (بمن فيهم الموكلون للدفاع عن المتهمين بارتكاب أفعال إجرامية) لأية مضايقة أو لتدخل غير مناسب وهم يؤدون واجباتهم المهنية.(+++)
وقد رأت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان أنه من الضروري أن يتمكن المحامون "من تقديم المشورة لموكليهم وتمثيلهم، وفقاً للمعايير المهنية المقررة وحسن تقديرهم للأمور، دون التعرض لأي قيد أو تأثير أو ضغط أو تدخل لا مبرر له من أية جهة."
وقد انتهت اللجنة الأفريقية إلى أن المادة 7(1)(ج) من "الميثاق الأفريقي" قد انتهكت في حالة تعرض فيها محامي الدفاع لضروب بالغة من المضايقة والترهيب حتى اضطر إلى الانسحاب من القضية، ولكن المحاكمة استمرت وأدانت المحكمة المتهمين وصدر عليهم حكم بالإعدام.
ويجب أن تحرص الحكومات على عدم المطابقة بين شخصية المحامي وشخصية موكله أو يدمغ بجريرته بسبب دفاعه عنه.
وقالت اللجنة الأمريكية الدولية إن الربط، بدون سند وعن سوء نية، بين محامي الدفاع والأنشطة غير المشروعة المتهم موكله بارتكابها يمثل "خطراً على حرية المشتغلين بالقانون في أدائهم لعملهم ويفتئت على أحد الضمانات الأساسية لإقامة العدل وسلامة الإجراءات، أي الحق في الدفاع."
وقد أعرب مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني باستقلال القضاة والمحامين عن قلقه بسبب نزوع الشرطة في أيرلندا الشمالية إلى النظر إلى المحامين الذين يدافعون عن الأشخاص المتهمين بممارسة أنشطة إرهابية، وكأنما هم يشاركون موكليهم نفس آرائهم، وبسبب تدخل الشرطة في العلاقة بين المتهمين والمحامين أثناء عمليات الاستجواب بالتشكيك في نزاهة المحامين وكفاءتهم المهنية. وخلص المقرر الخاص إلى أن عمليات التخويف والمضايقات التي يتعرض لها المحامون على يد ضباط شرطة أيرلندا الشمالية مستمرة ومنظمة. وقد اعتبر أن اغتيال محامٍ تولى الدفاع عن أشخاص متهمين بارتكاب جرائم متصلة بالإرهاب، بعد أن تعرض للتهديد أثناء استجواب موكليه على يد أفراد شرطة كان له "أثر مروع" على المشتغلين بالقانون، كما أنه ساهم في تقويض المزيد من ثقة الجمهور في النظام القضائي."
الفصل الحادي والعشرون
الحق في حضور المحاكمات وجلسات الاستئناف
لكل شخص يتهم بارتكاب فعل جنائي الحق في أن يحضر محاكمته لكي يسمع مرافعة الادعاء ويدافع عن نفسه.
21/1 الحق في المحاكمة حضورياً21/2 المحاكمة غيابياً21/3 الحق في حضور جلسات الاستئناف
21/1 الحق في المحاكمة حضورياًمن حق كل شخص يتهم بارتكاب فعل جنائي أن يحاكم حضورياً حتى يسمع مرافعة الادعاء ويفند دعواه ويدافع عن نفسه.* والحق في المحاكمة حضورياً جزء مكمل للحق في حق المتهم في الدفاع عن نفسه. (انظر الفصل 20 الخاص بالحق في الدفاع عن النفس أو عن طريق محامٍ.)
ورغم أن الحق في المحاكمة حضورياً ليس منصوصاً عليه صراحةً في "الاتفاقية الأوروبية"، إلا أن المحكمة الأوروبية اعتبرت أن لب المادة 6، والقصد منها، هو أن أي شخص يتهم بارتكاب جريمة يصبح من حقه المشاركة في نظر قضيته.
أما المادة 8(2)(د) من "الاتفاقية الأمريكية"، فتضمن حق المتهم في أن يدافع عن نفسه شخصياً، ومن ثم، فالحق في حضوره لجلسات القضية متأصل فيها. وقد انتقدت اللجنة الأمريكية الدولية الاستمرار في نظر إحدى القضايا؛ رغم غياب المتهم بسبب بعض العراقيل.
ويفرض الحق في حضور المحاكمات واجبات على السلطات، من حيث ضرورة إخطار المتهم (ومحاميه) بمكانها وزمانها قبل بدئها بوقت كافٍ، وأن تستدعي المتهم لحضورها لا أن تستبعده على نحو مخالف من حضور جلساتها.
ورغم وجود حدود للجهود التي يتوقع أن تبذلها السلطات لإخطار المتهم بأمر محاكمته، غير أن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان قد اعتبرت أن الحق في حضور المحاكمة قد انتهك في حالة لم تصدر فيها السلطات، في زائير السابقة، أمر الاستدعاء إلا قبل بدء المحاكمة بثلاثة أيام، ولم تحاول إرساله إلى المتهم الذي كان يعيش في الخارج، رغم معرفتها بمحل إقامته.
ويجوز تقييد حق المتهم في حضور جلسات محاكمته، على أن يكون ذلك بصفة مؤقتة، إذا أخل بالإجراءات المتبعة في المحكمة إلى الحد الذي ترى معه المحكمة أنه من غير العملي مواصلة نظر الدعوى في وجوده. وقد قالت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان إنه يجوز حرمان المتهم من حقه في حضور جلسات المحكمة، إذا تقاعس عن الحضور بعد إبلاغه بها بصورة صحيحة.
ويجوز للمتهم أن يتنازل عن حقه في حضور الجلسات على أن يسجل هذا التنازل بصورة واضحة، والأفضل أن يتم كتابةً.
21/2 المحاكمة غيابياًإن أي تفسير حرفي للمادة 14(3)(د) من "العهد الدولي" لا يدع مجالاً للشك في عدم جواز محاكمة المتهم غيابياً، أي دون أن يحضر وقائع محاكمته.
ومما يعزز هذا التفسير التقرير الذي أعده الأمين العام للأمم المتحدة، وضمنه توصيات بشأن تأسيس المحكمة الجنائية الدولية الخاصة بيوغوسلافيا السابقة، حيث يقول"لا يجوز أن تبدأ المحاكمة إلا بحضور المتهم بشخصه أمام المحكمة الدولية، حيث يرى الكثيرون أنه لا ينبغي أن يجيز نظامها الأساسي محاكمة المتهمين غيابياً، حيث يتعارض هذا مع المادة 14 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية التي تنص على ضرورة محاكمة المتهمين حضورياً." "وقد استبعد "النظامان الأساسيان ليوغوسلافيا ورواندا والنظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية" المحاكمة غيابياً.
غير أن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان كانت قد قررت قبل عشر سنوات أنه يجوز، في بعض الظروف الاستثنائية، محاكمة المتهم غيابياً بشرط إبلاغه بأمرها واستدعائه للمثول أمامها في وقت مناسب، ومن ثم تمكينه من إعداد دفاعه.
ويتحتم في مثل هذه الحالات مراعاة المزيد من الحذر واليقظة، حيث تقول اللجنة المعنية بحقوق الإنسان "عندما تعقد محاكمة غيابياً بصورة استثنائية لها ما يبررها، تشتد ضرورة الالتزام بمراعاة حقوق الدفاع مراعاة صارمة"، وتشمل هذه الحقوق الحق في الاستعانة بمحامٍ، حتى وإن اختار المتهم عدم حضور المحاكمة.
وللمتهم الحق في التماس الإنصاف إذا أدين غيابياً في محاكمة لم يخطر بأمرها.
وتعتقد منظمة العفو الدولية أن المتهم يجب أن يحضر بشخصه جلسات المحكمة لكي يسمع مرافعة الادعاء، ويتعرف على حججه بصورة كاملة، وليدافع عن نفسه ويساعد محاميه على دحض الأدلة واستجواب الشهود، أو يتشاور مع محاميه لدى فحص الشهود. وتعتقد المنظمة أن الاستثناء الوحيد المقبول لذلك هو أن يختار المتهم، بمحض إرادته، عدم الحضور بشخصه وقائع الدعوى بعد بدئها أو أن يثير شغباً بحيث يتحتم إبعاده بصورة مؤقتة. وفي مثل هذه الحالة لا بد من استخدام وسائل سمعية بصرية متصلة بقاعة المحاكمة تتيح للمتهم أن يرى ويسمع ما يدور في القاعة. وتعتقد منظمة العفو الدولية أن المتهم، إذا قبض عليه عقب صدور الحكم عليه غيابياً لأسباب أخرى غير السببين السابقين، فإنه يجب إلغاء الحكم الذي صدر عليه غيابياً وإعادة محاكمته من جديد أمام محكمة أخرى.
المعايير ذات الصلة
المادة 14(3)(د) من "العهد الدولي""لكل متهم بجريمة أن يتمتع أثناء النظر في قضيته، وعلى قدم المساواة التامة، بالضمانات الدنيا الآتية... (د) أن يحاكم حضورياً..."
21/3 الحق في حضور جلسات الاستئنافيتوقف الحق في حضور وقائع الاستئناف على طبيعة هذه الوقائع، فالمحك هنا بصفة خاصة هو هل تنظر محكمة الاستئناف الجوانب القانونية أم وقائع القضية، والطريقة التي تُعرض وتُحمى بها مصالح المتهمين.
وإذا كان من المتوقع أن تنظر محكمة الاستئناف الدعوى، من حيث الجوانب القانونية والوقائع على السواء، فسوف تقضي العدالة بوجه عام حضور المتهم.
وقد وجدت المحكمة الأوروبية أن حق المتهم في المحاكمة العادلة قد انتهك في دعوى نظرتها المحكمة العليا في النرويج التي قضت بإلغاء حكم البراءة الذي أصدرته محكمة أدنى على أحد المتهمين، وقررت إدانته ومعاقبته بعد أن نظرت الجوانب القانونية ووقائع القضية على السواء، من غير أن تستدعي المتهم للمثول أمامها دون أي مبرر خاص لهذه الخطوة. ورأت المحكمة الأوروبية أن إلغاء حكم البراءة في هذه الحالة لا يمكن أن يصدر بصورة صحيحة، ما لم تقيم المحكمة أدلة النفي التي قدمها المتهم بحضوره شخصياً. وقالت المحكمة الأوروبية بشأن هذه الحالة إن المحكمة العليا كان من واجبها أن تستدعي المتهم، وتستفسر منه شخصياً بصورة مباشرة عن أدلة براءته.
ويجوز اعتبار حق المتهم في حضور دعوى الاستئناف قد استوفي، إذا أوفد محامياً يختاره لتمثيله لحضورها شخصياً.
وقد اعتبرت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان أن هذا الحق لم ينتهك في حالة متهم لم يحضر أمام محكمة الاستئناف في جامايكا لأن محاميه كان حاضراً لتمثيله، علماً بأن محاكم الاستئناف في جامايكا لا تنظر سوى الجوانب القانونية للدعاوى.
وقد قضت المحكمة الأوروبية أن حق حضور المتهم لجلسات الاستئناف ليس بضروري في حالة ما إذا كانت محكمة الاستئناف مختصة فقط ببحث الجوانب القانونية للقضية.
وقد وجدت المحكمة الأوروبية أن هذه "الاتفاقية الأوروبية" لم تنتهك في دعوى استئناف أمام محكمة النقض الإيطالية بسبب، عدم وجود محامٍ يمثل المتهم الذي لم يحضر محاميه، ولم يكن لديه متسع من الوقت لكي يوكل محامٍ آخر، لأن محكمة النقض تنظر الجوانب القضائية الفنية، ولأن المرافعات تقدم لها أساساً في صورة مذكرات مكتوبة، ولا يوجد مجال كبير أمام المحامين لكي يناقشوا في جلساتها مسوغات النقض الموضحة في المذكرات المقدمة. ورأت المحكمة الأوروبية أن قرار محامي المتهم الذي اختاره المتهم للدفاع عنه بعدم الحضور (أو إيفاد محامٍ آخر بديل لحضور الجلسة) ليس مسؤولية الدولة.
وينطبق مبدأ تكافؤ الفرص بين الدفاع والادعاء في دعاوى الاستئناف أيضاً (انظر الفصل 13/2 الخاص بالمساواة بين الدفاع والادعاء).
وقد استشهدت المحكمة الأوروبية بهذا المبدأ بعد أن انتهت إلى أن حق المتهم في الحضور لم ينتهك عندما لم يحضر المتهم ولا الادعاء ولا محامية جلسة عُقدت للبت في طلب للاستئناف؛ حيث رأت المحكمة أن طبيعة القضية، التي كان سيبت فيها، لم تكن تتطلب بصورة أساسية حضور المتهم بشخصه، وأن المحكمة لم تميز بين المتهم وبين الادعاء في المعاملة.
الفصل الثاني والعشرون
الحق في استدعاء الشهود ومناقشتهم
لكل فرد يتهم بارتكاب فعل جنائي الحق في استدعاء شهود نفي، ومناقشة شهود الإثبات بنفسه أو من قبل غيره.
22/1 الشهود22/2 حق الدفاع في استجواب شهود النفي 22/2/1 الشهود المجهولون 22/2/2 حدود استجواب شهود الإثبات22/3 الحق في استدعاء شهود نفي22/4 حقوق المجني عليهم والشهود
22/1 الشهودمن الأركان الرئيسية لمبدأ تكافؤ الفرص بين الدفاع والادعاء (انظر الفصل 13/2)، والحق في الدفاع، حق المتهم في استدعاء الشهود وسؤالهم.* وقد وضع هذا الحق "ليكفل للمتهم نفس السلطات المخولة للادعاء من حيث استدعاء الشهود وإلزامهم بالحضور وفحص واستجواب أي شاهد إثبات يستدعيه الادعاء."
ويضمن الحق في استدعاء الشهود وفحصهم فرصة متكافئة للدفاع لاستجواب الشهود الذين سيدلون بأقوال في صالح المتهم، وأن يدحض أدلة الإثبات المقدمة. واستجواب الشهود، من جانب الادعاء والدفاع على السواء، من شأنه أن يوفر للمحكمة الفرصة للاستماع لأدلة الإثبات والأقوال التي تدحضها.
وقد أخذ واضعو المعايير الدولية التي تستخدم عبارة "مناقشة الشهود بنفسه أو من قبل غيره" في حسبانهم اختلاف النظم القضائية، التي منها ما يبيح للمتقاضين مناقشة الشهود ومنها ما يعطي القضاء سلطة مناقشة الشهود.
ولكن حق المتهم في مناقشة شهود الإثبات واستدعاء شهود النفي ومناقشتهم ليس مطلقاً بدون حدود. فالمادة 14(3)(هـ) من "العهد الدولي" والمادة 6(3)(د) من "الاتفاقية الأوروبية" والفقرة 2(هـ)(3) من "قرار اللجنة الأفريقية" تنطوي بالفعل على ضمانات متطابقة. ولكن المادة 8(2)(هـ) من "الاتفاقية الأمريكية" توفر ضمانات أرحب (انظر فيما يلي).
المعايير ذات الصلة
المادة 14(3)(هـ) من "العهد الدولي""لكل متهم بجريمة أن يتمتع أثناء النظر في قضيته، وعلى قدم المساواة التامة، بالضمانات الدنيا التالية:…
"أن يناقش شهود الاتهام، بنفسه أو من قبل غيره، وأن يحصل على الموافقة على استدعاء شهود النفي بذات الشروط المطبقة في حالة شهود الاتهام."
22/2 حق الدفاع في استجواب شهود النفيمن حق كل من يتهم بارتكاب فعل جنائي أن يناقش بنفسه أو من قبل غيره شهود الإثبات.**
وحق المتهم في الحصول على وقت كافٍ وتسهيلات مناسبة لإعداد دفاعه يشتمل على الحق في الاستعداد لمناقشة شهود الإثبات. ومن ثم، فهناك التزام ضمني واقع على الادعاء لإعطاء الدفاع إخطار مسبق بوقت كافٍ بأسماء الشهود الذي يزمع استدعاءهم للمحكمة. ومع هذا، فإذا لم يطلب الدفاع التأجيل عندما يستدعي الادعاء شاهداً جديداً أثناء المحاكمة لم يذكر اسمه من قبل، فيجوز اعتبار أنه قد تنازل عن حقه في الحصول على وقت كافٍ للاستعداد.
ومعنى حق المتهم في مناقشة الشهود بنفسه أو من قبل غيره أن جميع الأدلة يجب ، في الأحوال العادية، أن تقدم في حضره المتهم في جلسة علنية، حتى يمكنه أن يفند أقوال الشهود من حيث إمكانية التعويل عليها أو تصديقها. ورغم وجود استثناءات لهذا المبدأ، يجب ألا تمس هذه الاستثناءات حقوق الدفاع.
وقد قالت المحكمة الأوروبية، وهي تشير إلى الصعوبات التي تكتنف محاكمات مهربي المخدرات، بما في ذلك المشكلات المتصلة باستدعاء الشهود إلى المحكمة، "لا يمكن لهذه الاعتبارات أن تبرر تقليص حقوق الدفاع (في مناقشة الشهود) إلى هذا الحد."
وقد وجدت المحكمة المذكورة أن حقوق المتهم قد انتهكت في قضية اتجار بالمخدرات بنت فيها المحكمة حكمها على تقارير أحد ضباط الشرطة السرية وتدوين لبعض المكالمات الهاتفية، والأقوال التي أدلى بها المتهم بعد أن عرض عليه نص المكالمات الهاتفية المدونة. ولم يكن لدى المتهم فرصة لفحص نص تلك المكالمات، ولا لتفنيد هذا الدليل أو مناقشة ضابط الشرطة السرية، الذي لم تكشف السلطات عن اسمه، ولم يستدع للإدلاء بشهادته حفاظاً على سرية هويته. غير أن المحكمة الأوروبية أشارت إلى أن ضابط الشرطة السرية لا يمكن اعتباره "شاهداً مجهولاً"، حيث أنه كان ضابطاً رسمياً بالشرطة، وكان قاضي التحقيق على علم بمهمته، وأن المتهم كان يعرف الضابط لأنه التقى به خمس مرات.
22/2/1 الشهود المجهولونإن الاعتماد على أقوال الشهود المجهولين (أي الذين لا يعرف المتهم هويتهم أثناء محاكمته) إجراء ينتهك حق المتهم في مناقشة الشهود؛ لأنه يحرمه من معلومات ضرورية له لكي يطعن في إمكانية الوثوق بأقوال الشاهد. وقد تعد المحاكمة برمتها جائرة إذا أخذ القضاة بالأدلة المقدمة من مجهولين.
وقد انتقدت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان نظام "القضاة المقنعين" المطبق في كولومبيا؛ لأن أسماء القضاة وممثل الادعاء والشهود تظل مخفية عن الدفاع في محاكم النظام العام الإقليمية التي تنظر القضايا المتصلة بالاتجار في المخدرات والإرهاب والتمرد وحيازة أسلحة بدون ترخيص. وقالت اللجنة إن هذا النظام لا يتفق مع المادة 14(من "العهد الدولي")، خاصة الفقرة 3(ب) و(هـ)، وأوصت بإلغاء هذه المحاكم.
وبالمثل، فقد أكدت اللجنة الأمريكية الدولية من جديد قلقها بشأن نظام "القضاة المقنعين"، حيث قالت إنها "تشعر بالانزعاج لأنه مازال يمثل جزءًا من النظام القضائي في كولومبيا." وأعربت اللجنة عن ترحيبها بقرار المحكمة الدستورية الكولومبية التي اعتبرت أن أي مرسوم يبيح إصدار أحكام الإدانة بناءً على أقوال شهود مجهولي الهوية يتنافى مع الدستور. وقالت اللجنة إنه بالرغم من هذا الإصلاح، وإصلاح آخر لا يسمح بعدم الكشف عن هوية ممثل الادعاء إلا في حالات خاصة، إلا أن بنية نظام العدالة الإقليمي لا تحمي حقوق المتهمين، ولا تضمن الحصول على العدالة. كذلك، قالت اللجنة الأمريكية الدولية، في إشارة إلى بيرو وكولومبيا، إن استخدام أقوال الشهود المجهولين يتنافى مع سلامة الإجراءات القضائية.
ولم تمنع المحكمة الأوروبية تماماً الاستعانة بالشهود المجهولين في أية قضية، ولكنها أشارت بضرورة التشدد في تقييد الاستعانة بهم.
وقالت المحكمة المذكورة إن "جميع الأدلة يجب أن تقدم في الأحوال العادية في جلسة علنية في حضور المتهم بهدف السماح له بمناقشة الشهود. وعلى الرغم من أن هناك استثناءات لهذا المبدأ، فلا يجب ألا تمس هذه الاستئناءات حقوق الدفاع. فبوجه عام، تقضي الفقرتان 1 و3 (د) من المادة 6 من "الاتفاقية الأوروبية" بضرورة منح المتهم فرصة كافية وحقيقية لتفنيد أقوال الشهود وسؤالهم سواء عندما يدلي بأقواله أو في مرحلة لاحقة.
وقد نظرت المحكمة الأوروبية حالة أدلى فيها شاهدان مجهولان بأقوالهما لضابط شرطة، وقد تقدم هذا الضابط فيما بعد للشهادة أمام المحكمة. ووجدت المحكمة الأوروبية أن حقوق المتهم قد انتهكت، رغم أنه كان في وسع محاميه أن يقدم أسئلة مكتوبة لهذين الشاهدين. وقالت المحكمة المذكورة عن هذا: "لما كان المحامي يجهل هوية [الشاهدين]، فقد واجه عقبة كؤود، حيث لم تتح له المعلومات اللازمة لكي يستطيع اختبار مدى إمكانية الركون إلى هذين الشاهدين أو للتشكيك في مصداقيتهما".
وفحصت المحكمة الأوروبية حالة أدين فيها المتهم "بصورة حاسمة" بناءً على أقوال ضباط شرطة مجهولي الهوية. ولم يقتصر الأمر على جهل المتهم بهوية الشهود، بل زاد على ذلك منعه من رصد سلوكياتهم عن طريق استجوابهم بطريقة مباشرة، ومن ثم حالت بينه وبين التحقق من مدى إمكانية التعويل على أقوالهم. وقد أدلى ضباط الشرطة بأقوالهم أمام قاضي التحقيق، بينما جلس المتهم ومحاميه وممثل الاتهام في غرفة مستقلة متصلة بالغرفة الأولى بنظام صوتي يتيح لهم سماع ما يقال، وذلك لأن الضباط أعربوا عن خوفهم من التعرض للانتقام. وخلصت المحكمة إلى أن "هذه التدابير لا يمكن أن تعتبر بديلاً حقيقياً لتمكين الدفاع من استجواب الشهود حضورياً والحكم على سلوكهم ومدى إمكانية التعويل على أقوالهم"، ولذلك اعتبرت المحكمة الأوروبية هذه المحاكمة برمتها جائرة.
وقد عارضت منظمة العفو الدولية استخدام أقوال الشهود المجهولين في عدد من البلدان، منها كولومبيا وبيرو، واعترضت على استخدامها في المحاكم الدولية.
22/2/2 حدود استجواب شهود الإثباتيجوز تقييد حق المتهم في مناقشة الشهود بنفسه أو من قبل غيره بناءً على سلوكه (كأن يهرب مثلاً)، أو بسبب تعذر الاستدلال على الشاهد (كأن يغادر البلاد أو يغير محل إقامته دون أن يترك عنوانه الجديد)، أو عندما توجد أسباب معقولة تجعل الشهود يخشون من التعرض للانتقام.
وفي حالة قُدّم فيها المتهم إلى المحاكمة بعد أن أمضى ثلاث سنوات خارج البلاد، ولم يحضر شاهد الإثبات الرئيسي، وجدت المحكمة الأوروبية أن تغيب الشاهد "لا يحتم بالضرورة إيقاف نظر الدعوى... مادامت السلطات لم تقصر في السعي للاستدلال عليه." وأشارت المحكمة إلى أن الأقوال التي سبق للشاهد المتغيب أن أدلى بها إلى الشرطة أو قاضي التحقيق، والتي تليت في المحكمة أيدت الأدلة الأخرى."
وقد تعتبر اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، والمحكمة الأوروبية، أن المتهم قد تنازل عن حقه في مناقشة الشاهد ما لم يعترض الدفاع، بصورة محددة أثناء المحاكمة، على عدم إتاحة الفرصة له لدحض شهادات الشهود أو إذا لم يلتمس ذلك من المحكمة.
وقد وجدت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان أن حقوق المتهم لم تنتهك عندما أدرجت محكمة بين الأدلة شهادة ضابط شرطة كان قد غادر البلاد منذ ذلك الحين. وكان قد أدلى بتلك الشهادة بعد أن حلف اليمين في جلسة تمهيدية كان بوسع الدفاع فيها أن يستجوبه. وقد جادل المتهم أمام اللجنة المعنية بحقوق الإنسان بأن أقوال الضابط تتعارض مع الشهادات الأخرى التي قدمت فيما بعد للمحكمة، وأنه بسبب تغيب الضابط عن حضور جلسة المحاكمة، فقد حُرم (المتهم) من حقه في مناقشة الضابط حول هذه التناقضات. ومع هذا، فقد أشارت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان إلى أن الدفاع لم يعترض على هذا الدليل لا عند محاكمته ولا عند نظر دعوى الاستئناف، وأنه كان قد ناقش الضابط في الجلسة التمهيدية في ظل نفس الأوضاع التي ناقشه فيها الادعاء. وقالت إن المادة 14(3)(هـ) من "العهد الدولي" "تكفل تكافؤ الفرص بين الادعاء والدفاع في مناقشة الشهود، ولكنها لا تمنع الدفاع من التنازل عن حقه في استجواب شهود الإثبات أثناء نظر الدعوى أو تحول بينه وبين التنازل عن ممارسة هذا الحق."
22/3 الحق في استدعاء شهود نفيلكل من يتهم بارتكاب فعل جنائي الحق في أن يحصل على الموافقة على إحضار شهود نفي ومناقشتهم"بذات الشروط المطبقة في حالة شهود الاتهام"***
والحق في استدعاء شهود النفي "في ظل ذات الشروط" المطبقة في حالة شهود الإثبات يمنح المحاكم الجنائية سلطة تقديرية، واسعة نسبياً، في تحديد الشهود الذين يجب استدعاؤهم، رغم أن على القضاة ألا ينتهكوا مبادئ العدالة وتكافؤ الفرص بين الادعاء والدفاع.
ورغم أن المادة 6(3)(د) من "الاتفاقية الأوروبية" لا تنص على ضرورة استدعاء جميع شهود النفي ومناقشتهم، إلا أن المحكمة الأوروبية قد اعتبرت أن على المحكمة أن تمارس سلطتها التقديرية في تحديد الشهود المطلوبين وفقاً لمبدأ تكافؤ الفرص بين الادعاء والدفاع. ووجدت أن الحق في المحاكمة العادلة قد انتهك في حالة لم توضح فيها المحكمة سبب رفضها طلب المتهم في استدعاء أربعة شهود لمناقشتهم."
وفي حالة أخرى تتعلق بقضية قتل كانت هناك شاهدة نفي تود الإدلاء بأقوالها، ولكنها لم تستطع الحضور إلى المحكمة في ذلك اليوم بالذات لأنها لم تجد وسيلة مواصلات تقلها إلى مبنى المحكمة، وقد وجدت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان أن المادة 14(1) و13(3)(هـ) من "العهد الدولي" قد انتهكتا لأن السبب في عدم تمكن الشاهدة من الحضور يمكن إرجاعه للسلطات التي كان بوسعها أن تُرجئ الجلسة أو تدبر وسيلة مواصلات للشاهدة.
غير أن اللجنة الأوروبية رأت، في بعض الحالات السابقة، أن حقوق المتهمين لم تنتهك بسبب ممارسة المحاكم الوطنية لسلطتها التقديرية في استبعاد بعض الشهود الذين طلب الدفاع استدعاءهم؛ لأنها اعتبرت أن شهادتهم لن تساعد في إظهار الحقيقة.
و"الاتفاقية الأمريكية" أرحب في هذا الأمر، فالمادة 8(2)(و) منها تعطي الدفاع الحق في مناقشة الشهود الحاضرين في المحكمة، والحصول على موافقة على استدعاء خبراء وغيرهم من الأشخاص الذين قد يلقون الضوء على الحقائق للإدلاء بشهادتهم.
22/4 حقوق المجني عليهم والشهوديجب الموازنة بين حقوق الضحايا، وغيرهم من الشهود، في الحصول على الحماية من التعرض لأية محاولة للانتقام، أو أي ضرب آخر غير ضروري للمعاناة، وبين حق المتهم في المحاكمة العادلة. ومن بين التدابير التي تتخذها المحاكم للموازنة بين هذه الحقوق تزويد الضحايا والشهود بالمعلومات والمساعدة خلال جميع مراحل نظر الدعوى، وفرض السرية على كل أو بعض الجلسات "لمصلحة العدالة" (انظر الفصل 14 الخاص بالحق في النظر العلني للدعوى). والسماح بتقديم الأدلة عن طريق الوسائل الإلكترونية وغيرها من الوسائل الخاصة.
وقد قالت المحكمة الأوروبية إنه حيثما قد تتعرض مصالح الشهود للخطر، من حيث الحفاظ على حياتهم أو حريتهم أو أمنهم، يتعين على الدولة أن تنظم نظر الدعوى الجنائية على نحو يكفل عدم تعريض هذه المصالح للخطر دون مبرر. وأوضحت المحكمة المذكورة ذلك قائلة: "وفي هذا الضوء، تقتضي مبادئ المحاكمة العاجلة الموازنة عند الاقتضاء بين مصالح الدفاع وبين مصالح الشهود والضحايا المطلوبين للإدلاء بأقوالهم. غير أن المحكمة المذكورة عادت في الآونة الأخيرة لتقول إن الحق في تطبيق العدالة في إطار من الإنصاف يقتضي، عند اتخاذ تدابير تحد من حقوق الدفاع، التأني والروية في فرض القيود والاقتصار على اللازم منها.
كذلك، اعترفت اللجنة الأمريكية الدولية بالحاجة إلى تدابير لحماية السلامة الشخصية للشهود والخبراء دون مساس بضمانات الإجراءات القانونية السليمة.
ومن بين المبادئ الأساسية الواردة في "الإعلان الخاص بالمبادئ الأساسية لتوفير العدالة لضحايا الجريمة وإساءة استعمال السلطة" ما يلي: "ينبغي تسهيل استجابة الإجراءات القضائية والإدارية لاحتياجات الضحايا باتباع ما يلي:... إتاحة الفرصة لعرض وجهات نظر الضحايا وأوجه قلقهم وأخذها في الاعتبار في المراحل المناسبة من الإجراءات القضائية، حيثما تكون مصالحهم عرضة للتأثر، وذلك دون إجحاف بالمتهمين وبما يتمشى ونظام القضاء الجنائي الوطني ذي الصلة." وعلاوة على ذلك، يؤكد الإعلان على ضرورة تزويد الضحايا بالمعلومات والمساعدة على مدار الدعوى القضائية، ويجب اتخاذ التدابير اللازمة للحد من المضايقات التي قد يتعرضون لها وحماية سلامتهم وتجنب أي تأخير غير لازم.
المعايير ذات الصلة
المادة 8(2)(هـ) من "الاتفاقية الأمريكية""لكل متهم بارتكاب فعل جنائي الحق في أن تفترض براءته طالما لم يثبت ذنبه وفقاً لأحكام القانون. ومن حق كل فرد، أثناء الإجراءات، على قدم المساواة التامة، الضمانات الدنيا الآتية:
هـ) حق الدفاع في مناقشة الشهود الحاضرين في المحكمة وفي استدعاء الخبراء المتخصصين وغيرهم من الأشخاص الذين يمكن أن يلقوا ضوءًا على الوقائع للإدلاء بشهادتهم."
وقد يتطلب الأمر تدابير خاصة لمعالجة المتطلبات الخاصة للتحقيق في الجرائم التي تنطوي على استخدام العنف ضد المرأة ولمحاكمة مرتكبيها ومعاقبتهم، بما في ذلك جرائم الاغتصاب وغيره من ضروب الاعتداءات الجنسية الخطيرة. وكثيراً ما تتردد المرأة من ضحايا هذه الضروب من العنف في التقدم للشهادة. وقد أوضح الأمين العام للأمم المتحدة، عند تأسيس المحكمة الجنائية الدولية الخاصة بيوغوسلافيا السابقة، ضرورة الاستعانة في هذه القضايا بمحققات وممثلات للادعاء. وتعتقد منظمة العفو الدولية أن جميع القضاة والموظفين القضائيين الذين قد يستعان بهم في هذه القضايا يجب أن يتلقوا تدريباً؛ لكي يتمرسوا على معالجة هذه القضايا، ويستشعروا حساسياتها، ولمساعدتهم على معالجة الدعاوى التي تنطوي على أعمال عنف ضد المرأة. كذلك تعتقد منظمة العفو الدولية أن المحاكم (ومن بينها المحكمة الجنائية الدولية) يجب أن تتخذ تدابير فعالة لحماية الضحايا من النساء وأسرهن والشهود من التعرض للانتقام وضروب المعاناة غير الضرورية التي قد تتسبب فيها المحاكمات العلنية، وذلك دون الإضرار بحقوق المشتبه فيهم والمتهمين في المحاكمة العادلة.
الفصل الثالث والعشرون
الحق في الاستعانة بمترجم شفهي وترجمة تحريرية
لكل من يتهم بارتكاب فعل جنائي الحق في الحصول على مساعدة من مترجم متخصص دون مقابل، إذا لم يكن يفهم أو يتكلم اللغة المستخدمة في المحكمة. كما أن له الحق في الحصول على ترجمة للوثائق.
23/1 الترجمة الشفهية والتحريرية23/2 الحق في الاستعانة بمترجم كفء23/3 الحق في الحصول على ترجمة للوثائق
23/1 الترجمة الشفهية والتحريريةإذا كان المتهم يجد صعوبة في تكلم أو فهم أو قراءة اللغة التي تستخدمها المحكمة، فله الحق في الحصول على مترجم شفهي من لغة المحكمة إلى لغة المتهم والعكس، وكذا يتولى مترجم إعداد نسخ محررة من الوثائق باللغة ذات الصلة. وهذه الوظائف أساسية لإعمال الحق في توفير تسهيلات كافية للمتهم، لكي يعد دفاعه، ومبدأ تكافؤ الفرص بين الادعاء والدفاع (انظر الفصلين 8 و13/2)، والحق في المحاكمة العادلة. وبدون هذا الضرب من المساعدة، فقد يعجز المتهم عن فهم ما يدور في المحكمة، ولا يستطيع أن يشارك مشاركة كاملة وفعالة في إعداد دفاعه وفي المحاكمة. كما أن احتمال أن يتم سؤال المتهم (أو الشاهد)، حول فحوى بعض الوثائق، يجعل من الحق في الترجمة ضرورة لازمة للحق في المحاكمة العادلة.
23/2 الحق في الاستعانة بمترجم كفءلكل متهم بارتكاب فعل جنائي الحق في أن يحصل على مساعدة من مترجم شفهي دون مقابل إذا لم يكن يفهم أو يتكلم اللغة المستخدمة في المحكمة.* ولكي يكون هذا الحق مجدياً، فيجب على المترجم الشفهي أن يتمتع بالكفاءة ويتحلى بالدقة. والمادة 67(1)(و) من "النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية" تضمن حق المتهم في الحصول على "مترجم شفوي كفء".
والحق في الحصول على مترجم شفهي جزء لا يتجزأ من الحق في الحصول على وقت كافٍ وتسهيلات مناسبة لإعداد الدفاع. وقد قالت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان إن هذا الحق "ذو أهمية أساسية في القضايا التي يمثل فيها الجهل باللغة المستخدمة في المحكمة أو صعوبة فهمها عقبة كؤود أمام إعمال الحق في الدفاع.
المعايير ذات الصلة
المادة 14(3)(و) من "العهد الدولي""لكل متهم بجريمة أن يتمتع أثناء النظر في قضيته، وعلى قدم المساواة التامة، بالضمانات الدنيا الآتية:
أن يزود مجاناً بترجمان إذا كان لا يفهم أو لا يتكلم اللغة المستخدمة في المحكمة".
والحق في الحصول على مترجم شفهي جزء لا يتجزأ من الحق في الحصول على وقت كافٍ وتسهيلات مناسبة لإعداد الدفاع. وقد قالت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان إن هذا الحق "ذو أهمية أساسية في القضايا التي يمثل فيها الجهل باللغة المستخدمة في المحكمة أو صعوبة فهمها عقبة كؤود أمام إعمال الحق في الدفاع.
والحق في الحصول على مترجم شفهي ينطبق على جميع مراحل نظر الدعوى الجنائية، بما في ذلك أثناء استجواب الشرطة للمشتبه فيه، والفحوص المبدئية أو التحريات.** (انظر الفصل 2/4 الخاص بإخطار الشخص بلغة يفهمها والفصل 9/4 الخاص بالحق في الاستعانة بمترجم شفهي).
ومن أجل تأمين هذا الحق، يجب على المتهم أو محاميه أن يطلب الاستعانة بمترجم شفهي.
وقد أوضحت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان إن الحق في الحصول على مساعدة، دون مقابل، من مترجم شفهي يجب أن يتاح لجميع الأفراد الذين لا يتكلمون أو يفهمون لغة المحكمة من مواطني البلد أو غير مواطنيها على السواء.
ومع هذا، فإذا كان المتهم يتكلم أو يفهم لغة المحكمة بالقدر الكافي، ولكنه يفضل أن يتكلم لغة أخرى، فلا يوجد إلزام على السلطات بأن توفر له المساعدة من مترجم شفهي دون مقابل.
ومثال ذلك حالتان، كانت اللغة الأولى للمتهم فيهما لغة مقاطعة بريتانيا الفرنسية، وكان يود هو والشهود أن يدلوا بأقوالهم بتلك اللغة وليس باللغة الفرنسية، ولكن المحكمة رفضت الاستعانة بمترجم شفهي؛ لأن المتهم والشهود كانوا يفهمون الفرنسية وقادرين على أن يعبروا عما يريدون بها بالقدر الكافي. ولم تجد اللجنة المعنية بحقوق الإنسان أي انتهاك للعهد الدولي في هذا.
ويجب تقديم المترجمين الشفهيين بدون مقابل بغض النظر عن نتيجة المحاكمة.
وقد وجدت المحكمة الأوروبية أن الحق في الحصول على مساعدة مجانية من مترجم شفهي قد انتهك عندما طالبت السلطات المتهم بدفع نفقات المترجم بعد صدور الحكم بإدانته.
23/3 الحق في الحصول على ترجمة للوثائقورغم أن المادة 8(2)(أ) من "الاتفاقية الأمريكية" هي الوحيدة التي تنص صراحةً على الحق في الاستعانة بمترجم شفهي أو ترجمة المواد المكتوبة، إلا أن الحق في الاستعانة بمترجم شفهي مشمول، بوجه عام، من الناحية العملية في حق المتهم في الحصول على ترجمة للوثائق ذات الصلة بدون مقابل.*** ومع هذا، فاللجنة المعنية بحقوق الإنسان والمحكمة الأوروبية انتهتا إلى أن الترجمة الشفهية للوثائق كافية لضمان هذا الحق، على الأقل في بعض الحالات المعينة.
وإذا كان المتهم بحاجة إلى ترجمة بعض الوثائق ذات الصلة، فعليه أن يطلب ذلك في سياق الدعوى، وأن يؤكد على أن حقه في الحصول على تسهيلات كافية لإعداد دفاعه سوف يتأثر دون ترجمتها.
وترى اللجنة الأمريكية الدولية أن الحق في ترجمة الوثائق أساسي لصحة الإجراءات.
الفصل الرابع والعشرون
الأحكام
إعلان الأحكام القضائية واجب فيما عدا بعض الحالات الاستثنائية المحدودة، ومن حق كل شخص يحاكم أمام محكمة أن يعرف الأسباب التي استند إليها حكمها، وألا يحاكم إلا أمام قضاة مخولين سلطة إصدار الأحكام القضائية، وأن يصدر عليه الحكم القضاة الذين باشروا نظر الدعوى.
24/1 الحق في إعلان الأحكام24/2 الحق في معرفة أسباب الحكم24/3 الحق في صدور الحكم في وقت معقول
24/1 الحق في إعلان الأحكاميجب أن تصدر الأحكام في المحاكمات - الجنائية وغير الجنائية - بصورة علنية فيما عد بعض الحالات المحدودة جداً.*
وينطبق هذا على الأحكام التي تصدرها أية محكمة، بما في ذلك المحاكم الخاصة والمحاكم العسكرية ومحاكم الاستئناف.
وتشمل الاستثناءات من شرط علانية الأحكام وفقاً للمادة 14(1) من "العهد الدولي" الأمور المتصلة بالأحداث، التي ينبغي فيها حماية الحياة الخاصة، وتلك المتصلة بالمنازعات بين الأزواج والوصاية على الأطفال.
وتقضي المادة 8(5) من "الاتفاقية الأمريكية" بضرورة الالتزام بعلانية الأحكام بالقدر المطلوب لحماية مصالح العدالة.
ويهدف مبدأ علانية الأحكام إلى ضمان علانية تطبيق العدالة وخضوعها للفحص العام. ومن ثم، فلكل فرد أن يطالب بحقه في معرفة الأحكام الصادرة، حتى وإن لم يكن طرفاً في الدعوى.
ويمكن إعلان الحكم بالنطق به شفوياً في جلسة للمحكمة مفتوحة للجمهور العام أو بنشره في صيغته المكتوبة.
وينتهك الحق في علانية الحكم إذا لم يسمح بمعرفته إلا لمجموعة معينة من الأفراد، أو عندما لا يسمح إلا لأصحاب المصلحة الخاصة بالاطلاع على نص الحكم. ومع هذا، لم تجد المحكمة الأوروبية انتهاكاً للمادة 6(1) من "الاتفاقية الأوروبية" في حالات لم يتل فيها الحكم في جلسة مفتوحة، ولكن تسلم أطراف الدعوى نسخاً منه وحفظ الحكم في سجل المحكمة، وكان بوسع أي شخص يثبت أن له مصلحة في ذلك أن يطلع عليه.
المعايير ذات الصلة
المادة 14(1) من "العهد الدولي""... أي حكم في قضية جزائية أو دعوى مدنية يجب أن يصدر بصورة علنية، إلا إذا كان الأمر يتصل بأحداث تقتضي مصلحتهم خلاف ذلك أو كانت الدعوى تتناول خلافات بين زوجين أو تتعلق بالوصاية على أطفال".
وإعلان الأحكام (فيما عدا الاستثناءات المشار إليها آنفاً) واجب حتى إذا كانت بعض أو كل جلساتها سرية.
وقد وجدت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان أن الحق في علانية الأحكام قد انتهك في حالة لم يسمح فيها للمتهم بحضور محاكمته التي لم تكن علنية، كما أنه لم يتسلم نسخة من الحكم الصادر علية.
24/2 الحق في معرفة حيثيات الحكموقد فُسر الحق في علانية الحكم على أنه يلزم المحاكم بأن توضح حيثيات أحكامها. وحق المتهم في تسلم بيان يوضح حيثيات الحكم الصادر عليه ضرورة أساسية لكي يمارس حقه في الاستئناف. (انظر الفصل 26 الخاص بالحق في الاستئناف).
وفي حالة لم تصدر فيها محكمة الاستئناف في جامايكا مذكرة بحيثيات الحكم، وجدت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان انتهاكاً لحقوق المتهم، لأن تقصير المحكمة في توضيح الحيثيات كان من الممكن أن يمنع المتهم من أن ينجح في تفنيد الحكم ليحصل على موافقة بعرض الدعوى على محكمة النقض والإبرام، ومن ثم ينتفع من وسيلة أخرى للإنصاف.
وتقضي المادة 74(5) من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية بأن يصدر الحكم متضمناً "بياناً كاملاً ومعللاً بالحيثيات ... بناءً على الأدلة والنتائج."**
24/3 الحق في صدور الحكم في وقت معقولويشمل الحق في المحاكمة في غضون فترة زمنية معقولة (انظر الفصل 19 الخاص بالحق في المحاكمة دون إبطاء لا مبرر له) الحق في الحصول على حكم معلل (أمام الدائرة الابتدائية ودائرة الاستئناف) في غضون فترة زمنية معقولة.
وقالت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان إن تقاعس محكمة الاستئناف في جامايكا عن تقديم بيان مكتوب بحيثيات الحكم، في غضون فترة زمنية معقولة، منع المتهم من أن يمارس، على وجه فعال، حقه في مراجعة حكم الإدانة والعقوبة المقررة عليه أمام محكمة أعلى.
الفصل الخامس والعشرون
العقوبات
لا يجوز توقيع العقوبات على متهم ما لم يصدر حكم بإدانته بعد محاكمة عادلة. ويجب أن تتناسب العقوبات مع المعايير الدولية، ولا يجب أن تنتهك أحكامها.
25/1 متى يجوز توقيع العقوبة؟25/2 ما العقوبات التي يمكن توقيعها؟25/3 لا يجب أن تنتهك العقوبات المعايير الدولية؟25/4 العقوبة البدنية25/5 الأوضاع في السجون25/6 حظر العقوبات الجماعية
25/1 متى يجوز توقيع العقوبة؟لا يجوز توقيع العقوبات المنصوص عليها في القانون إلا على المتهمين الذين تصدر عليهم أحكام إدانة بعد محاكمات عادلة تستوفي المعايير الدولية للعدالة. وترى اللجنة المعنية بحقوق الإنسان أن استمرار احتجاز أي سجين بعد استيفاء مدة العقوبة انتهاك للعهد الدولي.
25/2 ما العقوبات التي يمكن توقيعها؟ويجب أن تكون العقوبة التي تقضي بها المحكمة على المتهم، بعد إدانته عقب محاكمة عادلة، تتناسب مع خطورة جريمته وأحواله. ولا يجوز أن تنتهك العقوبة أو أسلوب تطبيقها المعايير الدولية.
ولا يجوز للمحكمة أن تقضي بعقوبة أشد من العقوبة المنصوص عليها وقت ارتكاب الجريمة، ولكن إذا خففت العقوبة في تعديل تشريعي لاحق على وقت ارتكابها، فيتعين على الدولة أن تخفف بأثر رجعي الأحكام التي صدرت بموجب العقوبة القديمة.*
ولا يجوز توقيع عقوبة الإعدام ما لم يكن منصوصاً عليها قانوناً كعقوبة على الجريمة المرتكبة وقت وقوعها. انظر الفصل 28 الخاص بحالات عقوبة الإعدام، انظر الفصل 27/7 الخاص بالأطفال والعقوبات.
25/3 لا يجب أن تنتهك العقوبات المعايير الدولية؟ولا يجوز أن تنتهك العقوبة نفسها أو الطريقة التي توقع بها المعايير الدولية، بما في ذلك حظر التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، ولا حق المرء في أن يعامل على نحو يحترم الكرامة المتأصلة في الإنسان.
المعايير ذات الصلة
المادة 15(1) من "العهد الدولي""... لا يجوز فرض أية عقوبة تكون أشد من تلك التي كانت سارية المفعول في الوقت الذي ارتكبت فيه الجريمة. وإذا حدث، بعد ارتكاب الجريمة، أن صدر قانون ينص على عقوبة أخف، وجب أن يستفيد مرتكب الجريمة من هذا التخفيف."
والتعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة محظور حظراً قطعياً.** (انظر الفصل 10/4 الخاص بالحق في عدم التعرض للتعذيب أو سوء المعاملة). ومع هذا، فتعريف التعذيب يستبعد الآلام والمعاناة الناشئة من توقيع العقوبات القانونية أو الملازم لها. (انظر القسم الخاص باستخدام المصطلحات).
والمقصود بمصطلح "العقوبات القانونية" الوارد في المادة الأولى من "إعلان مناهضة التعذيب" والمادة الأولى من "اتفاقية مناهضة التعذيب" هو العقوبات التي تقرها المعايير الوطنية والدولية على السواء. ومن ثم، فقد يجيز القانون الوطني عقوبة ما، لكنها تعد محظورة إذا كانت تنتهك المعايير الدولية، بما في ذلك الحظر المطلق على التعذيب أو غيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة. وأي تأويل غير هذا سوف يتعارض مع الغرض من المعايير الدولية التي تحظر التعذيب.
وتوضح المادة 2 من "الاتفاقية الأمريكية الدولية الخاصة بالتعذيب" أن تقنين أية ممارسة على الصعيد الوطني لا يضفي عليها "الشرعية"، إذا كانت تنطوي على أفعال أو أساليب تحظرها هذه المعاهدة.
وتحظر المعايير الدولية تسليم أي شخص أو نفيه أو إعادته قسراً إلى أية دولة توجد أسباب قوية تدعو للاعتقاد بأنه قد يتعرض فيها للتعذيب أو لضرب من المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، بما في ذلك العقوبات التي ترقى إلى هذا الحد.***
وقد نظرت المحكمة الأوروبية حالة شاب تقرر تسليمه إلى الولايات المتحدة بسبب جريمة ارتكبها وهو في سن الثامنة عشرة، وكانت هناك دلائل ترجح بشدة أنه كان يعاني من خلل عقلي وقت وقوع الجريمة. وقد رأت المحكمة الأوروبية أن تسليمه إلى الولايات المتحدة، حيث سيصبح عرضة للحكم عليه بالإعدام، وربما يظل فترة تتراوح بين ست وثماني سنوات في انتظار تنفيذ الحكم يعاني خلالها من العيش في ظل أوضاع شديدة الوطأة، سوف يعد انتهاكاً للمادة 3 من "الاتفاقية الأوروبية" التي تحظر التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة.
25/4 العقوبة البدنيةيقصد بالعقوبات البدنية ضروب الآلام التي توقع على جسم المذنب بموجب حكم قضائي أو أمر إداري، كالضرب والتشويه. ومن أنواع هذه العقوبات: الجلد والضرب بالعصي الخيزرانية، وغيرها من أنواع العصي، وبتر الأطراف، والوسم.
ويتضح من تصريحات الخبراء والهيئات السياسية التابعة للأمم المتحدة والمحكمة الأوروبية أن العقوبات البدنية ممنوعة في المعايير الدولية، باعتبارها انتهاكات للحظر المطلق على استخدام التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة. ولا يجوز توقيع هذه المعاملة أو العقوبة على أي شخص لأي سبب، أياً كانت بشاعة الجريمة التي ارتكبها وأياً ما كان انعدام الاستقرار السياسي.
وقالت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان إن الحظر المفروض على استخدام التعذيب في "العهد الدولي" يمتد إلى حظر توقيع العقوبات البدنية والعقوبات المفرطة في الشطط على مرتكبي الجرائم أو كوسيلة للتأديب أو التهذيب.
وقد صرحت اللجنة المذكورة بأن عقوبات "الجلد وبتر الأطراف والرجم بالحجارة المعترف بها كعقوبات على الأفعال الجنائية [في السودان] لا تتفق مع "العهد الدولي". وبالمثل، فقد انتهت اللجنة إلى أن العقوبات من قبيل بتر الأطراف والوسم لا تتفق مع الحظر المفروض على التعذيب، وأوصت في معرض هذا القول "بضرورة الامتناع فوراً عن توقيع هذه العقوبات (في العراق) ... وإلغاء جميع القوانين والمراسيم التي تقضي بها دون إبطاء."
وفي أبريل/نيسان 1997، ذكّرت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان الحكومات بأن "العقوبات البدنية يمكن أن ترقى إلى حد ضروب العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة أو حتى التعذيب."
وقال مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بمسألة التعذيب في عام 1997 إن "العقوبة البدنية لا تتفق مع حظر التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة..."
وقالت المحكمة الأوروبية أيضاً إن العقوبة البدنية تنتهك الحظر على استخدام التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة. وانتهت إلى أن "توقيع عقوبة الضرب بعصا خشبية على صبي في الخامسة عشرة بعد إدانته بتهمة التعدي بالضرب ترقى إلى حد العقوبة المهينة. كما أن توقيع العقوبات البدنية على الأفعال الإجرامية أو المخالفات التأديبية يمثل كذلك انتهاكاً للحق في المحاكمة العادلة، لأنه ينطوي على تطبيق عقوبات محظورة بمقتضى القانون الدولي.
وتحظر المعايير الدولية توقيع العقوبات البدنية على المخالفات التأديبية التي يرتكبها المحتجزون والسجناء (انظر الفصل 10/4 الخاص بالحق في عدم التعرض للتعذيب أو سوء المعاملة).****
25/5 الأوضاع في السجونلا يجوز احتجاز أي شخص يعاقب بالسجن في ظل أوضاع تنتهك المعايير الدولية المحددة في هذا الشأن.
فالقاعدتان 56 و81 من "القواعد النموذجية الدنيا" تحدد مبادئ إرشادية لمعاملة الأشخاص الذين ينفذون أحكاماً بالسجن. وهي تقضي بأن نظام السجن لا يجوز أن يزيد من المعاناة الملازمة للحرمان من الحرية.*+ وتنص على ضرورة أن يسعى نظام السجن إلى تقليل الفارق بين الحياة داخل السجن والحياة في ظل الحرية إلى أقصى درجة.*++
وتحد المعايير الدولية من استخدام الحبس الانفرادي لفترات طويلة، ومن وسائل التكبيل مثل: تغليل الأيدي بالأصفاد، والأرجل بالأثقال الحديدية، ومن استخدام الموظفين المكلفين بإنفاذ القوانين للقوة. (انظر الفصل 10/4 الخاص بالحق في عدم التعرض للتعذيب وسوء المعاملة.)
25/6 حظر العقوبات الجماعيةلا يجوز توقيع أية عقوبة على أية جريمة إلا على مرتكبها وحده، فالمعايير الدولية تحظر فرض العقوبات الجماعية. ومنها المادة 7(2) من "الميثاق الأفريقي" التي تنص على أن "العقوبة شخصية".*^ كما أن "الاتفاقية الأمريكية" تنص على أنه "لا يجوز تمديد العقوبة إلى أي شخص بخلاف الجاني."*^^ (انظر الفصل 32/5/1 الخاص بحظر العقوبات الجماعية.)
وانتهت المحكمة الأوروبية إلى أن مبدأ افتراض البراءة يقضي بأن المسؤولية الجنائية لا تجاوز مرتكب الفعل الجنائي. ورأت المحكمة أن هذا المبدأ قد انتهك في حالة وقّعت فيها غرامة على أقرباء رجل متوفٍ كان قد تهرب من الضرائب، رغم أنهم سددوا بالفعل من التركة المبالغ المستحقة عليه.
المعايير ذات الصلة
المادة 57 من "القواعد النموذجية الدنيا""إن الحبس وغيره من التدابير الآيلة إلى عزل المجرم عن العالم الخارجي تدابير مؤسسية بذات كونها تسلب الفرد حق التصرف بشخصه بحرمانه من حريته، ولذلك لا ينبغي لنظام السجون، إلا في حدود مبررات العزل أو الحفاظ على الانضباط، أن يفاقم من الآلام الملازمة لمثل هذه الحال."
المادة 60(1) من "القواعد النموذجية الدنيا""ينبغي إذن لنظام السجون أن يلتمس السبل إلى تقليص الفوارق التي يمكن أن تقوم بين حياة السجون والحياة الحرة، والتي من شأنها أن تهبط بحس المسؤولية لدى السجناء أو بالاحترام الواجب لكرامتهم البشرية".
المادة 61 من "القواعد النموذجية الدنيا""ولا ينبغي، في معاملة السجناء، أن يكون التركيز على إقصائهم عن المجتمع، بل - على نقيض ذلك - على كونهم يظلون جزءًا منه. وعلى هذا الهدف ينبغي اللجوء، بقدر المستطاع، إلى المؤازرة التي يمكن أن توفرها هيئات المجتمع المحلي لمساعدة جهاز موظفي السجن على إعادة التأهيل الاجتماعي للسجناء. ويجب أن يكون هناك مساعدون اجتماعيون يتعاونون مع كل مؤسسة احتجاز وتناط بهم مهمة إدامة وتحسين كل صلات السجين المستصوبة بأسرته وبالمنظمات الاجتماعية الجزيلة الفائدة. كما تتخذ، إلى أقصى الحدود المتفقة مع القانون ومع طبيعة العقوبة، تدابير لحماية ما للسجين من حقوق تتصل بمصالحه المدنية وبتمتعه بالضمان الاجتماعي من المزايا الاجتماعية."
الفصل السادس والعشرون
الحق في الاستئناف
من حق كل متهم يدان بارتكاب فعل جنائي أن يلجأ إلى محكمة أعلى لمراجعة حكم الإدانة الصادر ضده والعقوبة المقررة عليه.
26/1 الحق في الاستئناف26/2 إعادة النظر أمام محكمة أعلى26/3 المراجعة الصحيحة26/4 ضمانات المحاكمة العادلة إبان دعاوى الاستئناف
26/1 الحق في الاستئنافمن حق كل متهم يدان بارتكاب فعل جنائي في أن يلجأ إلى محكمة أعلى لمراجعة حكم الإدانة الصادر ضده والعقوبة المقررة عليه.*
ورغم أن "الاتفاقية الأوروبية" لا تنص صراحة على الحق في الاستئناف، إلا أن قرارات المحكمة الأوروبية تفيد بأن هذا الحق متأصل في الحق في المحاكمة العادلة المكفول بموجب المادة 6 من "الاتفاقية الأوروبية"، كما أنه مكفول صراحةً في المادة 2 من "البروتوكول السابع للاتفاقية الأوروبية".
ورأت اللجنة الأفريقية أن الحق في الاستئناف قد انتهك عند صدور مرسوم يحظر تحديداً استئناف أحكام المحاكم الخاصة التي قضى بتأسيسها. وهي محاكم من سلطتها إصدار أحكام بالإعدام، وتُرفع أحكامها إلى حاكم الولاية للتصديق عليها أو إلغائها، دون السماح بالتظلم من قراراته.
وينطبق، بوجه عام، الحق في اللجوء إلى محكمة أعلى لمراجعة أحكام الإدانة والعقوبات المقررة على كل شخص يدان بتهمة ارتكاب فعل جنائي، بغض النظر عن خطورة جريمته. وقد أوضحت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان "أن هذا الضمان ليس قاصراً على أخطر الجرائم."
ورأت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان أن تهمة يصدر على مرتكبها حكم بالسجن لمدة عام واحد إنما هي تهمة خطيرة بما يكفي لتبرير مراجعة الحكم الصادر أمام محكمة أعلى، سواء أكان القانون يصنف المعاقب عليه تحت بند الأفعال "الجنائية" أم لا.
ومع هذا، فالمادة 2(2) من البروتوكول 7 من "الاتفاقية الأوروبية" تنص على أن الحق في الاستئناف يجوز تقييده طبقاً للقانون إذا كانت المخالفة جنحة بسيطة، أو إذا جرت المحاكمة الابتدائية للمتهم أمام أعلى محكمة في الدولة، أو إذا كان الحكم بالإدانة قد صدر بعد استئناف حكم ببراءة المتهم.
المعايير ذات الصلة
المادة 14(5) من "العهد الدولي""لكل شخص أدين بجريمة حق اللجوء، وفقاً للقانون، إلى محكمة أعلى كيما تعيد النظر في قرار إدانته وفي العقاب الذي حكم به عليه".
26/2 إعادة النظر أمام محكمة أعلىيجب أن تجري مراجعة أحكام الإدانة والعقوبات أمام "محكمة أعلى وفقاً للقانون". ويضمن هذا الحق أن يفحص القضاء الحالة المعروضة على مرحلتين، على أن تكون الثانية أعلى من الأولى.
وقد وجدت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان أن مراجعة الحكم أمام القاضي الذي سبق أن أصدره لا يفي بهذا الشرط الأساسي.
ورغم أن اللجنة المذكورة قد أوضحت أن المادة 14(5) من "العهد الدولي" لا تلزم الدول بأن توفر أكثر من مرحلة واحدة للاستئناف، لكنها قالت إن عبارة "وفقاً للقانون" تعني أنه إذا كان القانون المحلي يقضي بأكثر من مرحلة للاستئناف في إطار نظر الدعاوى الجنائية، فإنه يجب فتح الباب أمام أي شخص يدان للانتفاع بصورة فعالة من هذه المراحل الأخرى.
26/3 المراجعة الصحيحةيجب أن تكون المراجعة أمام محكمة أعلى مراجعة صحيحة للقضايا المتضمنة في الدعوى.
وقد أوضحت اللجنة الأمريكية الدولية أن التزام الدولة بضمان الحق في الاستئناف أمام محكمة أعلى لا يتطلب فقط إقرار القوانين، ولكن يستلزم اتخاذ تدابير تكفل ممارسة هذا الحق. ورأت أن المغالاة في الشكليات والاشتطاط في تضيق المدد المخصصة لطلب الاستئناف، والتباطؤ الشديد في البت في دعاوى الاستئناف، بمثابة عقبات في وجه تفعيل هذا الحق في بنما.
والاقتصار على مراجعة المسائل القانونية (بدلاً من فحص الجوانب القانونية والوقائع) قد لا يفي بالشروط الأساسية لهذا الضمان.
وقد أعرب مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بعمليات الإعدام خارج نطاق القضاء أو الإعدام بدون محاكمة أو الإعدام التعسفي عن قلقه بشأن إجراءات الاستئناف التي تكتفي بمراجعة الجوانب القانونية وليس الوقائع. وأعرب عن قلقه هذا بشأن الطعون القضائية المنظورة أمام محكمة النقض والإبرام في الجزائر. كما أثار مخاوف مشابهة إزاء الدعاوى المنظورة أمام محكمة أمن الدولة في الكويت حيث "لا يستفيد المتهمون استفادة تامة من الحق في الاستئناف كما هو محدد في الصكوك الدولية ذات الصلة، لأنهم محرومون من مرحلة الاستئناف التي تراجع فيها الدعاوى مراجعة كاملة، سواء من حيث الوقائع أو من حيث الجوانب القانونية."
ويجب ألا تقتصر عملية المراجعة على "التحقق رسمياً من صحة الالتزام بالشروط الأساسية للإجراءات".
وقد أوضحت اللجنة الأمريكية الدولية، في معرض حديثها عن الحق في المحاكمة العادلة بموجب الاتفاقية الأمريكية، أن على المحاكم، وهي تنظر دعاوى الاستئناف، ألا تكتفي بالتأكد من صحة الإجراءات المتبعة خلال جميع وقائع الدعوى، بل أن تفحص كذلك حيثيات الاستئناف."
26/4 ضمانات المحاكمة العادلة إبان دعاوى الاستئنافيجب أن يُراعى الحق في النظر المنصف والعلني خلال مرحلة الاستئناف. ويشمل هذا الحق جملة أمور، من بينها الحق في توفير وقت كافٍ وتسهيلات مناسبة لإعداد عريضة الاستئناف، والحق في الاستعانة بمحامٍ، والحق في تكافؤ الفرص بين الدفاع والادعاء (بما في ذلك إخطار كل منهما بالمستندات التي يقدمها الطرف الآخر)، والحق في نظر الدعوى أمام محكمة مختصة مستقلة نزيهة مؤسسة بحكم القانون في غضون فترة زمنية معقولة، والحق في نظر علني للدعوى وصدور الحكم في غضون فترة زمنية معقولة.
وقد أوضحت اللجنة الأمريكية الدولية أن نظر دعاوى الاستئناف أمام محاكم تفتقر إلى الاستقلالية أو غير مؤهلة للقيام بوظيفة المراجعة القضائية أمران لا يتفقان مع الحق في الاستئناف الذي تكفله "الاتفاقية الأمريكية".
ولن يكون الحق في الاستئناف فعالاً ما لم يبلغ المتهم بحيثيات حكم الإدانة الصادر ضده في غضون فترة زمنية معقولة. ومن ثم، فهذا الحق متصل بحق المتهم في الحصول على حكم معلل (انظر الفصل 24/2 الخاص بالحق في معرفة حيثيات الحكم).
وقد انتهت المحكمة الأوروبية إلى أن حقوق المتهم قد انتهكت في حالة أدانت فيها محكمة عسكرية المتهم، وكان ضابطاً في الجيش، بتهمة إفشاء أسرار عسكرية، ثم استأنف المتهم الحكم أمام محكمة الاستئناف العسكرية، ثم إلى محكمة النقض والإبرام. وقد تلت محكمة الاستئناف العسكرية عليه حكمها حضورياً، ولكن الحكم كان مقتضباً حيث لم يتطرق إلى سلسلة من المسائل التي نظرتها المحكمة أثناء الدعوى. وحينما تسلم المتهم النص الكامل لمنطوق الحكم، كانت المهلة الزمنية المسوح فيها بالطعن في الحكم أمام محكمة النقض والإبرام في حيثيات الحكم قد انتهت. وقالت المحكمة الأوروبية إن على المحاكم الوطنية (ومن بينها محاكم الاستئناف) أن تحدد بوضوح كافٍ حيثيات أحكامها، لأن توانيها عن تزويد المتهم بتلك الحيثيات في وقت مناسب، لكي يتمكن من أن يبسط جميع حيثياته لكي تراجعها محكمة النقض والإبرام، إنما هو إنكار لحقه في الحصول على وقتٍ كافٍ وتسهيلات مناسبة لإعداد دفاعه.
والحق في الحصول على محام منتدب لتمثيل المتهم في دعوى الاستئناف خاضع لنفس الشروط التي تحكم هذا الحق في الدائرة الابتدائية. ويجب اعتباره في صالح العدالة. (انظر الفصل 20/3/3 الخاص بالحق في الحصول على محام منتدب، والحق في الحصول على مساعدة قانونية دون مقابل. انظر كذلك الفصل 28 الخاص بحالات عقوبة الإعدام).
وقد قضت المحكمة الأوروبية بأن التقاعس عن تعيين محام في مرحلة الاستئناف الأخيرة، لحكم صدر على متهم بالسجن خمس سنوات، إنما هو انتهاك لحقوق ذلك المتهم. ورأت المحكمة المذكورة أن مصلحة العدالة تطلب من السلطات أن تنتدب محامٍ خلال دعوى الاستئناف، لأن المتهم لن يحسن معالجة الشؤون القانونية أمام المحكمة دون مساعدة محامٍ، ومن ثم فلن يحسن الدفاع عن نفسه على خير وجه.
كما رأت المحكمة الأوروبية أن حق المتهم في الاستئناف قد انتهك حيث قررت محكمة النقض رفض الطعن المقدم منه بشأن جوانب القصور القانونية التي شابت محاكمته، وذلك بناءً على هروبه. وانتهت المحكمة المذكورة في هذه الحالة أيضاً إلى أن الحق في الحصول على مساعدة قانونية قد انتهك لأن محكمة الاستئناف رفضت السماح لمحامي المتهم الذي اختاره بأن يمثله أمامها عندما اختار عدم الظهور بنفسه أمام المحكمة."
القسم (ج)حالات خاصة
الفصل السابع والعشرون
الطفل
من حق كل طفل يتهم بمخالفة القانون أن يتمتع بجميع الضمانات والحقوق المكفولة للكبار فيما يتعلق بالمحاكمة العادلة، وعلاوةً على ذلك، فله الحق في بعض الضروب الإضافية من الحماية.
27/1 حقوق الطفل في المحاكمة العادلة27/2 تعريف الطفل27/3 المبادئ الإرشادية لمعاملة الطفل المخالف للقانون 27/3/1 تخصيص جهاز مستقل لقضاء الأحداث 27/3/2 الإجراءات البديلة للمحاكمة 27/3/3 سرعة البت في حالات الأحداث 27/3/4 احترام خصوصيات الحدث27/4 القبض على الأطفال واحتجازهم في المراحل السابقة على المحاكمة27/5 المحاكمة27/6 الأحكام27/7 العقوبات 27/7/1 عقوبات محظورة27/8 الأطفال السجناء
27/1 حقوق الطفل في المحاكمة العادلةيحق للطفل الانتفاع من جميع الضمانات والحقوق المتعلقة بالمحاكمة العادلة المطبقة على الكبار، وكذلك ضروب خاصة إضافية من الحماية. وسوف نقتصر في الحديث في هذا الفصل على ضروب الحماية الإضافية المكفولة للأطفال بحكم سنهم.
وتستخدم المعايير الدولية مصطلحي "قضاء الأحداث" و"نظم قضاء الأحداث" للإشارة إلى معاملة الأطفال المتهمين بمخالفة القانون، أو الذين أدينوا لمخالفتهم لأحكامه، سواء أكان ذلك في سياق النظم القضائية المخصصة للأطفال أو في النظم القضائية التي تعالج قضايا الكبار كذلك. وسوف يستخدم هذا الدليل المصطلحين بهذه الطريقة. كما أن البلدان التي تخصص نظماً قضائية للأطفال (وهو ما تحض عليه المعايير الدولية - انظر ما يلي)، فتطلق على هذه النظم اسم "نظم قضاء الأحداث".
وتشمل الكثير من معايير حقوق الإنسان أحكاماً متصلة بشؤون قضاء الأحداث، ومن بينها "اتفاقية حقوق الطفل" (خاصةً المواد 1 و37 و4) و"إعلان حقوق الطفل"، و"قواعد الأمم المتحدة لحماية الأحداث المحرومين من حريتهم، و"مبادئ الأمم المتحدة التوجيهية لمنع انحراف الأحداث" ("مبادئ الرياض التوجيهية") و"القواعد النموذجية الدنيا لإدارة شؤون قضاء الأحداث" ("قواعد بكين"). انظر كذلك المواد 10(2)(ب)، و14(4)، و24 من "العهد الدولي".
وقالت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان "يجب أن يتمتع الأحداث على أقل تقدير بنفس الضمانات وجوانب الحماية المكفولة للكبار بمقتضى المادة 14 من "العهد الدولي".
وتوضح "اتفاقية حقوق الطفل" أن الأطفال يجب أن يتمتعوا بأية أحكام في القوانين الوطنية والدولية من شأنها أن تسهم بصورة أكبر في تفعيل حقوقهم.*
27/2 تعريف الطفليتجه الرأي صوب الاتفاق العام في محيط القانون الدولي على تعريف الطفل بأنه هو كل شخص دون الثامنة عشرة، ومن ثم فإن أي شخص دون هذه السن يستحق جوانب خاصة من الحماية عند تقديمه للمحاكمة. وقد عرفت "قواعد الأمم المتحدة لحماية الأحداث المحرومين من الحرية" الحدث بأنه "كل شخص دون الثامنة عشرة"، أما "اتفاقية حقوق الطفل" فتعرف الطفل بأنه كل شخص دون الثامنة عشرة **ما لم يكن سن القانون الوطني يحدد سناً آخر لبلوغ مرحلة الرشد.*** ولكل دولة أن تحدد سن الرشد لديها، ولكن لا يجب أن يحيد كثيراً عن المعايير الدولية.
ويجب أن تسن الدول قوانين وتضع إجراءات لتحديد السن الأدنى الذي "لا" يفترض فيه أن الطفل قادر على أن يخالف قانون العقوبات،**** ويجب أن تحرص على عدم الهبوط بسن المسؤولية الجنائية إلى حد أدنى من اللازم، على أن تأخذ في الاعتبار عدم النضج الوجداني والعقلي والذهني للطفل.*+
كذلك يجب أن تسن الدول أيضاً قوانين تحدد السن الأدنى الذي لا يجوز حرمان أي طفل دونه من حريته.*++
27/3 المبادئ الإرشادية لمعاملة الطفل المخالف للقانونوتحدد المعايير الدولية بعض المبادئ الإرشادية بشأن قضاء الأحداث. وهي مبادئ تنبع من واقع واجب الدولة نحو تأمين المصلحة الفضلى لكل طفل، وما يلازم ذلك من ضمان تناسب التدابير التي تمس الأطفال الجانحين مع خطورة الجرائم التي ارتكبوها، وضرورة أخذ الظروف الشخصية للحدث في الطفل.
المعايير ذات الصلة
المادة 40(2)(ب) من "اتفاقية حقوق الطفل""يكون لكل طفل يُدّعى بأنه انتهك قانون العقوبات أو يُتهم بذلك، الضمانات التالية على الأقل:
(1) افتراض براءته إلى أن تثبت إدانته وفقاً للقانون.
(2) إخطاره فوراً ومباشرةً بالتهم الموجهة إليه، عن طريق والديه أو الأوصياء القانونيين عليه عند الاقتضاء، والحصول على مساعدة قانونية أو غيرها من المساعدة الملائمة لإعداد وتقديم دفاعه.
(3) قيام سلطة أو هيئة قضائية مختصة ومستقلة ونزيهة بالفصل في دعواه وفقاً للقانون، بحضور مستشار قانوني أو بمساعدة مناسبة أخرى وبحضور والديه أو الأوصياء القانونيين عليه، ما لم يعتبر أن ذلك في غير مصلحة الطفل الفضلى، ولاسيما إذا أخذ في الحسبان سنه أو حالته.
(4) عدم إكراهه على الإدلاء بشهادة أو الاعتراف بالذنب، واستجواب أو تأمين استجواب الشهود المناهضين وكفالة اشتراك واستجواب الشهود لصالحه في ظل ظروف من المساواة.
(5) إذا اعتبر أنه انتهك قانون العقوبات، تأمين قيام سلطة مختصة أو هيئة قضائية مستقلة ونزيهة أعلى وفقاً للقانون بإعادة النظر في هذا القرار وفي أية تدابير مفروضة تبعاً لذلك.
(6) الحصول على مساعدة مترجم شفوي مجاناً إذا تعذر على الطفل فهم اللغة المستعملة أو النطق بها.
(7) تأمين احترام حياته الخاصة تماماً أثناء جميع مراحل الدعوى.
ولكل طفل الحق في الحصول من الأسرة والدولة والمجتمع على حاجته من الحماية التي يقتضيها وضعه كحدث.*^
ويجب أن تكون المصلحة الفضلى للطفل هي الاعتبار الأول في جميع الإجراءات المتصلة بالأطفال، بما في ذلك تلك الإجراءات التي تتخذها المحاكم والهيئات الإدارية أو التشريعية.*^^
ويجب أن يركز نظام قضاء الأحداث على رفاهة الحدث، ويضمن أن أي رد فعل ضده سوف يتناسب دائماً مع ظروفه والجريمة التي يرتكبها.*#
ويجب أن تعترف الدولة بحق كل طفل يتهم بارتكاب فعل جنائي بأن يعامل على نحو يتفق مع الرغبة في أن تغرس في نفسه الإحساس بالكرامة والاعتداد بالذات، مع الأخذ في الاعتبار سنه والرغبة في العمل على إعادة دمجه بالمجتمع، وأن ينهض فيه بدور بناء.*##
ويجب أن تعزز نظم القضاء الجنائي حقوق الأحداث، وتوفر لهم الأمن، وتعزز سلامتهم البدنية والعقلية، وأن تراعي الرغبة في إعادة تأهيلهم.(*)
ويجب أن تراعي السياسات المطبقة في هذا الشأن أن "سلوكيات الشباب أو تصرفاتهم التي لا تتفق مع القواعد والقيم الاجتماعية الشاملة كثيراً ما تكون جزءًا من عملية النضج والنمو، وتنحو إلى الاختفاء تلقائياً عند معظم الأفراد مع الكبر."(**)
ووفقاً لحق كل طفل في أن يعبر بحرية عن آرائه في جميع ما يخصه من أمور، يجب إتاحة الفرصة له لكي يقول كلمته في أية دعوى قضائية تمسه، سواء بالطريق المباشر أم على لسان ممثل له. ويجب أن تحترم آراؤه طبقاً لسنه ووفقاً لنضجه.(***)
27/3/1 تخصيص جهاز مستقل لقضاء الأحداثتحث معظم المعايير الدولية - دون إلزام - الدول على أن توفر تدابير ومؤسسات منفصلة أو خاصة لمعاجلة حالات الأطفال الذين يتهمون بارتكاب أفعال جنائية أو يدانون بارتكاب مثل هذه الأفعال.(+)
ومع هذا، فالاتفاقية الأمريكية تلزم الدول بأن تؤسس محاكم خاصة لنظر قضايا الأحداث المتهمين بارتكاب جرائم.(++)
المعايير ذات الصلة
المادة 14(4) من "العهد الدولي":"في حالة الأحداث، يراعي جعل الإجراءات مناسبة لسنهم ومواتية لضرورة العمل على إعادة تأهيلهم."
27/3/2 الإجراءات البديلة للمحاكمةيجب أن تحرص الدول، بالقدر المناسب، على معالجة حالات جنوح الأحداث دون اللجوء إلى المحاكمات الرسمية، بشرط الاحترام الكامل لحقوق الإنسان والضمانات القانونية. ومن بين الوسائل البديلة للمحاكمة تكليف الحدث بأداء عمل في خدمة المجتمع المحلي أو في أي مجال خدمي آخر.
27/3/3 سرعة البت في حالات الأحداثيجب الإسراع في معالجة جميع الحالات المتصلة بالأطفال المتهمين بمخالفة القانون، سواء أكانوا محتجزين أم غير محتجزين.
27/3/4 احترام خصوصيات الحدثمن أجل حماية الطفل من التعرض لوصمة تلحق به يجب حماية الحياة الخاصة لكل طفل يتهم أو يدان بمخالفة قانون العقوبات.
ويجب الحرص بشدة على سرية ملفات دعاوى الأحداث، ويجب عدم إطلاع أحد عليها سوى الجهات المصرح لها بذلك رسمياً. ولا يجوز استخدام هذه الملفات ضدهم بعد أن يكبروا في أية دعوى جنائية.
27/4 القبض على الأطفال واحتجازهم رهن المحاكمةتنبع المبادئ المتصلة باحتجاز الأطفال من مبدأ أن حماية المصلحة الفضلى للطفل في معظم الحالات تتحقق بعدم فصله عن والديه.
ولا يجب احتجاز أي طفل أو سجنه إلا كملاذ أخير، مع الحرص على أن يتمشى ذلك مع القانون، وألا يستمر إلا لأقل فترة مناسبة.
ويجب فصل الأطفال المحتجزين رهن المحاكمة عن الكبار، فيما عدا الحالات التي لا يكون فيها هذا الفصل في المصلحة الفضلى للطفل.
المعايير ذات الصلة
المادة 8 من "قواعد بكين":"8(1) يحترم حق الحدث في حماية خصوصياته في جميع المراحل تفادياً لأي ضرر قد يناله من جراء دعاية لا لزوم لها أو بسبب الأوصاف الجنائية.
8(2) لا يجوز، من حيث المبدأ، نشر أية معلومات يمكن أن تؤدي إلى التعرف على هوية المجرم الحدث."
وقد انتقد المقرر الخاص المعني بمسألة التعذيب احتجاز الأحداث مع الكبار لأن الأحداث يتعرضون في هذه الحالة لاعتداءات بدنية ويُستغلون لأغراض جنسية، وقد يتعرضون لآلام بدنية وعقلية شديدة.
وتقول المادة 37(ج) من "اتفاقية حقوق الطفل" إن الطفل المحتجز لا يجوز وضعه مع الكبار، حتى وإن كانوا من أفراد أسرته، ما لم يكن ذلك في المصلحة الفضلى للطفل.
وعند القبض على طفل أو احتجازه للاشتباه في أنه خالف أحكام القانون، يجب إخطار أبويه أو ولي أمره على الفور، ما لم يكن ذلك في المصلحة الفضلى للطفل. وإذا تعذر الإخطار الفوري، فيجب أن يتم إبلاغهم في أقرب وقت ممكن بعد ذلك.
ويجب أن تجرى الاتصالات بين الموظفين المسؤولين عن تنفيذ القوانين والأطفال على نحو يحترم الوضع الخاص، الذي يكفله القانون للأطفال، ويتجنب إيذاءهم ويوفر لهم حسن الرعاية.
ولا تحبذ المعايير الدولية الاحتجاز رهن المحاكمة بالنسبة للأطفال بصورة أشد منها بالنسبة للكبار. ومن ثم ينبغي تجنب احتجاز الأطفال بأية صورة، بما في ذلك احتجازهم عند القبض عليهم أو قبل تقديمهم للمحاكمة، بقدر المستطاع باعتباره ملاذاً أخيراً. وعند احتجاز الأحداث، يجب أن تعطى أولوية قصوى لحالاتهم، وأن يبت فيها على أسرع نحو ممكن لضمان تقصير أمد احتجازهم إلى أدنى حد ممكن.
ويجب أن تسن الدولة التشريعات اللازمة لتحديد السن الأدنى الذي لا يجوز حرمان أي طفل دونه من حريته.
والمادة 10(2)(ب) من "العهد الدولي"، التي تنص على أن يحال الأحداث "بالسرعة الممكنة إلى القضاء للفصل في حالتهم"، توفر شرطاً أقوى من شرط المحاكمة، في غضون فترة زمنية معقولة، المكفول في المادة 9(3) من "العهد الدولي" (انظر الفصل 7 الخاص بالحق في المحاكمة في غضون فترة زمنية معقولة أو الإفراج عن المتهم من الحجز)، أو شرط المحاكمة، دون أي تأخير لا مبرر له، المكفول بموجب المادة 14(3)(ج) من "العهد الدولي" (انظر الفصل 19 الخاص بالحق في المحاكمة دون تأخير لا مبرر له). والهدف من ذلك هو التقليل إلى أقصى حد ممكن من فترة احتجاز الأحداث رهن المحاكمة. ويمكن تحقيق هذا الهدف إما الإسراع بالإفراج عن الأحداث المحتجزين ريثما تتم محاكمتهم، وإما الإسراع بالفصل في قضاياهم، علماً بأن مصطلح "الفصل في القضايا" لا يقتصر فقط على أحكام المحاكم الجنائية، بل يشمل كذلك الأجهزة غير القضائية المخولة سلطة الفصل في الجرائم التي يرتكبها الأحداث.
المعايير ذات الصلة
المادة 37(ب) من "اتفاقية حقوق الطفل":"تكفل الدول الأطراف:... ألا يحرم أي طفل من حريته بصورة غير قانونية أو تعسفية، ويجب أن يجري اعتقال الطفل أو احتجازه أو سجنه وفقاً للقانون، ولا يجوز ممارسته إلا كملجأ أخير ولأقصر فترة زمنية مناسبة."
المادة 10(2)(ب) من "العهد الدولي":"يفصل المتهمون الأحداث عن البالغين، ويحالون بالسرعة الممكنة إلى القضاء للفصل في قضاياهم."
القاعدة 17 من "قواعد الأمم المتحدة لحماية الأحداث المحرومين من الحرية":"... تجنب الاحتجاز رهن المحاكمة إلى أقصى مدى ممكن مع قصره على الحالات الاستثنائية. ومن ثم، بذل قصارى الجهد لتطبيق إجراءات بديلة. فإذا استخدم، رغم هذا الجهد، الحجز الاحتياطي، تولي محاكم الأحداث وهيئات التحقيق أولوية قصوى للنظر في هذه القضايا بأقصى سرعة لضمان ألا يستمر احتجازهم إلا لأقصر فترة ممكنة..."
المبدآن 13(1) و(2) من "قواعد بكين":"13(1) لا يستخدم إجراء الاحتجاز رهن المحاكمة إلا كملاذ أخير ولأقصر فترة زمنية ممكنة.
13(2) يستعاض عن الاحتجاز رهن المحاكمة، حيثما أمكن ذلك، بإجراءات بديلة، مثل المراقبة عن كثب، أو الرعاية المركزة أو الإلحاق بأسرة أو بإحدى مؤسسات أو دور التربية."
وللأطفال المحتجزين الحق في الحصول، على وجه السرع، على مساعدة قانونية والطعن في قانونية احتجازهم مثل الكبار (انظر الفصل 3 الخاص بالحق في الاستعانة بالمحامين قبل المحاكمة والفصل 6 الخاص بالحق في الطعن في قانونية الاحتجاز). ويجب البت في أمر الإفراج عنهم أو استمرار احتجازهم دون إبطاء.
ومن حق الأحداث الحصول على الرعاية والحماية والمساعدة عند احتجازهم رهن المحاكمة.
ومن حق الأطفال المحتجزين أن يتراسلوا مع أسرهم، وأن يتلقوا زيارات من أسرهم إلا في حالات استثنائية.
ويجب معاملة جميع الأطفال المحتجزين على نحو يكفل الاحترام للكرامة المتأصلة في الإنسان مثلهم مثل المحتجزين من الكبار. ومن المحظور قطعياً استخدام التعذيب أو أي ضرب آخر من ضروب المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة. وعلاوة على ذلك، فيجب معاملة الأطفال المحتجزين على نحو يراعي احتياجات أترابهم من الصغار. (انظر كذلك الفصلين 4 و10).
27/5 المحاكمةيجب أن يراعى في الإجراءات التي يمكن أن تطبق على الأحداث، مثل المحاكمات، أن تعزز حقوقهم وتحفظ لهم أمنهم، ويجب أن تراعي سنهم والرغبة في العمل على إعادة تأهيل الطفل. ويستمد هذان الشرطان سندهما من المبادئ الأخلاقية التي تحتم تجنيب الطفل وصمة الجريمة، بقدر المستطاع، ومعالجة التجاوزات التي يرتكبها عن طريق تدابير تربوية لا عقابية.
ولحماية الحياة الخاصة للطفل، يجب أن يجري نظر قضايا الأحداث في جلسات غير علنية بعيداً عن أضواء الإعلام، وهو أحد الاستثناءات المسموح بها للحق في النظر العلني. انظر الفصل 14/3 الخاص بالاستثناءات من الحق في النظر العلني للدعوى.
ومن حق الحدث في جميع مراحل الدعوى أن يمثله محامٍ. وعلاوة على ذلك، فيجب تزويد الأطفال القادرين على أن يعبروا عن آرائهم بفرصة للتعبير عنها في أية دعوى قضائية أو إدارية تتعلق بهم، سواء بطريقة مباشرة أو عن طريق ممثل لهم.
المعايير ذات الصلة
المادة 37(د) من "اتفاقية حقوق الطفل":"يكون لجميع الأطفال المحرومين من حريتهم الحق في الحصول بسرعة على مساعدة قانونية وغيرها من المساعدة المناسبة، فضلاً عن الحق في الطعن في شرعيه حرمانه من الحرية أمام محكمة أو سلطة مختصة مستقلة ومحايدة أخرى، وفي أن يجري البت بسرعة في أي إجراء من هذا القبيل."
المادة 13(3) و(5) من "قواعد بكين":"13(3) يتمتع الأحداث المحتجزون رهن المحاكمة بجميع الحقوق والضمانات التي تكفلها القواعد النموذجية الدنيا للسجناء التي اعتمدتها الأمم المتحدة.
13(5) يتلقى الأحداث أثناء فترة الاحتجاز الرعاية والحماية وجميع أنواع المساعدات الفردية - الاجتماعية والتعليمية والمهنية والنفسية والطبية والجسدية - التي قد تلزمهم بالنظر إلى سنهم وجنسهم وشخصيتهم".
المادة 37 (أ) و(ج) من "اتفاقية حقوق الطفل":"تكفل الدول الأطراف:...(أ) ألا يُعَرّض أي طفل للتعذيب أو لغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة. ولا تفرض عقوبة الإعدام أو السجن مدى الحياة بسبب جرائم يرتكبها أشخاص تقل أعمارهم عن ثماني عشرة سنة دون وجود إمكانية للإفراج عنهم.
(ج) يعامل كل طفل محروم من حريته بإنسانية واحترام للكرامة المتأصلة في الإنسان، وبطريقة تراعي احتياجات الأشخاص الذين بلغوا سنه...".
27/6 الأحكاملكي نجنب الطفل وصمة الجريمة، ولكي نحمي حياته الخاصة، يجب ألا تكون الأحكام علنية بوجه عام في الدعاوى التي تمس الأطفال. وتقضي المادة 14(1) من "العهد الدولي" باستثناء الحالات التي تتطلب فيها المصلحة الفضلى للطفل السرية من شرط علانية الأحكام. انظر الفصل 24 الخاص بالأحكام.
27/7 العقوباتيجب أن تكون لمصلحة الطفل الفضلى الاعتبار الأول في تحديد العقوبة وتوقيعها على الأحداث الذين تثبت مخالفتهم لأحكام القانون. ويجب أن يُراعى في توقيع أية عقوبة صالح الطفل واحتياجاته وأن تهدف إلى إعادة تأهيله.
ويجب أن تتناسب أية عقوبة مع خطورة الجريمة وظروف الحدث.
والحكم بالسجن في قضايا الأحداث، الذين تثبت مخالفتهم لأحكام القانون هو آخر تدبير يجب اللجوء إليه، وذلك في الحالات ذات الطبيعة الاستثنائية. وتنص القاعدة 17(1)(ج) من "قواعد بكين" على أنه "لا يفرض الحرمان من الحرية الشخصية، إلا إذا أدين الحدث بارتكاب فعل خطير يتضمن استخدام العنف ضد شخص آخر أو بالعودة إلى ارتكاب أعمال إجرامية خطيرة أخرى، وما لم يكن هناك أي إجراء مناسب آخر." وعند الحكم بالسجن، فيجب أن تحدد سلطة قضائية الحد الأقصى للعقوبة، وأن تراعي تقليلها بقدر المستطاع.
المعايير ذات الصلة
المادة 14(4) من "العهد الدولي":"في حالة الأحداث، يراعى جعل الإجراءات مناسبة لسنهم ومواتية لضرورة العمل على إعادة تأهيلهم."
القاعدتان 14(1) و14(2) من "قواعد بكين":"14(1) حين لا تكون قضية المجرم الحدث قد حولت إلى خارج النظام القضائي (بموجب القاعد 11)، يتوجب أن تنظر في أمره السلطة المختصة (محكمة، هيئة قضائية، هيئة إدارية، مجلس أو غير ذلك) وفقاً لمبادئ المحاكمة المنصفة والعادلة.14(2) يتوجب أن تساعد الإجراءات على تحقيق المصلحة القصوى للحدث، وأن تتم في جو من التفهم يتيح للحدث أن يشارك فيها وأن يعبر عن نفسه بحرية."
المادة 40(4) من "اتفاقية حقوق الطفل":"تتاح ترتيبات مختلفة، مثل أوامر الرعاية والإرشاد والإشراف والمشورة والاختبار والحضانة وبرامج التعليم والتدريب المهني وغيرهما من بدائل الرعاية المؤسسية لضمان معاملة الأطفال بطريقة تلائم رفاههم وتتناسب مع ظروفهم وجرمهم على السواء".
27/7/1 عقوبات محظورةلا يجوز توقيع عقوبات بدنية على الأطفال.
وقد قالت لجنة حقوق الطفل إن العقوبات البدنية تخالف اتفاقية حقوق الطفل.
ولا يجوز استخدام أدوات تقييد الحركة والقوة ضد الأحداث لتقييدهم إلا في حالات استثنائية، حينما تستنفد جميع وسائل السيطرة الأخرى وتفشل في أداء المطلوب منها، على ألا تتجاوز الحدود المسموح بها على نحو صريح محدد في القانون واللوائح. ولا يجب أن تتسبب في أي إحساس بالإذلال أو المهانة، وأن يقيد استخدامها وألا يزيد على أقصر فترة ممكنة. (انظر كذلك الفصل 10).
ولا يجوز الحكم على أي شخص كان دون الثامنة عشرة وقت ارتكاب جريمته بالسجن المؤبد.
ولا يجوز توقيع عقوبة الإعدام على أي شخص كان دون الثامنة عشرة وقت ارتكاب الجريمة، بغض النظر عن سن الرشد المحدد في القانون الوطني، أو عمر المتهم عند محاكمته أو صدور الحكم عليه. (انظر الفصل 28 الخاص بحالات عقوبة الإعدام.) وحظر إعدام أي شخص كان دون الثامنة عشرة وقت ارتكاب الجريمة واجب التطبيق في جميع الأوقات وجميع الأحوال، ولا يجوز التخفف من هذا القيد.
27/8 الأطفال السجناءيجب فصل الأطفال السجناء، بوجه عام، عن الكبار مع توفير معاملة لهم تتناسب مع أعمارهم ووضعهم القانوني.
ولا يجوز إخضاع أي طفل للتعذيب أو لغيره من ضروب المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة. ويمتد هذا الحظر إلى ضروب التأديب أو العقوبة القاسية أو المهينة في أية مؤسسة. (انظر الفصل 10).
وتدابير التأديب التي تمثل ضروباً قاسية أو لاإنسانية أو مهينة من المعاملة محظورة حظراً مطلقاً، بما في ذلك العقوبات البدنية والحبس في زنازين مظلمة أو الحبس الانفرادي، أو إنقاص كميات الغذاء، أو تقييد الاتصال بأفراد الأسرة أو منعه، أو العقوبات الجماعية، أو أي ضرب آخر من العقوبة قد يضر بالصحة البدنية أو العقلية للحدث.
ولا يجوز استخدام وسائل التقييد إلا في الحالات الاستثنائية كملاذ أخير، شرط عدم تجاوز الحدود المقررة في القانون أو اللوائح.
ومن حق الأطفال المحرومين من الحرية أن يستمروا في الاتصال بأسرهم عن طريق المراسلات والزيارات، فيما عدا الظروف الاستثنائية . كما أن لهم الحق في التعليم.
المعايير ذات الصلة
القاعدتان 17(1)(أ) و(ب) من "قواعد بكين":"لدى التصرف في القضايا، تسترشد السلطة المختصة بالمبادئ الآتية:
(أ) يتحتم دائماً أن يكون رد الفعل متناسباً، ليس فقط مع ظروف الجرم وخطورته، بل كذلك مع ظروف الحدث وحاجاته، وكذلك احتياجات المجتمع.(ب) لا تفرض قيود على الحرية الشخصية للحدث إلا بعد دراسة دقيقة، وتكون مقصورة على أدنى حد ممكن."
القاعدة 26(1) من "قواعد بكين":"الهدف من تدريب وعلاج الأحداث الموضوعين في مؤسسات إصلاحية هو تزويدهم بالرعاية والحماية والتعليم والمهارات المهنية بغية مساعدتهم على القيام بأدوار اجتماعية بناءة ومنتجة في المجتمع."
الفصل الثامن والعشرون
الدعاوى القضائية المتصلة بعقوبة الإعدام
تعارض منظمة العفو الدولية عقوبة الإعدام في جميع الحالات على اعتبار أنها تمثل ذروة العقوبات القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، وأنها انتهاك للحق في الحياة. وتكفل المعايير الدولية لحقوق الإنسان للأشخاص المتهمين بارتكاب جرائم عقوبتها الإعدام الحق في الحصول على أعلى قدر من الالتزام الصارم بجميع ضمانات المحاكمة العادلة وضمانات إضافية معينة. غير أن هذه الضمانات الإضافية ليست بمبرر للإبقاء على عقوبة الإعدام.
28/1 إلغاء عقوبة الإعدام تعارض منظمة العفو الدولية عقوبة الإعدام في جميع الحالات باعتبارها ذروة العقوبات القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، وأنها تمثل انتهاكاً للحق في الحياة.
ومن المعروف أن التعذيب والضروب الأخرى للمعاملة والعقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة محظورة قطعياً في جميع الأوقات وفي جميع الأحوال (انظر الفصل 10/4 الخاص بالحق في عدم التعرض للتعذيب أو سوء المعاملة).
كما أن الحق في الحياة أساسي ومطلق.* - فلا يجوز تعليقه قط ** (انظر الفصل 31 الخاص بالمحاكمات العدالة إبان حالات الطوارئ).
وتحث المعايير الدولية لحقوق الإنسان على إلغاء عقوبة الإعدام.***
وقد اعتمد المجتمع الدولي أيضاً معاهداتٍ تهدف بالتحديد إلى إلغاء عقوبة الإعدام. ومن "البروتوكول الاختياري الثاني للعهد الدولي"، و"بروتوكول الاتفاقية الأمريكية الخاصة بحقوق الإنسان بشأن إلغاء عقوبة الإعدام" و"البروتوكول السادس للاتفاقية الأوروبية" الذي يحظر تنفيذ أحكام الإعدام ويطالب بإلغاء عقوبة الإعدام في وقت السلم."****
كما أن الهيئات الدولية والإقليمية، وكذا خبراء حقوق الإنسان يحثون على إلغاء عقوبة الإعدام.
وقد أوضح الأمين العام للأمم المتحدة أن "الهدف الأساسي الجاري العمل على تحقيقه في ميدان عقوبة الإعدام هو التقليص المطرد لعدد الجرائم التي يجوز الحكم على مرتكبيها بالإعدام تشوفاً لإلغاء هذه العقوبة".
وقالت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان إن المادة 6 من "العهد الدولي" "تشير بوجه عام إلى الإلغاء بعبارات توحي بشدة ... بأنه أمر مرغوب. وانتهت اللجنة إلى أن جميع التدابير الرامية للإلغاء ينبغي أن تعد ضرباً من التقدم صوب التمتع بالحق في الحياة..."
وفي عامي 1997 و1998، دعت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان جميع الدول التي لم تلغ عقوبة الإعدام إلى أن توقف تنفيذ أحكام الإعدام بهدف الإلغاء التام لهذه العقوبة.
وعند تأسيس المحكمتين الدوليتين الخاصتين بيوغوسلافيا السابقة ورواندا، استبعد مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة عقوبة الإعدام من قائمة العقوبات التي يجوز لهاتين المحكمتين تطبيقها، حتى رغم أن ولايتهما القضائية تمتد على بعض من أبشع الجرائم، مثل الإبادة الجماعية، وغيرها من الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب. وبالمثل، فإن النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية لا يسمح لهذه المحكمة بأن توقع عقوبة الإعدام.
28/2 عدم جواز العقوبات بأثر رجعي مع الحق في الاستفادة من الإصلاحات التشريعيةلا يجوز توقيع عقوبة الإعدام على مرتكب أية جريمة ما لم يكن القانون المعمول به وقت ارتكابها يقضي بها على تلك الجريمة.*+
وقد أوضح مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بعمليات الإعدام خارج نطاق القضاء أو الإعدام بدون محاكمة أو الإعدام التعسفي أنه يرى أن المادة 6(2) من "العهد الدولي" لا تجيز للدولة أن تعيد العمل بعقوبة الإعدام بعد إلغائها ولا تسمح بتوسيع نطاقها.
ولا يجوز توقيع عقوبة أشد من تلك المطبقة وقت ارتكاب الجريمة.*++ انظر الفصل 25/2 الخاص بالعقوبات التي يمكن تطبيقها.
ومع هذا، فالشخص المدان بارتكاب جريمة يستفيد من أي تغيير في القوانين يخفف من العقوبة المقررة على جريمته.*^ ومن ثم، يجب أن يستفيد المحكوم عليهم بالإعدام من أي تخفيف لعقوبتهم إذا عدلت القوانين بعد صدور الحكم عليهم.*^^
وتمنع "الاتفاقية الأمريكية" صراحةً الدول من توسيع نطاق عقوبة الإعدام ليشمل أية جرائم أخرى، سوى تلك التي كانت مقررة عندما أصبحت أحكام هذه الاتفاقية مطبقة عليها. كما أنها تحظر على أية دولة طرف أن تعيد العمل بعقوبة الإعدام بعد إلغائها.*#
المعايير ذات الصلة
المادة 6(6) من "العهد الدولي":"ليس في هذه المادة أي حكم يجوز التذرع به لتأخير أو منع إلغاء عقوبة الإعدام من قبل أية دولة طرف في هذا العهد."
المادتان 4(2) و4(3) من "الاتفاقية الأمريكية":"2) لا يجوز توقيع عقوبة الإعدام في البلدان التي لم تلغها بعد إلا على أخطر الجرائم وبموجب حكم نهائي صادر من محكمة مختصة وطبقاً لقانون يقضي بهذه العقوبة على أن يكون مطبقاً قبل ارتكاب الجريمة. ولا يجوز مد نطاق هذه العقوبة إلى الجرائم التي لا تطبق عليها الآن في الوقت الحالي.
3) لا يجوز إعادة العمل بعقوبة الإعدام في البلدان التي ألغتها."
28/3 نطاق الجرائم المعاقب عليها بالإعداموفي البلدان التي لم تلغ بعد عقوبة الإعدام، لا يجوز توقيع عقوبة الإعدام إلا على أخطر الجرائم.*##
وقد صرحت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان بأن "تعبير "أخطر الجرائم" يجب ألا يؤوّل إلا بمعنى اعتبار عقوبة الإعدام تدبيراً استثنائياً تماماً."
ولا يجب أن يتجاوز نطاق الجرائم المعاقب عليها بالإعدام "الجرائم المتعمدة التي لها عواقب مميتة أو بالغة الخطورة."(*) ويرى مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بعمليات الإعدام خارج نطاق القضاء أو الإعدام بدون محاكمة أو الإعدام التعسفي "أن مصطلح ["العمد"] يجب أن يساوى بمصطلح "سبق الإصرار"، ويجب أن يفهم باعتباره نية مبيتة للقتل".
وقال مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بعمليات الإعدام خارج نطاق القضاء والإعدام دون محاكمة والإعدام التعسفي "إن عقوبة الإعدام يجب أن تلغى بالنسبة لبعض الجرائم، مثل الجرائم الاقتصادية والجرائم المتعلقة بالمخدرات."
وقالت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان إن فرض عقوبة الإعدام على الردة والممارسات غير المشروعة للجنس أو اختلاس المال العام أو السطو بالقوة أو ممارسة اللواط أو تكرار الهروب من الخدمة العسكرية أمر لا يتفق مع المادة 6 من "العهد الدولي" التي تقصر تطبيق عقوبة الإعدام على أخطر الجرائم."
وقد أعربت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان عن قلقها بشأن "العدد المفرط من الجرائم المعاقب عليها بالإعدام" في عدد من الولايات الأمريكية، وإعادة العمل بعقوبة الإعدام في بعض الولايات، وقالت "إنها تأسف لتوسيع نطاق عقوبة الإعدام في الوقت الراهن في القانون الفيدرالي (الأمريكي)". وحثت اللجنة السلطات على أن تراجع القوانين الفيدرالية وقوانين الولايات بهدف قصر عدد الجرائم المعاقب عليها بالإعدام على أخطر الجرائم.
وقد حظرت اللجنة الأمريكية صراحة تطبيق عقوبة الإعدام على الجرائم السياسية أو تلك المتصلة بالجرائم العامة.(**)
المعايير ذات الصلة
المادة 15(1) من "العهد الدولي":"لا يدان أي فرد بأية جريمة بسبب فعل أو امتناع عن فعل لم يكن وقت ارتكابه يشكل جريمة بمقتضى القانون الوطني أو الدولي. كما لا تجوز فرض أية عقوبة تكون أشد من تلك التي كانت سارية المفعول في الوقت الذي ارتكبت فيه الجريمة. وإذا حدث، بعد ارتكاب الجريمة، أن صدر قانون ينص على عقوبة أخف، وجب أن يستفيد مرتكب الجريمة من هذا التخفيف".
28/4 فئات الأشخاص الذين لا يجوز إعدامهمتقيد المعايير الدولية فرض عقوبة الإعدام على عدة فئات، من بينها الأشخاص الذين كانوا دون الثامنة عشرة وقت ارتكاب جرائمهم، والأشخاص الذين تزيد أعمارهم على السبعين، والنساء الحوامل والمرضعات، والأشخاص الذين يعانون من أمراض خلل عقلي أو أمراض عقلية.
28/4/1 الأحداثلا يجوز الحكم بالإعدام على الأشخاص الذين كانوا دون الثامنة عشرة وقت ارتكاب الجرائم، بغض النظر عن سنهم وقت المحاكمة أو صدور الحكم عليهم.(***)
وقد قالت اللجنة الأمريكية الدولية إن الحظر المفروض على إعدام الأطفال في طريقه إلى أن يصبح مبدأ أساسياً من مبادئ العرف الدولي، وذلك بالنظر إلى عدد الدول التي صدقت على "الاتفاقية الأمريكية" و"العهد الدولي"، والتي عدلت تشريعاتها الوطنية لتتفق مع تلك المعاهدات.
وقد أعربت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان عن أسفها للأحكام الواردة في تشريعات عدد من الولايات الأمريكية، التي تجيز فرض عقبة الإعدام على الأشخاص الذين كانوا دون الثامنة عشرة وقت ارتكاب جرائمهم، وتنفيذ أحكام الإعدام فيهم. وقد حضت اللجنة السلطات على أن تضمن عدم الحكم على هؤلاء الأشخاص بالإعدام بسبب الجرائم التي ارتكبوها وهم دون الثامنة عشرة.
28/4/2 المسنونتحظر "الاتفاقية الأمريكية" إعدام أي شخص فوق السبعين بموجب المادة 4(5).(+)
وقد أوصى المجلس الاجتماعي والاقتصادي التابع للأمم المتحدة بأن تحدد الدول "سناً أقصى لا يجوز الحكم بالإعدام أو تنفيذ حكم بالإعدام على أي شخص تجاوزه."
وقد أعربت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان عن أسفها "لأن بعض الولايات [الأمريكية] لا توفر فيما يبدو حماية لهؤلاء الذين يعانون من التخلف العقلي."
28/4/3 المعوقون ذهنياًإعدام الأشخاص المعوقون ذهنياً محظور.(++) ويشمل هذا الحظر الأشخاص الذين أصيبوا بالجنون منذ الحكم عليهم بالإعدام.
وقد أوصى المجلس الاقتصادي والاجتماعي للأمم المتحدة الدول بأن تلغي عقوبة الإعدام "على الأشخاص الذين يعانون من التخلف العقلي أو من ضعف بالغ في القدرات الذهنية، سواء أكان ذلك في مرحلة صدور الحكم أو تنفيذ حكم الإعدام."
28/4/4 الحوامل والمرضعاتلا يجوز توقيع عقوبة الإعدام على امرأة حامل ولا على "أم مرضع".
28/5 الالتزام الصارم بجميع الحقوق الخاصة بالمحاكمة العادلةنظراً لاستحالة تصحيح أي خطأ يحدث في تطبيق عقوبة الإعدام بعد التنفيذ، يجب أن تُراعي قضايا عقوبة الإعدام بدقة جميع المعايير الدولية والإقليمية التي تحمي الحق في المحاكمة العادلة. ومن ثم، يستوجب الاحترام الكامل لجميع الحصانات ولضمانات صحة الإجراءات المحددة في المعايير الدولية المطبقة في المراحل السابقة على المحاكمة، وأثناء المحاكمة، وخلال مراحل الاستئناف. وتعتقد منظمة العفو الدولية أن إعدام أي شخص هو انتهاك للحق في الحياة، ورغم أن هذا الرأي لا يحظى بقبول عالمي؛ إلا أن الهيئات الدولية المعنية بحقوق الإنسان والخبراء العاملين في هذا المجال يتفقون على أن إعدام أي شخص بعد محاكمة جائرة هو انتهاك للحق في الحياة.
ولا يجوز حرمان أي شخص من حياته تعسفاً.
وقد أوضحت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان أن الحظر المفروض على حرمان الشخص من حياته تعسفاً، الوارد في المادة 6(1) من "العهد الدولي"، يستوجب من القانون أن يفرض رقابة صارمة على الحالات التي يجوز فيها للدولة أن تحرم شخصاً من حياته، وأن يضع لها ضوابط محكمة.
وتقول اللجنة المذكورة إن توقيع عقوبة الإعدام في نهاية محاكمة لم تحترم أحكام "العهد الدولي"، وتعذر الإنصاف عن طريق الاستئناف، يمثل انتهاكاً للحق في الحياة.
وأوضحت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان أنه عند محاكمة مرتكبي الجرائم "يجب مراعاة الضمانات الإجرائية، بما في ذلك الحق في النظر المنصف أمام محكمة مستقلة، وافتراض البراءة، وتوفير ضمانات دنيا للدفاع، والحق في المراجعة أمام محكمة أعلى. وتنطبق هذه الحقوق علاوة على ذلك في الحق في التماس العفو أو تخفيف الأحكام."
ولا يجوز توقيع عقوبة الإعدام إلا عندما تثبت إدانة المتهم "بناءً على أدلة واضحة ومقنعة لا تترك مجالاً لأي تفسير مخالف للحقائق". ولا يجوز تنفيذ "حكم بالإعدام إلا بعد تأييده نهائياً من جانب محكمة مختصة بعد دعوى قضائية تتوفر فيها جميع الضمانات الممكنة للمحاكمة العادلة، على ألا تقل عن تلك الواردة في المادة 14 من "العهد الدولي"، بما في ذلك حق أي مشتبه فيه أو متهم بارتكاب جريمة عقوبتها الإعدام في الحصول على مساعدة قضائية كافية في جميع مراحل الدعوى."
المعايير ذات الصلة
المادة 6(2) من "العهد الدولي":"لا يجوز، في البلدان التي لم تلغ عقوبة الإعدام، أن يحكم بهذه العقوبة إلا جزاءً على أشد الجرائم خطورة وفقاً للتشريع النافذ وقت ارتكاب الجريمة وغير المخالف لأحكام هذا العهد ولاتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها. ولا يجوز تطبيق هذه العقوبة إلا بمقتضى حكم نهائي صادر عن محكمة مختصة".
وقد صرح مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بعمليات الإعدام خارج نطاق القضاء أو الإعدام بدون محاكمة أو الإعدام التعسفي بأن "الدعاوى المفضية إلى توقيع عقوبة الإعدام يجب أن تستوفي أعلى معايير الاستقلالية والكفاءة والموضوعية والنزاهة المطلوبة في القضاة والمحلفين كما هي محددة في الصكوك القانونية الدولية ذات الصلة. ويجب أن ينتفع جميع المتهمين الذين يواجهون عقوبة الإعدام من خدمات محامين أكفاء في جميع مراحل الدعوى. ويجب افتراض براءة المتهمين إلى أن تثبت إدانتهم بما لا يدع أي مجال معقول للشك، وذلك في إطار التطبيق الصارم لأعلى المعايير الخاصة بجمع وتقييم الأدلة. وعلاوةً على ذلك، يجب أن تؤخذ جميع العوامل المخففة في الحسبان. ويجب أن تضمن إجراءات الدعوى الحق في مراجعة وقائع القضية وجوانبها القانونية على السواء أمام محكمة أعلى تتألف من قضاة مختلفين عن قضاة المحكمة الأولى التي نظرت القضية في الدائرة الابتدائية. كذلك، يجب ضمان حق المتهم في التماس العفو وتخفيف الحكم أو طلب الرأفة".
ولن نعيد في الأقسام التالية (28/1-28/4) جميع ضمانات المحاكمة العادلة التي تنطبق على جميع المتهمين بارتكاب أفعال جنائية، والتي سبق أن ذكرناها من قبل في هذا الدليل، ولكننا سوف نقتصر فحسب على تلك الأحكام التي كفل تأويلها في الدعاوى القضائية المتصلة بعقوبة الإعدام المزيد من الحماية أو التي توفر ضمانات إضافية.
28/5/1 الحق في الحصول على محامٍ كفءٍلكل شخص يحتجز أو يتهم بارتكاب فعل جنائي الحق في الاستعانة بمحامٍ أثناء احتجازه وخلال محاكمته وعند الاستئناف. انظر الفصل 3 الخاص بالحق في الاستعانة بالمحامين قبل المحاكمة، والفصل 20/3 الخاص بحق المتهم في الحصول على محام يدافع عنه.
ويجب أن يتولى محامٍ الدفاع عن أي شخص يتهم بارتكاب جريمة عقوبتها الإعدام، ويختار ألا يدافع عن نفسه بنفسه، في جميع مراحل الدعوى.
وقد أوضح المجلس الاقتصادي والاجتماعي التابع للأمم المتحدة أن الشخص الذي يواجه عقوبة الإعدام يجب أن يزود "بمساعدة كافية من جانب محامٍ في كل مرحلة من مراحل الدعوى، على نحو يفوق الحماية المكفولة في الدعاوى التي لا تتصل بعقوبة الإعدام."
كما أوضحت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان "أن من البديهي أن تتاح مساعدة قانونية لأي سجين يدان ويحكم عليه بالإعدام. وينطبق هذا على جميع مراحل الدعوى القضائية [بما في ذلك الاستئناف]."
وصرح مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بعمليات الإعدام خارج نطاق القضاء أو الإعدام بدون محاكمة أو الإعدام التعسفي بأن أي شخص يتهم بارتكاب جريمة عقوبتها الإعدام، يجب أن ينتفع في جميع المراحل من "نص تشريعي مناسب يلزم الدولة بتوفير مساعدات قانونية على نفقتها من جانب محامين أكفاء".
ولا يجوز المضي قدماً في نظر الدعاوى القضائية المتعلقة بعقوبة الإعدام ما لم يتوفر للمتهم محامٍ متخصص وكفءٍ لمساعدته.
وقد اعتبرت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان أن حق المتهم قد انتهك في حالة واصلت فيها المحاكمة نظر القضية، وأصدرت حكمها بإدانة المتهم، وقضت عليه بالإعدام بعد أن انسحب محاميه، وقد تولى القاضي فيما يبدو مهمة مساعدة المتهم في الدفاع عن نفسه. وانتهت اللجنة إلى ضرورة "التوقف" عن نظر الدعوى القضائية في حالة التهم المعاقب عليها بالإعدام، إذا لم يكن للمتهم محامٍ يدافع عنه.
ومن حق المتهم بارتكاب جريمة عقوبتها الإعدام، مثله مثل أي شخص يتهم بارتكاب فعل جنائي، أن يدافع عنه محامٍ يختاره في مرحلتي المحاكمة والاستئناف. فإذا كان المحامي المعين للدفاع عنه لن يتقاضى منه أتعاباً، فلا يصبح حق المتهم مطلقاً في اختيار المحامي الذي سيدافع عنه. غير أن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان حبذت أن تنتدب الدولة، في حالة القضايا المتصلة بعقوبة الإعدام، المحامي الذي يختاره المتهم للدفاع عنه، بما في ذلك أثناء مرحلة الاستئناف.
وأوضحت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان أن المتهم بارتكاب جريمة عقوبتها الإعدام يجب أن يمثل بمحامٍ يختاره، حتى وإن اقتضى ذلك تأجيل نظر الدعوى.
والدولة ملزمة بوجه خاص في الدعاوى المتصلة بعقوبة الإعدام بأن تتخذ تدابير للتأكد من حسن أداء المحامي المنتدب لواجبه في الدفاع عن المتهم. فإذا ما أُخطرت السلطات بأن المحامي المنتدب قد قصر في أداء واجبه، أو إذا تبين لها تقاعسه، فيجب أن تلزمه بأن يؤدي واجبه على خير وجه، أو أن تستعيض عنه بآخر.
وقد اعتبرت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان أن حق المتهم في الاستعانة بمحامٍ قد انتهك في حالة لم يبذل فيها المحامي جهداً كافياً في أداء واجبه، وتقاعس عن تفنيد أدلة الإثبات أثناء المحاكمة، ثم انتدبته المحكمة من جديد لمباشرة دعوى الاستئناف، رغم أن المتهم طلب تعيين محامٍ آخر.
وبالمثل، فقد اعتبرت اللجنة المذكورة أن حقوق المتهم قد انتهكت في حالة سلم فيها المحامي المنتدب للدفاع عن المتهم في دعوى الاستئناف بأنه لا يوجد مبرر لاستئناف الحكم، دون أن يخطر المتهم بذلك أو يتشاور معه. وقالت اللجنة إنه كان على المحامي الذي انتدبته الدولة على نفقتها أن يبلغ المتهم بأنه لن يؤيد استئناف الحكم حتى يتيح له فرصة التفكير في أي من الاختيارات الباقية المفتوحة أمامه.
28/5/2 الحق في الحصول على وقتٍ كافٍ وتسهيلاتٍ مناسبةٍ لإعداد الدفاعمن حق كل شخص يتهم بارتكاب فعل جنائي الحق في الحصول على مساحة زمنية وتسهيلات كافية لإعداد دفاعه. انظر الفصل 8 الخاص بالحق في مساحة زمنية وتسهيلات كافية لإعداد الدفاع.
ولكن هذا الحق يغدو أهم وأخطر في حالات عقوبة الإعدام.وقد أوضحت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ذلك بقولها "إن الأمر يحتم في القضايا التي قد يصدر فيها الحكم بإعدام المتهم أن يمنح المتهم ومحاميه فسحة كافية من الوقت لإعداد المرافعة أمام المحكمة، وهذا أمر بديهي."
28/5/3 الحق في إتمام الإجراءات دون تأخير لا مبرر لهيجب الانتهاء من نظر الدعاوى الجنائية، بما في ذلك التحقيقات والمحاكمة الابتدائية والاستئناف، دون إبطاء لا مبرر له. انظر الفصل 7 الخاص بالحق في التقديم للمحاكمة في غضون مدة زمنية معقولة أو الإفراج عن المحتجز، والفصل 19 الخاص بالحق في المحاكمة دون إبطاء لا مبرر له.
وقالت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان "إن من حق المتهم في جميع الدعاوى القضائية، وبخاصةٍ تلك المتصلة بعقوبة الإعدام، أن تتم المحاكمة وأن ينظر الاستئناف دون أي تأخير لا مبرر له."
وفي إحدى حالات عقوبة الإعدام، رأت المحكمة المذكورة أن التأخيرات التالية كانت أطول مما ينبغي: تأخير لمدة أسبوع من تاريخ القبض على المتهم في عرضه على القاضي (انتهاك للمادة 9(3) من "العهد الدولي")، واحتجاز المتهم لمدة 16 شهراً قبل تقديمه للمحاكمة (انتهاك للمادة 9(3) من "العهد الدولي")، وتأخير لمدة 31 شهراً بين المحاكمة ورفض طلب الاستئناف.
28/5/4 الحق في الاستئنافلكل شخص يتهم بارتكاب جريمة عقوبتها الإعدام الحق في أن يُراجع قرار إدانته والحكم الصادر عليه أمام محكمة أعلى.انظر الفصل 26 الخاص بالحق في الاستئناف.
ومن حق كل شخص يحكم عليه بالإعدام أن يستأنف الحكم أمام دائرة قضائية أعلى، ويجب اتخاذ الخطوات الكفيلة بجعل هذا الاستئناف إجبارياً.
وقد قال مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بعمليات الإعدام خارج نطاق القضاء والإعدام بدون محاكمة والإعدام التعسفي إن في حالات عقوبة الإعدام "يجب أن تضمن الإجراءات حق مراجعة الوقائع والجوانب القضائية على السواء أمام محكمة أعلى تتألف من قضاة مختلفين عن القضاة الذين نظروا الدعوى في الدائرة الابتدائية."
28/6 الحق في التماس العفو وتخفيف العقوبةمن حق كل من يحكم عليه بالإعدام أن يلتمس العفو عنه أو تخفيف عقوبته.
28/7 عدم جواز تنفيذ حكم الإعدام أثناء نظر دعوى الاستئناف أو التماسات الرأفةلا يجوز تنفيذ حكم الإعدام حتى يستنفد المتهم جميع حقوق الاستئناف المكفولة له أو تنتهي المهلة المحددة لطلب استئناف الحكم، وحتى ينتهي النظر في طلبات الاستئناف المقدمة منه للقضاء، ومن بينها التظلمات المقدمة للهيئات الدولية، والتماسات العفو أو تخفيف الحكم.
المعايير ذات الصلة
المادة 6(4) من "العهد الدولي":"لأي شخص حكم عليه بالإعدام حق التماس العفو الخاص أو إبدال العقوبة. ويجوز منح العفو العام أو العفو الخاص أو إبدال عقوبة الإعدام في جميع الحالات".
المادة 6(4) من "الاتفاقية الأمريكية""من حق كل شخص يحكم عليه بالإعدام أن يلتمس العفو أو الصفح أو تخفيف العقوبة، ويجوز تلبية التماسه في جميع الحالات. ولا يجوز توقيع عقوبة الإعدام أثناء نظر السلطة المختصة لهذا الالتماس".
ولا يجوز تنفيذ حكم الإعدام إلا بعد أن يصبح نهائياً بحكم محكمة مختصة.
ولا يجوز تنفيذ أي حكم بالإعدام ريثما ينظر الاستئناف أو غير ذلك من الإجراءات القضائية أو الإجراءات الأخرى المتعلقة بالتماس العفو أو تخفيف الحكم. وفي رأي منظمة العفو الدولية، أن هذا الحكم لا ينطبق على دعاوى الاستئناف المنظورة أمام المحاكم الوطنية فحسب، بل والتظلمات المنظورة أمام الهيئات الدولية كذلك، مثل: اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، واللجنة الأمريكية الدولية لحقوق الإنسان، والمحكمة الأمريكية الدولية، واللجنة الأوروبية لحقوق الإنسان، والمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان.
وقد دعا المجلس الاقتصادي والاجتماعي التابع للأمم المتحدة الدول الأطراف في تلك الهيئة الدولية التي مازالت تطبق عقوبة الإعدام إلى "ضمان إخطار جميع الموظفين المكلفين بالأمر بتنفيذ أحكام الإعدام بجميع نتائج دعاوى الاستئناف والتماسات الرأفة المقدمة من السجين موضوع الحالة."
وعلاوة على ذلك، فلا يجب فحسب إحاطة الموظفين المسؤولين عن تنفيذ أحكام الإعدام علماً بكل إجراءات الاستئناف، بل يتعين أيضاً "أن توجه إليهم تعليمات بالامتناع عن تنفيذ أي حكم بالإعدام أثناء نظر أي استئناف أو غير ذلك من إجراءات التقاضي أو الإجراءات الأخرى المتعلقة بالتماس العفو أو تخفيف الحكم". وذلك وفق رأي مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بعمليات الإعدام خارج نطاق القضاء أو الإعدام بدون محاكمة أو الإعدام التعسفي.
28/8 ضرورة مرور وقت كافٍ بين صدور الحكم بالإعدام وتنفيذهويجب على الدول أن تسمح بمرور فترة كافية من الوقت بين صدور الحكم وتنفيذه للاستعداد والانتهاء من نظر دعاوى الاستئناف، وكذلك التماسات الرأفة.
وقد أوصى مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بعمليات الإعدام خارج نطاق القضاء أو الإعدام بدون محاكمة أو الإعدام التعسفي بألا تقل الفترة الفاصلة بين الحكم بالإعدام وتنفيذه عن ستة أشهر، وذلك للسماح بوقت كافٍ للاستئناف أمام محكمة أعلى والتماس الرأفة.
28/9 أوضاع السجناء المحكوم عليهم بالإعدامولا يجب أن تنتهك أوضاع السجناء المحكوم عليهم بالإعدام الحق في أن يعاملوا باحترام للكرامة المتأصلة في الإنسان، أو الحظر المطبق ضد استخدام التعذيب أو غيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة (انظر الفصل 10 الخاص بالحق في أوضاع احتجاز إنسانية وعدم التعرض للتعذيب، والفصل 25/5 الخاص بأوضاع السجن).
وقد حث المجلس الاقتصادي والاجتماعي الدول التي مازالت تبقي على عقوبة الإعدام بأن "تطبق "القواعد النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء" تطبيقاً فعالاً من أجل الحد من معاناة السجناء المحكوم عليهم بالإعدام وتجنب مفاقمة آلامهم."
وقد أكدت من جديد اللجنة المعنية بحقوق الإنسان في عدة حالات متعلقة بعقوبة الإعدام على أن المادة 10 من "العهد الدولي"، التي تلزم الدول بمعاملة الأفراد باحترام للكرامة المتأصلة في الإنسان، تشمل، بين جملة أمور، واجب توفير الرعاية الطبية الكافية والمرافق الصحية الأساسية والطعام الكافي ومرافق للترفيه من أجل الأشخاص المحكوم عليهم بالإعدام."
وعلى النقيض من التشريعات الوطنية، تذهب اللجنة المعنية بحقوق الإنسان في الوقت الراهن إلى القول بأن قضاء فترة طويلة في انتظار تنفيذ حكم الإعدام لا يمثل في حد ذاته ومن ذاته انتهاكاً لحقوق السجين. وقد خرجت بهذا الرأي من واقع أن "العهد الدولي" لا يحظر عقوبة الإعدام، ولكنه يرمي، فيما يرمي له من أمور، إلى الحد من استخدام تلك العقوبة، ومن ثم فإن وضع حد زمني أقصى سوف يشجع الدول على أن تنفذ أحكام الإعدام قبل انقضاء المهلة المحددة لهذا الغرض. وقالت اللجنة: "إن أول وأخطر عاقبة لتحديد فترة الاحتجاز في انتظار تنفيذ عقوبة الإعدام هو أن الدولة الطرف التي تعدم سجيناً لأنه استوفى المدة المقررة لانتظار تنفيذ حكم الإعدام لن تنتهك بذلك التزاماتها بموجب العهد المذكور، في حين أنها إن امتنعت عن إعدامه فسوف تخل بالتزاماتها بموجب العهد، وهذا في حد ذاته انتهاك "للعهد الدولي". وتجدر بنا الإشارة هنا إلى أن خمسة من أعضاء اللجنة المعنية بحقوق الإنسان قد اختلفوا مع هذا الرأي ونشروا رأيا مستقلاً أوضحوا فيه أن القول السابق يفتقر إلى المرونة، وأنه من الأحرى دراسة كل حالة على حدة "لتحديد ما إذا كان الاحتجاز لفترة بالغة الطول في انتظار تنفيذ حكم بالإعدام يمثل ضرباً من المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة."
وفي حالة سابقة، أوضحت اللجنة المذكورة ما يلي: "رغم أن الاحتجاز في انتظار تنفيذ حكم الإعدام لأكثر من 11 عاماً هو بالتأكيد مسألة تثير قلقاً خطيراً، ولكن اللجنة مازالت ترى أن الاحتجاز لفترة معينة من الوقت لا يرقى إلى أن يكون انتهاكاً للمادتين 7 و10(1) من "العهد الدولي" ما لم توجد أوضاع أخرى تحمل على الاعتقاد بذلك."
وقد وجدت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان أن إخطار رجلين بتأجيل تنفيذ حكم الإعدام فيهما قبل 45 دقيقة فقط من الموعد المقرر للتنفيذ، رغم أن أمر التأجيل كان قد صدر قبل ذلك بعشرين ساعة، إنما هو ضرب من المعاملة القاسية واللاإنسانية ينتهك المادة 7 من "العهد الدولي".
الفصل التاسع والعشرون
المحاكم الخاصة والمحاكم العسكرية
الحقوق الخاصة بالمحاكمة العادلة واجبة التطبيق في جميع المحاكم، بما في ذلك المحاكم الخاصة والمحاكم العسكرية
29/1 المحاكم الخاصة أو الاستثنائيةتأسست محاكم خاصة أو استثنائية في الكثير من البلدان لمحاكمة نوعيات معينة من الجرائم، وهي بوجه عام لا تتبع جميع إجراءات المحاكم العادية. ومن أمثلة هذه المحاكم الخاصة أو الاستثنائية محاكم جرائم السطو والأسلحة النارية، والمحاكم الجنائية الخاصة ومحاكم الثورة.
وكثيراً ما تكون ضمانات المحاكمة العادلة التي توفرها الإجراءات المتبعة في المحاكم الخاصة أقل منها في المحاكم العادية، وكما أشارت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان فإن "السبب في إنشاء هذه المحاكم في الغالب هو فتح الباب أمام تطبيق إجراءات استثنائية لا تتمشى مع المعايير العادية للعدالة."
ومع هذا، فقد أوضحت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان أن أحكام المادة 14 من "العهد الدولي" تنطبق على جميع المحاكمات التي تجري في المحاكم، سواء أكانت عادية أم خاصة.
وقد أوضح الفريق العامل المعني بالاحتجاز التعسفي التابع للأمم المتحدة "أن من بين أخطر أسباب الاحتجاز التعسفي وجود المحاكم الخاصة أو المحاكم العسكرية أو غير ذلك من أنواع المحاكم غير العادية، أياً من كان اسمها. ولئن كان القانون الدولي لا يحظر في حد ذاته تشكيل هذه المحاكم بموجب "العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية"، إلا أن الفريق العامل قد وجد بشكل أو بآخر، من واقع التجربة، أن أياً من هذه المحاكم لا يحترم بالفعل ضمانات الحق في المحاكمة العادلة الواردة في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد المذكور."
وقد أعربت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان عن قلقها بشأن قوانين مناهضة الإرهاب في فرنسا، التي تمنح ولاية قضائية خاصة لمحكمة مركزية تخول لممثلي الادعاء فيها سلطات خاصة للقبض والتفتيش تبيح احتجاز المشتبه فيهم في مراكز الشرطة مدة قد تصل إلى أربعة أيام (ضعف المدة العادية). وبموجب هذه القوانين، ليس للمتهم نفس الحقوق المكفولة له في المحاكم العادية. وعلاوة على ذلك، فليس للمتهم الحق في الاتصال بمحامٍ خلال الاثنتين والسبعين ساعة الأولى من احتجازه لدى الشرطة، وليس له الحق في الاستئناف ضد أحكام المحكمة الخاصة.
وقد أوصت اللجنة الأمريكية الدولية بإلغاء المحاكم الخاصة بمحاكمة الأشخاص المتهمين بارتكاب جرائم إرهابية، التي تحجب فيها هوية القضاة ورجال الادعاء، والتي تتبع فيها إجراءات سرية لتقديم الشهود وأخذ أقوالهم.
ويتركز تحليل عدالة الإجراءات القضائية في المحاكم الخاصة أو الاستثنائية ـ بوجه عام ـ على ما إذا كانت المحكمة مشكلة بحكم القانون، وما إذا كانت ولايتها القضائية تنتهك ضمانات عدم التمييز والمساواة، وما إذا كان القضاة مستقلين عن السلطة التنفيذية والسلطات الأخرى في أحكامهم، وما إذا كان القضاة أكْفاء ويتحلون بالنزاهة، وما إذا كانت الإجراءات المتبعة في هذه المحاكم تتمشى مع الضمانات الإجرائية الدنيا للمحاكمة العادلة المحددة في المعايير الدولية.
وحيثما قصرت المحاكم الخاصة أو الاستثنائية عن الوفاء بالمعايير الدولية، فإن منظمة العفو الدولية تدعوها إلى إصلاحها أو إلغائها. وحيثما ظهر أنها قد تأسست من أجل انتهاك حقوق الإنسان، وأنها تفعل ذلك على نحو منظم، فإن منظمة العفو الدولية تدعو إلى إلغائها.
29/2 المحاكم المخصصة لجرائم معينةلقد أسست الكثير من البلدان محاكم متخصصة لمحاكمة الأشخاص الذين لهم وضع قانوني خاص، مثل الأحداث، أو مرتكبي فئات معينة من الجرائم. وتشمل الفئات الأخيرة ـ على سبيل المثال ـ المحاكم التي تعالج المنازعات العمالية والمنازعات المتصلة بقانون البحار أو قضايا الأحوال الشخصية.
ولا يجوز تأسيس محاكم متخصصة لمحاكمة جماعات من الأشخاص على ارتكاب أفعال جنائية بناءً على العنصر أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو العقيدة، أو الرأي السياسي أو غير السياسي، أو الأصل الوطني أو الاجتماعي، أو الثروة، أو المولد، أو أي وضع آخر؛ إذ أن هذه المحاكم تنتهك مبدأ المساواة أمام المحاكم ومبدأ عدم التمييز.* (انظر الفصل 11 الخاص بالحق في المساواة أمام القانون والمحاكم.)
ومع هذا، فتأسيس محاكم متخصصة لمحاكمات جماعات معينة من الأشخاص بناءً على انتمائهم لفئات أخرى جائز. فيجوز ـ على سبيل المثال ـ أن تنظر محاكم الأحداث قضايا القُصَّر، وأن تحاكم المحاكم العسكرية أفراد القوات المسلحة على ما يرتكبونه من جرائم عسكرية مادامت ضمانات المحاكمة العادلة مرعية.
ولكن المحاكم العسكرية - وهي نوع من المحاكم المتخصصة - تثير نوعاً معيناً من القضايا المتعلقة بعدالة المحاكمة، خاصةً عندما تستخدم لمحاكمة المدنيين أو الأفراد العسكريين المتهمين بارتكاب أفعال جنائية مثل انتهاكات حقوق الإنسان (انظر فيما يلي).
29/3 الحق في المحاكمة العادلة في جميع المحاكملا تحظر معظم المعايير الدولية تأسيس محاكم خاصة، من حيث التأسيس في حد ذاته، أما ما تطالب به فهو أن تكون هذه المحاكم متخصصة ومستقلة ونزيهة، وأن توفر ضمانات قضائية واجبة التطبيق لكي تكفل عدالة نظر الدعاوى القضائية.
وقد أوضحت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان أنه على الرغم من أن "العهد الدولي" لا يحظر محاكمات المدنيين أمام المحاكم الخاصة أو العسكرية؛ فإن محاكمة المدنيين أمام هذه المحاكم يجب أن تكون استثناءً في حدود بالغة الضيق، وأن تجري في ظل ظروف تكفل بحق جميع الضمانات المنصوص عليها في المادة 14 من "العهد الدولي".
وتحظر المبادئ الأساسية لاستقلال السلطة القضائية تأسيس المحاكم الخاصة التي لا تستخدم الإجراءات المقررة الصحيحة للدعاوى القضائية، وتجرد المحاكم العادية من ولايتها القضائية. وتكفل هذه المبادئ لكل فرد الحق في أن يحاكم أمام المحاكم العادية، باستخدام الإجراءات القانونية المقررة.**
وقد وجدت المحكمة الأوروبية إلى أن "الاتفاقية الأوروبية" لا تضمن للفرد الحق في المحاكمة أمام محكمة معينة من المحاكم الوطنية. ففي حالة تتصل بمتهمين أُدينا أمام محكمة خاصة، انتهت المحكمة الأوروبية إلى أن حقهما في المحاكمة أمام محكمة مستقلة ومحايدة مشكلة بحكم القانون لم ينتهك.
29/4 الولاية القضائية المحددة بموجب القانونوينطبق شرط أن تكون الولاية القضائية مؤسسة بحكم القانون{(المادة 14(1) من "العهد الدولي"، والمادة 8 من "الاتفاقية الأمريكية"، والمادة 26 من "الإعلان الأمريكي"، والمادة 6(1) من "الاتفاقية الأوروبية")} على المحاكم الخاصة والمحاكم العسكرية والمحاكم المختصة على حد سواء. (انظر الفصل 12/2 الخاص بالحق في نظر الدعوى أمام محكمة مشكلة بحكم القانون).
وأوضحت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان أن الولاية القضائية للمحاكم الخاصة يجب أن تكون محددة بدقة بحكم القانون.
وأعربت اللجنة المذكورة عن قلقها لأنه إلى جانب قائمة الجرائم الواجب نظرها في المحاكم الخاصة في العراق؛ فإن وزارة الداخلية وديوان رئيس الجمهورية كانا يتمتعان بسلطة تقديرية لإحالة أية قضايا أخرى إلى هذه المحاكم.
كما أوضحت اللجنة الأوروبية أن المحكمة تعتبر أن لها وضعاً سابق التكوين، إذا كانت الترتيبات التي تحكم تكوينها الفعلي محددة سلفاً.
29/5 الاستقلال والحيدةوكما هو الحال مع المحاكم العادية، يتعين أن تكون المحاكم الخاصة أو الاستثنائية مستقلة عن السلطة التنفيذية. ويجب أن تكون قراراتها محايدة. انظر الفصل 12 الخاص بالحق في المحاكمة أمام محكمة مختصة ومستقلة ومحايدة مشكلة بحكم القانون.
وقد وجدت اللجنة الأفريقية أن المادة 7(1) من "الميثاق الأفريقي" قد انتهكت عندما تأسست محكمة خاصة في نيجيريا بموجب "قانون (الأحكام الخاصة بجرائم السطو والأسلحة النارية". وكان معظم قضاتها أشخاصاً لا دراية لهم بالقانون اختيروا من الجناح التنفيذي للحكومة، وهو نفس الجناح الذي أصدر القانون المذكور.
وفي حالة مماثلة، وجدت اللجنة الأفريقية أن أحكام "الميثاق الأفريقي" قد انتُهكت في محاكمة أجرتها محكمة خاصة تأسست بحكم "قانون (المحكمة الخاصة بجرائم الاضطرابات المدنية)، لأن المحكمة المذكورة كانت تتألف من قاضٍ واحد وأربعة ضباط من القوات المسلحة. وقد أشارت اللجنة إلى أن المحكمة "مؤلفة من أشخاص ينتمي أغلبهم إلى الجناح التنفيذي للحكومة، وهو نفس الجناح الذي أصدر القانون المذكور." وخلصت إلى الرأي الآتي: "إن تشكيل هذه المحاكم وحده، بغض النظر عن شخص أعضائها، يجعلها تبدو وكأنما تفتقر إلى الحيدة، إن لم تكن تفتقر إليها بالفعل. ومن ثم، فهي تنتهك المادة 7(1)(د) من "الميثاق الأفريقي".
ورأت اللجنة الأمريكية الدولية أن المحاكم الخاصة التي لها ولاية قضائية على التهم المتعلقة بالجرائم المتصلة بالإرهاب في كولومبيا وبيرو، التي تُخفى فيها شخصية القضاة ورجال الادعاء والتي يقدم فيها الشهود أدلتهم سراً، تنتهك مبادئ العدالة، وضمانات الاختصاص، والاستقلالية والحيدة، وصحة الإجراءات المحددة في "الاتفاقية الأمريكية".
29/6 المحاكم العسكريةتأسست محاكم عسكرية في الكثير من البلدان لمحاكمة أفراد الجيش. كذلك، يحاكم المدنيون في بعض البلدان أمام هذا النوع من المحاكم. وسواء أكانت هذه المحاكم تحاكم أفراداً من العسكريين أم المدنيين، فيجب أن توفر المحاكمات التي تجري في ساحتها للمتهمين جميع ضمانات الحق في المحاكمة العادلة المحددة في المعايير الدولية.
وكثيراً ما يشمل تحليل الإجراءات المتبعة في المحاكم العسكرية، من حيث مدى عدالتها، بحث قضايا من قبيل هل قضاتها يتسمون بالكفاءة والاستقلالية والنزاهة، وهل هي بمنأى عن التدخل في شؤونها من جانب القيادات العسكرية أو المؤثرات الخارجية، وهل لها ولاية قضائية على المتهم، وهل هي قادرة من الناحية القضائية على إقامة العدل بصورة صحيحة.
29/6/1 الاختصاص والاستقلال والحيدةإن شروط الاختصاص والاستقلال والحيدة المطلوب توافرها في المحاكم تنطبق على أية محكمة، بما في ذلك المحاكم العسكرية. انظر الفصل 12 الخاص بالحق في المحاكمة أمام محكمة مختصة مستقلة محايدة مشكلة بحكم القانون.
وكثيراً ما يُختار قضاة المحاكم العسكرية من الضباط العاملين في القوات المسلحة. وفي بعض البلدان، يُشترط أن يدرس هؤلاء القضاة القانون العسكري أو المدني؛ ولكن في بعضها الآخر لا يتوافر هذا الشرط. والمحك في تقييم استقلالية ونزاهة المحاكم العسكرية هو ما إذا كان قضاتها قد حصلوا على تدريب كافٍ أو مؤهلات مناسبة في دراسة القانون، وما إذا كانوا يخضعون، في أدائهم لواجباتهم القضائية، لسلطة رؤسائهم أم هم مستقلون.
وقد أوضحت اللجنة الأمريكية الدولية أن الاستعاضة عن الولاية القضائية العادية للمحاكم بالقضاء العسكري قد قوض ـ بوجه عام ـ من الضمانات المكفولة لجميع المتهمين؛ لأن القضاة العسكريين أقل تمرساً على القانون من القضاة المدنيين.
وقد أعربت اللجنة الأمريكية الدولية عن قلقها في عام 1985 بشأن استقلال وحيدة المسؤولين عن تصريف شؤون القضاء في المحاكم العسكرية في شيلي، حيث رأت أنهم يفتقرون تماماً للتدريب والحصانة ضد العزل.
والمحك في تقييم استقلالية القضاة العسكريين هو مدى خضوعهم للسلطات العسكرية وهم يمارسون دورهم في تصريف العدالة. ويعتبر القاضي العسكري مستقلاً إذا لم يكن لرؤسائه سلطان عليه في إطار صفته "القضائية"، وذلك بالرغم من أنهم هم الذين يختارونه لأداء تلك المهمة، وأنه يظل خاضعاً لسلطتهم في جميع شؤونه فيما عدا ما اتصل منها بإقامة العدل.
وقد أوضحت اللجنة الأمريكية الدولية أن القضاة العسكريين، الذين هم في كثير من الأحيان من الضباط العاملين في القوات المسلحة، ليسوا مستقلين في بعض البلدان لأنهم يخضعون لأوامر رؤسائهم في تصريفهم لشؤون العدالة.
وقالت اللجنة الأمريكية الدولية أن المحاكم العسكرية الخاصة في بيرو ليست "مختصة ولا مستقلة ولا محايدة" لأنها تتبع وزارة الدفاع، مما يجعلها خاضعة لأحد الأجهزة التنفيذية.
وقد بحثت اللجنة الأوروبية مسألة استقلال محكمة عسكرية تابعة لأحد الفرق العسكرية ومحكمة النقض العسكرية. وكانت المحكمة العسكرية المذكورة تتألف من أحد كبار القضاة ومسؤول عن القضاء العسكري وستة مستشارين انتدبتهم الحكومة لأداء مهام لمدة ثلاث سنوات. ووجدت اللجنة المذكورة أن هؤلاء الضباط، رغم بقائهم في الخدمة العاملة وخضوعهم لسلطة رؤسائهم في وحداتهم، كانوا غير خاضعين للمساءلة أمام أي من رؤسائهم عن كيفية تصريفهم لشؤون العدالة وهم يمارسون دورهم كقضاة. ووجدت اللجنة كذلك أنه لم يكن هناك ما يشير إلى أن هؤلاء القضاة قابلين للعزل من مناصبهم. ومن ثم خلصت إلى عدم وجود أي انتهاك للحق في المحاكمة أمام محكمة مستقلة ومحايدة.
29/6/2 محاكمات العسكريين في المحاكم العسكريةتمارس المحاكم العسكرية ولايتها القضائية بشكل عام على العسكريين. ولا تعتبر محاكمة العسكريين على مخالفة القوانين العسكرية (أي الخروج على قواعد الانضباط العسكري، وليس الجرائم التي يؤثمها القانون الاعتيادي) خروجاً على المعايير الدولية طالما توفر فيها الاحترام التام لضمانات المحاكمة العادلة.
غير أن محاكمة العسكريين أمام المحاكم العسكرية على التهم العادية، وانتهاكات حقوق الإنسان كانت بعيدة في كثير من الأحيان عن الحيدة، وأدت إلى إفلات الجناة من العقاب. وقد أوصت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، واللجنة الأمريكية الدولية على السواء، بأن تجري محاكمة مرتكبي هذه الجرائم أمام المحاكم العادية.
وقد أوضحت اللجنة الأمريكية الدولية أن تمديد الولاية القضائية للمحاكم العسكرية لتشمل الجرائم العادية، لغير ما سبب سوى أن مرتكبيها من العسكريين، لا يوفر الضمانات اللازمة لاستقلال وحيدة المحكمة المحددة في المادة 8(1) من "الاتفاقية الأمريكية".
وأعرب مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بعمليات الإعدام خارج نطاق القضاء أو الإعدام بدون محاكمة أو الإعدام التعسفي عن قلقه بشأن "محاكمات أفراد قوات الأمن أمام المحاكم العسكرية التي تتيح لهم لهم، فيما يزعم، الإفلات من العقاب بسبب التصور الخاطئ لمفهوم "التضامن بين الجنود"، الذي يؤدي بوجه عام إلى تفشي هذه الظاهرة." واستشهد بمجموعة من البلدان مثل: كولومبيا، وإندونيسيا، وبيرو كأمثلة معروفة للجميع. وعلى النقيض من ذلك، رحب المقرر الخاص بصدور تشريع في البرازيل ينص على إحالة الدعاوى التي تتعلق بجرائم ترتكب ضد الأطفال إلى المحاكم المدنية، حتى إذا كان الجناة المزعومون من ضباط الجيش."
ودعت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان لبنان إلى تحويل اختصاص المحاكم العسكرية في جميع القضايا المتصلة بانتهاكات حقوق الإنسان على يد قوات الجيش إلى المحاكم المدنية.
ودعت اللجنة الأمريكية الدولية كولومبيا إلى "الحرص على عدم نظر الدعاوى الخاصة بانتهاكات حقوق الإنسان أمام القضاء العسكري."
وتحظر المعايير الدولية لحقوق الإنسان محاكمة أفراد قوات الأمن أو غيرهم من الموظفين المتهمين بالمشاركة في حوادث "الاختفاء" أمام المحاكم العسكرية أو الخاصة.***
29/6/3 محاكمات المدنيين أمام المحاكم العسكريةتتمتع المحاكم العسكرية في كثير من البلدان بولاية قضائية على محاكمات المدنيين المتهمين بارتكاب جرائم تمس الممتلكات العسكرية. وفي بعض البلدان، يحاكم المدنيون المتهمون بارتكاب جرائم تمس أمن الدولة أمام محاكم عسكرية.
ولئن كانت محاكمة المدنيين أمام المحاكم العسكرية غير محظورة صراحة في المعايير الدولية، إلا أنها تثير قضايا تتعلق بعدالة المحاكمة. وقد دعت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان واللجنة الأمريكية الدولية على السواء إلى تجريد المحاكم العسكرية من الولاية القضائية على المدنيين.
وأوضحت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان "أن هذه المحاكم العسكرية والخاصة لا توفر في بعض البلدان ضمانات صارمة لتطبيق العدالة الصحيحة وفقاً للشروط الأساسية المحددة في المادة 14 ("من العهد الدولي") التي تعد أساسية لتوفير الحماية الفعالة لحقوق الإنسان".
ودعت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان لبنان إلى نقل اختصاص المحاكم العسكرية في جميع المحاكمات التي تمس المدنيين إلى المحاكم العادية.
وفي عام 1981، أوصت اللجنة الأمريكية الدولية بضرورة إلغاء محاكمات المدنيين الجارية أمام المحاكم العسكرية أو قصرها على الجرائم التي تمس بالفعل أمن الدولة. وفي عام 19993، انتهت اللجنة إلى "أن نظام العدالة يجب أن ينأى بنفسه عن تأثير القضاء العسكري".
وفي عام 1985، أوضحت اللجنة الأمريكية الدولية أن الاستمرار في توسيع الولاية القضائية للمحاكم العسكرية في شيلي على المدنيين وأفراد قوات الأمن، المتهمين بارتكاب جرائم عادية، يقوض تدريجياً من الولاية القضائية للمحاكم العادية، ويؤثر تأثيراً سلبياً على ممارسة الحق في المحاكمة العادلة.
وقالت اللجنة الأمريكية الدولية إن إخضاع المدنيين للولاية القضائية للمحاكم العسكرية يتعارض مع المادتين 8 و25 من "الاتفاقية الأمريكية الدولية"، وإن المحاكم العسكرية محاكم خاصة ولها وظائف محددة، فقد أعدت لكي تحفظ الانضباط في القوات المسلحة والشرطة، ومن ثم فعليها أن تقصر نشاطها على هذه القوات.
المعايير ذات الصلة
المادة 16 من الإعلان الخاص بالاختفاء:"لا يجوز محاكمتهم (الأشخاص المدعى ارتكابهم الأعمال المشار إليها في الفقرة 1 من المادة 4 أعلاه) إلا بواسطة السلطات القضائية العادية المختصة في كل بلد دون أي قضاء آخر، ولاسيما القضاء العسكري".
الفصل الثلاثون
الحق في التعويض عن الخطأ في تطبيق العدالة
من حق أي شخص يدان نتيجةً لخطأ في تطبيق العدالة أن يجبر الضرر الذي حاق به.
30/1 الحق في التعويض بسبب الأخطاء القضائية30/2 الخطأ في تطبيق العدالة
30/1 الحق في التعويض بسبب الأخطاء القضائيةإن لضحايا الخطأ في تطبيق العادلة حقاً في الحصول على تعويض من الدولة.* وهذا الحق مستقل عن الحق في الحصول على تعويض بسبب الاحتجاز دون سند من القانون. (انظر الفصل 6/5 الخاص بالحق في جبر الأضرار بسبب القبض أو الاحتجاز دون وجه حق).
30/2 الخطأ في تطبيق العدالةيقصد بالخطأ في تطبيق العدالة "لون من القصور الخطير في سير الدعوى القضائية من شأنه أن يلحق ضرراً فادحاً بالشخص المدان."
وطبقاً لنص المادة 14(6) من "العهد الدولي" والمادة 3 من "البروتوكول السابع للاتفاقية الأوروبية" يجب أن تتوفر الشروط التالية لكي يكون الشخص مستحقاً للتعويض:
أ) أن يصدر عليه حكم نهائي بارتكاب فعل جنائي (بما في ذلك الجنح البسيطة).ويعتبر حكم الإدانة نهائياً عندما لا يكون هناك سبيل آخر للمراجعة القضائية أو لاستئنافه؛ كأن يكون المتهم قد استنفد أساليب الانتصاف هذه أو مرت المدة الزمنية المحددة للانتفاع منها.
ب) توقيع العقوبة عليه نتيجة لإدانته. وقد تكون العقوبة حكماً بالسجن أو بلون آخر من العقوبات.
المعايير ذات الصلة
المادة 14(6) من "العهد الدولي":"حين يكون قد صدر على شخص ما حكم نهائي يدينه بجريمة، ثم أبطل هذا الحكم أو صدر عفو خاص عنه على أساس واقعة جديدة أو واقعة حديثة الاكتشاف تحمل الدليل القاطع على وقوع خطأ قضائي، يتوجب تعويض الشخص الذي أنزل به العقاب نتيجة تلك الإدانة، وفقاً للقانون، ما لم يثبت أنه يتحمل، كلياً أو جزئياً، المسؤولية عن عدم إفشاء الواقعة المجهولة في الوقت المناسب".
المادة 10 من "الاتفاقية الأمريكية""لكل إنسان الحق في الحصول على تعويض وفقاً للقانون في حالة ما إذا صدر عليه حكم نهائي بسبب خطأ قضائي."
ج) إبطال حكم الإدانة أو صدور عفو خاص عنه على أساس اكتشاف وقائع جديدة تبين وقوع خطأ قضائي، ما لم يثبت أنه يتحمل هو المسؤولية عن عدم إفشاء الواقعة المجهولة.
ولا تلزم هذه المعايير الدولة بأن تدفع أية تعويضات، إذا ثبت أن عدم اكتشاف المعلومات في الوقت المناسب كان راجعاً كلياً أو جزئياً إلى المتهم. وعلى الدولة يقع عبء إثبات ذلك**.
كما أن هذه المعايير لا تلزم الدولة صراحة بأن تدفع أية تعويضات، إذا أُسقطت التهمة، أو إذا برأت المحكمة الابتدائية المتهم، أو إذا برأته محكمة أعلى لدى استئناف الدعوى. ومع هذا، فإن بعض النظم القضائية الوطنية توجب دفع تعويض للضحايا في مثل هذه الظروف.
ومعنى اشتراط دفع التعويضات "وفقاً للقانون" إلزام الدولة بأن تسن قوانين تنص على تعويض ضحايا أخطاء القضاء. وتنظم هذه القوانين بشكل عام إجراءات منح التعويضات ويجوز أن تحدد قيمتها. ومع هذا، لا تُعفى الدولة من دفع التعويضات عن أخطاء القضاء بسبب عدم وجود قانون أو إجراء يحكم عملية التعويض عن تلك الأخطاء، حيث تظل الدولة مقيدة بالتزاماتها بالمعايير الدولية.
وفي حالة ما إذا كان الخطأ القضائي ناجماً عن انتهاك لحقوق الإنسان، فإن للضحية، حسبما تعتقد منظمة العفو الدولية، حقوقاً في الحصول على أشكال أخرى من التعويض قد يكون من بينها رد الحقوق ورد الاعتبار/إعادة التأهيل، والترضية، وتوفير ضمانات بعدم تكرار ذلك الخطأ.
انظر كذلك الفصل 6/5 الخاص بالحق في الحصول على تعويض بسبب القبض أو الاحتجاز دون سند من القانون.
الفصل الحادي والثلاثون
الحقوق الخاصة بالمحاكمة العادلة خلال حالات الطوارئ
بعض حقوق الإنسان مطلقة، ولا يجوز، في أية حالة، عدم التقيد بها. ولكن يجوز التخفف من بعض الحقوق الخاصة بالمحاكمة العادلة في حالات الطوارئ بمقتضى شروط بعض المعاهدات الدولية لحقوق الإنسان.
31/1 عدم التقيد بالحقوق لا يجوز تعليق بعض حقوق الإنسان قط بأي حال من الأحوال. غير أن بعض المعاهدات الدولية لحقوق الإنسان تبيح للدول أن تتخفف (توقف أو تقيد) من التزامها ببعض الضمانات المعينة لحقوق الإنسان في حالات محددة بدقة، على ألا يزيد هذا التخفف عن الفترة التي يقتضيها الحال. وتعترف النصوص التي تبيح هذا التخفف بحق الدول في تجنب وقوع ضرر استثنائي من شأنه أن يلحق بها ضرراً فادحاً يتعذر إصلاحه، بسبب اندلاع حرب أو اضطرابات أو التعرض لكارثة طبيعية. غير أن الواقع يقول إن هذه النصوص قد أسئ استغلالها لحرمان بعض الأشخاص دون وجه حق من حقوقهم باسم حماية الأمن القومي من الخطر.
وتظل الدولة عند إعلان حالة الطوارئ ملتزمة بسيادة القانون، فلا يجوز لها أن تصبح هي الحَكَم في تطبيق القانون على نفسها. وكثيراً ما تتجاهل الحكومات الحدود الصارمة التي تقيد بها القوانين المحلية والدولية إعلان حالة الطوارئ والشكليات الإجرائية والمجال المسموح لسلطات الطوارئ. وكثيراً ما تتعرض حقوق الإنسان لبعض من أبشع الانتهاكات خلال حالة الطوارئ.
ومن بين الحقوق التي يجوز تعليقها، بموجب أحكام عدد من معاهدات حقوق الإنسان، بعض ضمانات المحاكمة العادلة. غير أن هذا التخفف لا ينبغي أن يتعارض مع الالتزامات الأخرى للدولة بموجب القانون الدولي، بما في ذلك معاهدات القانون الإنساني التي تضمن الحق في المحاكمة العادلة أثناء الصراعات المسلحة - التي تعد أخطر حالة طوارئ يمكن أن تتعرض لها أمة. كذلك، يجب أن تفي مراسيم التخفف بعدد من الشروط الإجرائية الأساسية.
ويجوز للدول، بموجب "العهد الدولي"، أن تتخذ، في أضيق الحدود التي يتطلبها الوضع، تدابير لا تتقيد بالالتزامات الخاصة بحقوق الإنسان إبان حالات الطوارئ الاستثنائية التي تهدد حياة الأمة. وتسمح المادة 4 من "العهد الدولي" للحكومات بأن تتخذ مثل هذه التدابير بشأن بعض حقوق الإنسان المعينة طالما التزمت بالآتي:
أ) أن تتطلب مقتضيات الحالة بشدة هذه التدابير.
ب) عدم منافاة هذه التدابير للالتزامات الأخرى المترتبة عليها بمقتضى القانون الدولي.
ج) أن تُعلن حالة الطوارئ رسمياً، وأن تُخطر الحكومة الأمين العام للأمم المتحدة على الفور بأمر هذه التدابير وبالسبب في ذلك.
والحقوق الوحيدة التي لا يجوز تعليقها هي تلك الحقوق المحددة في المادة 4 من "العهد الدولي" (انظر فيما يلي 31/3) التي لا تتضمن تحديداً الحقوق المتعلقة بالمحاكمة العادلة، وإن كان من الممكن أن تتضمن تلك الحقوق.*
وقد أفادت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان بأن "على الدول الأطراف، إذا قررت في حالات الطوارئ العامة المحددة في المادة 4 (من العهد الدولي) التخفف من "الإجراءات الاعتيادية [للمحاكمة العادلة] التي تنص عليها المادة 14 من [العهد الدولي]، أن تضمن عدم تجاوز هذا التخفف لما تتطلبه بشدة مقتضيات الحالة الفعلية، وأن تحترم الشروط الأخرى المحددة في الفقرة 1من المادة 14"
وفي الآونة الأخيرة ألمحت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان إلى أن الأحكام الخاصة بالمحاكمة العادلة في "العهد الدولي" غير قابلة للتخفف، حيث أوضحت أنه "لا يجوز للدولة أن تحتفظ بالحق في ... القبض على الأشخاص واحتجازهم تعسفاً… وافتراض إدانة المتهم ما لم يُثبت براءته... ولئن كان من الممكن قبول فرض تحفظات على نصوص معينة من المادة 14، إلا أن أنه لا يجوز فرض تحفظ عام على الحق في المحاكمة العادلة."
وقد أوضحت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان تدريجياً، من خلال تعليقاتها على التقارير الدولية المقدمة من بعض الدول عن سير العمل في تنفيذ "العهد الدولي" والنتائج التي توصلت لها بشأن الحالات الفردية، أنها ترى أن بعض الحقوق الأساسية للمحاكمة العادلة الواردة في المادة 14(1) من "العهد الدولي" وحق المحتجز في المثول أمام قاضٍ تعتبر حقوقاً ثابتةً لا يجوز التخفف منها.
المعايير ذات الصلة
المادة 4 من "العهد الدولي":"1) في حالات الطوارئ الاستثنائية التي تتهدد حياة الأمة، والمعلن قيامها رسمياً، يجوز للدول الأطراف في هذا العهد أن تتخذ، في أضيق الحدود التي يتطلبها الوضع، تدابير لا تتقيد بالالتزامات المترتبة عليها بمقتضى هذا العهد، شريطة عدم منافاة هذه التدابير للالتزامات الأخرى المترتبة عليها بمقتضى القانون الدولي وعدم انطوائها على تمييز يكون مبرره الوحيد هو العرق أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو الأصل الاجتماعي.
2) لا يجيز هذا النص أي مخالفة لأحكام المواد 6 و7 و8 (الفقرتين 1 و2) و11 و15 و16 و18.
3) على أية دولة طرف في هذا العهد استخدمت حق عدم التقيد أن تعلم الدول الأطراف الأخرى فوراً عن طريق الأمين العام للأمم المتحدة، بالأحكام التي لم تتقيد بها وبالأسباب التي دفعتها إلى ذلك، وعليها ، في التاريخ الذي تنهي فيه عدم التقيد، أن تعلمها بذلك مرة أخرى وبالطريق ذاته".
ولا يحتوي الميثاق الأفريقي على بند خاص بحالات الطوارئ، ومن ثم، فهو يبيح عدم التخفف من الحقوق الواردة فيه. وتجيز "الاتفاقية الأمريكية" التخفف في أوقات "الحروب، أو الأخطار العامة أو حالات الطوارئ الأخرى التي تهدد استقلال أو أمن الدولة الطرف،" ولكنها لا تجيز التخفف من "الضمانات القضائية الأساسية لحماية الحقوق [غير قابلة للتقييد أو التعليق] (انظر الفقرة 31/3/1 فيما يلي]. وتبيح "الاتفاقية الأوروبية" التخفف في أوقات الحروب أو غيرها من حالات الطوارئ العامة التي تهدد بقاء الأمة. وتحتوي كل معاهدة على قائمة مختلفة بالحقوق التي لا يجوز قط تعليقها (انظر 31/3 فيما يلي).
ولا يجوز قط التخفف من بعض حقوق الإنسان بأي حال من الأحوال، مثل الحق في الحياة والحق في عدم التعرض للتعذيب أو غيره من ضروب المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة. وتشمل قائمة الحقوق التي لا يجوز التخفف منها بعض - وليس كل - ضمانات المحاكمة العادلة.
والرأي الدولي يتجه أكثر فأكثر إلى اعتبار أن حق المحتجز في "العرض على قاضٍ" وحقه في "الحماية من الاحتجاز" دون وجه حق، حقان ثابتان لا يجوز التخفف منهما. وقد دعت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان جميع الدول إلى أن "تسن إجراء على غرار عرض المحتجز على قاضٍ، أو إجراء آخر مشابه واعتباره حقاً شخصياً لا يجوز التخفف منه تحت أي ظرف، بما في ذلك حالات الطوارئ." وقد اعتبرت اللجنة الأمريكية الدولية الحق في العرض على قاضٍ و الحق في الحماية من الاحتجاز دون وجه حق من الحقوق التي لا يجوز التخفف منها.
وفي أوقات الطوارئ، بالتحديد، يزداد خطر جنوح الدولة إلى أن تطأ حقوق مواطنيها. والسلطة التنفيذية هي وحدها - بوجه عام - المتحكمة في إعلان حالات الطوارئ، ولها في تلك الحالة صلاحية إصدار أوامر أو لوائح للطوارئ دون التقيد بالإجراءات القضائية المعتادة. وتعمد الدول في كثير من الأحيان إلى منح نفسها سلطات أوسع تتيح لها القبض على الأفراد واحتجازهم، وتأسيس محاكم خاصة، واختصار إجراءات المحاكمة. وتعتقد منظمة العفو الدولية أن ضمانات المحاكمة العادلة ذات أهمية حيوية لحماية حقوق الإنسان خلال حالات الطوارئ، وأنه لا يجوز لذلك السبب تعليقها. وتزداد في حالات الطوارئ أهمية الحفاظ على استقلال السلطة القضائية، وعدم تقييد يدها في تصريف شؤون العادلة وفقاً للقوانين الوطنية والدولية.
31/2 الضرورة والتناسبيجب أن يكون أي تعليق للحقوق الخاصة بالمحاكمة العادلة من الدواعي الحتمية للحالة. ويقتضي مبدأ التناسب هذا مراعاة الحد المعقول في التخفف من الالتزامات في ضوء الضرورات التي تحتمها حالة الطوارئ الناشئة بسبب خطر ما يهدد حياة الأمة. كما أنه يستلزم أيضاً إعادة النظر في ضرورة هذا التخفف على فترات منتظمة على يد السلطتين التشريعية والتنفيذية.
ويجب أن ترتبط درجة التداخل بين الحقوق ونطاق أي تدبير للتخفف من الالتزام بها (من حيث المنطقة التي سوف يطبق فيها والمدة التي سوف يستغرقها) "ارتباطاً معقولاً بالضرورات التي يحتمها بالفعل إعلان حالة الطوارئ لإنقاذ الأمة من خطر يهدد بقاءها."
ورأت المحكمة الأوروبية أنه لكي يعد تدبير التخفف ضرورياً وقانونياً، يجب توضيح أنه من الممكن استخدام تدابير أخرى تؤثر بصورة أقل على حقوق الإنسان لحل المشكلة. وعلاوةً على ذلك، فيجب التدليل على صحة احتمالات أن يساهم هذا التدبير في حل المشكلة.
فعندما سحبت حكومة المملكة المتحدة طلب التخفف من الالتزام ببعض القيود في أيرلندا الشمالية، احتفظت لنفسها بسلطة احتجاز الأفراد دون عرضهم على وجه السرعة على قاضٍ أو سلطة قضائية أخرى، بناءً على أن هذا التدبير يمليه الوضع القائم في أيرلندا الشمالية، إلا أن المحكمة الأوروبية رأت أن حقوق المحتجزين قد انتُهكت. وعقب هذا الحكم، قدمت الحكومة البريطانية إخطاراً آخر بالتخفف أوضحت فيه أن له "ضرورة حتمية لتقديم الإرهابيين إلى العدالة." ولكن المحكمة رفضت هذا التبرير لجملة أسباب، كان من بينها أنها رأت أن ضرورات الموقف لا تستوجب بشدة انعدام الرقابة القضائية على الاحتجاز." (وقد تقدمت منظمة العفو الدولية، كطرف ثالث في القضية، بمذكرة للمحكمة قالت فيها إن الضمانات الباقية ليست كافية لحماية المحتجزين من التعذيب أو سوء المعاملة خلال الثماني وأربعين ساعة التي يمنعون فيها من الاتصال بالعالم الخارجي.")
وقالت المحكمة الأمريكية الدولية إن أي إجراء يتجاوز الحد المطلوب، الذي يمليه الموقف بشدة، "سوف يكون غير مشروعاً بالرغم من وجود حالة الطوارئ".
31/2/1 هل توجد حالة طوارئ؟ولا يجيز القانون الدولي إعلان حالة الطوارئ ما لم تتعرض الأمة لخطر استثنائي جسيم، مثل استخدام القوة من الداخل أو الخارج على نحو يهدد وجودها أو سلامة أراضيها.
والمقصود بحالة الطوارئ، بحكم تعريفها، أنها وضع قانوني مؤقت للرد على تهديد ما. ففرض حالة الطوارئ بصفة دائمة يتعارض مع هذا التعريف. ومما يدعو للأسف أن حالة الطوارئ تكتسب أحياناً وجوداً دائماً لأنها أُعلنت ولم ترفع بعد انتهاء الضرورة منها، أو لأن إعلانها يتكرر بصفة مجددة، أو لأن التدابير الخاصة تتغلغل إلى حد بعيد في صلب القوانين العادية التي تظل باقية بعد انقضاء حالة الطوارئ.
غير أن المحكمة الأوروبية تترك للدول الأطراف في "الاتفاقية الأوروبية" "هامشاً واسعاً لتقدير" ما إذا كان الأمر يمثل خطراً على بقاء الأمة يستوجب إعلان حالة طوارئ عامة أم لا.
وقالت المحكمة المذكورة: "إن من الأَوْلى أن يكون لكل دولة متعاقدة، بحكم "مسؤوليتها نحو حياة الأمة"، الحق في أن تحدد إذا ما كانت حياة الأمة مهددة بحالة طوارئ عامة. وإذا كان الحال كذلك، فما هو المدى الضروري للتغلب على الأزمة. فالسلطات الوطنية، بحكم احتكاكها المباشر والمستمر بالضرورات الملحة التي تمليها اللحظة، في موضع أفضل، من حيث المبدأ، من القاضي الدولي لتحديد ما إذا كانت حالة الطوارئ هذه قائمة وطبيعة التخفف المطلوب ونطاقه اللازم للتغلب عليها. وفي هذا المقام، تترك المادة 15(1) [من "الاتفاقية الأوروبية] للسلطات هامشاً واسعاً من التقدير".
ورغم هذا "الهامش الواسع للتقدير"، إلا أن اللجنة الأوروبية والمحكمة الأوروبية يقيمان مدى معقولية أسباب إعلان أية حالة طوارئ.
وقد صرحت اللجنة الأوروبية أنها تتولى بنفسها تحديد ما إذا كان الأمر يستوجب إعلان حالة الطوارئ العامة أم لا، "حتى في الحالات المحدودة".
31/3 الحقوق التي لا يجوز قط تقييدها؟من الحقائق المقررة في معاهدات حقوق الإنسان والعرف الدولي أنه لا يجوز قط تعليق بعض الحقوق تحت أي ظرف. وبعض هذه الحقوق متصل بوجه خاص بالمحاكمة العادلة، مثل الحق في الحياة والحق في عدم التعرض للتعذيب أو غيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، والحق في عدم التقديم للمحاكمة على تهمة لم تكن تشكل جريمة في وقت ارتكابها.
ولا يجوز، بموجب "العهد الدولي"، تعليق الحقوق التالية قط"**: الحق في الحياة (المادة 6)، وحظر التعذيب (المادة 7)، وحظر العبودية والرق (المادة 8(1) و8(2))، وحظر الاحتجاز بسبب عدم الوفاء بدين (المادة 11)، وحظر تطبيق القوانين الجنائية بأثر رجعي (المادة 15)، والاعتراف بالشخصية القانونية (المادة 16)، وحرية الفكر والضمير والدين والعقيدة (المادة 18). ويجب ألا ينطوي أي تعليق للحقوق على تمييز بناءً على العنصر أو الجنس أو اللغة أو الدين أو الأصل الاجتماعي.
وتحتوي "الاتفاقية الأوروبية" على قائمة بالحقوق التي لا يجوز التخفف منها، ومن بينها حظر التعذيب والرق والعبودية وتطبيق القوانين بأثر رجعي، والحق في الحياة (فيما عدا حالات القتل الناشئة بسبب أعمال حربية مشروعة***
كما تحتوي "الاتفاقية الأمريكية" على قائمة بالحقوق التي لا يجوز التخفف منها، وتشمل هذه القائمة، علاوة على تلك الحقوق الواردة في المادة 4(2) من "العهد الدولي"، الحق في المشاركة في الحكومة، وحقوق الطفل والأسرة، والحق في الحصول على اسم، والتمتع بالجنسية، والضمانات القضائية اللازمة لحماية الحقوق التي لا يجوز التخفف منها.****
31/3/1 الضمانات القضائية بموجب النظام الأمريكي الدولي؟ورغم أن "الاتفاقية الأمريكية" لم تحدد صراحة أن الحقوق الخاصة بالمحاكمة العادلة لا يجوز التخفف منها؛ إلا أن المادة 27(2) من الاتفاقية المذكورة تحظر تعليق الضمانات القضائية الأساسية لحماية الحقوق التي لا يجوز التخفف منها، مثل الحق في الحياة والمعاملة الإنسانية.*+
المعايير ذات الصلة
المادتان 27(1) و27(2) من "الاتفاقية الأمريكية":"1) في وقت الحرب، أو الخطر العام، أو غير ذلك من حالات الطوارئ التي تهدد استقلال أو أمن أية دولة طرف، يجوز لهذه الدولة أن تتخذ تدابير للتخفف من التقيد بالتزاماتها الواقعة عليها بمقتضى هذه المعاهدة في حدود الإطار الصارم الذي تتطلبه مقتضيات الحالة والمدة التي تستغرقها، بشرط ألا تخالف هذه التدابير الالتزامات الأخرى الواقعة بموجب القانون الدولي ولا تنطوي على تمييز بسبب العنصر أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو الأصل الاجتماعي.
2) لا يجيز الحكم السابق تعليق أي من الحقوق التالية: المادة 3 (الحق في الشخصية القضائية)، أو المادة 4 (الحق في الحياة)، أو المادة 5 (الحق في المعاملة الإنسانية)، أو المادة 6 (التحرر من العبودية)، أو المادة 9 (التحرر من القوانين ذات الأثر الرجعي)، أو المادة 12 (حرية الضمير والعقيدة)، أو المادة 17 (حقوق الأسرة)، أو المادة 18 (الحق في الحصول على اسم)، أو المادة 19 (حقوق الطفل)، أو المادة 20 (الحق في الجنسية)، أو المادة 23 (الحق في المشاركة في الحكومة)، أو الضمانات القضائية الأساسية لحماية هذه الحقوق."
وقد عرّفت المحكمة الأمريكية الدولية هذه "الضمانات القضائية"، التي لا يجوز التخفف منها، بأنها تلك الضمانات "المعدة لكي تحمي أو تكفل أو تؤكد تمتع المرء بالحقوق [التي لا يجوز التخفف منها] أو ممارسته لها." وتحديد سبل الانتصاف القضائية الأساسية لحماية هذه الحقوق التي لا يجوز تعليقها أمر "يختلف باختلاف الحقوق المهددة بالخطر... ولا يكفي اعتبار هذه الضمانات أساسية، بل يجب أن تعد قضائية أيضاً... وينطوي هذا المفهوم على مبدأ المشاركة الإيجابية من جانب هيئة قضائية مستقلة ومحايدة لديها سلطة الحكم بعدم مشروعية التدابير المعتمدة في حالة الطوارئ". كذلك، قالت المحكمة إن "الضمانات القضائية ينبغي أن تمارس في إطار الإجراءات الصحيحة للقانون، وبناءً على المبادئ التي تستند لها هذه الإجراءات التي تعبر عنها المادة 8 من "الاتفاقية".
ومن بين الضمانات القضائية "الحق في العرض على قاضٍ والحماية من الاحتجاز دون وجه حق ".
وقالت اللجنة الأمريكية الدولية إن الحق في العرض على قاضٍ أعد في المقام الأول لحماية الحق في الحرية القابل للتقييد، ولكنه أصبح أداة أساسية لحماية حقي السجين في الحياة وعدم التعرض للتعذيب، وهما حقان لا يجوز التخفف منهما. ورأت المحكمة أيضاً أن الحق في الحصول على وسائل الانتصاف، من قبيل العرض على قاض والحماية من القبض دون وجه حق، لا يجوز التخفف منه قط لأنه أحد "سبل الانتصاف القضائية الأساسية اللازمة لحماية شتى الحقوق التي تحظر المادة 27(2) [من الاتفاقية] التخفف منها."
31/4 المعايير التي لا تجيز تعليق الحق في المحاكمة العادلةولا يجيز عدد من المعايير الدولية المتصلة بالحق في المحاكمة العادلة تعليق أي من ضمانات المحاكمة العادلة.
31/4/1 معاهدات حقوق الإنسان؟لا تجيز بعض معاهدات حقوق الإنسان تعليق الحقوق التي تعترف بها. ومثال ذلك، أنه لا يجوز التخفف من حقوق المحاكمة العادلة التي تكفلها "اتفاقية مناهضة التعذيب" و"اتفاقية حقوق الطفل"، و"اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة"، و"الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري"، و"الميثاق الأفريقي".
وتقول اتفاقية مناهضة التعذيب" "لا يجوز التذرع بأية ظروف استثنائية أياً كانت، سواءً أكانت هذه الظروف حالة حرب أو تهديداً بالحرب أو عدم استقرار سياسي داخلي أو أية حالة من حالات الطوارئ العامة الأخرى كمبرر للتعذيب." *++وتكفل هذه الاتفاقية للمتهم حقاً لا يجوز التخفف منه بعدم التعرض للتعذيب في أي وقت أثناء نظر الدعوى القضائية، بما في ذلك الاستجواب، والاحتجاز، والمحاكمة، وصدور الحكم، والعقاب. وطبقاً لهذا، لا يجوز مطلقاً الأخذ بالأدلة المنتزعة عن طريق التعذيب، إلا عند محاكمة الأشخاص المزعوم أنهم ارتكبوا التعذيب. انظر الفصل 10/4 الخاص بعدم التعرض للتعذيب وسوء المعاملة، والفصل 17 الخاص باستبعاد الأدلة المنتزعة تحت وطأة التعذيب أو غيره من ضروب القسر والإرغام.
ولا يجيز "الميثاق الأفريقي" التخفف من أية أحكام، بما في ذلك ضمانات المحاكمة العادلة، تحت أي ظرف. وقالت اللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب "إن على الحكومات في حالة الطوارئ مسؤولية مستمرة إزاء ضمان الأمن والحرية لمواطنيها." فحالة الطوارئ الوطنية لا تبيح تعليق أي من الحقوق التي تلتزم الحكومات بتأمينها وفقاً لالتزاماتها النابعة من المعاهدة.*^
31/4/2 المعايير التي ليس لها صفة المعاهدةتوجد مجموعة واسعة من المعايير الدولية، التي ليس لها طبيعة المعاهدة، تحمي الحقوق الخاصة بالمحاكمة العادلة، ومن بين هذه المعايير "الإعلان العالمي لحقوق الإنسان"، و"مجموعة المبادئ"، و"المبادئ الأساسية الخاصة بدور المحامين"، و"المبادئ الأساسية الخاصة باستقلال السلطة القضائية"، و"القواعد النموذجية الدنيا". والمعايير من هذا النوع واجبة التطبيق في كل الأوقات وفي جميع الأحوال. وهي تمثل الرأي الذي أجمع عليه المجتمع الدولي حول خير المبادئ والأعراف. وهي لا تجيز قبول معايير أدنى منها في حالات الطوارئ.
31/4/3 القانون الإنسانيلا يجيز أي من اتفاقيات جنيف ولا بروتوكولاها الإضافيان، وكلها معايير تطبق في حالات المنازعات المسلحة، التخفف من أحكامها. ومن ثم، أضحت معايير المحاكمة العادلة قائمة إبان المنازعات المسلحة الدولية وغير الدولية. (انظر الفصل 32 الخاص بالحقوق المتعلقة بالمحاكمة العادلة إبان المنازعات المسلحة).
واتفاقيات جنيف الأربع لعام 1949 وبروتوكولاها الإضافيان معاهدات واجبة التطبيق في حالات المنازعات المسلحة الدولية. وتوفر المادة 75 من البروتوكول الإضافي الأول على ضمانات أساسية للمحاكمة العادلة لأي شخص يحتجز بسبب أفعال متصلة بنزاع مسلح له طابع دولي. ولا تجيز المادة إدانة أي شخص بارتكاب مخالفة جزائية متصلة بالنزاع المسلح إلا بواسطة محكمة "تحترم بوجه عام المبادئ المعترف بها للإجراءات القضائية الاعتيادية."*^^
أما المادة 3 المشتركة بين جميع اتفاقيات جنيف ["المادة 3 المشتركة"] والبروتوكول الإضافي الثاني، فيطبقان في حالة ما إذا كان النزاع ليس له طابع دولي. وتحظر "المادة 3 المشتركة"، الخاصة بالأشخاص الذين لا يشاركون بدور مباشر في الأعمال العدائية، إصدار الأحكام أو تنفيذ العقوبات دون إجراء محاكمة سابقة أمام محكمة مشكلة تشكيلاً قانونياً، "وتكفل جميع الضمانات القضائية اللازمة في نظر الشعوب المتمدنة."*# ولما كانت هذه الاتفاقية لا تجيز أي تخفف من هذا الحكم، فإن الحق في هذه الضمانات القضائية إبان المنازعات المسلحة إنما هو حق ثابت لا يمكن تعطيله بموجب القانون الإنساني الدولي.
وتعتبر المادة 3 عرفاً يتعين على جميع أعضاء المجتمع الدولي الالتزام به، سواء أكانوا مقيدين بمعاهدة خاصة به أم لا.
وتكفل اتفاقيات جنيف الحماية في ظل الحالات الاستثنائية، ولكن الاعتبارات الإنسانية الكامنة وراءها تصح بالمثل في جميع أوقات السلم. وقد أوضح مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بحالات الحصار والطوارئ أنه لما كان لا يجوز التخفف من الحق في المحاكمة العادلة بموجب القانون الإنساني، فيجب أن يعتبر التخفف من هذا الحق غير جائز في جميع الأوقات لأن "من التناقض أن تغدو الضمانات في وقت السلم أضعف منها في وقت الحرب."
31/5 الوفاء بالالتزامات الدوليةيجب أن يتفق أي تعليق للحقوق المعترف بها في "العهد الدولي"، و"الاتفاقية الأمريكية"، و"الاتفاقية الأوروبية" مع الالتزامات الأخرى للدولة الطرف بموجب القانون الدولي، بما في ذلك القانون الإنساني. ومعنى هذا، أن الحق في المحاكمة العادلة يسري بموجب القانون الإنساني في الأوقات التي تنطبق عليها أحكام اتفاقيات جنيف وبروتوكولاها الإضافيان - أي إبان المنازعات المسلحة الدولية وغير الدولية. ومعنى هذا أيضاً أن الدولة الطرف في المعاهدات الأخرى لحقوق الإنسان، التي توفر مدى أوسع من الحماية للحقوق التي لا يجوز التخفف منها، يجب أن تحترم التزاماتها الأخرى هذه؛ علماً بأن الالتزامات التي لا يجيز العرف الدولي التخفف منها لها الأسبقية على أية سلطة للتخفف تجيزها المعاهدة.
الفصل الثاني والثلاثون
الحقوق الخاصة بالمحاكمة العادلة إبان المنازعات المسلحة
يتضمن القانون الإنساني الدولي، الذي ينص على قواعد نموذجية دنيا للسلوك إبان المنازعات المسلحة، ضمانات هامة للمحاكمات العادلة. وهي تنطبق على فئات شتى من الأفراد خلال الحروب الدولية والمنازعات الداخلية، بما في ذلك الحروب الأهلية.
32/1 القانون الإنساني الدولييحكم القانون الإنساني الدولي السلوك إبان المنازعات الدولية المسلحة. فالضمانات المنصوص عليها في "اتفاقيات جنيف الأربع" لعام 1949 وبروتوكوليها الإضافيين تكفل الحماية لفئات شتى من البشر، تسميهم "الأشخاص المحميون"، في حالات محددة. ومن بين جوانب الحماية هذه ضمانات المحاكمة العادلة للمتهمين بارتكاب أفعال جنائية.
وإذا كان للنزاع المسلح طابع دولي، فإن "اتفاقية جنيف الثالثة" توفر الحماية للأسرى بينما توفر الاتفاقية الرابعة الحماية للمدنيين. وتنطبق الضمانات الواردة في "البروتوكول الإضافي الأول" لعام 1977 على "الأشخاص الذين في قبضة أطراف المنازعات الدولية المسلحة"، ومن بينهم الأسرى، والأشخاص المحرومون من وضع المحاربين، والأشخاص المتهمون بارتكاب جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب.
وتنطبق الضمانات المحددة في المادة 3 المشتركة بين اتفاقيات جنيف الأربع ("المادة 3 المشتركة") وفي البروتوكول الإضافي الثاني إبان المنازعات المسلحة غير الدولية، بما فيها الحروب الأهلية، وإن كان الرأي قد اتجه الآن إلى اعتبار المبادئ الواردة في هذه المادة المشتركة واجبة التطبيق في جميع الأوقات.
ويجب احترام الحقوق الخاصة بالمحاكمة العادلة والقانون الإنساني الدولي في جميع الأحوال، فلا يجوز التخفف من الأحكام ذات الصلة. ويمكن أن يعد إنكار الحق في المحاكمة العادلة إلى جريمة حرب في أحوال معينة، الأمر الذي يعني وجوب محاكمة المسؤولين عن ذلك على يد الدولة التي يوجدون بها أو تسليمهم إلى دولة أخرى لمحاكمتهم أو نقلهم إلى محكمة جنائية دولية.
ولما كانت ضمانات المحاكمة العادلة المكفولة في القانون الإنساني لا تنطبق إلا في ظروف محددة وعلى فئات محددة من السكان؛ بات من الواجب التمعن في أحكام كل معاهدة لتحديد مدى انطباقها على الحالة قبل الاستشهاد به. وقد تختلف بعض الأحكام المعينة من معاهدة إلى أخرى، لكن المطلب الأساسي الذي تنص عليه، والذي يحتم عدالة المحاكمة؛ إنما يؤكد على أن نفس الضمانات واجبة التطبيق من الناحية الجوهرية في المنازعات الدولية وغير الدولية على السواء.
32/1/1 المنازعات المسلحة الدوليةكفلت المادة 75 من "البروتوكول الإضافي الأول" للأشخاص الذين في قبضة أحد الأطراف في أي نزاع مسلح دولي الحق في المحاكمة العادلة. كما توجد أحكام أخرى تتعلق بحق أسرى الحرب في المحاكمة العادلة في القضايا الجنائية في المواد من 82 إلى 88 ومن 99 إلى 108 من "اتفاقية جنيف الثالثة".
والأحكام التي تضمن محاكمة عادلة للسكان المدنيين في الأراضي المحتلة موضحة في المواد من 64 إلى 78 من "اتفاقية جنيف الرابعة". أما حقوق الرعايا الأجانب في الأراضي المحتلة، فهي مشمولة في المواد من 35 إلى 46، وأما حقوق المدنيين المحتجزين، فمنصوص عليها في المواد من 79 إلى 141.
32/1/2 المنازعات المسلحة غير الدوليةوأهم أحكام القانون الإنساني الدولي المتعلقة بالحق في المحاكمة العادلة في المنازعات المسلحة غير الدولية موجودة في المادة 3 المشتركة بين جميع "اتفاقيات جنيف الأربع" وفي المادة 6 من "البروتوكول الإضافي الثاني".
وتنطبق المادة 3 المشتركة على المنازعات المسلحة "التي ليس لها طابع دولي"، وتنطبق أحكامها على "الأشخاص الذين لا يشتركون مباشرة في الأعمال العدائية، بمن فيهم أفراد القوات المسلحة الذين ألقوا عنهم أسلحتهم، والأشخاص العاجزون عن القتال بسبب المرض أو الجوع أو الاحتجاز أو لأي سبب آخر".
ونطاق "البروتوكول الإضافي الثاني" أكثر تحديداً، فهو ينطبق على المنازعات التي تشارك فيها "القوات المسلحة المنشقة أو الجماعات النظامية المسلحة الأخرى" التي تمارس سيطرة على الأراضي تمكنها "من القيام بعمليات عسكرية متواصلة ومنسقة، وتستطيع تنفيذا هذا البروتوكول". ولكن "البروتوكول الإضافي الثاني"، مع هذا، لا يسري "على حالات الاضطرابات والتوتر الداخلية مثل الشغب وأعمال العنف العرضية وغيرها من الأعمال ذات الطبيعة المماثلة التي لا تعد منازعات مسلحة". انظر كذلك الفصل 31 الخاص بالحقوق المتصلة بالمحاكمة العادلة خلال حالات الطوارئ.
32/1/3 عدم التمييزويحتوي القانون الإنساني على نوعين من الأحكام المناهضة للتمييز بشأن المحاكمات. فلا يجوز تجريد الأشخاص الموجودين في قبضة أي من أطراف الصراع من الحقوق المكفولة لأفراد القوات المسلحة التابعة لذلك الطرف أو رعاياه. ومعنى هذا أنه لا يجوز إخضاع أسرى الحرب لأية عقوبات جزاءً على جرائم ما لم تكن هذه العقوبات مطبقة على من يقترفها من جنود الدولة التي تحتجزهم. ويجب محاكمة أسرى الحرب أمام نفس المحاكم وطبقاً لنفس الإجراءات المطبقة على أفراد الدولة الذين تحتجزهم، ولا يجب أن توقع عليهم عقوبات أشد.
وعلاوة على ذلك، فإن المعاملة التمييزية محظورة بناءً على العنصر أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو العقيدة، أو الآراء السياسية أو غيرها، أو الجنسية أو الأصل الاجتماعي، أو الثراء أو النسب أو مركز آخر، أو بناءً على أية معايير مماثلة أخرى، سواء أكان الصراع المقصود دولياً أو غير دولي.
32/1/4 استمرار الحمايةلا تنطبق أحكام المحاكمة العادلة المنصوص عليها في القانون الإنساني على المنازعات المسلحة فحسب، بل تنطبق أيضاً في حالات معينة بعد توقف العمليات العدائية. فضمان الحق في المحاكمة العادلة المكفول في "البروتوكول الإضافي الأول" للأشخاص الذين يقبض عليهم أو يحتجزون أو يعتقلون لأساب تتصل بالنزاع المسلح الدولي تستمر "لحين إطلاق سراحهم، أو إعادتهم إلى أوطانهم أو توطينهم بصفة نهائية حتى بعد انتهاء النزاع المسلح".
المعايير ذات الصلة
المادة 3 المشتركة بين اتفاقيات جنيف (المنازعات المسلحة غير الدولية)"(1) الأشخاص الذين لا يشتركون مباشرة في الأعمال العدائية، بمن فيهم أفراد القوات المسلحة الذين ألقوا عنهم أسلحتهم، والأشخاص العاجزون عن القتال بسبب المرض أو الجوع أو الاحتجاز أو لأي سبب آخر، يعاملون في جميع الأحوال معاملة إنسانية، دون أي تمييز ضار يقوم على العنصر أو اللون، أو الدين أو المعتقد، أو الجنس، أو المولد أو الثروة أو أي معيار مماثل آخر.
ولهذا الغرض تحظر الأفعال التالية، فيما يتعلق بالأشخاص المذكورين أعلاه، وتبقى محظورة في جميع الأوقات والأماكن:
(أ) الاعتداء على الحياة والسلامة البدنية، وبخاصةٍ القتل بجميع أشكاله، والتشويه، والمعاملة القاسية، والتعذيب.
(ب) أخذ الرهائن.
(ج) الاعتداء على الكرامة الشخصية، وعلى الأخص المعاملة المهينة والحاطة بالكرامة.
(د) إصدار الأحكام وتنفيذ العقوبات، دون إجراء محاكمة سابقة أمام محكمة مشكلة تشكيلاً قانونياً، وتكفل جميع الضمانات القضائية اللازمة في نظر الشعوب المتمدنة.
المادة 75(4) من "البروتوكول الإضافي الأول": (المنازعات المسلحة الدولية)"لا يجوز إصدار أي حكم أو تنفيذ أية عقوبة حيال أي شخص تثبت إدانته في جريمة مرتبطة بالنزاع المسلح إلا بناءً على حكم صادر عن محكمة محايدة تشكل هيئتها تشكيلاً قانونياً، وتلتزم بالمبادئ التي تقوم عليها الإجراءات القضائية المرعية والمعترف بها عموماً."
المادة 6(2) من "البروتوكول الإضافي الثاني": (المنازعات المسلحة غير الدولية)"لا يجوز إصدار أي حكم أو تنفيذ أية عقوبة حيال أي شخص تثبت إدانته في جريمة دون محاكمة مسبقة من قبل محكمة تتوفر فيها الضمانات الأساسية للاستقلال والحيدة..."
والحق في المحاكمة العادلة للمدنيين في الأراضي المحتلة واجب التطبيق منذ بداية أي نزاع أو احتلال حتى سنة واحدة بعد انتهاء العمليات العسكرية بوجه عام. وعلاوةً على ذلك، فدولة الاحتلال ملزمة طيلة فترة الاحتلال بتنفيذ الأحكام الضامنة للمحاكمة العادلة. وفي جميع الأحوال، "فالأشخاص المحميون الذين يفرج عنهم أو يعادون إلى الوطن أو يعاد توطينهم بعد هذه التواريخ يستمرون في الانتفاع بالاتفاقية في هذه الأثناء."
وتظل ضمانات الحق في المحاكمة العادلة المنصوص عليها في المادة 6 من "البروتوكول الإضافي الثاني" مطبقة في نهاية أي نزاع مسلح داخلي بالنسبة للأشخاص الذين حرموا من حريتهم أو قيدت حريتهم لأسباب متصلة بالصراع.
32/1/5 الحقوق الخاصة بالمحاكمة العادلةعندما لا يوجد حكم صريح بشأن جانب معين من جوانب الحق في المحاكمة العادلة في إحدى معاهدات القانون الإنساني، فلا يعني هذا أن القانون الإنساني يجيز انتهاك هذا الجانب، إذ أن ضمانات المحاكمة العادلة مصاغة بعبارات فضفاضة بحيث تشمل جميع أنواع الضمانات المعاصرة ذات الصلة التي أتى ذكرها في هذا الدليل، وهي لم تعين إلا الحد الأدنى من المتطلبات التي يجب احترامها في جميع الحالات.
فخلال الصراعات المسلحة الدولية، تنص المادة 75(4) من "البروتوكول الإضافي الأول" على أن محاكمة الأشخاص الموجودين في قبضة أحد أطراف الصراع يجب أن تتم أمام "محكمة محايدة تشكل هيئتها تشكيلاً قانونياً وتلتزم بالمبادئ التي تقوم عليها الإجراءات القضائية المرعية والمعترف بها عموماً". كما أن المادة 75(4) من "البروتوكول الإضافي الأول" تحتوي على قائمة غير شاملة لضمانات المحاكمة العادلة. وبعضها مصاغ بطريقة فضفاضة، مثل المادة 75(4)(أ)، التي تشترط في الإجراءات أن "تكفل للمتهم كافة الحقوق وجميع الوسائل الضرورية للدفاع عن نفسه سواء قبل أم أثناء محاكمته."
ولا يجوز "للمحاكم المختصة التابعة لدولة الاحتلال إصدار أي حكم" على المدنيين الذين يعيشون في الأراضي المحتلة خلال صراع مسلح دولي "إلا إذا سبقته محاكمة قانونية."
والحق في المحاكمة العادلة في الصراعات المسلحة غير الدولية معرف تعريفاً واسعاً بالمثل، حيث تقول المادة 3 المشتركة إن المحاكمات يجب أن "تكفل جميع الضمانات القضائية اللازمة في نظر الشعوب المتمدنة." كما أن المادة 6(2) من "البروتوكول الإضافي الثاني" تلزم المحاكم بأن توفر "الضمانات الأساسية للاستقلال والحيدة"، وتورد المادة المذكورة كذلك قائمة موجزة تعدد الضمانات ولكنها لا تحصرها حصراً.
32/2 قبل نظر الدعوى32/2/1 الإخطارإن لكل شخص، يحرم من حريته أو يتهم بارتكاب فعل جنائي متصل بصراع مسلح دولي، حقوقاً معينة في أن الحصول على معلومات بهذا الشأن.
إبلاغ المرء بحقوقهيجب على الدولة الحاجزة أن تخطر أسرى الحرب المقدمين إلى المحاكمة بمجموعة معينة من الحقوق "قبل بدء المحاكمة بوقت مناسب". وهذه الحقوق هي "الحصول على معاونة أحد زملائه الأسرى، والدفاع عنه بواسطة محام مؤهل يختاره، واستدعاء شهود، والاستعانة، إذا رأى ذلك ضرورياً، بخدمات مترجم مؤهل."
أسباب الاحتجازيجب أن يُخطر، على جناح السرعة، أي شخص يقبض عليه أو يحتجز أو يعتقل بسبب أفعال تتصل بنزاع دولي مسلح - بلغة يفهمها -، بمعلومات عن أسباب هذه التدابير التي اتخذت.
التهميجب أن يخطر أي شخص، يتهم بارتكاب فعل جنائي متصل بنزاع مسلح دولي "دون إبطاء، بتفاصيل الجريمة المنسوبة إليه."
ويجب إبلاغ أسير الحرب ومحاميه "قبل بدء المحاكمة بوقت مناسب وبلغة يفهمها بصحيفة الاتهام..."
كما أن أي فرد من السكان المدنيين للأراضي المحتلة يتهم بارتكاب فعل جنائي، يجب أن يبلغ دون إبطاء "كتابة وبلغة يفهمها بتفاصيل الاتهامات الموجهة إليه."
الحق في إخطار الأسرة والأصدقاءتنص "اتفاقية جنيف الثالثة" على ضرورة إخطار الدولة الحامية عند القبض على أسير بتهمة جنائية، وهي بدورها ملزمة بأن تبلغ أسرة السجين وأصدقائه بأحواله. والدولة الحامية هي دولة ثالثة واجبها أن تصون مصالح طرفي النزاع ورعاياهما المقيمين في أراضي العدو. وقد أسهبت المادة 104 في تفصيل الشروط الأساسية لإخطار الدولة الحامية، ونصت على ضرورة تأجيل المحاكمة في حالة تقاعس الدولة عن تلبية هذه الشروط.
وتنص "اتفاقية جنيف الرابعة" على أن تبلغ دولة الاحتلال الدولة الحامية، ومن ثم تبلغ في نهاية المطاف الأسرة والأصدقاء بالإجراءات المتخذة في الحالات الخطيرة. ولا يجوز الاستمرار في نظر الدعوى إذا لم تلب الشروط المطلوبة في الإخطار المذكور. وعلاوةً على ذلك، فرغم أن المادة 76 من "اتفاقية جنيف الرابعة" لم تنص على السماح بالاتصال بالأهل والأصدقاء، إلا أنها ضمنت "للأشخاص المحميين الحق في أن يزورهم مندوبو الدولة الحامية ومندوبو اللجنة الدولية للصليب الأحمر ..."
32/2/2 افتراض البراءةيجب احترام مبدأ افتراض البراءة في الصراعات الدولية وغير الدولية على السواء. ويجب أن ينطبق هذا الحق في جميع مراحل الدعوى حتى صدور الحكم. وفي كل من المنازعات الدولية وغير الدولية يجب أن "يعتبر المتهم بجريمة بريئاً إلى أن تثبت إدانته قانوناً."
32/2/3 الحق في عدم التعرض للإرغام على الاعترافلا يجوز في المنازعات الدولية أن "يرغم أي شخص على الإدلاء بشهادة على نفسه أو على الاعتراف بأنه مذنب"، و"لا يجوز ممارسة أي ضغط معنوي أو بدني على أسير الحرب لحمله على الاعتراف بالذنب عن الفعل المنسوب إليه." وفي حالة المنازعات غير الدولية "لا يجبر أي شخص على الإدلاء بشهادة على نفسه أو على الإقرار بأنه مذنب."
32/3 الحقوق في مرحلة ما قبل المحاكمة
افتراض البراءة قبل المحاكمةلا يجوز السماح باحتجاز أسير الحرب في انتظار المحاكمة "إلا إذا كان الإجراء نفسه يطبق على أفراد القوات المسلحة في الدولة الحاجزة إزاء المخالفات المماثلة، أو اقتضت ذلك مصلحة الأمن الوطني. ولا يجوز بأي حال أن تزيد مدة هذا الحبس الاحتياطي على ثلاثة أشهر."
الحق في عدم التعرض للتعذيب وسوء المعاملةمن المخالفات الجسيمة لاتفاقية جنيف الثالثة ارتكاب أي من الأفعال التالية ضد سجناء الحرب: "القتل العمد، والتعذيب أو المعاملة اللاإنسانية، بما في ذلك التجارب الخاصة بعلم الحياة، وتعمد إحداث آلام شديدة أو الإضرار الخطير بالسلامة البدنية أو بالصحة". (وارتكاب مثل هذه الأفعال على المدنيين في الأراضي المحتلة مخالفة جسيمة لاتفاقية جنيف الرابعة.)
ولا يجوز إخضاع أسرى الحرب لأي عقوبة من "العقوبات البدنية، والحبس في مبانٍ لا يدخلها ضوء النهار، وبوجه عام، أي نوع من التعذيب أو القسوة."
الحق في الفحص والعلاج الطبيتقدم للمدنيين الذين تحتجزهم دولة الاحتلال، بتهمة ارتكاب جرائم، "الرعاية الطبية التي تتطلبها حالتهم الصحية".
الحق في الشكوى من أوضاع الاحتجازمن حق أسرى الحرب أن يشكوا للسلطات العسكرية للدولة الحاجزة وللدولة الحامية بشأن أوضاع الاحتجاز دون أن يتعرضوا لعواقب ضارة نتيجة تقديمها. وإذا كانت هذه الأوضاع ترقى إلى حد التعذيب أو غيره من ضروب المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، فيجوز اعتبار الاحتجاز غير مشروع.
حق المحتجز في الاتصال بأسرته وبالعالم الخارجيللأسرى مجموعة محدودة من الحقوق المعينة في الاتصال بالعالم الخارجي، مباشرة وعن طريق الدولة الحامية. وتكفل الفقرة 3 من المادة 103 من "اتفاقية جنيف الثالثة" بعض الحقوق من أجل "أسرى الحرب أثناء حبسهم حبساً احتياطياً" أثناء انتظارهم للمحاكمة، مثل الحق في إرسال وتلقي الخطابات.
32/3/1 النساء المحتجزاتمن حق النساء المحتجزات خلال الصراعات المسلحة الدولية ضروب خاصة من الحماية. وينبغي بوجه عام احتجاز النساء بمعزل عن الرجال، وأن يوضعن تحت إشراف نساء. غير أنه يجب احتجاز أفراد كل أسرة معاً حيثما أمكن.
"تحتجز أسيرات الحرب اللاتي يقضين عقوبة تأديبية في أماكن منفصلة عن أماكن الرجال ويوكل الإشراف المباشر عليهن إلى نساء كما أن هذا الحكم ينطبق أيضاً على أسيرات الحرب "أثناء حبسه(ن) احتياطياً."
وكذلك فالنساء المدنيات اللاتي تحتجزهن دولة الاحتلال يجب أن يحتجزن "في أماكن منفصلة عن الرجال ويوكل الإشراف المباشر عليهن إلى نساء".
المعايير ذات الصلة
المادة 75(5) من "البروتوكول الإضافي الأول":"تحتجز النساء اللواتي قيدت حريتهن لأسباب تتعلق بالنزاع المسلح في أماكن منفصلة عن أماكن الرجال ويوكل الإشراف المباشر عليهن إلى نساء. ومع ذلك، ففي حالة احتجاز أو اعتقال الأسر، فيجب قدر الإمكان أن يوفر لها كوحدات عائلية مأوى واحد."
32/3/2 الأطفال المحتجزونمن حق الأطفال الحصول على حماية خاصة أثناء المنازعات المسلحة الدولية.، وعلاوة على ذلك، يتعين على دولة الاحتلال أن تأخذ "في الاعتبار النظام الخاص الواجب للأطفال" الذين تحتجزهم. ويجب احتجاز الأطفال في أماكن منفصلة عن أماكن الكبار ما لم يكونوا بصحبة أسرهم.
32/4 الحقوق أثناء المحاكمة32/4/1 اختصاص المحكمة واستقلالها وحيدتهايكفل البروتوكول الإضافي الأول الحق في المحاكمة أمام محكمة مختصة مستقلة محايدة للأشخاص الموجودين في قبضة أي طرف في أي نزاع دولي، حيث يشترط أن تكون المحكمة "محايدة تشكل هيئتها تشكيلاً قانونياً". ويجب أن تتوفر في المحاكم التي تحاكم أسرى الحرب شروط الاستقلال والحيدة. ويجب أن تتم محاكمتهم أمام محاكم عسكرية، ما لم يكن أفراد القوات المسلحة التابعة للدولة الحاجزة يحاكمون أمام محاكم مدنية إذا ارتكبوا نفس هذه الجرائم.
وضمانات الاختصاص والاستقلال والحيدة في المحاكم التي تحاكم المدنيين في الأراضي المحتلة محدودة. ويجب بوجه عام أن يظل القانون الجنائي الخاص بالأراضي المحتلة سارياً وأن تطبقه المحاكم القائمة في تلك الأراضي، فيما عدا عدد من الاستثناءات الهامة، حيث تقضي "اتفاقية جنيف الرابعة" بالإبقاء على قوانين العقوبات والمحاكم القائمة في الأراضي المحتلة، ما لم تلغها دولة الاحتلال أو تعطلها إذا كان فيها ما يهدد أمنها أو يمثل عقبة في تطبيق هذه الاتفاقية".
وهناك بعض جوانب الحماية المحدودة للقضاة ضد العزل من مناصبهم، ولا يجوز لدولة الاحتلال أن تعاقب الموظفين العموميين أو القضاة أو أن تغير من وضعهم في الأراضي المحتلة؛ إذا امتنعوا عن أداء وظائفهم لأسباب من وحي الضمير، دون أن يمس هذا حقها في أن تعزل الموظفين العموميين من مناصبهم.
ويجوز لدولة الاحتلال أن تطبق تشريعاً جنائياً في الأراضي المحتلة بغية "تأمين الإدارة المنتظمة للإقليم وضمان أمن دولة الاحتلال". وفي هذه الحالات، يجوز لها أن تحاكم المتهمين أمام "محاكمها العسكرية غير السياسية والمشكلة تشكيلاً قانونياً، شريطة أن تعقد المحاكم في البلد المحتل." و"يفضل" أن تعقد محاكم الاستئناف جلساتها في البلد المحتل.
وبالنسبة للصراعات غير الدولية فإن البروتوكول الإضافي الثاني يقول: " لا يجوز إصدار أي حكم أو تنفيذ أية عقوبة حيال أي شخص تثبت إدانته في جريمة دون محاكمة من قبل محكمة تتوفر فيها الضمانات الأساسية للاستقلال والحيدة."
المعايير ذات الصلة
المادة 84 من "اتفاقية جنيف الثالثة":"لا يحاكم أسير الحرب بأي حال بواسطة محكمة أياً كان نوعها إذا لم تتوفر فيها الضمانات الأساسية المتعارف عليها عموماً من حيث الاستقلال وعدم التحيز..."
32/4/2 المحاكمة في غضون فترة زمنية معقولةمن حق أسرى الحرب أن يقدموا إلى المحاكمة على وجه السرعة، حيث تحتم المعاهدات الدولية أن "تجرى جميع التحقيقات القضائية المتعلقة بأسير الحرب بأسرع ما تسمح به الظروف، وبحيث يحاكم بأسرع ما يمكن". كما أنها تقضي بأن "ينظر في الدعوى بأسرع ما يمكن" بالنسبة للمدنيين في الأراضي المحتلة الذين تلاحقهم دولة الاحتلال قضائياً.
32/4/3 حقوق الدفاعحق المرء في الدفاع عن نفسهيكفل "البروتوكول الإضافي الأول" (المنازعات المسلحة الدولية) للمرء الحق في أن يدافع عن نفسه، حيث يوجب في الإجراءات "أن تكفل للمتهم كافة الحقوق وجميع الوسائل الضرورية للدفاع عن نفسه، سواء قبل أو أثناء محاكمته."
"لا يجوز إدانة أي أسير حرب بدون إعطائه فرصة الدفاع عن نفسه والحصول على مساعدة محام أو مستشار مؤهل."
كما أن "اتفاقية جنيف الرابعة" تضمن لأي متهم من المدنيين في الأراضي المحتلة "الحق في تقديم الأدلة اللازمة لدفاعه"، وبخاصةٍ الحق في طلب الشهود.
أما بالنسبة للمنازعات غير الدولية، فيشترط "البروتوكول الإضافي الثاني" في الإجراءات "أن تكفل للمتهم سواء قبل أو أثناء محاكمته كافة حقوق ووسائل الدفاع اللازمة."
حضور المتهم"يحق لكل متهم بجريمة أن يحاكم حضورياً" إبان المنازعات الدولية وغير الدولية على السواء.
الحق في الاستعانة بمحامٍمن حق أي أسير حرب متهم بارتكاب جريمة أن يحصل على مساعدة من "محام مؤهل يختاره" ليتولى الدفاع عنه. فإذا لم يختر محامٍ، يٌنتدب له واحد. والمحامي الذي يتولى أمر الدفاع يجوز له "بصفة خاصةٍ أن يزور المتهم بحرية وأن يتحدث معه دون حضور رقيب."
المعايير ذات الصلة
المادة 75(4)(أ) من البروتوكول الإضافي الأول (المنازعات المسلحة الدولية):"يجب أن تنص الإجراءات على إعلان المتهم دون إبطاء بتفاصيل الجريمة المنسوبة إليه وأن تكفل للمتهم كافة الحقوق وجميع الوسائل الضرورية للدفاع عن نفسه، سواء قبل أم أثناء المحاكمة."
المادة 6(2)(أ) من البروتوكول الإضافي الثاني (المنازعات المسلحة غير الدولية):"أن تنص الإجراءات على إخطار المتهم دون إبطاء بتفاصيل الجريمة المنسوبة إليه وأن تكفل للمتهم سواء قبل أم أثناء محاكمته كافة حقوق ووسائل الدفاع اللازمة."
حق المتهم في الحصول على كفايته من الوقت والتسهيلات لإعداد دفاعهكفلت المعاهدات الدولية لمحامي أسير الحرب أن يحصل على "فرصة لا تقل عن أسبوعين قبل بدء المحاكمة، وكذلك التسهيلات اللازمة لإعداد دفاعه عن المتهم"، بما في ذلك إمكانية الانفراد بموكله دون رقيب والتحدث مع شهود النفي وأن "يفيد من هذه التسهيلات حتى انتهاء المدة المحددة للاستئناف."
الحق في استدعاء الشهود ومناقشتهم"يحق لأي شخص متهم بجريمة (متصلة بالمنازعات الدولية) … استدعاء ومناقشة شهود النفي طبقاً للشروط ذاتها التي يجري بموجبها استدعاء شهود الإثبات." و"أن يناقش شهود الإثبات أو يكلف الغير بمناقشتهم".ولأسير الحرب المتهم بارتكاب جريمة الحق في "استدعاء الشهود".
الحق في الاستعانة بمترجم شفوي وتحريرييحق لأسير الحرب "الاستعانة، إذا رأى ذلك ضرورياً، بخدمات مترجم مؤهل".
الحق في علانية المحاكمة والحكمإبان المنازعات الدولية، يحق "للشخص الذي يتهم بجريمة الحق في أن يطلب النطق بالحكم عليه علناً."
ورغم أن اتفاقية جنيف الثالثة لا تنص صراحة على علانية محاكمات أسرى الحرب، لكنها تشترط تمكين ممثلين من الدولة الحامية من حضور المحاكمة، ما لم يكن من اللازم، بصفة استثنائية، عقد المحاكمة في جلسات سرية لمصلحة أمن الدولة. ويجب على الفور إبلاغ الدولة الحامية ومحامي الأسير، والأسير، بلغة يفهمها، بالحكم والعقوبة المقررة وبمعلومات عن جميع حقوقه في الاستئناف.
الحق في الاستئنافللأسرى نفس الحق في الاستئناف مثل أفراد القوات المسلحة التابعة للدولة الحاجزة، ويجب توضيح هذه الحقوق لهم.
ورغم أن "البروتوكول الإضافي الأول" لا يضمن الحق في الاستئناف، إلا أنه ينص على ضرورة "تنبيه أي شخص يصدر ضده حكم ولدى النطق بالحكم إلى الإجراءات القضائية وغيرها التي يحق له الالتجاء إليها، والمدد الزمنية التي يجوز خلالها أن يتخذ تلك الإجراءات". ويحتوي "البروتوكول الإضافي الثاني" نفس الضمان بعبارة مطابقة بالنسبة للمنازعات غير الدولية.
32/4/4 حماية المتهم من المحاكمة مرتين على نفس التهمةلا يجيز "البروتوكول الإضافي الأول" (المنازعات المسلحة الدولية) "إقامة الدعوى ضد أي شخص أو توقيع العقوبة عليه لجريمة سبق أن صدر بشأنها حكم نهائي طبقاً للقانون ذاته والإجراءات القضائية ذاتها." كما أن "اتفاقية جنيف الثالثة" تنص على الآتي: "لا يعاقب أسير الحرب إلا مرة واحدة عن الذنب نفسه أو التهمة نفسها."
32/4/5 الحماية من التعرض لتطبيق القانون بأثر رجعي"لا يجوز أن يتهم أي شخص (من الأشخاص الذين في قبضة أحد أطراف نزاع دولي) أو يدان بجريمة على أساس إثباته فعلاً أو تقصيراً لم يكن يشكل جريمة طبقاً للقانون الوطني أو القانون الدولي الذي كان يخضع له وقت اقترافه للفعل."
ولا يجوز محاكمة أسرى الحرب على ارتكاب أفعال لم يكن يجرمها القانون الوطني أو الدولي وقت وقوعها.
كما أن "اتفاقية جنيف الرابعة" تحتوي على عدد من الضمانات الواقية ضد تطبيق القوانين الجنائية بأثر رجعي على المدنيين في الأراضي المحتلة حيث تقول: "لا تصبح القوانين الجزائية التي تفرضها دولة الاحتلال نافذة إلا بعد نشرها وإبلاغها للسكان بلغتهم. ولا يكون لهذه الأحكام أثر رجعي."
ولا يجوز للمحاكم في الأراضي المحتلة أن تطبق "إلا القوانين التي كانت سارية قبل وقوع المخالفة."
وينص البروتوكول الإضافي الثاني المطبق في حالة المنازعات غير الدولية على "ألا يدان أي شخص بجريمة على أساس اقتراف الفعل أو الامتناع عنه الذي لا يشكل وقت ارتكابه جريمة جنائية بمقتضى القانون الوطني أو الدولي."
32/5 الحكم في القضايا التي لا تتصل بعقوبة الإعداملا يجوز للسلطات العسكرية ومحاكم الدولة الحاجزة أن تحكم على أسرى الحرب "بأية عقوبات خلاف العقوبات المقررة عن الأفعال ذاتها إذا اقترفها أفراد القوات المسلحة لهذه الدولة."
"وعند تحديد العقوبة، يتعين على محاكم أو سلطات الدولة الحاجزة أن تراعي إلى أبعد حد ممكن، أن المتهم ليس من رعايا الدولة الحاجزة، وهو لذلك غير ملزم بأي واجب للولاء لها، وأنه لم يقع تحت سلطتها إلا نتيجةً لظروف خارجة عن إرادته. وللمحاكم والسلطات المذكورة الحرية في تخفيف العقوبة المقررة عن المخالفة التي اتهم بها الأسير، وهي لذلك ليست ملزمة بتطبيق حد أدنى لهذه العقوبة."
"وتخصم أي مدة يقضيها أسير الحرب في الحبس الاحتياطي من أي حكم يصدر بحبسه، ويؤخذ ذلك في الاعتبار عند تقرير أي عقوبة."
كما أن أسرى الحرب الذين تقام عليهم الدعوى بموجب قوانين الدولة الحاجزة، بسبب جرائم ارتكبت قبل وقوعهم في الأسر، يستمر تمتعهم بجوانب الحماية التي تكفلها لهم "اتفاقية جنيف الثالثة". ولا يجوز معاملة الأسرى الذين نفذوا أحكامهم معاملة مختلفة عن غيرهم من الأسرى.
وبالنسبة للمدنيين في الأراضي المحتلة، فإن "اتفاقية جنيف الرابعة" تلزم المحاكم بألا تطبق عليهم سوى القوانين "… التي تكون مطابقة للمبادئ القانونية العامة، وعلى الأخص المبدأ الذي يقضي بأن تكون العقوبة متناسبة مع الذنب."
ويتفق "البروتوكولان الإضافيان الأول (الخاص بالمنازعات الدولية) والثاني (الخاص بالمنازعات غير الدولية) في عدم إجازة توقيع أية عقوبة أشد مما كان مطبقاً عند ارتكاب الجريمة. أما إذا عاد المشرع، بعد ارتكاب الجريمة، وخفف من العقوبة القانونية على هذه التهمة، فيستفيد المتهم من هذا التخفيف.
32/5/1 حظر العقاب الجماعيينص "البروتوكول الإضافي الأول" (الصراعات غير المسلحة) على أنه "لا يدان أي شخص بجريمة إلا على أساس المسئولية الجنائية الفردية." كما أن "اتفاقية جنيف الثالثة" تفرض حظراً على توقيع "العقوبات الجماعية عن أفعال فردية" على أسرى الحرب.
وإبان المنازعات غير الدولية لا يجوز أن "يدان أي شخص بجريمة إلا أساس المسؤولية الجنائية الفردية."
وبالنسبة للمدنيين في الأراضي المحتلة "لا يجوز معاقبة أي شخص محمي (من الفئات الخاضعة لنص المعاهدة) عن مخالفة لم يقترفها هو شخصياً. وتحظر العقوبات الجماعية، وبالمثل جميع تدابير التهديد أو الإرهاب."
32/6 الدعاوى القضائية المتعلقة بعقوبة الإعداميفرض القانون الإنساني، في الدول التي لم تلغ بعد عقوبة الإعدام، قيوداً صارمة على الحالات التي يجوز فيها توقيع عقوبة الإعدام وتنفيذها. ويجب أن تقترن قراءة هذه القيود، بالإضافة إلى الضمانات الخاصة بالحق في الحياة، بمطالعة أحكام قانون حقوق الإنسان، ومعايير تلك الحقوق التي تحد من استخدام هذه العقوبة. (انظر الفصل 28 الخاص بالدعاوى القضائية المتعلقة بعقوبة الإعدام). وقد استبعدت النظم الأساسية للمحكمتين الجنائيتين الدوليتين الخاصتين بيوغوسلافيا السابقة ورواندا والمحكمة الجنائية الدولية عقوبة الإعدام على جريمة الإبادة الجماعية، وغيرها من الجرائم ضد الإنسانية والانتهاكات الجسيمة للقانون الإنساني.
أسرى الحربحدت "اتفاقية جنيف الثالثة" من الأحوال التي يجوز فيها توقيع عقوبة الإعدام على سجناء الحرب، وتنفيذ تلك الأحكام فيهم.
"يجب تبليغ أسرى الحرب والدول الحامية في أقرب وقت ممكن بالمخالفات التي تستوجب عقوبة الإعدام طبقاً لقوانين الدولة الحاجزة"، على أن يتم ذلك فور وقوعهم في الأسر، ولا يجوز توقيع عقوبة الإعدام عليهم بسبب ارتكاب تلك المخالفات إلا بعد إخطارهم بها.
ولا يجوز للدولة الحاجزة أن توسع من نطاق عقوبة الإعدام دون موافقة الدولة الحامية. وهو ضمان يحمي أسرى الحرب من التعرض لأي تشريع تطبقه عليهم خصيصاُ الدولة الحاجزة من شأنه أن يضر بوضعهم.
واليوم بات أي توسيع في نطاق عقوبة الإعدام بمثابة إجراء يتنافى مع دعوة الجمعية العامة للأمم المتحدة، ولجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، إلى تقليص نطاق هذه العقوبة بهدف إلغائها، ويتنافر مع التزامات الدول الأطراف في "العهد الدولي" و"الاتفاقية الأمريكية". (انظر الفصل 28 الخاص بالدعاوى القضائية المتصلة بعقوبة الإعدام.)
وتقضي المادة 100 من "اتفاقية جنيف الثالثة" بأنه لا يجوز إصدار حكم بالإعدام قبل تنبيه هيئة المحكمة إلى أن ولاء السجين هو لدولة أخرى، وأنه محتجز رغم إرادته. ومن ثم يجب على رئيس المحكمة أن يحرص "على مراعاة هذا الحكم الإلزامي؛ "فإن لم يفعل، توافرت الأسباب لاستئناف الحكم وتنحية النتائج التي توصلت لها المحكمة."
ولا يجوز تنفيذ أي حكم بالإعدام على أسير حرب قبل انقضاء مهلة لا تقل عن ستة أشهر من تاريخ تسلم الدولة الحامية للإخطار الخاص به. وقد حددت المادة 107 شروطاً مفصلة بشأن الإخطار المذكور. ومن بين أغراض اشتراط إرجاء التنفيذ مدة ستة أشهر إتاحة الوقت للدولة الحامية لكي تخطر بلد المنشأ، حتى يمكنه إيفاد ممثلين دبلوماسيين بهدف بذل مساعٍ لتخفيف العقوبة. وعلاوة على ذلك، فهذا ضمان ضد "صدور الحكم بناءً على ظروف اللحظة، التي كثيراً ما تشوبها الاعتبارات العاطفية."
حظر عقوبة الإعدام على فئات معينة من البشريقضي "البروتوكول الإضافي الأول" المنطبق على المنازعات الدولية، بأنه "لا يجوز تنفيذ حكم الإعدام لجريمة تتعلق بالنزاع المسلح، على الأشخاص الذين لا يكونون قد بلغوا بعد الثامنة عشرة من عمرهم وقت ارتكاب الجريمة." كما أن "البروتوكول الإضافي الثاني"، المنطبق على المنازعات غير الدولية، يوفر حماية أشد حيث ينص على الآتي: "لا يجوز أن يصدر حكم بالإعدام على الأشخاص الذين هم دون الثامنة عشرة وقت ارتكاب الجريمة، كما لا يجوز تنفيذ عقوبة الإعدام على أولات الأحمال أو أمهات صغار الأطفال."
ورغم أن "البروتوكول الإضافي الأول" لا يحظر الحكم بالإعدام على الجرائم المتصلة بالنزاع المسلح على الحوامل أو الأمهات المرضعات، إلا أنه يحظر إعدامهن. "تحاول أطراف النزاع أن تتجنب قدر المستطاع، إصدار حكم بالإعدام على أولات الأحمال أو أمهات الأطفال الصغار اللواتي يعتمد عليهن أطفالهن، بسبب جريمة تتعلق بالنزاع المسلح. ولا يجوز أن ينفذ حكم الإعدام على مثل هؤلاء النسوة."
وعلاوة على ذلك، ينص "البروتوكول الإضافي الثاني" (المنازعات المسلحة غير الحكومية) على أنه "لا يجوز تنفيذ عقوبة الإعدام ... على أولات الأحمال أو أمهات صغار الأطفال."
الملاحق
الملحق الأول
مجموعة التعليقات العامة المعتمدة من جانب اللجنة المعنية بحقوق الإنسان
مجموعة مختارة من التعليقات العامة المعتمدة من اللجنة المعنية بحقوق الإنسان توفر إرشادات مرجعية يحتج بها في تفسير أحكام "العهد الدولي":(وثيقة الأمم المتحدة رقم HRI/GEN/1/Rev.3، 15 أغسطس/آب 1997)
التعليق العام 6 (المادة 6)3) وتعد الحماية من حرمان أي إنسان من حياته تعسفاً. وهي حماية تقتضيها الجملة الثالثة من المادة 6(1) صراحةً، ذات أهمية بالغة. وترى اللجنة أن على الدول الأطراف أن تتخذ تدابير ليست فقط لمنع حرمان أي إنسان من حياته عن طريق القيام بأعمال إجرامية والمعاقبة على ذلك الحرمان، وإنما أيضاً لمنع أعمال القتل التعسفي التي ترتكبها قوات الأمن التابعة لتلك الدول ذاتها. ويعد حرمان أي إنسان من حياته من قبل سلطات الدولة أمراً بالغ الخطورة، ولذلك ينبغي للقانون أن يضبط ويقيد بشكل صارم الظروف التي يمكن فيها للسلطات حرمان أي شخص من حياته.
6) ومع أنه يستنتج من المادة 6(2) إلى (6) أن الدول الأطراف ليست ملزمة بإلغاء عقوبة الإعدام إلغاء تاماً، فإنها ملزمة بالحد من استخدامها، ولا سيما بإلغاء الحكم بها إلا في حالة ارتكاب "أشد الجرائم خطورة"، ولذلك ينبغي لها أن تفكر في إعادة النظر في قوانينها الجنائية في ضوء ما سبق، وهي ملزمة، على أية حال، بقصر تطبيق عقوبة الإعدام على "أشد الجرائم خطورة". وتشير المادة أيضاً، بصورة عامة، إلى إلغاء عقوبة الإعدام بعبارات توحي بقوة بأن الإلغاء مستصوب (الفقرتان 2(2) و(6)). وتستخلص اللجنة أنه ينبغي اعتبار كل التدابير المتعلقة بالإلغاء تقدماً نحو التمتع بالحق في الحياة في إطار مفهوم المادة 40، وأنه ينبغي، على ذلك الأساس، تقديم تقرير بشأنها إلى اللجنة. وتلاحظ اللجنة أن عدداً من الدول قد ألغى بالفعل عقوبة الإعدام أو أوقف تطبيقها. ومع ذلك، تبين تقارير الدول أن التقدم المحرز نحو إلغاء عقوبة الإعدام أو الحد من تطبيقها غير كافٍ بالمرة.
7) وترى اللجنة أنه ينبغي فهم عبارة "أشد الجرائم خطورة" بمعناها الضيق، وهو أن عقوبة الإعدام ينبغي أن تكون تدبيراً استثنائياً جداً. ويستنتج أيضاً من العبارات الصريحة للمادة 6 أنه لا يمكن فرض هذه العقوبات ألا وفقاً للقوانين التي تكون سارية عند ارتكاب الجريمة وغير مخالفة لأحكام العهد. وينبغي احترام الضمانات الإجرائية الوارد وصفها في العهد بما في ذلك الحق في جلسات استماع عادلة من قبل محكمة مستقلة، وافتراض البراءة. والضمانات الأدنى للدفاع، والحق في إعادة النظر في العقوبة من جانب محكمة أعلى. وتنطبق هذه الحقوق بالإضافة إلى الحق الخاص في التماس العفو أو تخفيف العقوبة.
التعليق العام 8 (المادة 9)1) إن المادة 9 التي تتناول مسألة حق كل شخص في الحرية وفي الأمان على شخصه غالباً ما فهمت فهماً ضيقاً إلى حد ما في التقارير التي قدمتها الدول الأطراف. ولذلك قدمت تلك الدول معلومات غير كاملة. وتشير اللجنة إلى أن الفقرة 1 تنطبق على جميع أنواع الحرمان من الحرية، سواء في الحالات الجنائية أو في الحالات الأخرى كالأمراض العقلية، مثلاً، والتشرد، وإدمان المخدرات، والأغراض التربوية، ومراقبة الهجرة، إلى غير ذلك. وصحيح أن بعض أحكام المادة 9 (جزء من الفقرة 2 وكامل الفقرة 3) لا تنطبق إلا على الأشخاص الذين توجه إليهم تهمة ارتكاب إحدى الجرائم، غير أن البقية، وخاصةً الضمان الهام الوارد في الفقرة 4، أي حق الرجوع إلى القضاء ليقوم بتحري قانونية الاعتقال، تنطبق على جميع الأشخاص الذين يتعرضون للحرمان من حريتهم بالقبض عليهم أو باعتقالهم. وبالإضافة إلى ذلك، يتعين على الدول الأطراف أن تضمن أيضاً، وفقاً للمادة 2(3) توفير سبيل الانتصاف الفعال في الحالات الأخرى التي يدعي فيها شخص أنه قد تعرض للحرمان من حريته مما يتنافى مع هذا العهد.
2) تقتضي الفقرة 3 من المادة 9، أن يراعى في حالة أي إنسان موقوف أو معتقل بتهمة ارتكاب إحدى الجرائم، إحالته "فوراً" إلى أحد القضاة أو الموظفين المخولين قانوناً مباشرة الوظائف القضائية. ويضع القانون، في معظم الدول الأطراف، حدوداً زمنيةً أكثر دقة. وترى اللجنة أن التأخير لا ينبغي أن يتجاوز أياماً معدودة. وقد قدم عدد كبير من البلدان معلومات غير كافية عن الممارسات الفعلية فيما يتعلق بهذه المسألة.
3) وهناك موضوع آخر، وهو مدة الاحتجاز الإجمالية في انتظار المحاكمة. وهذا الموضوع أثار بالنسبة لفئات معينة من القضايا الجنائية في بعض البلدان بعض القلق داخل اللجنة. وقد استفسر الأعضاء عما إذا كانت ممارسات تلك البلدان تتوافق مع حق الشخص في "محاكمته خلال مدة معقولة أو" في "الإفراج عنه" بمقتضى الفقرة 3. وينبغي أن يكون الاحتجاز قبل الإحالة للمحاكمة إجراءً استثنائياً وأن تكون مدته قصيرة إلى أقصى حد ممكن. واللجنة ترحب بأية معلومات تتعلق بالآليات الحالية والتدابير المتخذة لتخفيض مدة ذلك الاحتجاز.
التعليق العام 13 (المادة 14)4) وتنطبق أحكام المادة 14 على جميع المحاكم في نطاق هذه المادة عادية كانت أو متخصصة، وتلاحظ اللجنة أنه توجد، في بلدان عديدة، محاكم عسكرية أو خاصةً تحاكم المدنيين. وقد يثير ذلك مشاكل خطيرة فيما يتعلق بإقامة العدالة على نحو منصف وحيادي ومستقل. وغالباً ما يكون السبب في إنشاء هوه المحاكم هو التمكن من تطبيق إجراءات استثنائية لا تتفق مع المعايير العادية للعدل. ومع أن العهد لا يحظر هذه الفئات من المحاكم. إلا أن الشروط التي ينص عليها تشير صراحةً إلى ان محاكمة المدنيين من جانب هذه المحاكم ينبغي أن تكون استثنائية جداً. وأن تجري بشروط تسمح أساساً بتوافر جميع الضمانات المنصوص عليها في المادة 14. ولاحظت اللجنة النقص الخطير في المعلومات بها الشأن في تقارير بعض الدول الأطراف التي تتضمن مؤسساتها القضائية مثل هذه المحاكم لمحاكمة المدنيين. وفي بعض البلدان، لا توفر مثل هذه المحاكم العسكرية والخاصة الضمانات الصارمة لإقامة العدالة على وجه صحيح وفقاً لمتطلبات المادة 14 التي هي متطلبات أساسية لتوفير حماية فعلية لحقوق الإنسان. وإذا قررت الدول الأطراف في حالات الطوارئ الاستثنائية المشار إليها في المادة 4 عدم التقيد بالإجراءات الاعتيادية المنصوص عليها في المادة 14، ينبغي أن تتأكد من أن حالات عدم التقيد هذه لا تتجاوز أضيق الحدود التي يتطلبها الوضع الفعلي، وأن تتقيد بسائر الشروط الواردة في الفقرة 1 من المادة 14.
5) وتنص الجملة الثانية من الفقرة 1 من المادة 14 على أن "من حق كل فرد ... أن تكون قضيته محل نظر منصف وعلني". وتتوسع الفقرة 3 من المادة في بيان مقتضيات "النظر المنصف" فميا يتعلق بالفصل في التهم الجنائية، غير أن متطلبات الفقرة 3 هي ضمانات دنيا لا يكفي دائماً التقيد بها لتأمين نظر منصف في القضية وفقاً لما تنص عليه الفقرة 1.
6) إن علنية المحاكمات هي وسيلة وقائية هامة لمصلحة الفرد والمجتمع بأسره. وفي الوقت ذاته، تعترف الفقرة 1 من المادة 14 بأن للمحاكم سلطة منع الجمهور كلياً أو جزئياً من حضور المحاكمة لأسباب واردة في الفقرة ذاتها. وتجدر الإشارة إلى أن اللجنة تعتبر أن المحاكمة، بخلاف مثل هذه الظروف الاستثنائية، يجب أن تكون مفتوحة للجمهور عامة، بمن فيه الأفراد التابعون للصحافة. ويجب ألا تكون مثلاً، محصورة فقط بفئة معينة من الأشخاص. وتجدر الإشارة إلى أنه حتى بالنسبة للقضايا التي يمنع فيها الجمهور من حضور المحاكمة، يجب أن يكون الحكم علنياً، مع بعض الاستثناءات المحددة حصراً.
7) ولاحظت اللجنة نقصاً في المعلومات المتعلقة بالفقرة 2 من المادة 14، بل لاحظت في بعض الحالات أن قرينة البراءة، التي هي أساسية لحماية حقوق الإنسان، مصاغة بعبارات بالغة الغموض، أو أنها تنطوي على شروط تجعلها غير فعالة. فبسبب قرينة البراءة يقع عبء إثبات التهمة على عاتق الادعاء ويجعل الشك لصالح المتهم. ولا يمكن افتراض الذنب إلا بعد إثبات التهمة بما لا يدع للشك المعقول مجالاً. فضلاً عن أن قرينة البراءة تنطوي على حق المعاملة وفقاً لهذا المبدأ، لذلك، فإن من واجب جميع السلطات العامة أن تمتنع عن الحكم بصورة مسبقة على نتيجة المحاكمة.
8) ومن بين الضمانات الدنيا في الإجراءات الجنائية المنصوص عليها في الفقرة 3، الضمانة الأولى التي تتعلق بحق كل متهم بجريمة في أن يتم إعلامه، في لغة يفهمها، بطبيعة التهمة الموجهة إليه (الفقرة الفرعية (أ)، وتلاحظ اللجنة أن تقارير الدول لا تشرح في الغالب كيف يتم مراعاة هذا الحق وتأمينه. وتنطبق المادة 14(3)(أ) على جميع حالات التهم الجنائية، بما فيها تلك الموجهة إلى أشخاص غير معتقلين. وتلاحظ اللجنة كذلك أن حق المتهم بجريمة في أن يتم إعلامه بالتهمة "سريعاً" يتطلب أن تعطى المعلومات بالطريقة الموصوفة فور توجيه التهمة من جانب سلطة ذات صلاحية. وفي رأي اللجنة أن هذا الحق يجب أن ينشأ عندما تقرر إحدى المحاكم أو إحدى سلطات الادعاء العام، أثناء التحقيق، أن تتخذ إجراءات ضد شخص مشتبه به بأنه ارتكب جريمة أو تسميه علناً بأنه مشتبه به، ويمكن الإيفاء بالمتطلبات المحددة في الفقرة الفرعية (3)(أ) عن طريق إعلان التهمة شفهياً أو خطياً، على ان تشير المعلومات إلى القانون وإلى الأفعال المدعى بها والتي ترتكز عليها التهمة.
9) وتنص الفقرة الفرعية 3(ب) على أن يُعطي المتهم من الوقت ومن التسهيلات ما يكفيه لإعداد دفاعه وللاتصال بمحام يختاره بنفسه. إن "الوقت الكافي" يتوقف على ظروف كل قضية، لكن التسهيلات يجب أن تشمل الوصول إلى الوثائق وغيرها من الإثباتات التي يطلبها المتهم لإعداد دفاعه. وكذلك فرصة تعيين محامٍ والاتصال به. وعندما لا يريد المتهم أن يدافع عن نفسه شخصياً أو يطلب شخصاً أو جمعية يختارهما هو، يجب أن يتمكن من اللجوء إلى محامٍ، وبالإضافة إلى ذلك، تنص هذه الفقرة الفرعية على أن يتصل المحامي بالمتهم في شروط تضمن التقيد الكامل بسرية اتصالاتهما. وينبغي أن يكون بإمكان المحامين أن يقدموا المشورة إلى موكليهم وأن يمثلوهم وفقاً لمعاييرهم وأفكارهم المهنية الثابتة دون أية قيود أو تأثيرات أو ضغوط أو تدخلات لا مبرر لها من أي جهة.
10) وتنص الفقرة الفرعية 3(ج) على أن يحاكم المتهم دون تأخير لا مبرر له. وتتعلق هذه الضمانة لا بالتاريخ الذي ينبغي أن تبدأ فيه المحاكمة وحسب، وإنما أيضاً بالتاريخ الذي ينبغي أن تنتهي فيه هذه المحاكمة وأن يصدر فيه الحكم. فيجب أن تتم جميع المراحل "دون تأخير لا مبرر له". وبغية جعل هذا الحق فعلياً، يجب أن تتوفر إجراءات لضمان أن المحاكمة سوف تسير "دون تأخير لا مبرر له"، في الدرجة الأولى والاستئناف على حد سواء.
11) لم تعالج جميع التقارير كافة جوانب حق الدفاع، كما حددته الفقرة الفرعية 3(د). فاللجنة لم تتلق دائماً معلومات كافية تتعلق بحماية حق المتهم في أن يكون حاضراً أثناء الفصل في أية تهمة موجهة إليه، أو بكيفية ضمان النظام القانوني لحقه سواء في الدفاع عن نفسه شخصياً أو بواسطة محامٍ من اختياره، أو بماهية الترتيبات التي تتخذ إذا كان الشخص لا يملك الوسائل الكافية لدفع أجر المعونة القضائية. ويجب أن يكون للمتهم أو لمحاميه حق العمل بعناية ودون خوف على استخدام جميع وسائل الدفاع المتاحة. وحق الاعتراض على سير القضية إذا كانا يعتقدان بأنه غير منصف. وعندما تجرى المحاكمات غيابياً، بصورة استثنائية ولأسباب مبررة، يصبح التقيد الدقيق بحقوق الدفاع أكثر ضرورة.
12) وتنص الفقرة الفرعية 3(هـ) على أنه يحق للمتهم أن يناقش شهود الاتهام بنفسه أو من قبل غيره، وأن يحصل على الموافقة على استدعاء شهود النفي واستجوابهم بذات الشروط المطبقة في حالة شهود الاتهام. وهذا الحكم وضع لكي يضمن للمتهم ذات السلطات القانونية لإلزام الشهود على الحضور ولإجراء الاستجواب أو الاستجواب المضاد لأي شهود كما هي الحال بالنسبة للسلطات المتاحة للادعاء العام.
13) وتنص الفقرة الفرعية 3(و) على أنه في حالة عدم تمكن المتهم من التكلم أو فهم اللغة المستخدمة في المحكمة، فإن له الحق في مساعدة مجانية من مترجم. وهذا الحق مستقل عن نتيجة المحاكمة، وينطبق على الأجانب، وكذلك على رعايا البلد. وأنه ذو أهمية أساسية في القضايا التي يكون فيها جهل اللغة التي تستخدمها المحكمة أو الصعوبة في فهمها عائقاً رئيسياً في وجه الدفاع.
14) وتنص الفقرة الفرعية 3(ز) على ألا يكره المتهم على الشهادة ضد نفسه أو على الاعتراف بذنب. ولدى النظر في هذا التدبير الوقائي، ينبغي عدم إغفال أحكام المادة 7 والفقرة 1 من المادة 10، فبغية إكراه المتهم على الاعتراف أو على الشهادة ضد نفسه، غالباً ما تستخدم طرق تنتهك هذه الأحكام. وينبغي أن ينص القانون على أن الإثباتات الموفرة بواسطة مثل هذه الطرق أو بأي شكل آخر من أشكال الإكراه غير مقبولة البتة.
15) وبغية الحفاظ على حقوق المتهم بموجب الفقرتين 1 و7 من المادة 14، ينبغي أن يكون للقضاة سلطة النظر في أي ادعاءات بانتهاكات حقوق المتهم أثناء أية مرحلة من مراحل المحاكمة.
16) وتنص الفقرة 4 من المادة 14 على أن الإجراءات المطبقة على الأحداث تأخذ في الاعتبار أعمارهم وضرورة العمل على إعادة تأهيلهم، ولم تقدم تقارير عديدة معلومات كافية تتعلق بمسائل ذات صلة كالسن الدنيا التي يمكن فيها اتهام حدث بجريمة، والسن القصوى التي لا يزال الشخص يعتبر فيها حدثاً. ووجود محاكم وإجراءات خاصة، والقوانين المنظمة للإجراءات ضد الأحداث،وكيف تراعى جميع هذه الترتيبات الخاصة للأحداث، "ضرورة العمل على إعادة تأهيلهم". وينبغي أن يتمتع الأحداث، على الأقل، بذات الضمانات والحماية الممنوحة للراشدين بموجب المادة 14.
17) وتنص الفقرة 5 من المادة 14 على ان لكل شخص أدين بجريمة حق اللجوء، وفقاً للقانون، إلى محكمة أعلى كيما تعيد النظر في قرار إدانته وفي العقاب الذي حكم به عليه، ويُلفت الانتباه بنوع خاص إلى ترجمة كلمة "جريمة" (crime) الواردة في اللغات الأخرى ( "infraction" - "delito" - prestuplenie"")، مما يدل على ان الضمانة لا تنحصر فقط بالجرائم الأكثر جسامة. وفي هذا السياق، لم تقدم معلومات كافية بشأن إجراءات الاستئناف، وخاصةً الوصول إلى محاكم المراجعة وسلطات هذه المحاكم، وما هي الشروط الواجب توافرها للاستئناف ضد حكم صادر، والطريقة التي تراعى بها إجراءات محاكم المراجعة متطلبات النظر المنصف والعلني الواردة في الفقرة 1 من المادة 14.
18) وتنص الفقرة 6 من المادة 14 على التعويض، وفقاً للقانون، في بعض حالات وقوع خطأ قضائي موصوفة في المادة المذكورة. ويتبين من تقارير دول عديدة أن هذا الحق غالباً ما لا يُراعى أو لا يُضمن بشكلٍ كافٍ في التشريع المحلي، وينبغي للدول عند الاقتضاء، أن تكمل تشريعاتها في هذا المجال بغية جعلها متسقة مع أحكام العهد.
19) ولدى النظر في تقارير الدول، غالباً ما تم الإعراب عن آراء متباينة فيما يتعلق بمدى الفقرة 7 من المادة 14. وقد رأت بعض الدول الأطراف ضرورة إبداء تحفظات فيما يتصل بإجراءات استئناف سير القضايا الجنائية، ويبدو للجنة أن معظم الدول الأطراف تفرق تفريقاً واضحاً بين استئناف سير المحاكمة المبرر بظروف استثنائية، وإعادة المحاكمة المحظورة عملاً بمبدأ عدم جواز المحاكمة على ذات الجرم مرتين (non bis in idem) الوارد في الفقرة 7. وفهم معنى مبدأ non bis in idem على هذا النحو قد يشجع الدول الأطراف على إعادة النظر في تحفظاتها على الفقرة 7 من المادة 14.
التعليق العام 16 (المادة 17)8) وحتى فيما يتعلق بعمليات التدخل التي تتفق مع العهد، يجب أن يحدد التشريع دون الصلة بالتفصيل الظروف المحددة التي يجوز فيها السماح بهذا التدخل. وأي قرار باللجوء إلى هذا التدخل المسموح به يجب أن تتخذه السلطة التي يسميها القانون وحدها دون سواها. وعلى أساس كل حالة على حدة. ويقتضي التقيد بالمادة 17 ضمان سلامة وسرية المراسلات قانوناً وفي الواقع. وينبغي أن تُسلم المراسلات إلى المرسل إليه دون مصادرتها أو فتحها أو قراءاتها. وينبغي حظر الرقابة، بالوسائل الإلكترونية أو بغيرها على السواء، وحظر اعتراض طريق الاتصالات الهاتفية والبرقية، وغيرها من أشكال الاتصالات، والتنصت على المحادثات وتسجيلها. وينبغي أن يقتصر تفتيش منزل الشخص على البحث عن الأدلة اللازمة. وينبغي ألا يسمح بأن يصل إلى حد المضايقة. وفيما يتعلق بالتفتيش الشخصي والبدني، ينبغي أن تكون هناك تدابير فعالة تكفل إجراء هذا التفتيش بأسلوب يتفق مع كرامة الشخص الذي يجري تفتيشه. وفي حالة الأشخاص الذين يخضعون لتفتيش بدين يجريه مسؤولون حكوميون أو موظفون طبيون يقومون بذلك بناءً على طلب الدولة، لا ينبغي ألا يجري الفحص إلا بواسطة أشخاص من نفس الجنس.
التعليق العام 20 (المادة 7)2) ونص المادة 7 لا يسمح بأي تقييد. وتؤكد اللجنة مرة أخرى أنه حتى في حالات الطوارئ العامة، مثل تلك المشار إليها في المادة 4 من العهد، لا يسمح بأي انتقاص من الحكم الوارد في المادة 7، ويجب أن تبقى أحكامها سارية المفعول. وتلاحظ اللجنة أيضاً أنه لا يجوز التذرع بأي مبررات أو ظروف مخففة كتبرير لانتهاك المادة 7 لأي أسباب كانت، بما في ذلك الأسباب المستندة إلى أمر صادر من مسؤول أعلى أو من سلطة عامة.
5) وينصب الحظر الوارد في المادة 7 ليس فقط على الأفعال التي تسبب ألماً بدنياً، وإنما أيضاً على الأفعال التي تسبب للضحية معاناة عقلية. ومن رأي اللجنة فضلاً عن هذا أن الحظر يجب أن يمتد إلى العقوبة البدنية، بما في ذلك العقاب الشديد الذي يؤمر به للمعاقبة على جريمة أو كتدبير تعليمي أو تأديبي. ومن الملائم في هذا الصدد التأكيد على أن المادة 7 تحمي بوجه خاص الأطفال والتلاميذ والمرضى في المؤسسات التعليمية والطبية.
6) وتلاحظ اللجنة أن الحبس الانفرادي لمدد طويلة للشخص المحتجز أو المسجون قد يرقى إلى مرتبة الأفعال المحظورة بمقتضى المادة 7. وكما ذكرت اللجنة في التعليق العام رقم 6(16)، فإن المادة 6 من العهد تشير بصفة عامة إلى إلغاء عقوبة الإعدام في عبارات توحي بقوة بأن الإلغاء أمر مرغوب فيه، وفضلاً عن هذا، فإنه عندما تطبق دولة طرف عقوبة الإعدام على أخطر الجرائم، فيجب ألا تكون مقيدة تقييداً شديداً فحسب وفقاً للمادة 6، بل يجب أيضاً أن يكون تنفيذها بطريقة تسبب أقل درجة ممكنة من المعاناة البدنية والعقلية.
7) وتحظر المادة 7 صراحة إجراء تجارب طبية أو علمية دون موافقة الشخص المعني موافقة حرة. وتلاحظ اللجنة أن تقارير الدول الأطراف لا تتضمن عادة إلا القليل من المعلومات عن هذه النقطة. وينبغي إيلاء المزيد من الاهتمام لضرورة ووسائل ضمان التقيد بهذا الحكم. وتشير اللجنة أيضاً إلى ضرورة توفير حماية خاصة من هذه التجارب، وذلك في حالة الأشخاص غير القادرين على الموافقة موافقة صحيحة. وبصفة خاصة أولئك الذين يجري إخضاعهم لأي شكل من أشكال الاحتجاز أو السجن، فهؤلاء الأشخاص يجب ألا يكونوا موضوع تجارب طبية أو علمية من شأنها أن تضر بصحتهم.
11) وينبغي للدولة الطرف، بالإضافة إلى وصف الخطوات التي تتبعها لتوفير الحماية العامة، التي تحق لأي شخص من الأعمال المحظورة بموجب المادة 7، أن تقدم معلومات مفصلة عن الضمانات التي تكفل الحماية الخاصة للأشخاص المعرضين للأذى بصفة خاصة. ومن الجدير بالملاحظة أن إحدى الوسائل الفعالة لمنع حالات التعذيب وسوء المعاملة هي إبقاء قواعد الاستجواب وتعليمات وطرق وممارسات وترتيبات حجز ومعاملة الأشخاص المعرضين لأي شكل من أشكال القبض أو الاحتجاز أو السجن قيد الاستعراض المنتظم. ولضمان الحماية الفعلية للمحتجزين، ينبغي اتخاذ ترتيبات لوضعهم في أماكن معترف بها رسمياً كأماكن احتجاز، ولحفظ أسمائهم وأماكن احتجازهم، فضلاً عن أسماء الأشخاص المسؤولين عن احتجازهم في سجل يتاح وييسر الاطلاع عليه للمعنيين، بما في ذلك الأقرباء والأصدقاء. وعلى نفس النحو، ينبغي تسجيل وقت ومكان جميع الاستجوابات بالإضافة إلى أسماء جميع الحاضرين. وينبغي أن يتاح الاطلاع على هذه المعلومات لأغراض الإجراءات القضائية أو الإدارية. كما ينبغي اتخاذ ترتيبات ضد الاحتجاز الانفرادي. وفي هذا السياق ينبغي للدول الأطراف أن تضمن خلو أمكنة الاحتجاز من أية معدات قابلة للاستخدام لأغراض التعذيب أو إساءة المعاملة. وإن توفير الحماية للمحتجزين يقتضي أيضاً إتاحة الوصول إليه بشكل عاجل ومنتظم للأطباء والمحامين. وكذلك، في ظل إشراف مناسب عندما يقتضي التحقيق ذلك، لأفراد الأسرة.
12) ومن المهم، من أجل عدم تشجيع ارتكاب الانتهاكات المتعلقة بالمادة 7، أن يحظر القانون في أي إجراءات قضائية، استخدام أو جواز قبول أي أقوال أو اعترافات يكون قد تم الحصول عليها عن طريق التعذيب أو أية معاملة أخرى محظورة.
14) وينبغي قراءة المادة 7 بالاقتران مع الفقرة 3 من المادة 2 من العهد. وينبغي أن تبين الدول الأطراف في تقاريرها الكيفية التي يضمن بها نظامها القانوني على نحو فعال الإنهاء الفوري لجميع الأفعال التي تحظرها المادة 7، فضلاً عن توفير إنصاف مناسب. ويجب التسليم في القانون الداخلي بالحق في تقديم شكاوى من سوء المعاملة المحظور بموجب المادة 7 من العهد ويجب قيام السلطات المختصة بالتحقيق بصورة عاجلة ومحايدة في الشكاوى بغية جعل وسيلة الإنصاف فعالة. وينبغي أن تقدم تقارير الدول الأطراف معلومات محددة عن وسائل الانتصاف المتاحة لضحايا سوء المعاملة والإجراءات التي يتعين على الشاكين اتباعها، وإحصاءات عن عدد الشكاوى والكيفية التي عولجت بها.
التعليق العام 21 (المادة 10)3) وتفرض الفقرة 1 من المادة 10 على الدول الأطراف التزاماً إيجابياً إزاء الأشخاص الذين يتأثرون على نحو خاص بسبب مركزهم كأشخاص محرومين من حريتهم، وتتمم بالنسبة لهم الحظر المفروض على التعذيب أو المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة والوارد في المادة 7 من العهد، ومن ثم لا يجوز تعريض الأشخاص المحرومين من حريتهم لمعاملة منافية للمادة 7، بما في ذلك التجارب الطبية والعلمية، بل ولا يجوز أيضاً تعريضهم لأي مشقة أو قيد خلاف ما هو ناجم عن الحرمان من الحرية. ويجب ضمان احترام كرامة هؤلاء الأشخاص بالشروط نفسها كما هي بالنسبة للأشخاص الأحرار. ويتمتع الأشخاص المحرومون من حريتهم بجميع الحقوق المبينة في العهد، رهناً بالقيود التي لا مفر من تطبيقها في بيئة مغلقة.
4) وإن معاملة جميع الأشخاص المحرومين من حريتهم معاملة إنسانية تحترم كرامتهم قاعدة جوهرية وواجبة التطبيق عالمياً. ونتيجة لذلك، لا يمكن أن يتوقف تطبيق هذه القاعدة، كحد أدنى، على الموارد المادية المتوافرة في الدولة الطرف. ويجب تطبيق هذه القاعدة دون تمييز من أي نوع، كالتمييز على أساس العنصر أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو الرأي السياسي أو غيره، أو المنشأ الوطني أو الاجتماعي، أو الممتلكات أو المولد، أو أي مركز آخر.
9) وتنص الفقرة 2(أ) من المادة 10 على فصل المتهمين، إلا في الظروف الاستثنائية، عن المحكوم عليهم. وهذا الفصل مطلوب من أجل التأكيد على مركزهم كأشخاص غير محكوم عليهم ويتمتعون في الوقت نفسه بالحق في اعتبارهم أبرياء وفقاً للمنصوص عليه في الفقرة 2 من المادة 14. وينبغي لتقارير الدول الأطراف أن تبين كيف يتم فصل الأشخاص المتهمين عن الأشخاص المحكوم عليهم وأن توضح كيف تختلف معاملة الأشخاص المتهمين عن معاملة المحكوم عليهم.
13) وعلاوة على ذلك، تلاحظ اللجنة أن تقارير بعض الدول الأطراف لا تتضمن أية معلومات بشأن المعاملة التي يلقاها المتهمون الأحداث والأحداث المذنبون. وتنص الفقرة 2(ب) من المادة 10 على فصل المتهمين الأحداث عن البالغين. وتوضح المعلومات المقدمة في التقارير أن بعض الدول الأطراف لا تولي الاهتمام اللازم لواقع أن هذا النص هو حكم إلزامي من أحكام العهد. وينص الحكم أيضاً على وجوب النظر في القضايا الخاصة بالأحداث بأسرع ما يمكن. وينبغي أن تحدد التقارير التدابير التي تتخذها الدول الأطراف لإنفاذ هذا الحكم. وأخيراً تقضي الفقرة 3 من المادة 10 بأن يفصل المذنبون الأحداث عن البالغين ويعاملوا معاملة تتفق مع سنهم ومركزهم القانوني فيما يتعلق بظروف الاحتجاز. ويشمل ذلك على سبيل المثال تقصير فترات العمل والسماح بالاتصال بالأقارب، وذلك بهدف التشجيع على إصلاحهم وإعادة تأهيلهم. ولا تتضمن المادة 10 إشارة تحدد سن الحدث. وفي حين أنه يتعين على كل دولة طرف أن تحدد هذا في ضوء الظروف الاجتماعية والثقافية والظروف الأخرى ذات الصلة ترى اللجنة أن الفقرة 5 من المادة 6 تقترح أن يعامل جميع الأشخاص دون الثامنة عشرة من العمر بوصفهم من الأحداث في المسائل المتصلة بالقضاء الجنائي على الأقل. وينبغي للدول تقديم معلومات ذات صلة عن فئات أعمار الأشخاص الذين يعاملون باعتبارهم من الأحداث. وفي هذا الصدد، فإن الدول الأطراف مدعوة إلى أن تبين ما إذا كانت تطبق قواعد الأمم المتحدة النموذجية الدنيا لإدارة شؤون قضاء الأحداث والمعروفة باسم قواعد بكين (1987).
الملحق الثاني
قرار اللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب بشأن الحق في اللجوء إلى القضاء وتلقي محاكمة عادلة*
إن اللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب
إذ تدرك أن الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب قد أعد بغرض تعزيز حقوق الإنسان وحمايتها وفقاً للأحكام الواردة في الميثاق، وإذ تعترف بالمعايير الدولية لحقوق الإنسان،
وإذ تسلم بأن الحق في المحاكمة العادلة جوهري لحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية،
وإذ تضع نصب أعينها المادة 7 من الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب،
1) ترى أن من حق كل شخص تُنتهك حقوقه أو حريته أن يحصل على سبيل انتصاف فعال،2) ترى أيضاً أن الحق في المحاكمة العادلة يشمل، ضمن ما يشمل، الآتي:
أ) أن يكون من حق كل شخص أن يعرض قضيته وأن يعامل على قدم المساواة مع غيره أمام المحاكم عند البت في حقوقه والتزاماته،ب) إبلاغ كل شخص، عند القبض عليه، بلغة يفهمها بأسباب القبض عليه وإبلاغه على وجه السرعة بأية تهم تنسب إليه.ج) عرض المقبوض عليهم أو المحتجزين - على وجه السرعة - على قاضٍ أو موظفٍ آخر يخوله القانون ممارسة السلطة القضائية، ومن حقهم أن يقدموا إلى المحاكمة في غضون مدة زمنية معقولة أو يفرج عنهم.د) افتراض براءة المتهم بارتكاب فعل جنائي إلى أن تثبت إدانته محكمة مختصة.هـ) أن يكون من حق المتهمين، عند الفصل في التهم المنسوبة إليهم، ما يلي:
1- أن توفر لهم كفايتهم من الوقت والتسهيلات لإعداد دفاعهم، وأن يتصلوا في إطار من السرية بمحاميين يختارونهم،2- أن يقدموا للمحاكمة في غضون فترة زمنية معقولة،3- أن يناقشوا شهود الإثبات بأنفسهم أو من قبل غيرهم، وأن يحصلوا على الموافقة على استدعاء شهود النفي وأن يناقشوهم بموجب نفس الشروط المطبقة في حالة شهود الإثبات.4- أن يحصلوا على مساعدة من مترجم دون مقابل، إذا كانوا لا يتكلمون اللغة التي تستخدمها المحكمة.
3) من حق أي شخص يدان بارتكاب فعل جنائي أن يستأنف الحكم أمام محكمة أعلى.4) توصي الدول الأطراف في الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب بأن تنشر الوعي بإجراءات اللجوء للقضاء وأن توفر للمحتاجين المساعدة القانونية.5) تقرر الاستمرار في إجراء المزيد من الدراسة والبحث بشأن الحق في اللجوء إلى القضاء، والحصول على محاكمة عادلة بهدف مواصلة التوسع في المبادئ المتصلة بهذا الحق.
حق المرء في أن يدافع عن نفسه بشخصه أو من خلال محام يترافع عنه
لكل شخص يتهم بارتكاب فعل جنائي الحق في أن يدافع عن نفسه بشخصه أو من خلال محامٍ. وله الحق في الحصول على مساعدة من محامٍ يختاره بنفسه أو يُنتدب لمساعدته من أجل مصلحة العدالة بدون مقابل، إذا كان غير قادر على أن يدفع أتعابه. وله الحق في أن يتصل بمحاميه في إطار من السرية. (انظر كذلك الفصل 3 الخاص بالحق في الاستعانة بمحامٍ أمام المحاكم).
20/1 حق المتهم في أن يدافع عن نفسهلكل من يتهم بارتكاب فعل جنائي الحق في أن يدافع عن نفسه أو ضد التهمة المنسوبة إليه.*
ولكي يكون الحق في الدفاع مجدياً يجب أن يكون من حق المتهم حضور محاكمته (انظر الفصل 21 الخاص بالحق في حضور المحاكمة والاستئناف) وأن يدافع عن نفسه شخصياً. ويجب أن يكون من حق المتهم أيضاً الحصول على مساعدة من محامٍ. ويشمل الحق في الحصول على محامٍ الحق في اختيار محامي الدفاع أو، في الحالات التي تقتضي فيها ذلك مصلحة العدالة، ينتدب له محامٍ دون مقابل إذا لزم الأمر.
ويجب أن يحصل المتهم ومحاميه، إن وجد، الوقت الكافي والتسهيلات المناسبة لإعداد دفاعه (انظر الفصل 8). وعلاوة على ذلك، فيجب أن يمنح المتهم فرصاً متكافئة مع الفرص المتاحة للادعاء لبسط دعواه (انظر الفصل 13/2 الخاص بالحق في المساواة في المعاملة بين الادعاء والمتهم)، ويشمل ذلك الحق في استدعاء الشهود واستجوابهم. (انظر الفصل 22).
المعايير ذات الصلة
المادة 14(3)(د) من "العهد الدولي""لكل متهم بجريمة أن يتمتع أثناء النظر في قضيته، وعلى قدم المساواة التامة، بالضمانات الدنيا الآتية:
"أن يحاكم حضورياً وأن يدافع عنه نفسه بشخصه أو بواسطة محامٍ من اختياره، وأن يخطر بحقه في وجود من يدافع عنه إذا لم يكن له من يدافع عنه، وأن تزوده المحكمة حكماً، كلما كانت مصلحة العدالة تقتضي ذلك، بمحامٍ يدافع عنه، دون تحميله أجراً على ذلك، إذا كان لا يملك الوسائل الكافية لدفع هذا الأجر."
المادة 7(ج) من "الميثاق الأفريقي""حق التقاضي مكفول للجميع وأن يشمل هذا الحق:
"حق الدفاع بما في ذلك الحق في اختيار مدافع عنه."
المادة 8(2)(د) من الاتفاقية الأمريكية:"لكل متهم بارتكاب فعل جنائي الحق في أن يُعتبر بريئاً طالما لم يثبت ذنبه طبقاً للقانون. ومن حق كل شخص أثناء الإجراءات، على قدم المساواة التامة، التمتع بالضمانات الدنيا التالية:
(د) حق المتهم في أن يدافع عن نفسه بشخصه أو بواسطة محام يختاره وأن يتصل بمحاميه دون قيود وعلى انفراد."
20/2 حق المتهم في أن يدافع عن نفسه بشخصه**لكل من يتهم بارتكاب فعل جنائي الحق في أن يدافع عن نفسه بشخصه.
وللمتهم أن يختار محامٍ ليساعده، والمحكمة ملزمة بأن تبلغه بحقه في الاستعانة بمحامٍ.
20/3 حق المتهم في أن يدافع عنه محامٍإن الاستعانة بمحامٍ وسيلة رئيسية لضمان حماية حقوق الإنسان المكفولة للمتهمين بارتكاب أفعال جنائية، وخاصةً حقهم في المحاكمة العادلة.
ولكل من يتهم بارتكاب فعل جنائي الحق في الاستعانة بمساعدة قانونية لحماية حقوقه والدفاع عنها.***
والحق في الحصول على مساعدة قانونية ينطبق على جميع مراحل الدعوى الجنائية، بما في ذلك أثناء التحقيق المبدئي وقبل بدء المحاكمة. (انظر الفصل 2/2/1 الخاص بإبلاغ المتهم بحقه في الاستعانة بمحامٍ، والفصل 3 الخاص بالحق في الاستعانة بمحامٍ قبل المحاكمة).
والحق في تمثيل المتهم بواسطة محامٍ واجب التطبيق، حتى وإن اختار المتهم ألا يحضر محاكمته.
أما بالنسبة للدعاوى الخاصة بالجرائم المعاقب عليها بالإعدام، فقد رأت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان أن مصلحة العدالة تقتضي ألا تنظر الدعوى ما لم يكن للمتهم محامٍ يدافع عنه.
وقد اعتبرت اللجنة الأفريقية أن المادة 7(1)(ج) من الميثاق الأفريقي قد انتهكت في حالة فيرا وأورتون تشيروا في ملاوي بسبب حرمانهما من محامٍ يدافع عنهما في محاكمتهما التي انتهت بمعاقبتهما بالإعدام.
ويشمل حق المتهم في أن يدافع عنه محامٍ الحق في أن يخطر بحقه هذا، وبحقه في مقابلة محاميه والاتصال به في إطار من السرية، وحقه في توكيل محامٍ يختاره أو في انتداب محامٍ كفءٍ للدفاع عنه.
المعايير ذات الصلة
المادة 6(3)(ج) من "الاتفاقية الأوروبية""لكل فرد متهم بارتكاب فعل جنائي الحقوق الدنيا التالية:
(ج) أن يدافع عن نفسه بشخصه أو بمساعدة من محام يختاره، أو في حالة عدم قدرته على دفع أتعاب محامْ، ينتدب له محامٍ دون مقابل عندما تقتضي ذلك مصلحة العدالة.:
المبدأ 1 من المبادئ الأساسية الخاصة بدور المحامين:"لكل شخص الحق في طلب المساعدة من محامٍ يختاره بنفسه لحماية حقوقه وإثباتها، وللدفاع عنه في جميع مراحل الإجراءات الجنائية."
20/3/1 إبلاغ المتهم بحقه في توكيل محاميجب أن يُخطر أي شخص بحقه في أن يدافع عنه محامٍ. وهو حق واجب التطبيق سواء أكانت الشرطة قبضت عليه أو احتجزته أم لم تقبض عليه ولم تحتجزه قبل المحاكمة. ولكي يكون الإخطار بذلك الحق مجدياً، يتعين أن يتم قبل المحاكمة مع ترك فسحة كافية من الوقت، وتوفير تسهيلات كافية للمتهم من أجل إعداد دفاعه.**** انظر الفصل 2/2/1 الخاص بإخطار المتهم بحقه في الاستعانة بمحامٍ.
20/3/2 حق المتهم في اختيار محاميهنظراً لما لعلاقة الثقة والوثوق من أهمية بين المتهم ومحاميه، فمن حق المتهم بوجه عام أن يختار المحامي الذي سيدافع عنه.*+
وقد رأت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان إن حق المتهم في اختيار محاميه قد انتهك في حالة قصرت فيها المحكمة هذا الحق على الاختيار بين محاميين اثنين منتدبين. وبالمثل، فقد وجدت اللجنة المذكورة أن هذا الحق قد انتُهك، عندما اكتفت المحكمة بإعطاء المتهم قائمة بأسماء مجموعة من المحامين العسكريين كان عليه أن يختار منها وحدها محامٍ للدفاع عنه، وكذلك عندما أُرغم متهم على قبول المحامي الذي انتدبه له مجلس عسكري، رغم وجود محامٍ مدني كان على استعداد للدفاع عنه.
وقالت اللجنة الأمريكية الدولية إن الحق في اختيار محامٍ قد تعرض لانتهاك خطير على يد قانون، صدر بموجب مرسوم في بيرو، يمنع أي محامٍ من الدفاع عن أكثر من متهم واحد من المتهمين بممارسة الإرهاب في وقت واحد في أي مكان بالبلاد.
ويجوز تقييد الحق في اختيار المحامي إذا لم يلتزم المحامي المختار بآداب المهنة، أو إذا كان هو نفسه موضوع دعوى جنائية، أو إذا رفض الالتزام بإجراءات المحكمة.
ولم تجد اللجنة الأوروبية أن أحكام الاتفاقية الأوروبية قد انتهكت في حالة منعت فيها المحاكم الوطنية المحامين الذين اختارهم المتهم من الدفاع عنه، بسبب وجود شبهات حول اشتراكهم في نفس الأفعال الجنائية التي اتهم بارتكابها، وفي حالة أخرى رفضت فيها محكمة محلية السماح للمحامي الذي اختاره المتهم بالمرافعة لأنه رفض ارتداء زي المحاماة.
وعلاوةً على ذلك، فليس للمتهم حق غير مقيد في اختيار المحامي الذي سيترافع عنه، خاصةً إذا كانت الدولة هي التي سوف تدفع نفقاته. ومع هذا، فقد رأت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان أنه في الحالات الخاصة بعقوبة الإعدام، يجب على المحكمة أن تعطي الأولوية للمحامي الذي يختاره المتهم، حتى وإن تطلب الأمر تأجيل الجلسة، وينطبق هذا أيضاً على دعاوى الاستئناف. انظر الفصل 28 الخاص بالدعاوى الخاصة بعقوبة الإعدام.
وقالت المحكمة الأوروبية: "يجب على المحاكم الوطنية عند انتداب محامٍ للدفاع عن متهم ما أن تراعي بكل تأكيد رغبات المتهم... ولكن يجوز لها أن تتجاهلها في حالة وجود أسباب وثيقة الصلة بالدعوى وكافية تبرر الاعتقاد بأنها ليست في مصلحة العدالة.
20/3/3 الحق في انتداب محامٍ للدفاع عن المتهم وحقه في الحصول على مساعدة قانونية مجانيةإذا لم يكن المتهم قد وكِّل محامٍ من اختياره ليترافع عنه، فيجوز انتداب محامٍ للدفاع عنه.*++
وقد اعتبرت "الاتفاقية الأمريكية" في المادة 8(2)(هـ) أن الحق في انتداب محامٍ ثابت إذا اختار المتهم ألا يدافع عن نفسه بشخصه أو لم يوكل محامٍ في غضون الفترة التي حددها القانون لذلك الغرض. غير أن المادة 14(3)(د) من "العهد الدولي" والمادة 6(3) من "الاتفاقية الأوروبية" قد اشترطتا لإعمال هذا الحق أن ترى المحكمة أن مصلحة العدالة تقتضي ذلك.
وهذا الشرط المتعلق بانتداب المحامين مرهون في المقام الأول بمدى خطورة الجريمة، والاحتمالات الخطيرة التي قد تترتب على عدم وجود محامٍ، ومن بينها الحكم المحتمل صدوره على المتهم، ومدى تعقد القضية.
وقد رأت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان إن مصلحة العدالة تتطلب انتداب محامٍ في جميع مراحل الدعوى من أجل الدفاع عن الأشخاص المتهمين بجرائم عقوبتها الإعدام؛ إذا لم يكن المتهم قد اختار محامٍ ووكله للدفاع عنه.
وقد نظرت اللجنة المذكورة حالة رجل اتهم بتجاوز السرعة القانونية، ثم حوكم في نفس الوقت بتهمة لا تتصل بالتهمة الأولى، وهي عدم إبلاغ إدارة السجل التجاري بشركة يديرها. ورأت اللجنة أن المتهم عجز عن إثبات أن مصلحة العدالة في هذه الدعوى بالذات كانت تقتضي انتداب محامٍ على نفقة الدولة.
والدولة ملزمة بانتداب محامٍ "دون مقابل" من أجل المتهم بموجب أحكام "العهد الدولي" و"الاتفاقية الأوروبية"، إذا توافر شرطان. الأول أن تتطلب مصلحة العدالة انتداب محامٍ، والثاني ألا يكون المتهم قادراً على دفع أتعاب محامٍ.*^
أما المادة 8(2)(هـ) من الاتفاقية الأمريكية، فلا تلزم الدولة بتحمل نفقات المحامي ما لم ينص على ذلك القانون المحلي. ومع هذا، فقد رأت المحكمة الأمريكية الدولية أن على الدولة أن توفر محامٍ بدون مقابل لكل من يعجز عن الدفع، إذا كان من اللازم الاستعانة بمحامٍ لضمان عدالة المحاكمة.
المعايير ذات الصلة
المادة 8(2)(هـ) من "الاتفاقية الأمريكية""لكل إنسان، على قدم المساواة التامة، الحق، أثناء الإجراءات، في الضمانات الدنيا التالية ...
هـ) حق ثابت في أن توفر الدولة محامٍ، مدفوع الأجر أو بدون مقابل حسبما ينص القانون المحلي، لأي متهم إذا لم يدافع عن نفسه بشخص أو لم يوكل محام في غضون المدة التي يقررها القانون لذلك."
ورأت المحكمة الأوروبية أن المادة 6(3)(ج) من "الاتفاقية الأوروبية" قد انتهكت عندما حرم رجل ما من الحصول على مساعدة قانونية مجانية عند التحقيق معه بتهمة تتعلق بالاتجار في المخدرات، وأثناء محاكمته بهذه التهمة، رغم أن العقوبة على هذه التهمة قد تصل إلى السجن ثلاث سنوات؛ ورغم تعقيد التدابير المتنوعة المقترنة بها لأن المتهم كان قد اتهم بارتكاب تهمة مماثلة، وأفرج عنه بشرط التزام حسن السير والسلوك، وقد ارتكب هذه التهمة المزعومة أثناء فترة خضوعه للمراقبة للتأكد من التزامه بشروط الإفراج. وعلاوة على ذلك، فقد كان المتهم شاباً وله صحيفة سوابق حافلة ويتعاطى المخدرات منذ وقت طويل.
وبالمثل، فقد رأت المحكمة الأوروبية أنه كان من الضروري انتداب محامٍ خلال دعوى استئناف رفعها رجل يواجه تهمة عقوبتها السجن خمس سنوات.
والحكومات مطالبة بأن ترصد اعتمادات مالية كافية وغيرها من الموارد المطلوبة لانتداب المحامين للدفاع عن الفقراء والمحرومين.*^^
20/4 حق المتهم في الاتصال بمحاميه في إطار من السريةيجب أن تجري الاتصالات بين المتهم ومحاميه في إطار من السرية.*# ويجب أن تضمن السلطات أن تظل هذه الاتصالات محاطة بالسرية.
وتقضي المادة 22 من المبادئ الأساسية الخاصة بدور المحامين بأن تعترف الحكومات بضرورة الحفاظ على سرية جميع الاتصالات بين المحامين وموكليهم، التي تتم في نطاق العمل المهني، وأن تحترم سريتها.*##
وقد فسرت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان المادة 14(3) من العهد الدولي، التي تضمن الحق في الاتصال بالمحامين، بقولها إن هذه المادة تلزم "المحامي بالاتصال بالمتهم في ظل أوضاع توفر الاحترام الكامل لسرية هذه الاتصالات."
وبالنسبة للمحتجزين، يتعين على السلطات أن توفر لهم مساحة كافية من الزمن وتسهيلات مناسبة للالتقاء بالمحامين وللحفاظ على سرية الاتصالات بينهم، سواء أكان لقاءً مباشراً أو عن طريق الهاتف أو الخطابات. ويجوز أن تجري هذه اللقاءات أو الاتصالات الهاتفية تحت بصر، وليس سمع، آخرين.(*) (انظر الفصل 3 الخاص بالحق في الاستعانة بمحامٍ قبل المحاكمة).
وقالت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان إنه حيثما وجدت إجراءات مفرطة في البيروقراطية تجعل من العسير الاتصال بالمحامين، فإن الشروط المقررة في المادة 14 من "العهد الدولي" لا تتحقق.
ولا يجوز الأخذ بالمراسلات المتبادلة بين المحامي وموكله كدليل للإدانة ما لم تتصل بجريمة مستمرة أو يُدَبر لارتكابها.(**)
المعايير ذات الصلة
المبدأ 3 من المبادئ الأساسية الخاصة بدور المحامين:"تكفل الحكومات توفير التمويل الكافي والموارد الأخرى اللازمة لتقديم الخدمات القانونية للفقراء ولغيرهم من المحرومين حسب الاقتضاء، وتتعاون الرابطات المهنية للمحامين في تنظيم وتوفير الخدمات والتسهيلات وغيرها من الموارد."
20/5 الحق في الاستعانة بمحامٍ متمرس متخصص كفءٍيجب أن يمارس محامو الدفاع عملهم في إطار من الحرية وأن يؤدوا واجبهم بجد واجتهاد وفقاً للقانون والمعايير المعترف بها وآداب المهنة. ويجب أن يوضحوا لموكليهم حقوقهم التي يكفلها القانون والواجبات التي يمليها عليهم وما غمض عليهم من أمور متصلة بالنظام القانوني القائم. ويجب أن يساعدوهم بكل صورة مناسبة، وأن يتخذوا من الإجراءات ما هو ضروري لحماية حقوقهم ومصالحهم، ويعينوهم في الدفاع عن أنفسهم أمام المحاكم.(***) وعليهم، وهم يسعون لحماية حقوق موكليهم وتعزيز العدالة، أن يعملوا على تعزيز حقوق الإنسان والحريات الأساسية المعترف بها في إطار القانون الوطني والدولي.(+)
وقد اعتبرت اللجنة الأمريكية الدولية أن الحق في الاستعانة بمحامٍ يُنتهك عندما يتقاعس المحامي عن الوفاء بالتزاماته في الدفاع عن موكليه.
ويتعين على السلطات، عندما تشرع في انتداب محام للدفاع عن متهم ما، أن تحرص على اختيار محامٍ متمرس ومتخصص في مباشرة القضايا التي لها نفس طبيعة الجريمة المرتكبة.(++) وعلى الدولة واجب محدد إزاء اتخاذ التدابير اللازمة لضمان توفير دفاع فعال للمتهم. فإذا كان المحامي المنتدب لا ينهض بواجب الدفاع على نحو فعال، فعليها أن تتأكد من حسن أدائه لوجباته، أو تستبدله.
وقد أبدت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان قلقها بشأن "الافتقار لتدابير فعالة [في الولايات المتحدة] من أجل ضمان توفير محامين أكفاء للدفاع عن المتهمين من السكان الأصليين، خاصةً أمام محاكم الولايات."
ورأت اللجنة المذكورة أن حق المتهم في الحصول على دفاع كافٍ ينتهك عند تضييق دائرة الاختيار أمامه لتنحصر في محام منتدب للدفاع عنه رسمياً، ثم يتبنى هذا المحامي "موقف الادعاء."
وفي حالة قام فيها محامي الدفاع بسحب عريضة الاستئناف دون الرجوع إلى موكله، انتهت اللجنة المذكورة إلى أنه كان من واجب المحامي، لكي يساعد موكله مساعدة فعلية، أن يتشاور معه ويخبره بعزمه على سحب دعوى الاستئناف أو يبلغه بأنها غير مجدية.
20/6 حظر تعريض المحامين لأي ضرب من المضايقة أو الترهيبيجب ألا يتعرض المحامون (بمن فيهم الموكلون للدفاع عن المتهمين بارتكاب أفعال إجرامية) لأية مضايقة أو لتدخل غير مناسب وهم يؤدون واجباتهم المهنية.(+++)
وقد رأت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان أنه من الضروري أن يتمكن المحامون "من تقديم المشورة لموكليهم وتمثيلهم، وفقاً للمعايير المهنية المقررة وحسن تقديرهم للأمور، دون التعرض لأي قيد أو تأثير أو ضغط أو تدخل لا مبرر له من أية جهة."
وقد انتهت اللجنة الأفريقية إلى أن المادة 7(1)(ج) من "الميثاق الأفريقي" قد انتهكت في حالة تعرض فيها محامي الدفاع لضروب بالغة من المضايقة والترهيب حتى اضطر إلى الانسحاب من القضية، ولكن المحاكمة استمرت وأدانت المحكمة المتهمين وصدر عليهم حكم بالإعدام.
ويجب أن تحرص الحكومات على عدم المطابقة بين شخصية المحامي وشخصية موكله أو يدمغ بجريرته بسبب دفاعه عنه.
وقالت اللجنة الأمريكية الدولية إن الربط، بدون سند وعن سوء نية، بين محامي الدفاع والأنشطة غير المشروعة المتهم موكله بارتكابها يمثل "خطراً على حرية المشتغلين بالقانون في أدائهم لعملهم ويفتئت على أحد الضمانات الأساسية لإقامة العدل وسلامة الإجراءات، أي الحق في الدفاع."
وقد أعرب مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني باستقلال القضاة والمحامين عن قلقه بسبب نزوع الشرطة في أيرلندا الشمالية إلى النظر إلى المحامين الذين يدافعون عن الأشخاص المتهمين بممارسة أنشطة إرهابية، وكأنما هم يشاركون موكليهم نفس آرائهم، وبسبب تدخل الشرطة في العلاقة بين المتهمين والمحامين أثناء عمليات الاستجواب بالتشكيك في نزاهة المحامين وكفاءتهم المهنية. وخلص المقرر الخاص إلى أن عمليات التخويف والمضايقات التي يتعرض لها المحامون على يد ضباط شرطة أيرلندا الشمالية مستمرة ومنظمة. وقد اعتبر أن اغتيال محامٍ تولى الدفاع عن أشخاص متهمين بارتكاب جرائم متصلة بالإرهاب، بعد أن تعرض للتهديد أثناء استجواب موكليه على يد أفراد شرطة كان له "أثر مروع" على المشتغلين بالقانون، كما أنه ساهم في تقويض المزيد من ثقة الجمهور في النظام القضائي."
الفصل الحادي والعشرون
الحق في حضور المحاكمات وجلسات الاستئناف
لكل شخص يتهم بارتكاب فعل جنائي الحق في أن يحضر محاكمته لكي يسمع مرافعة الادعاء ويدافع عن نفسه.
21/1 الحق في المحاكمة حضورياً21/2 المحاكمة غيابياً21/3 الحق في حضور جلسات الاستئناف
21/1 الحق في المحاكمة حضورياًمن حق كل شخص يتهم بارتكاب فعل جنائي أن يحاكم حضورياً حتى يسمع مرافعة الادعاء ويفند دعواه ويدافع عن نفسه.* والحق في المحاكمة حضورياً جزء مكمل للحق في حق المتهم في الدفاع عن نفسه. (انظر الفصل 20 الخاص بالحق في الدفاع عن النفس أو عن طريق محامٍ.)
ورغم أن الحق في المحاكمة حضورياً ليس منصوصاً عليه صراحةً في "الاتفاقية الأوروبية"، إلا أن المحكمة الأوروبية اعتبرت أن لب المادة 6، والقصد منها، هو أن أي شخص يتهم بارتكاب جريمة يصبح من حقه المشاركة في نظر قضيته.
أما المادة 8(2)(د) من "الاتفاقية الأمريكية"، فتضمن حق المتهم في أن يدافع عن نفسه شخصياً، ومن ثم، فالحق في حضوره لجلسات القضية متأصل فيها. وقد انتقدت اللجنة الأمريكية الدولية الاستمرار في نظر إحدى القضايا؛ رغم غياب المتهم بسبب بعض العراقيل.
ويفرض الحق في حضور المحاكمات واجبات على السلطات، من حيث ضرورة إخطار المتهم (ومحاميه) بمكانها وزمانها قبل بدئها بوقت كافٍ، وأن تستدعي المتهم لحضورها لا أن تستبعده على نحو مخالف من حضور جلساتها.
ورغم وجود حدود للجهود التي يتوقع أن تبذلها السلطات لإخطار المتهم بأمر محاكمته، غير أن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان قد اعتبرت أن الحق في حضور المحاكمة قد انتهك في حالة لم تصدر فيها السلطات، في زائير السابقة، أمر الاستدعاء إلا قبل بدء المحاكمة بثلاثة أيام، ولم تحاول إرساله إلى المتهم الذي كان يعيش في الخارج، رغم معرفتها بمحل إقامته.
ويجوز تقييد حق المتهم في حضور جلسات محاكمته، على أن يكون ذلك بصفة مؤقتة، إذا أخل بالإجراءات المتبعة في المحكمة إلى الحد الذي ترى معه المحكمة أنه من غير العملي مواصلة نظر الدعوى في وجوده. وقد قالت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان إنه يجوز حرمان المتهم من حقه في حضور جلسات المحكمة، إذا تقاعس عن الحضور بعد إبلاغه بها بصورة صحيحة.
ويجوز للمتهم أن يتنازل عن حقه في حضور الجلسات على أن يسجل هذا التنازل بصورة واضحة، والأفضل أن يتم كتابةً.
21/2 المحاكمة غيابياًإن أي تفسير حرفي للمادة 14(3)(د) من "العهد الدولي" لا يدع مجالاً للشك في عدم جواز محاكمة المتهم غيابياً، أي دون أن يحضر وقائع محاكمته.
ومما يعزز هذا التفسير التقرير الذي أعده الأمين العام للأمم المتحدة، وضمنه توصيات بشأن تأسيس المحكمة الجنائية الدولية الخاصة بيوغوسلافيا السابقة، حيث يقول"لا يجوز أن تبدأ المحاكمة إلا بحضور المتهم بشخصه أمام المحكمة الدولية، حيث يرى الكثيرون أنه لا ينبغي أن يجيز نظامها الأساسي محاكمة المتهمين غيابياً، حيث يتعارض هذا مع المادة 14 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية التي تنص على ضرورة محاكمة المتهمين حضورياً." "وقد استبعد "النظامان الأساسيان ليوغوسلافيا ورواندا والنظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية" المحاكمة غيابياً.
غير أن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان كانت قد قررت قبل عشر سنوات أنه يجوز، في بعض الظروف الاستثنائية، محاكمة المتهم غيابياً بشرط إبلاغه بأمرها واستدعائه للمثول أمامها في وقت مناسب، ومن ثم تمكينه من إعداد دفاعه.
ويتحتم في مثل هذه الحالات مراعاة المزيد من الحذر واليقظة، حيث تقول اللجنة المعنية بحقوق الإنسان "عندما تعقد محاكمة غيابياً بصورة استثنائية لها ما يبررها، تشتد ضرورة الالتزام بمراعاة حقوق الدفاع مراعاة صارمة"، وتشمل هذه الحقوق الحق في الاستعانة بمحامٍ، حتى وإن اختار المتهم عدم حضور المحاكمة.
وللمتهم الحق في التماس الإنصاف إذا أدين غيابياً في محاكمة لم يخطر بأمرها.
وتعتقد منظمة العفو الدولية أن المتهم يجب أن يحضر بشخصه جلسات المحكمة لكي يسمع مرافعة الادعاء، ويتعرف على حججه بصورة كاملة، وليدافع عن نفسه ويساعد محاميه على دحض الأدلة واستجواب الشهود، أو يتشاور مع محاميه لدى فحص الشهود. وتعتقد المنظمة أن الاستثناء الوحيد المقبول لذلك هو أن يختار المتهم، بمحض إرادته، عدم الحضور بشخصه وقائع الدعوى بعد بدئها أو أن يثير شغباً بحيث يتحتم إبعاده بصورة مؤقتة. وفي مثل هذه الحالة لا بد من استخدام وسائل سمعية بصرية متصلة بقاعة المحاكمة تتيح للمتهم أن يرى ويسمع ما يدور في القاعة. وتعتقد منظمة العفو الدولية أن المتهم، إذا قبض عليه عقب صدور الحكم عليه غيابياً لأسباب أخرى غير السببين السابقين، فإنه يجب إلغاء الحكم الذي صدر عليه غيابياً وإعادة محاكمته من جديد أمام محكمة أخرى.
المعايير ذات الصلة
المادة 14(3)(د) من "العهد الدولي""لكل متهم بجريمة أن يتمتع أثناء النظر في قضيته، وعلى قدم المساواة التامة، بالضمانات الدنيا الآتية... (د) أن يحاكم حضورياً..."
21/3 الحق في حضور جلسات الاستئنافيتوقف الحق في حضور وقائع الاستئناف على طبيعة هذه الوقائع، فالمحك هنا بصفة خاصة هو هل تنظر محكمة الاستئناف الجوانب القانونية أم وقائع القضية، والطريقة التي تُعرض وتُحمى بها مصالح المتهمين.
وإذا كان من المتوقع أن تنظر محكمة الاستئناف الدعوى، من حيث الجوانب القانونية والوقائع على السواء، فسوف تقضي العدالة بوجه عام حضور المتهم.
وقد وجدت المحكمة الأوروبية أن حق المتهم في المحاكمة العادلة قد انتهك في دعوى نظرتها المحكمة العليا في النرويج التي قضت بإلغاء حكم البراءة الذي أصدرته محكمة أدنى على أحد المتهمين، وقررت إدانته ومعاقبته بعد أن نظرت الجوانب القانونية ووقائع القضية على السواء، من غير أن تستدعي المتهم للمثول أمامها دون أي مبرر خاص لهذه الخطوة. ورأت المحكمة الأوروبية أن إلغاء حكم البراءة في هذه الحالة لا يمكن أن يصدر بصورة صحيحة، ما لم تقيم المحكمة أدلة النفي التي قدمها المتهم بحضوره شخصياً. وقالت المحكمة الأوروبية بشأن هذه الحالة إن المحكمة العليا كان من واجبها أن تستدعي المتهم، وتستفسر منه شخصياً بصورة مباشرة عن أدلة براءته.
ويجوز اعتبار حق المتهم في حضور دعوى الاستئناف قد استوفي، إذا أوفد محامياً يختاره لتمثيله لحضورها شخصياً.
وقد اعتبرت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان أن هذا الحق لم ينتهك في حالة متهم لم يحضر أمام محكمة الاستئناف في جامايكا لأن محاميه كان حاضراً لتمثيله، علماً بأن محاكم الاستئناف في جامايكا لا تنظر سوى الجوانب القانونية للدعاوى.
وقد قضت المحكمة الأوروبية أن حق حضور المتهم لجلسات الاستئناف ليس بضروري في حالة ما إذا كانت محكمة الاستئناف مختصة فقط ببحث الجوانب القانونية للقضية.
وقد وجدت المحكمة الأوروبية أن هذه "الاتفاقية الأوروبية" لم تنتهك في دعوى استئناف أمام محكمة النقض الإيطالية بسبب، عدم وجود محامٍ يمثل المتهم الذي لم يحضر محاميه، ولم يكن لديه متسع من الوقت لكي يوكل محامٍ آخر، لأن محكمة النقض تنظر الجوانب القضائية الفنية، ولأن المرافعات تقدم لها أساساً في صورة مذكرات مكتوبة، ولا يوجد مجال كبير أمام المحامين لكي يناقشوا في جلساتها مسوغات النقض الموضحة في المذكرات المقدمة. ورأت المحكمة الأوروبية أن قرار محامي المتهم الذي اختاره المتهم للدفاع عنه بعدم الحضور (أو إيفاد محامٍ آخر بديل لحضور الجلسة) ليس مسؤولية الدولة.
وينطبق مبدأ تكافؤ الفرص بين الدفاع والادعاء في دعاوى الاستئناف أيضاً (انظر الفصل 13/2 الخاص بالمساواة بين الدفاع والادعاء).
وقد استشهدت المحكمة الأوروبية بهذا المبدأ بعد أن انتهت إلى أن حق المتهم في الحضور لم ينتهك عندما لم يحضر المتهم ولا الادعاء ولا محامية جلسة عُقدت للبت في طلب للاستئناف؛ حيث رأت المحكمة أن طبيعة القضية، التي كان سيبت فيها، لم تكن تتطلب بصورة أساسية حضور المتهم بشخصه، وأن المحكمة لم تميز بين المتهم وبين الادعاء في المعاملة.
الفصل الثاني والعشرون
الحق في استدعاء الشهود ومناقشتهم
لكل فرد يتهم بارتكاب فعل جنائي الحق في استدعاء شهود نفي، ومناقشة شهود الإثبات بنفسه أو من قبل غيره.
22/1 الشهود22/2 حق الدفاع في استجواب شهود النفي 22/2/1 الشهود المجهولون 22/2/2 حدود استجواب شهود الإثبات22/3 الحق في استدعاء شهود نفي22/4 حقوق المجني عليهم والشهود
22/1 الشهودمن الأركان الرئيسية لمبدأ تكافؤ الفرص بين الدفاع والادعاء (انظر الفصل 13/2)، والحق في الدفاع، حق المتهم في استدعاء الشهود وسؤالهم.* وقد وضع هذا الحق "ليكفل للمتهم نفس السلطات المخولة للادعاء من حيث استدعاء الشهود وإلزامهم بالحضور وفحص واستجواب أي شاهد إثبات يستدعيه الادعاء."
ويضمن الحق في استدعاء الشهود وفحصهم فرصة متكافئة للدفاع لاستجواب الشهود الذين سيدلون بأقوال في صالح المتهم، وأن يدحض أدلة الإثبات المقدمة. واستجواب الشهود، من جانب الادعاء والدفاع على السواء، من شأنه أن يوفر للمحكمة الفرصة للاستماع لأدلة الإثبات والأقوال التي تدحضها.
وقد أخذ واضعو المعايير الدولية التي تستخدم عبارة "مناقشة الشهود بنفسه أو من قبل غيره" في حسبانهم اختلاف النظم القضائية، التي منها ما يبيح للمتقاضين مناقشة الشهود ومنها ما يعطي القضاء سلطة مناقشة الشهود.
ولكن حق المتهم في مناقشة شهود الإثبات واستدعاء شهود النفي ومناقشتهم ليس مطلقاً بدون حدود. فالمادة 14(3)(هـ) من "العهد الدولي" والمادة 6(3)(د) من "الاتفاقية الأوروبية" والفقرة 2(هـ)(3) من "قرار اللجنة الأفريقية" تنطوي بالفعل على ضمانات متطابقة. ولكن المادة 8(2)(هـ) من "الاتفاقية الأمريكية" توفر ضمانات أرحب (انظر فيما يلي).
المعايير ذات الصلة
المادة 14(3)(هـ) من "العهد الدولي""لكل متهم بجريمة أن يتمتع أثناء النظر في قضيته، وعلى قدم المساواة التامة، بالضمانات الدنيا التالية:…
"أن يناقش شهود الاتهام، بنفسه أو من قبل غيره، وأن يحصل على الموافقة على استدعاء شهود النفي بذات الشروط المطبقة في حالة شهود الاتهام."
22/2 حق الدفاع في استجواب شهود النفيمن حق كل من يتهم بارتكاب فعل جنائي أن يناقش بنفسه أو من قبل غيره شهود الإثبات.**
وحق المتهم في الحصول على وقت كافٍ وتسهيلات مناسبة لإعداد دفاعه يشتمل على الحق في الاستعداد لمناقشة شهود الإثبات. ومن ثم، فهناك التزام ضمني واقع على الادعاء لإعطاء الدفاع إخطار مسبق بوقت كافٍ بأسماء الشهود الذي يزمع استدعاءهم للمحكمة. ومع هذا، فإذا لم يطلب الدفاع التأجيل عندما يستدعي الادعاء شاهداً جديداً أثناء المحاكمة لم يذكر اسمه من قبل، فيجوز اعتبار أنه قد تنازل عن حقه في الحصول على وقت كافٍ للاستعداد.
ومعنى حق المتهم في مناقشة الشهود بنفسه أو من قبل غيره أن جميع الأدلة يجب ، في الأحوال العادية، أن تقدم في حضره المتهم في جلسة علنية، حتى يمكنه أن يفند أقوال الشهود من حيث إمكانية التعويل عليها أو تصديقها. ورغم وجود استثناءات لهذا المبدأ، يجب ألا تمس هذه الاستثناءات حقوق الدفاع.
وقد قالت المحكمة الأوروبية، وهي تشير إلى الصعوبات التي تكتنف محاكمات مهربي المخدرات، بما في ذلك المشكلات المتصلة باستدعاء الشهود إلى المحكمة، "لا يمكن لهذه الاعتبارات أن تبرر تقليص حقوق الدفاع (في مناقشة الشهود) إلى هذا الحد."
وقد وجدت المحكمة المذكورة أن حقوق المتهم قد انتهكت في قضية اتجار بالمخدرات بنت فيها المحكمة حكمها على تقارير أحد ضباط الشرطة السرية وتدوين لبعض المكالمات الهاتفية، والأقوال التي أدلى بها المتهم بعد أن عرض عليه نص المكالمات الهاتفية المدونة. ولم يكن لدى المتهم فرصة لفحص نص تلك المكالمات، ولا لتفنيد هذا الدليل أو مناقشة ضابط الشرطة السرية، الذي لم تكشف السلطات عن اسمه، ولم يستدع للإدلاء بشهادته حفاظاً على سرية هويته. غير أن المحكمة الأوروبية أشارت إلى أن ضابط الشرطة السرية لا يمكن اعتباره "شاهداً مجهولاً"، حيث أنه كان ضابطاً رسمياً بالشرطة، وكان قاضي التحقيق على علم بمهمته، وأن المتهم كان يعرف الضابط لأنه التقى به خمس مرات.
22/2/1 الشهود المجهولونإن الاعتماد على أقوال الشهود المجهولين (أي الذين لا يعرف المتهم هويتهم أثناء محاكمته) إجراء ينتهك حق المتهم في مناقشة الشهود؛ لأنه يحرمه من معلومات ضرورية له لكي يطعن في إمكانية الوثوق بأقوال الشاهد. وقد تعد المحاكمة برمتها جائرة إذا أخذ القضاة بالأدلة المقدمة من مجهولين.
وقد انتقدت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان نظام "القضاة المقنعين" المطبق في كولومبيا؛ لأن أسماء القضاة وممثل الادعاء والشهود تظل مخفية عن الدفاع في محاكم النظام العام الإقليمية التي تنظر القضايا المتصلة بالاتجار في المخدرات والإرهاب والتمرد وحيازة أسلحة بدون ترخيص. وقالت اللجنة إن هذا النظام لا يتفق مع المادة 14(من "العهد الدولي")، خاصة الفقرة 3(ب) و(هـ)، وأوصت بإلغاء هذه المحاكم.
وبالمثل، فقد أكدت اللجنة الأمريكية الدولية من جديد قلقها بشأن نظام "القضاة المقنعين"، حيث قالت إنها "تشعر بالانزعاج لأنه مازال يمثل جزءًا من النظام القضائي في كولومبيا." وأعربت اللجنة عن ترحيبها بقرار المحكمة الدستورية الكولومبية التي اعتبرت أن أي مرسوم يبيح إصدار أحكام الإدانة بناءً على أقوال شهود مجهولي الهوية يتنافى مع الدستور. وقالت اللجنة إنه بالرغم من هذا الإصلاح، وإصلاح آخر لا يسمح بعدم الكشف عن هوية ممثل الادعاء إلا في حالات خاصة، إلا أن بنية نظام العدالة الإقليمي لا تحمي حقوق المتهمين، ولا تضمن الحصول على العدالة. كذلك، قالت اللجنة الأمريكية الدولية، في إشارة إلى بيرو وكولومبيا، إن استخدام أقوال الشهود المجهولين يتنافى مع سلامة الإجراءات القضائية.
ولم تمنع المحكمة الأوروبية تماماً الاستعانة بالشهود المجهولين في أية قضية، ولكنها أشارت بضرورة التشدد في تقييد الاستعانة بهم.
وقالت المحكمة المذكورة إن "جميع الأدلة يجب أن تقدم في الأحوال العادية في جلسة علنية في حضور المتهم بهدف السماح له بمناقشة الشهود. وعلى الرغم من أن هناك استثناءات لهذا المبدأ، فلا يجب ألا تمس هذه الاستئناءات حقوق الدفاع. فبوجه عام، تقضي الفقرتان 1 و3 (د) من المادة 6 من "الاتفاقية الأوروبية" بضرورة منح المتهم فرصة كافية وحقيقية لتفنيد أقوال الشهود وسؤالهم سواء عندما يدلي بأقواله أو في مرحلة لاحقة.
وقد نظرت المحكمة الأوروبية حالة أدلى فيها شاهدان مجهولان بأقوالهما لضابط شرطة، وقد تقدم هذا الضابط فيما بعد للشهادة أمام المحكمة. ووجدت المحكمة الأوروبية أن حقوق المتهم قد انتهكت، رغم أنه كان في وسع محاميه أن يقدم أسئلة مكتوبة لهذين الشاهدين. وقالت المحكمة المذكورة عن هذا: "لما كان المحامي يجهل هوية [الشاهدين]، فقد واجه عقبة كؤود، حيث لم تتح له المعلومات اللازمة لكي يستطيع اختبار مدى إمكانية الركون إلى هذين الشاهدين أو للتشكيك في مصداقيتهما".
وفحصت المحكمة الأوروبية حالة أدين فيها المتهم "بصورة حاسمة" بناءً على أقوال ضباط شرطة مجهولي الهوية. ولم يقتصر الأمر على جهل المتهم بهوية الشهود، بل زاد على ذلك منعه من رصد سلوكياتهم عن طريق استجوابهم بطريقة مباشرة، ومن ثم حالت بينه وبين التحقق من مدى إمكانية التعويل على أقوالهم. وقد أدلى ضباط الشرطة بأقوالهم أمام قاضي التحقيق، بينما جلس المتهم ومحاميه وممثل الاتهام في غرفة مستقلة متصلة بالغرفة الأولى بنظام صوتي يتيح لهم سماع ما يقال، وذلك لأن الضباط أعربوا عن خوفهم من التعرض للانتقام. وخلصت المحكمة إلى أن "هذه التدابير لا يمكن أن تعتبر بديلاً حقيقياً لتمكين الدفاع من استجواب الشهود حضورياً والحكم على سلوكهم ومدى إمكانية التعويل على أقوالهم"، ولذلك اعتبرت المحكمة الأوروبية هذه المحاكمة برمتها جائرة.
وقد عارضت منظمة العفو الدولية استخدام أقوال الشهود المجهولين في عدد من البلدان، منها كولومبيا وبيرو، واعترضت على استخدامها في المحاكم الدولية.
22/2/2 حدود استجواب شهود الإثباتيجوز تقييد حق المتهم في مناقشة الشهود بنفسه أو من قبل غيره بناءً على سلوكه (كأن يهرب مثلاً)، أو بسبب تعذر الاستدلال على الشاهد (كأن يغادر البلاد أو يغير محل إقامته دون أن يترك عنوانه الجديد)، أو عندما توجد أسباب معقولة تجعل الشهود يخشون من التعرض للانتقام.
وفي حالة قُدّم فيها المتهم إلى المحاكمة بعد أن أمضى ثلاث سنوات خارج البلاد، ولم يحضر شاهد الإثبات الرئيسي، وجدت المحكمة الأوروبية أن تغيب الشاهد "لا يحتم بالضرورة إيقاف نظر الدعوى... مادامت السلطات لم تقصر في السعي للاستدلال عليه." وأشارت المحكمة إلى أن الأقوال التي سبق للشاهد المتغيب أن أدلى بها إلى الشرطة أو قاضي التحقيق، والتي تليت في المحكمة أيدت الأدلة الأخرى."
وقد تعتبر اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، والمحكمة الأوروبية، أن المتهم قد تنازل عن حقه في مناقشة الشاهد ما لم يعترض الدفاع، بصورة محددة أثناء المحاكمة، على عدم إتاحة الفرصة له لدحض شهادات الشهود أو إذا لم يلتمس ذلك من المحكمة.
وقد وجدت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان أن حقوق المتهم لم تنتهك عندما أدرجت محكمة بين الأدلة شهادة ضابط شرطة كان قد غادر البلاد منذ ذلك الحين. وكان قد أدلى بتلك الشهادة بعد أن حلف اليمين في جلسة تمهيدية كان بوسع الدفاع فيها أن يستجوبه. وقد جادل المتهم أمام اللجنة المعنية بحقوق الإنسان بأن أقوال الضابط تتعارض مع الشهادات الأخرى التي قدمت فيما بعد للمحكمة، وأنه بسبب تغيب الضابط عن حضور جلسة المحاكمة، فقد حُرم (المتهم) من حقه في مناقشة الضابط حول هذه التناقضات. ومع هذا، فقد أشارت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان إلى أن الدفاع لم يعترض على هذا الدليل لا عند محاكمته ولا عند نظر دعوى الاستئناف، وأنه كان قد ناقش الضابط في الجلسة التمهيدية في ظل نفس الأوضاع التي ناقشه فيها الادعاء. وقالت إن المادة 14(3)(هـ) من "العهد الدولي" "تكفل تكافؤ الفرص بين الادعاء والدفاع في مناقشة الشهود، ولكنها لا تمنع الدفاع من التنازل عن حقه في استجواب شهود الإثبات أثناء نظر الدعوى أو تحول بينه وبين التنازل عن ممارسة هذا الحق."
22/3 الحق في استدعاء شهود نفيلكل من يتهم بارتكاب فعل جنائي الحق في أن يحصل على الموافقة على إحضار شهود نفي ومناقشتهم"بذات الشروط المطبقة في حالة شهود الاتهام"***
والحق في استدعاء شهود النفي "في ظل ذات الشروط" المطبقة في حالة شهود الإثبات يمنح المحاكم الجنائية سلطة تقديرية، واسعة نسبياً، في تحديد الشهود الذين يجب استدعاؤهم، رغم أن على القضاة ألا ينتهكوا مبادئ العدالة وتكافؤ الفرص بين الادعاء والدفاع.
ورغم أن المادة 6(3)(د) من "الاتفاقية الأوروبية" لا تنص على ضرورة استدعاء جميع شهود النفي ومناقشتهم، إلا أن المحكمة الأوروبية قد اعتبرت أن على المحكمة أن تمارس سلطتها التقديرية في تحديد الشهود المطلوبين وفقاً لمبدأ تكافؤ الفرص بين الادعاء والدفاع. ووجدت أن الحق في المحاكمة العادلة قد انتهك في حالة لم توضح فيها المحكمة سبب رفضها طلب المتهم في استدعاء أربعة شهود لمناقشتهم."
وفي حالة أخرى تتعلق بقضية قتل كانت هناك شاهدة نفي تود الإدلاء بأقوالها، ولكنها لم تستطع الحضور إلى المحكمة في ذلك اليوم بالذات لأنها لم تجد وسيلة مواصلات تقلها إلى مبنى المحكمة، وقد وجدت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان أن المادة 14(1) و13(3)(هـ) من "العهد الدولي" قد انتهكتا لأن السبب في عدم تمكن الشاهدة من الحضور يمكن إرجاعه للسلطات التي كان بوسعها أن تُرجئ الجلسة أو تدبر وسيلة مواصلات للشاهدة.
غير أن اللجنة الأوروبية رأت، في بعض الحالات السابقة، أن حقوق المتهمين لم تنتهك بسبب ممارسة المحاكم الوطنية لسلطتها التقديرية في استبعاد بعض الشهود الذين طلب الدفاع استدعاءهم؛ لأنها اعتبرت أن شهادتهم لن تساعد في إظهار الحقيقة.
و"الاتفاقية الأمريكية" أرحب في هذا الأمر، فالمادة 8(2)(و) منها تعطي الدفاع الحق في مناقشة الشهود الحاضرين في المحكمة، والحصول على موافقة على استدعاء خبراء وغيرهم من الأشخاص الذين قد يلقون الضوء على الحقائق للإدلاء بشهادتهم.
22/4 حقوق المجني عليهم والشهوديجب الموازنة بين حقوق الضحايا، وغيرهم من الشهود، في الحصول على الحماية من التعرض لأية محاولة للانتقام، أو أي ضرب آخر غير ضروري للمعاناة، وبين حق المتهم في المحاكمة العادلة. ومن بين التدابير التي تتخذها المحاكم للموازنة بين هذه الحقوق تزويد الضحايا والشهود بالمعلومات والمساعدة خلال جميع مراحل نظر الدعوى، وفرض السرية على كل أو بعض الجلسات "لمصلحة العدالة" (انظر الفصل 14 الخاص بالحق في النظر العلني للدعوى). والسماح بتقديم الأدلة عن طريق الوسائل الإلكترونية وغيرها من الوسائل الخاصة.
وقد قالت المحكمة الأوروبية إنه حيثما قد تتعرض مصالح الشهود للخطر، من حيث الحفاظ على حياتهم أو حريتهم أو أمنهم، يتعين على الدولة أن تنظم نظر الدعوى الجنائية على نحو يكفل عدم تعريض هذه المصالح للخطر دون مبرر. وأوضحت المحكمة المذكورة ذلك قائلة: "وفي هذا الضوء، تقتضي مبادئ المحاكمة العاجلة الموازنة عند الاقتضاء بين مصالح الدفاع وبين مصالح الشهود والضحايا المطلوبين للإدلاء بأقوالهم. غير أن المحكمة المذكورة عادت في الآونة الأخيرة لتقول إن الحق في تطبيق العدالة في إطار من الإنصاف يقتضي، عند اتخاذ تدابير تحد من حقوق الدفاع، التأني والروية في فرض القيود والاقتصار على اللازم منها.
كذلك، اعترفت اللجنة الأمريكية الدولية بالحاجة إلى تدابير لحماية السلامة الشخصية للشهود والخبراء دون مساس بضمانات الإجراءات القانونية السليمة.
ومن بين المبادئ الأساسية الواردة في "الإعلان الخاص بالمبادئ الأساسية لتوفير العدالة لضحايا الجريمة وإساءة استعمال السلطة" ما يلي: "ينبغي تسهيل استجابة الإجراءات القضائية والإدارية لاحتياجات الضحايا باتباع ما يلي:... إتاحة الفرصة لعرض وجهات نظر الضحايا وأوجه قلقهم وأخذها في الاعتبار في المراحل المناسبة من الإجراءات القضائية، حيثما تكون مصالحهم عرضة للتأثر، وذلك دون إجحاف بالمتهمين وبما يتمشى ونظام القضاء الجنائي الوطني ذي الصلة." وعلاوة على ذلك، يؤكد الإعلان على ضرورة تزويد الضحايا بالمعلومات والمساعدة على مدار الدعوى القضائية، ويجب اتخاذ التدابير اللازمة للحد من المضايقات التي قد يتعرضون لها وحماية سلامتهم وتجنب أي تأخير غير لازم.
المعايير ذات الصلة
المادة 8(2)(هـ) من "الاتفاقية الأمريكية""لكل متهم بارتكاب فعل جنائي الحق في أن تفترض براءته طالما لم يثبت ذنبه وفقاً لأحكام القانون. ومن حق كل فرد، أثناء الإجراءات، على قدم المساواة التامة، الضمانات الدنيا الآتية:
هـ) حق الدفاع في مناقشة الشهود الحاضرين في المحكمة وفي استدعاء الخبراء المتخصصين وغيرهم من الأشخاص الذين يمكن أن يلقوا ضوءًا على الوقائع للإدلاء بشهادتهم."
وقد يتطلب الأمر تدابير خاصة لمعالجة المتطلبات الخاصة للتحقيق في الجرائم التي تنطوي على استخدام العنف ضد المرأة ولمحاكمة مرتكبيها ومعاقبتهم، بما في ذلك جرائم الاغتصاب وغيره من ضروب الاعتداءات الجنسية الخطيرة. وكثيراً ما تتردد المرأة من ضحايا هذه الضروب من العنف في التقدم للشهادة. وقد أوضح الأمين العام للأمم المتحدة، عند تأسيس المحكمة الجنائية الدولية الخاصة بيوغوسلافيا السابقة، ضرورة الاستعانة في هذه القضايا بمحققات وممثلات للادعاء. وتعتقد منظمة العفو الدولية أن جميع القضاة والموظفين القضائيين الذين قد يستعان بهم في هذه القضايا يجب أن يتلقوا تدريباً؛ لكي يتمرسوا على معالجة هذه القضايا، ويستشعروا حساسياتها، ولمساعدتهم على معالجة الدعاوى التي تنطوي على أعمال عنف ضد المرأة. كذلك تعتقد منظمة العفو الدولية أن المحاكم (ومن بينها المحكمة الجنائية الدولية) يجب أن تتخذ تدابير فعالة لحماية الضحايا من النساء وأسرهن والشهود من التعرض للانتقام وضروب المعاناة غير الضرورية التي قد تتسبب فيها المحاكمات العلنية، وذلك دون الإضرار بحقوق المشتبه فيهم والمتهمين في المحاكمة العادلة.
الفصل الثالث والعشرون
الحق في الاستعانة بمترجم شفهي وترجمة تحريرية
لكل من يتهم بارتكاب فعل جنائي الحق في الحصول على مساعدة من مترجم متخصص دون مقابل، إذا لم يكن يفهم أو يتكلم اللغة المستخدمة في المحكمة. كما أن له الحق في الحصول على ترجمة للوثائق.
23/1 الترجمة الشفهية والتحريرية23/2 الحق في الاستعانة بمترجم كفء23/3 الحق في الحصول على ترجمة للوثائق
23/1 الترجمة الشفهية والتحريريةإذا كان المتهم يجد صعوبة في تكلم أو فهم أو قراءة اللغة التي تستخدمها المحكمة، فله الحق في الحصول على مترجم شفهي من لغة المحكمة إلى لغة المتهم والعكس، وكذا يتولى مترجم إعداد نسخ محررة من الوثائق باللغة ذات الصلة. وهذه الوظائف أساسية لإعمال الحق في توفير تسهيلات كافية للمتهم، لكي يعد دفاعه، ومبدأ تكافؤ الفرص بين الادعاء والدفاع (انظر الفصلين 8 و13/2)، والحق في المحاكمة العادلة. وبدون هذا الضرب من المساعدة، فقد يعجز المتهم عن فهم ما يدور في المحكمة، ولا يستطيع أن يشارك مشاركة كاملة وفعالة في إعداد دفاعه وفي المحاكمة. كما أن احتمال أن يتم سؤال المتهم (أو الشاهد)، حول فحوى بعض الوثائق، يجعل من الحق في الترجمة ضرورة لازمة للحق في المحاكمة العادلة.
23/2 الحق في الاستعانة بمترجم كفءلكل متهم بارتكاب فعل جنائي الحق في أن يحصل على مساعدة من مترجم شفهي دون مقابل إذا لم يكن يفهم أو يتكلم اللغة المستخدمة في المحكمة.* ولكي يكون هذا الحق مجدياً، فيجب على المترجم الشفهي أن يتمتع بالكفاءة ويتحلى بالدقة. والمادة 67(1)(و) من "النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية" تضمن حق المتهم في الحصول على "مترجم شفوي كفء".
والحق في الحصول على مترجم شفهي جزء لا يتجزأ من الحق في الحصول على وقت كافٍ وتسهيلات مناسبة لإعداد الدفاع. وقد قالت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان إن هذا الحق "ذو أهمية أساسية في القضايا التي يمثل فيها الجهل باللغة المستخدمة في المحكمة أو صعوبة فهمها عقبة كؤود أمام إعمال الحق في الدفاع.
المعايير ذات الصلة
المادة 14(3)(و) من "العهد الدولي""لكل متهم بجريمة أن يتمتع أثناء النظر في قضيته، وعلى قدم المساواة التامة، بالضمانات الدنيا الآتية:
أن يزود مجاناً بترجمان إذا كان لا يفهم أو لا يتكلم اللغة المستخدمة في المحكمة".
والحق في الحصول على مترجم شفهي جزء لا يتجزأ من الحق في الحصول على وقت كافٍ وتسهيلات مناسبة لإعداد الدفاع. وقد قالت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان إن هذا الحق "ذو أهمية أساسية في القضايا التي يمثل فيها الجهل باللغة المستخدمة في المحكمة أو صعوبة فهمها عقبة كؤود أمام إعمال الحق في الدفاع.
والحق في الحصول على مترجم شفهي ينطبق على جميع مراحل نظر الدعوى الجنائية، بما في ذلك أثناء استجواب الشرطة للمشتبه فيه، والفحوص المبدئية أو التحريات.** (انظر الفصل 2/4 الخاص بإخطار الشخص بلغة يفهمها والفصل 9/4 الخاص بالحق في الاستعانة بمترجم شفهي).
ومن أجل تأمين هذا الحق، يجب على المتهم أو محاميه أن يطلب الاستعانة بمترجم شفهي.
وقد أوضحت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان إن الحق في الحصول على مساعدة، دون مقابل، من مترجم شفهي يجب أن يتاح لجميع الأفراد الذين لا يتكلمون أو يفهمون لغة المحكمة من مواطني البلد أو غير مواطنيها على السواء.
ومع هذا، فإذا كان المتهم يتكلم أو يفهم لغة المحكمة بالقدر الكافي، ولكنه يفضل أن يتكلم لغة أخرى، فلا يوجد إلزام على السلطات بأن توفر له المساعدة من مترجم شفهي دون مقابل.
ومثال ذلك حالتان، كانت اللغة الأولى للمتهم فيهما لغة مقاطعة بريتانيا الفرنسية، وكان يود هو والشهود أن يدلوا بأقوالهم بتلك اللغة وليس باللغة الفرنسية، ولكن المحكمة رفضت الاستعانة بمترجم شفهي؛ لأن المتهم والشهود كانوا يفهمون الفرنسية وقادرين على أن يعبروا عما يريدون بها بالقدر الكافي. ولم تجد اللجنة المعنية بحقوق الإنسان أي انتهاك للعهد الدولي في هذا.
ويجب تقديم المترجمين الشفهيين بدون مقابل بغض النظر عن نتيجة المحاكمة.
وقد وجدت المحكمة الأوروبية أن الحق في الحصول على مساعدة مجانية من مترجم شفهي قد انتهك عندما طالبت السلطات المتهم بدفع نفقات المترجم بعد صدور الحكم بإدانته.
23/3 الحق في الحصول على ترجمة للوثائقورغم أن المادة 8(2)(أ) من "الاتفاقية الأمريكية" هي الوحيدة التي تنص صراحةً على الحق في الاستعانة بمترجم شفهي أو ترجمة المواد المكتوبة، إلا أن الحق في الاستعانة بمترجم شفهي مشمول، بوجه عام، من الناحية العملية في حق المتهم في الحصول على ترجمة للوثائق ذات الصلة بدون مقابل.*** ومع هذا، فاللجنة المعنية بحقوق الإنسان والمحكمة الأوروبية انتهتا إلى أن الترجمة الشفهية للوثائق كافية لضمان هذا الحق، على الأقل في بعض الحالات المعينة.
وإذا كان المتهم بحاجة إلى ترجمة بعض الوثائق ذات الصلة، فعليه أن يطلب ذلك في سياق الدعوى، وأن يؤكد على أن حقه في الحصول على تسهيلات كافية لإعداد دفاعه سوف يتأثر دون ترجمتها.
وترى اللجنة الأمريكية الدولية أن الحق في ترجمة الوثائق أساسي لصحة الإجراءات.
الفصل الرابع والعشرون
الأحكام
إعلان الأحكام القضائية واجب فيما عدا بعض الحالات الاستثنائية المحدودة، ومن حق كل شخص يحاكم أمام محكمة أن يعرف الأسباب التي استند إليها حكمها، وألا يحاكم إلا أمام قضاة مخولين سلطة إصدار الأحكام القضائية، وأن يصدر عليه الحكم القضاة الذين باشروا نظر الدعوى.
24/1 الحق في إعلان الأحكام24/2 الحق في معرفة أسباب الحكم24/3 الحق في صدور الحكم في وقت معقول
24/1 الحق في إعلان الأحكاميجب أن تصدر الأحكام في المحاكمات - الجنائية وغير الجنائية - بصورة علنية فيما عد بعض الحالات المحدودة جداً.*
وينطبق هذا على الأحكام التي تصدرها أية محكمة، بما في ذلك المحاكم الخاصة والمحاكم العسكرية ومحاكم الاستئناف.
وتشمل الاستثناءات من شرط علانية الأحكام وفقاً للمادة 14(1) من "العهد الدولي" الأمور المتصلة بالأحداث، التي ينبغي فيها حماية الحياة الخاصة، وتلك المتصلة بالمنازعات بين الأزواج والوصاية على الأطفال.
وتقضي المادة 8(5) من "الاتفاقية الأمريكية" بضرورة الالتزام بعلانية الأحكام بالقدر المطلوب لحماية مصالح العدالة.
ويهدف مبدأ علانية الأحكام إلى ضمان علانية تطبيق العدالة وخضوعها للفحص العام. ومن ثم، فلكل فرد أن يطالب بحقه في معرفة الأحكام الصادرة، حتى وإن لم يكن طرفاً في الدعوى.
ويمكن إعلان الحكم بالنطق به شفوياً في جلسة للمحكمة مفتوحة للجمهور العام أو بنشره في صيغته المكتوبة.
وينتهك الحق في علانية الحكم إذا لم يسمح بمعرفته إلا لمجموعة معينة من الأفراد، أو عندما لا يسمح إلا لأصحاب المصلحة الخاصة بالاطلاع على نص الحكم. ومع هذا، لم تجد المحكمة الأوروبية انتهاكاً للمادة 6(1) من "الاتفاقية الأوروبية" في حالات لم يتل فيها الحكم في جلسة مفتوحة، ولكن تسلم أطراف الدعوى نسخاً منه وحفظ الحكم في سجل المحكمة، وكان بوسع أي شخص يثبت أن له مصلحة في ذلك أن يطلع عليه.
المعايير ذات الصلة
المادة 14(1) من "العهد الدولي""... أي حكم في قضية جزائية أو دعوى مدنية يجب أن يصدر بصورة علنية، إلا إذا كان الأمر يتصل بأحداث تقتضي مصلحتهم خلاف ذلك أو كانت الدعوى تتناول خلافات بين زوجين أو تتعلق بالوصاية على أطفال".
وإعلان الأحكام (فيما عدا الاستثناءات المشار إليها آنفاً) واجب حتى إذا كانت بعض أو كل جلساتها سرية.
وقد وجدت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان أن الحق في علانية الأحكام قد انتهك في حالة لم يسمح فيها للمتهم بحضور محاكمته التي لم تكن علنية، كما أنه لم يتسلم نسخة من الحكم الصادر علية.
24/2 الحق في معرفة حيثيات الحكموقد فُسر الحق في علانية الحكم على أنه يلزم المحاكم بأن توضح حيثيات أحكامها. وحق المتهم في تسلم بيان يوضح حيثيات الحكم الصادر عليه ضرورة أساسية لكي يمارس حقه في الاستئناف. (انظر الفصل 26 الخاص بالحق في الاستئناف).
وفي حالة لم تصدر فيها محكمة الاستئناف في جامايكا مذكرة بحيثيات الحكم، وجدت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان انتهاكاً لحقوق المتهم، لأن تقصير المحكمة في توضيح الحيثيات كان من الممكن أن يمنع المتهم من أن ينجح في تفنيد الحكم ليحصل على موافقة بعرض الدعوى على محكمة النقض والإبرام، ومن ثم ينتفع من وسيلة أخرى للإنصاف.
وتقضي المادة 74(5) من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية بأن يصدر الحكم متضمناً "بياناً كاملاً ومعللاً بالحيثيات ... بناءً على الأدلة والنتائج."**
24/3 الحق في صدور الحكم في وقت معقولويشمل الحق في المحاكمة في غضون فترة زمنية معقولة (انظر الفصل 19 الخاص بالحق في المحاكمة دون إبطاء لا مبرر له) الحق في الحصول على حكم معلل (أمام الدائرة الابتدائية ودائرة الاستئناف) في غضون فترة زمنية معقولة.
وقالت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان إن تقاعس محكمة الاستئناف في جامايكا عن تقديم بيان مكتوب بحيثيات الحكم، في غضون فترة زمنية معقولة، منع المتهم من أن يمارس، على وجه فعال، حقه في مراجعة حكم الإدانة والعقوبة المقررة عليه أمام محكمة أعلى.
الفصل الخامس والعشرون
العقوبات
لا يجوز توقيع العقوبات على متهم ما لم يصدر حكم بإدانته بعد محاكمة عادلة. ويجب أن تتناسب العقوبات مع المعايير الدولية، ولا يجب أن تنتهك أحكامها.
25/1 متى يجوز توقيع العقوبة؟25/2 ما العقوبات التي يمكن توقيعها؟25/3 لا يجب أن تنتهك العقوبات المعايير الدولية؟25/4 العقوبة البدنية25/5 الأوضاع في السجون25/6 حظر العقوبات الجماعية
25/1 متى يجوز توقيع العقوبة؟لا يجوز توقيع العقوبات المنصوص عليها في القانون إلا على المتهمين الذين تصدر عليهم أحكام إدانة بعد محاكمات عادلة تستوفي المعايير الدولية للعدالة. وترى اللجنة المعنية بحقوق الإنسان أن استمرار احتجاز أي سجين بعد استيفاء مدة العقوبة انتهاك للعهد الدولي.
25/2 ما العقوبات التي يمكن توقيعها؟ويجب أن تكون العقوبة التي تقضي بها المحكمة على المتهم، بعد إدانته عقب محاكمة عادلة، تتناسب مع خطورة جريمته وأحواله. ولا يجوز أن تنتهك العقوبة أو أسلوب تطبيقها المعايير الدولية.
ولا يجوز للمحكمة أن تقضي بعقوبة أشد من العقوبة المنصوص عليها وقت ارتكاب الجريمة، ولكن إذا خففت العقوبة في تعديل تشريعي لاحق على وقت ارتكابها، فيتعين على الدولة أن تخفف بأثر رجعي الأحكام التي صدرت بموجب العقوبة القديمة.*
ولا يجوز توقيع عقوبة الإعدام ما لم يكن منصوصاً عليها قانوناً كعقوبة على الجريمة المرتكبة وقت وقوعها. انظر الفصل 28 الخاص بحالات عقوبة الإعدام، انظر الفصل 27/7 الخاص بالأطفال والعقوبات.
25/3 لا يجب أن تنتهك العقوبات المعايير الدولية؟ولا يجوز أن تنتهك العقوبة نفسها أو الطريقة التي توقع بها المعايير الدولية، بما في ذلك حظر التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، ولا حق المرء في أن يعامل على نحو يحترم الكرامة المتأصلة في الإنسان.
المعايير ذات الصلة
المادة 15(1) من "العهد الدولي""... لا يجوز فرض أية عقوبة تكون أشد من تلك التي كانت سارية المفعول في الوقت الذي ارتكبت فيه الجريمة. وإذا حدث، بعد ارتكاب الجريمة، أن صدر قانون ينص على عقوبة أخف، وجب أن يستفيد مرتكب الجريمة من هذا التخفيف."
والتعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة محظور حظراً قطعياً.** (انظر الفصل 10/4 الخاص بالحق في عدم التعرض للتعذيب أو سوء المعاملة). ومع هذا، فتعريف التعذيب يستبعد الآلام والمعاناة الناشئة من توقيع العقوبات القانونية أو الملازم لها. (انظر القسم الخاص باستخدام المصطلحات).
والمقصود بمصطلح "العقوبات القانونية" الوارد في المادة الأولى من "إعلان مناهضة التعذيب" والمادة الأولى من "اتفاقية مناهضة التعذيب" هو العقوبات التي تقرها المعايير الوطنية والدولية على السواء. ومن ثم، فقد يجيز القانون الوطني عقوبة ما، لكنها تعد محظورة إذا كانت تنتهك المعايير الدولية، بما في ذلك الحظر المطلق على التعذيب أو غيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة. وأي تأويل غير هذا سوف يتعارض مع الغرض من المعايير الدولية التي تحظر التعذيب.
وتوضح المادة 2 من "الاتفاقية الأمريكية الدولية الخاصة بالتعذيب" أن تقنين أية ممارسة على الصعيد الوطني لا يضفي عليها "الشرعية"، إذا كانت تنطوي على أفعال أو أساليب تحظرها هذه المعاهدة.
وتحظر المعايير الدولية تسليم أي شخص أو نفيه أو إعادته قسراً إلى أية دولة توجد أسباب قوية تدعو للاعتقاد بأنه قد يتعرض فيها للتعذيب أو لضرب من المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، بما في ذلك العقوبات التي ترقى إلى هذا الحد.***
وقد نظرت المحكمة الأوروبية حالة شاب تقرر تسليمه إلى الولايات المتحدة بسبب جريمة ارتكبها وهو في سن الثامنة عشرة، وكانت هناك دلائل ترجح بشدة أنه كان يعاني من خلل عقلي وقت وقوع الجريمة. وقد رأت المحكمة الأوروبية أن تسليمه إلى الولايات المتحدة، حيث سيصبح عرضة للحكم عليه بالإعدام، وربما يظل فترة تتراوح بين ست وثماني سنوات في انتظار تنفيذ الحكم يعاني خلالها من العيش في ظل أوضاع شديدة الوطأة، سوف يعد انتهاكاً للمادة 3 من "الاتفاقية الأوروبية" التي تحظر التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة.
25/4 العقوبة البدنيةيقصد بالعقوبات البدنية ضروب الآلام التي توقع على جسم المذنب بموجب حكم قضائي أو أمر إداري، كالضرب والتشويه. ومن أنواع هذه العقوبات: الجلد والضرب بالعصي الخيزرانية، وغيرها من أنواع العصي، وبتر الأطراف، والوسم.
ويتضح من تصريحات الخبراء والهيئات السياسية التابعة للأمم المتحدة والمحكمة الأوروبية أن العقوبات البدنية ممنوعة في المعايير الدولية، باعتبارها انتهاكات للحظر المطلق على استخدام التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة. ولا يجوز توقيع هذه المعاملة أو العقوبة على أي شخص لأي سبب، أياً كانت بشاعة الجريمة التي ارتكبها وأياً ما كان انعدام الاستقرار السياسي.
وقالت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان إن الحظر المفروض على استخدام التعذيب في "العهد الدولي" يمتد إلى حظر توقيع العقوبات البدنية والعقوبات المفرطة في الشطط على مرتكبي الجرائم أو كوسيلة للتأديب أو التهذيب.
وقد صرحت اللجنة المذكورة بأن عقوبات "الجلد وبتر الأطراف والرجم بالحجارة المعترف بها كعقوبات على الأفعال الجنائية [في السودان] لا تتفق مع "العهد الدولي". وبالمثل، فقد انتهت اللجنة إلى أن العقوبات من قبيل بتر الأطراف والوسم لا تتفق مع الحظر المفروض على التعذيب، وأوصت في معرض هذا القول "بضرورة الامتناع فوراً عن توقيع هذه العقوبات (في العراق) ... وإلغاء جميع القوانين والمراسيم التي تقضي بها دون إبطاء."
وفي أبريل/نيسان 1997، ذكّرت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان الحكومات بأن "العقوبات البدنية يمكن أن ترقى إلى حد ضروب العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة أو حتى التعذيب."
وقال مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بمسألة التعذيب في عام 1997 إن "العقوبة البدنية لا تتفق مع حظر التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة..."
وقالت المحكمة الأوروبية أيضاً إن العقوبة البدنية تنتهك الحظر على استخدام التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة. وانتهت إلى أن "توقيع عقوبة الضرب بعصا خشبية على صبي في الخامسة عشرة بعد إدانته بتهمة التعدي بالضرب ترقى إلى حد العقوبة المهينة. كما أن توقيع العقوبات البدنية على الأفعال الإجرامية أو المخالفات التأديبية يمثل كذلك انتهاكاً للحق في المحاكمة العادلة، لأنه ينطوي على تطبيق عقوبات محظورة بمقتضى القانون الدولي.
وتحظر المعايير الدولية توقيع العقوبات البدنية على المخالفات التأديبية التي يرتكبها المحتجزون والسجناء (انظر الفصل 10/4 الخاص بالحق في عدم التعرض للتعذيب أو سوء المعاملة).****
25/5 الأوضاع في السجونلا يجوز احتجاز أي شخص يعاقب بالسجن في ظل أوضاع تنتهك المعايير الدولية المحددة في هذا الشأن.
فالقاعدتان 56 و81 من "القواعد النموذجية الدنيا" تحدد مبادئ إرشادية لمعاملة الأشخاص الذين ينفذون أحكاماً بالسجن. وهي تقضي بأن نظام السجن لا يجوز أن يزيد من المعاناة الملازمة للحرمان من الحرية.*+ وتنص على ضرورة أن يسعى نظام السجن إلى تقليل الفارق بين الحياة داخل السجن والحياة في ظل الحرية إلى أقصى درجة.*++
وتحد المعايير الدولية من استخدام الحبس الانفرادي لفترات طويلة، ومن وسائل التكبيل مثل: تغليل الأيدي بالأصفاد، والأرجل بالأثقال الحديدية، ومن استخدام الموظفين المكلفين بإنفاذ القوانين للقوة. (انظر الفصل 10/4 الخاص بالحق في عدم التعرض للتعذيب وسوء المعاملة.)
25/6 حظر العقوبات الجماعيةلا يجوز توقيع أية عقوبة على أية جريمة إلا على مرتكبها وحده، فالمعايير الدولية تحظر فرض العقوبات الجماعية. ومنها المادة 7(2) من "الميثاق الأفريقي" التي تنص على أن "العقوبة شخصية".*^ كما أن "الاتفاقية الأمريكية" تنص على أنه "لا يجوز تمديد العقوبة إلى أي شخص بخلاف الجاني."*^^ (انظر الفصل 32/5/1 الخاص بحظر العقوبات الجماعية.)
وانتهت المحكمة الأوروبية إلى أن مبدأ افتراض البراءة يقضي بأن المسؤولية الجنائية لا تجاوز مرتكب الفعل الجنائي. ورأت المحكمة أن هذا المبدأ قد انتهك في حالة وقّعت فيها غرامة على أقرباء رجل متوفٍ كان قد تهرب من الضرائب، رغم أنهم سددوا بالفعل من التركة المبالغ المستحقة عليه.
المعايير ذات الصلة
المادة 57 من "القواعد النموذجية الدنيا""إن الحبس وغيره من التدابير الآيلة إلى عزل المجرم عن العالم الخارجي تدابير مؤسسية بذات كونها تسلب الفرد حق التصرف بشخصه بحرمانه من حريته، ولذلك لا ينبغي لنظام السجون، إلا في حدود مبررات العزل أو الحفاظ على الانضباط، أن يفاقم من الآلام الملازمة لمثل هذه الحال."
المادة 60(1) من "القواعد النموذجية الدنيا""ينبغي إذن لنظام السجون أن يلتمس السبل إلى تقليص الفوارق التي يمكن أن تقوم بين حياة السجون والحياة الحرة، والتي من شأنها أن تهبط بحس المسؤولية لدى السجناء أو بالاحترام الواجب لكرامتهم البشرية".
المادة 61 من "القواعد النموذجية الدنيا""ولا ينبغي، في معاملة السجناء، أن يكون التركيز على إقصائهم عن المجتمع، بل - على نقيض ذلك - على كونهم يظلون جزءًا منه. وعلى هذا الهدف ينبغي اللجوء، بقدر المستطاع، إلى المؤازرة التي يمكن أن توفرها هيئات المجتمع المحلي لمساعدة جهاز موظفي السجن على إعادة التأهيل الاجتماعي للسجناء. ويجب أن يكون هناك مساعدون اجتماعيون يتعاونون مع كل مؤسسة احتجاز وتناط بهم مهمة إدامة وتحسين كل صلات السجين المستصوبة بأسرته وبالمنظمات الاجتماعية الجزيلة الفائدة. كما تتخذ، إلى أقصى الحدود المتفقة مع القانون ومع طبيعة العقوبة، تدابير لحماية ما للسجين من حقوق تتصل بمصالحه المدنية وبتمتعه بالضمان الاجتماعي من المزايا الاجتماعية."
الفصل السادس والعشرون
الحق في الاستئناف
من حق كل متهم يدان بارتكاب فعل جنائي أن يلجأ إلى محكمة أعلى لمراجعة حكم الإدانة الصادر ضده والعقوبة المقررة عليه.
26/1 الحق في الاستئناف26/2 إعادة النظر أمام محكمة أعلى26/3 المراجعة الصحيحة26/4 ضمانات المحاكمة العادلة إبان دعاوى الاستئناف
26/1 الحق في الاستئنافمن حق كل متهم يدان بارتكاب فعل جنائي في أن يلجأ إلى محكمة أعلى لمراجعة حكم الإدانة الصادر ضده والعقوبة المقررة عليه.*
ورغم أن "الاتفاقية الأوروبية" لا تنص صراحة على الحق في الاستئناف، إلا أن قرارات المحكمة الأوروبية تفيد بأن هذا الحق متأصل في الحق في المحاكمة العادلة المكفول بموجب المادة 6 من "الاتفاقية الأوروبية"، كما أنه مكفول صراحةً في المادة 2 من "البروتوكول السابع للاتفاقية الأوروبية".
ورأت اللجنة الأفريقية أن الحق في الاستئناف قد انتهك عند صدور مرسوم يحظر تحديداً استئناف أحكام المحاكم الخاصة التي قضى بتأسيسها. وهي محاكم من سلطتها إصدار أحكام بالإعدام، وتُرفع أحكامها إلى حاكم الولاية للتصديق عليها أو إلغائها، دون السماح بالتظلم من قراراته.
وينطبق، بوجه عام، الحق في اللجوء إلى محكمة أعلى لمراجعة أحكام الإدانة والعقوبات المقررة على كل شخص يدان بتهمة ارتكاب فعل جنائي، بغض النظر عن خطورة جريمته. وقد أوضحت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان "أن هذا الضمان ليس قاصراً على أخطر الجرائم."
ورأت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان أن تهمة يصدر على مرتكبها حكم بالسجن لمدة عام واحد إنما هي تهمة خطيرة بما يكفي لتبرير مراجعة الحكم الصادر أمام محكمة أعلى، سواء أكان القانون يصنف المعاقب عليه تحت بند الأفعال "الجنائية" أم لا.
ومع هذا، فالمادة 2(2) من البروتوكول 7 من "الاتفاقية الأوروبية" تنص على أن الحق في الاستئناف يجوز تقييده طبقاً للقانون إذا كانت المخالفة جنحة بسيطة، أو إذا جرت المحاكمة الابتدائية للمتهم أمام أعلى محكمة في الدولة، أو إذا كان الحكم بالإدانة قد صدر بعد استئناف حكم ببراءة المتهم.
المعايير ذات الصلة
المادة 14(5) من "العهد الدولي""لكل شخص أدين بجريمة حق اللجوء، وفقاً للقانون، إلى محكمة أعلى كيما تعيد النظر في قرار إدانته وفي العقاب الذي حكم به عليه".
26/2 إعادة النظر أمام محكمة أعلىيجب أن تجري مراجعة أحكام الإدانة والعقوبات أمام "محكمة أعلى وفقاً للقانون". ويضمن هذا الحق أن يفحص القضاء الحالة المعروضة على مرحلتين، على أن تكون الثانية أعلى من الأولى.
وقد وجدت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان أن مراجعة الحكم أمام القاضي الذي سبق أن أصدره لا يفي بهذا الشرط الأساسي.
ورغم أن اللجنة المذكورة قد أوضحت أن المادة 14(5) من "العهد الدولي" لا تلزم الدول بأن توفر أكثر من مرحلة واحدة للاستئناف، لكنها قالت إن عبارة "وفقاً للقانون" تعني أنه إذا كان القانون المحلي يقضي بأكثر من مرحلة للاستئناف في إطار نظر الدعاوى الجنائية، فإنه يجب فتح الباب أمام أي شخص يدان للانتفاع بصورة فعالة من هذه المراحل الأخرى.
26/3 المراجعة الصحيحةيجب أن تكون المراجعة أمام محكمة أعلى مراجعة صحيحة للقضايا المتضمنة في الدعوى.
وقد أوضحت اللجنة الأمريكية الدولية أن التزام الدولة بضمان الحق في الاستئناف أمام محكمة أعلى لا يتطلب فقط إقرار القوانين، ولكن يستلزم اتخاذ تدابير تكفل ممارسة هذا الحق. ورأت أن المغالاة في الشكليات والاشتطاط في تضيق المدد المخصصة لطلب الاستئناف، والتباطؤ الشديد في البت في دعاوى الاستئناف، بمثابة عقبات في وجه تفعيل هذا الحق في بنما.
والاقتصار على مراجعة المسائل القانونية (بدلاً من فحص الجوانب القانونية والوقائع) قد لا يفي بالشروط الأساسية لهذا الضمان.
وقد أعرب مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بعمليات الإعدام خارج نطاق القضاء أو الإعدام بدون محاكمة أو الإعدام التعسفي عن قلقه بشأن إجراءات الاستئناف التي تكتفي بمراجعة الجوانب القانونية وليس الوقائع. وأعرب عن قلقه هذا بشأن الطعون القضائية المنظورة أمام محكمة النقض والإبرام في الجزائر. كما أثار مخاوف مشابهة إزاء الدعاوى المنظورة أمام محكمة أمن الدولة في الكويت حيث "لا يستفيد المتهمون استفادة تامة من الحق في الاستئناف كما هو محدد في الصكوك الدولية ذات الصلة، لأنهم محرومون من مرحلة الاستئناف التي تراجع فيها الدعاوى مراجعة كاملة، سواء من حيث الوقائع أو من حيث الجوانب القانونية."
ويجب ألا تقتصر عملية المراجعة على "التحقق رسمياً من صحة الالتزام بالشروط الأساسية للإجراءات".
وقد أوضحت اللجنة الأمريكية الدولية، في معرض حديثها عن الحق في المحاكمة العادلة بموجب الاتفاقية الأمريكية، أن على المحاكم، وهي تنظر دعاوى الاستئناف، ألا تكتفي بالتأكد من صحة الإجراءات المتبعة خلال جميع وقائع الدعوى، بل أن تفحص كذلك حيثيات الاستئناف."
26/4 ضمانات المحاكمة العادلة إبان دعاوى الاستئنافيجب أن يُراعى الحق في النظر المنصف والعلني خلال مرحلة الاستئناف. ويشمل هذا الحق جملة أمور، من بينها الحق في توفير وقت كافٍ وتسهيلات مناسبة لإعداد عريضة الاستئناف، والحق في الاستعانة بمحامٍ، والحق في تكافؤ الفرص بين الدفاع والادعاء (بما في ذلك إخطار كل منهما بالمستندات التي يقدمها الطرف الآخر)، والحق في نظر الدعوى أمام محكمة مختصة مستقلة نزيهة مؤسسة بحكم القانون في غضون فترة زمنية معقولة، والحق في نظر علني للدعوى وصدور الحكم في غضون فترة زمنية معقولة.
وقد أوضحت اللجنة الأمريكية الدولية أن نظر دعاوى الاستئناف أمام محاكم تفتقر إلى الاستقلالية أو غير مؤهلة للقيام بوظيفة المراجعة القضائية أمران لا يتفقان مع الحق في الاستئناف الذي تكفله "الاتفاقية الأمريكية".
ولن يكون الحق في الاستئناف فعالاً ما لم يبلغ المتهم بحيثيات حكم الإدانة الصادر ضده في غضون فترة زمنية معقولة. ومن ثم، فهذا الحق متصل بحق المتهم في الحصول على حكم معلل (انظر الفصل 24/2 الخاص بالحق في معرفة حيثيات الحكم).
وقد انتهت المحكمة الأوروبية إلى أن حقوق المتهم قد انتهكت في حالة أدانت فيها محكمة عسكرية المتهم، وكان ضابطاً في الجيش، بتهمة إفشاء أسرار عسكرية، ثم استأنف المتهم الحكم أمام محكمة الاستئناف العسكرية، ثم إلى محكمة النقض والإبرام. وقد تلت محكمة الاستئناف العسكرية عليه حكمها حضورياً، ولكن الحكم كان مقتضباً حيث لم يتطرق إلى سلسلة من المسائل التي نظرتها المحكمة أثناء الدعوى. وحينما تسلم المتهم النص الكامل لمنطوق الحكم، كانت المهلة الزمنية المسوح فيها بالطعن في الحكم أمام محكمة النقض والإبرام في حيثيات الحكم قد انتهت. وقالت المحكمة الأوروبية إن على المحاكم الوطنية (ومن بينها محاكم الاستئناف) أن تحدد بوضوح كافٍ حيثيات أحكامها، لأن توانيها عن تزويد المتهم بتلك الحيثيات في وقت مناسب، لكي يتمكن من أن يبسط جميع حيثياته لكي تراجعها محكمة النقض والإبرام، إنما هو إنكار لحقه في الحصول على وقتٍ كافٍ وتسهيلات مناسبة لإعداد دفاعه.
والحق في الحصول على محام منتدب لتمثيل المتهم في دعوى الاستئناف خاضع لنفس الشروط التي تحكم هذا الحق في الدائرة الابتدائية. ويجب اعتباره في صالح العدالة. (انظر الفصل 20/3/3 الخاص بالحق في الحصول على محام منتدب، والحق في الحصول على مساعدة قانونية دون مقابل. انظر كذلك الفصل 28 الخاص بحالات عقوبة الإعدام).
وقد قضت المحكمة الأوروبية بأن التقاعس عن تعيين محام في مرحلة الاستئناف الأخيرة، لحكم صدر على متهم بالسجن خمس سنوات، إنما هو انتهاك لحقوق ذلك المتهم. ورأت المحكمة المذكورة أن مصلحة العدالة تطلب من السلطات أن تنتدب محامٍ خلال دعوى الاستئناف، لأن المتهم لن يحسن معالجة الشؤون القانونية أمام المحكمة دون مساعدة محامٍ، ومن ثم فلن يحسن الدفاع عن نفسه على خير وجه.
كما رأت المحكمة الأوروبية أن حق المتهم في الاستئناف قد انتهك حيث قررت محكمة النقض رفض الطعن المقدم منه بشأن جوانب القصور القانونية التي شابت محاكمته، وذلك بناءً على هروبه. وانتهت المحكمة المذكورة في هذه الحالة أيضاً إلى أن الحق في الحصول على مساعدة قانونية قد انتهك لأن محكمة الاستئناف رفضت السماح لمحامي المتهم الذي اختاره بأن يمثله أمامها عندما اختار عدم الظهور بنفسه أمام المحكمة."
القسم (ج)حالات خاصة
الفصل السابع والعشرون
الطفل
من حق كل طفل يتهم بمخالفة القانون أن يتمتع بجميع الضمانات والحقوق المكفولة للكبار فيما يتعلق بالمحاكمة العادلة، وعلاوةً على ذلك، فله الحق في بعض الضروب الإضافية من الحماية.
27/1 حقوق الطفل في المحاكمة العادلة27/2 تعريف الطفل27/3 المبادئ الإرشادية لمعاملة الطفل المخالف للقانون 27/3/1 تخصيص جهاز مستقل لقضاء الأحداث 27/3/2 الإجراءات البديلة للمحاكمة 27/3/3 سرعة البت في حالات الأحداث 27/3/4 احترام خصوصيات الحدث27/4 القبض على الأطفال واحتجازهم في المراحل السابقة على المحاكمة27/5 المحاكمة27/6 الأحكام27/7 العقوبات 27/7/1 عقوبات محظورة27/8 الأطفال السجناء
27/1 حقوق الطفل في المحاكمة العادلةيحق للطفل الانتفاع من جميع الضمانات والحقوق المتعلقة بالمحاكمة العادلة المطبقة على الكبار، وكذلك ضروب خاصة إضافية من الحماية. وسوف نقتصر في الحديث في هذا الفصل على ضروب الحماية الإضافية المكفولة للأطفال بحكم سنهم.
وتستخدم المعايير الدولية مصطلحي "قضاء الأحداث" و"نظم قضاء الأحداث" للإشارة إلى معاملة الأطفال المتهمين بمخالفة القانون، أو الذين أدينوا لمخالفتهم لأحكامه، سواء أكان ذلك في سياق النظم القضائية المخصصة للأطفال أو في النظم القضائية التي تعالج قضايا الكبار كذلك. وسوف يستخدم هذا الدليل المصطلحين بهذه الطريقة. كما أن البلدان التي تخصص نظماً قضائية للأطفال (وهو ما تحض عليه المعايير الدولية - انظر ما يلي)، فتطلق على هذه النظم اسم "نظم قضاء الأحداث".
وتشمل الكثير من معايير حقوق الإنسان أحكاماً متصلة بشؤون قضاء الأحداث، ومن بينها "اتفاقية حقوق الطفل" (خاصةً المواد 1 و37 و4) و"إعلان حقوق الطفل"، و"قواعد الأمم المتحدة لحماية الأحداث المحرومين من حريتهم، و"مبادئ الأمم المتحدة التوجيهية لمنع انحراف الأحداث" ("مبادئ الرياض التوجيهية") و"القواعد النموذجية الدنيا لإدارة شؤون قضاء الأحداث" ("قواعد بكين"). انظر كذلك المواد 10(2)(ب)، و14(4)، و24 من "العهد الدولي".
وقالت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان "يجب أن يتمتع الأحداث على أقل تقدير بنفس الضمانات وجوانب الحماية المكفولة للكبار بمقتضى المادة 14 من "العهد الدولي".
وتوضح "اتفاقية حقوق الطفل" أن الأطفال يجب أن يتمتعوا بأية أحكام في القوانين الوطنية والدولية من شأنها أن تسهم بصورة أكبر في تفعيل حقوقهم.*
27/2 تعريف الطفليتجه الرأي صوب الاتفاق العام في محيط القانون الدولي على تعريف الطفل بأنه هو كل شخص دون الثامنة عشرة، ومن ثم فإن أي شخص دون هذه السن يستحق جوانب خاصة من الحماية عند تقديمه للمحاكمة. وقد عرفت "قواعد الأمم المتحدة لحماية الأحداث المحرومين من الحرية" الحدث بأنه "كل شخص دون الثامنة عشرة"، أما "اتفاقية حقوق الطفل" فتعرف الطفل بأنه كل شخص دون الثامنة عشرة **ما لم يكن سن القانون الوطني يحدد سناً آخر لبلوغ مرحلة الرشد.*** ولكل دولة أن تحدد سن الرشد لديها، ولكن لا يجب أن يحيد كثيراً عن المعايير الدولية.
ويجب أن تسن الدول قوانين وتضع إجراءات لتحديد السن الأدنى الذي "لا" يفترض فيه أن الطفل قادر على أن يخالف قانون العقوبات،**** ويجب أن تحرص على عدم الهبوط بسن المسؤولية الجنائية إلى حد أدنى من اللازم، على أن تأخذ في الاعتبار عدم النضج الوجداني والعقلي والذهني للطفل.*+
كذلك يجب أن تسن الدول أيضاً قوانين تحدد السن الأدنى الذي لا يجوز حرمان أي طفل دونه من حريته.*++
27/3 المبادئ الإرشادية لمعاملة الطفل المخالف للقانونوتحدد المعايير الدولية بعض المبادئ الإرشادية بشأن قضاء الأحداث. وهي مبادئ تنبع من واقع واجب الدولة نحو تأمين المصلحة الفضلى لكل طفل، وما يلازم ذلك من ضمان تناسب التدابير التي تمس الأطفال الجانحين مع خطورة الجرائم التي ارتكبوها، وضرورة أخذ الظروف الشخصية للحدث في الطفل.
المعايير ذات الصلة
المادة 40(2)(ب) من "اتفاقية حقوق الطفل""يكون لكل طفل يُدّعى بأنه انتهك قانون العقوبات أو يُتهم بذلك، الضمانات التالية على الأقل:
(1) افتراض براءته إلى أن تثبت إدانته وفقاً للقانون.
(2) إخطاره فوراً ومباشرةً بالتهم الموجهة إليه، عن طريق والديه أو الأوصياء القانونيين عليه عند الاقتضاء، والحصول على مساعدة قانونية أو غيرها من المساعدة الملائمة لإعداد وتقديم دفاعه.
(3) قيام سلطة أو هيئة قضائية مختصة ومستقلة ونزيهة بالفصل في دعواه وفقاً للقانون، بحضور مستشار قانوني أو بمساعدة مناسبة أخرى وبحضور والديه أو الأوصياء القانونيين عليه، ما لم يعتبر أن ذلك في غير مصلحة الطفل الفضلى، ولاسيما إذا أخذ في الحسبان سنه أو حالته.
(4) عدم إكراهه على الإدلاء بشهادة أو الاعتراف بالذنب، واستجواب أو تأمين استجواب الشهود المناهضين وكفالة اشتراك واستجواب الشهود لصالحه في ظل ظروف من المساواة.
(5) إذا اعتبر أنه انتهك قانون العقوبات، تأمين قيام سلطة مختصة أو هيئة قضائية مستقلة ونزيهة أعلى وفقاً للقانون بإعادة النظر في هذا القرار وفي أية تدابير مفروضة تبعاً لذلك.
(6) الحصول على مساعدة مترجم شفوي مجاناً إذا تعذر على الطفل فهم اللغة المستعملة أو النطق بها.
(7) تأمين احترام حياته الخاصة تماماً أثناء جميع مراحل الدعوى.
ولكل طفل الحق في الحصول من الأسرة والدولة والمجتمع على حاجته من الحماية التي يقتضيها وضعه كحدث.*^
ويجب أن تكون المصلحة الفضلى للطفل هي الاعتبار الأول في جميع الإجراءات المتصلة بالأطفال، بما في ذلك تلك الإجراءات التي تتخذها المحاكم والهيئات الإدارية أو التشريعية.*^^
ويجب أن يركز نظام قضاء الأحداث على رفاهة الحدث، ويضمن أن أي رد فعل ضده سوف يتناسب دائماً مع ظروفه والجريمة التي يرتكبها.*#
ويجب أن تعترف الدولة بحق كل طفل يتهم بارتكاب فعل جنائي بأن يعامل على نحو يتفق مع الرغبة في أن تغرس في نفسه الإحساس بالكرامة والاعتداد بالذات، مع الأخذ في الاعتبار سنه والرغبة في العمل على إعادة دمجه بالمجتمع، وأن ينهض فيه بدور بناء.*##
ويجب أن تعزز نظم القضاء الجنائي حقوق الأحداث، وتوفر لهم الأمن، وتعزز سلامتهم البدنية والعقلية، وأن تراعي الرغبة في إعادة تأهيلهم.(*)
ويجب أن تراعي السياسات المطبقة في هذا الشأن أن "سلوكيات الشباب أو تصرفاتهم التي لا تتفق مع القواعد والقيم الاجتماعية الشاملة كثيراً ما تكون جزءًا من عملية النضج والنمو، وتنحو إلى الاختفاء تلقائياً عند معظم الأفراد مع الكبر."(**)
ووفقاً لحق كل طفل في أن يعبر بحرية عن آرائه في جميع ما يخصه من أمور، يجب إتاحة الفرصة له لكي يقول كلمته في أية دعوى قضائية تمسه، سواء بالطريق المباشر أم على لسان ممثل له. ويجب أن تحترم آراؤه طبقاً لسنه ووفقاً لنضجه.(***)
27/3/1 تخصيص جهاز مستقل لقضاء الأحداثتحث معظم المعايير الدولية - دون إلزام - الدول على أن توفر تدابير ومؤسسات منفصلة أو خاصة لمعاجلة حالات الأطفال الذين يتهمون بارتكاب أفعال جنائية أو يدانون بارتكاب مثل هذه الأفعال.(+)
ومع هذا، فالاتفاقية الأمريكية تلزم الدول بأن تؤسس محاكم خاصة لنظر قضايا الأحداث المتهمين بارتكاب جرائم.(++)
المعايير ذات الصلة
المادة 14(4) من "العهد الدولي":"في حالة الأحداث، يراعي جعل الإجراءات مناسبة لسنهم ومواتية لضرورة العمل على إعادة تأهيلهم."
27/3/2 الإجراءات البديلة للمحاكمةيجب أن تحرص الدول، بالقدر المناسب، على معالجة حالات جنوح الأحداث دون اللجوء إلى المحاكمات الرسمية، بشرط الاحترام الكامل لحقوق الإنسان والضمانات القانونية. ومن بين الوسائل البديلة للمحاكمة تكليف الحدث بأداء عمل في خدمة المجتمع المحلي أو في أي مجال خدمي آخر.
27/3/3 سرعة البت في حالات الأحداثيجب الإسراع في معالجة جميع الحالات المتصلة بالأطفال المتهمين بمخالفة القانون، سواء أكانوا محتجزين أم غير محتجزين.
27/3/4 احترام خصوصيات الحدثمن أجل حماية الطفل من التعرض لوصمة تلحق به يجب حماية الحياة الخاصة لكل طفل يتهم أو يدان بمخالفة قانون العقوبات.
ويجب الحرص بشدة على سرية ملفات دعاوى الأحداث، ويجب عدم إطلاع أحد عليها سوى الجهات المصرح لها بذلك رسمياً. ولا يجوز استخدام هذه الملفات ضدهم بعد أن يكبروا في أية دعوى جنائية.
27/4 القبض على الأطفال واحتجازهم رهن المحاكمةتنبع المبادئ المتصلة باحتجاز الأطفال من مبدأ أن حماية المصلحة الفضلى للطفل في معظم الحالات تتحقق بعدم فصله عن والديه.
ولا يجب احتجاز أي طفل أو سجنه إلا كملاذ أخير، مع الحرص على أن يتمشى ذلك مع القانون، وألا يستمر إلا لأقل فترة مناسبة.
ويجب فصل الأطفال المحتجزين رهن المحاكمة عن الكبار، فيما عدا الحالات التي لا يكون فيها هذا الفصل في المصلحة الفضلى للطفل.
المعايير ذات الصلة
المادة 8 من "قواعد بكين":"8(1) يحترم حق الحدث في حماية خصوصياته في جميع المراحل تفادياً لأي ضرر قد يناله من جراء دعاية لا لزوم لها أو بسبب الأوصاف الجنائية.
8(2) لا يجوز، من حيث المبدأ، نشر أية معلومات يمكن أن تؤدي إلى التعرف على هوية المجرم الحدث."
وقد انتقد المقرر الخاص المعني بمسألة التعذيب احتجاز الأحداث مع الكبار لأن الأحداث يتعرضون في هذه الحالة لاعتداءات بدنية ويُستغلون لأغراض جنسية، وقد يتعرضون لآلام بدنية وعقلية شديدة.
وتقول المادة 37(ج) من "اتفاقية حقوق الطفل" إن الطفل المحتجز لا يجوز وضعه مع الكبار، حتى وإن كانوا من أفراد أسرته، ما لم يكن ذلك في المصلحة الفضلى للطفل.
وعند القبض على طفل أو احتجازه للاشتباه في أنه خالف أحكام القانون، يجب إخطار أبويه أو ولي أمره على الفور، ما لم يكن ذلك في المصلحة الفضلى للطفل. وإذا تعذر الإخطار الفوري، فيجب أن يتم إبلاغهم في أقرب وقت ممكن بعد ذلك.
ويجب أن تجرى الاتصالات بين الموظفين المسؤولين عن تنفيذ القوانين والأطفال على نحو يحترم الوضع الخاص، الذي يكفله القانون للأطفال، ويتجنب إيذاءهم ويوفر لهم حسن الرعاية.
ولا تحبذ المعايير الدولية الاحتجاز رهن المحاكمة بالنسبة للأطفال بصورة أشد منها بالنسبة للكبار. ومن ثم ينبغي تجنب احتجاز الأطفال بأية صورة، بما في ذلك احتجازهم عند القبض عليهم أو قبل تقديمهم للمحاكمة، بقدر المستطاع باعتباره ملاذاً أخيراً. وعند احتجاز الأحداث، يجب أن تعطى أولوية قصوى لحالاتهم، وأن يبت فيها على أسرع نحو ممكن لضمان تقصير أمد احتجازهم إلى أدنى حد ممكن.
ويجب أن تسن الدولة التشريعات اللازمة لتحديد السن الأدنى الذي لا يجوز حرمان أي طفل دونه من حريته.
والمادة 10(2)(ب) من "العهد الدولي"، التي تنص على أن يحال الأحداث "بالسرعة الممكنة إلى القضاء للفصل في حالتهم"، توفر شرطاً أقوى من شرط المحاكمة، في غضون فترة زمنية معقولة، المكفول في المادة 9(3) من "العهد الدولي" (انظر الفصل 7 الخاص بالحق في المحاكمة في غضون فترة زمنية معقولة أو الإفراج عن المتهم من الحجز)، أو شرط المحاكمة، دون أي تأخير لا مبرر له، المكفول بموجب المادة 14(3)(ج) من "العهد الدولي" (انظر الفصل 19 الخاص بالحق في المحاكمة دون تأخير لا مبرر له). والهدف من ذلك هو التقليل إلى أقصى حد ممكن من فترة احتجاز الأحداث رهن المحاكمة. ويمكن تحقيق هذا الهدف إما الإسراع بالإفراج عن الأحداث المحتجزين ريثما تتم محاكمتهم، وإما الإسراع بالفصل في قضاياهم، علماً بأن مصطلح "الفصل في القضايا" لا يقتصر فقط على أحكام المحاكم الجنائية، بل يشمل كذلك الأجهزة غير القضائية المخولة سلطة الفصل في الجرائم التي يرتكبها الأحداث.
المعايير ذات الصلة
المادة 37(ب) من "اتفاقية حقوق الطفل":"تكفل الدول الأطراف:... ألا يحرم أي طفل من حريته بصورة غير قانونية أو تعسفية، ويجب أن يجري اعتقال الطفل أو احتجازه أو سجنه وفقاً للقانون، ولا يجوز ممارسته إلا كملجأ أخير ولأقصر فترة زمنية مناسبة."
المادة 10(2)(ب) من "العهد الدولي":"يفصل المتهمون الأحداث عن البالغين، ويحالون بالسرعة الممكنة إلى القضاء للفصل في قضاياهم."
القاعدة 17 من "قواعد الأمم المتحدة لحماية الأحداث المحرومين من الحرية":"... تجنب الاحتجاز رهن المحاكمة إلى أقصى مدى ممكن مع قصره على الحالات الاستثنائية. ومن ثم، بذل قصارى الجهد لتطبيق إجراءات بديلة. فإذا استخدم، رغم هذا الجهد، الحجز الاحتياطي، تولي محاكم الأحداث وهيئات التحقيق أولوية قصوى للنظر في هذه القضايا بأقصى سرعة لضمان ألا يستمر احتجازهم إلا لأقصر فترة ممكنة..."
المبدآن 13(1) و(2) من "قواعد بكين":"13(1) لا يستخدم إجراء الاحتجاز رهن المحاكمة إلا كملاذ أخير ولأقصر فترة زمنية ممكنة.
13(2) يستعاض عن الاحتجاز رهن المحاكمة، حيثما أمكن ذلك، بإجراءات بديلة، مثل المراقبة عن كثب، أو الرعاية المركزة أو الإلحاق بأسرة أو بإحدى مؤسسات أو دور التربية."
وللأطفال المحتجزين الحق في الحصول، على وجه السرع، على مساعدة قانونية والطعن في قانونية احتجازهم مثل الكبار (انظر الفصل 3 الخاص بالحق في الاستعانة بالمحامين قبل المحاكمة والفصل 6 الخاص بالحق في الطعن في قانونية الاحتجاز). ويجب البت في أمر الإفراج عنهم أو استمرار احتجازهم دون إبطاء.
ومن حق الأحداث الحصول على الرعاية والحماية والمساعدة عند احتجازهم رهن المحاكمة.
ومن حق الأطفال المحتجزين أن يتراسلوا مع أسرهم، وأن يتلقوا زيارات من أسرهم إلا في حالات استثنائية.
ويجب معاملة جميع الأطفال المحتجزين على نحو يكفل الاحترام للكرامة المتأصلة في الإنسان مثلهم مثل المحتجزين من الكبار. ومن المحظور قطعياً استخدام التعذيب أو أي ضرب آخر من ضروب المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة. وعلاوة على ذلك، فيجب معاملة الأطفال المحتجزين على نحو يراعي احتياجات أترابهم من الصغار. (انظر كذلك الفصلين 4 و10).
27/5 المحاكمةيجب أن يراعى في الإجراءات التي يمكن أن تطبق على الأحداث، مثل المحاكمات، أن تعزز حقوقهم وتحفظ لهم أمنهم، ويجب أن تراعي سنهم والرغبة في العمل على إعادة تأهيل الطفل. ويستمد هذان الشرطان سندهما من المبادئ الأخلاقية التي تحتم تجنيب الطفل وصمة الجريمة، بقدر المستطاع، ومعالجة التجاوزات التي يرتكبها عن طريق تدابير تربوية لا عقابية.
ولحماية الحياة الخاصة للطفل، يجب أن يجري نظر قضايا الأحداث في جلسات غير علنية بعيداً عن أضواء الإعلام، وهو أحد الاستثناءات المسموح بها للحق في النظر العلني. انظر الفصل 14/3 الخاص بالاستثناءات من الحق في النظر العلني للدعوى.
ومن حق الحدث في جميع مراحل الدعوى أن يمثله محامٍ. وعلاوة على ذلك، فيجب تزويد الأطفال القادرين على أن يعبروا عن آرائهم بفرصة للتعبير عنها في أية دعوى قضائية أو إدارية تتعلق بهم، سواء بطريقة مباشرة أو عن طريق ممثل لهم.
المعايير ذات الصلة
المادة 37(د) من "اتفاقية حقوق الطفل":"يكون لجميع الأطفال المحرومين من حريتهم الحق في الحصول بسرعة على مساعدة قانونية وغيرها من المساعدة المناسبة، فضلاً عن الحق في الطعن في شرعيه حرمانه من الحرية أمام محكمة أو سلطة مختصة مستقلة ومحايدة أخرى، وفي أن يجري البت بسرعة في أي إجراء من هذا القبيل."
المادة 13(3) و(5) من "قواعد بكين":"13(3) يتمتع الأحداث المحتجزون رهن المحاكمة بجميع الحقوق والضمانات التي تكفلها القواعد النموذجية الدنيا للسجناء التي اعتمدتها الأمم المتحدة.
13(5) يتلقى الأحداث أثناء فترة الاحتجاز الرعاية والحماية وجميع أنواع المساعدات الفردية - الاجتماعية والتعليمية والمهنية والنفسية والطبية والجسدية - التي قد تلزمهم بالنظر إلى سنهم وجنسهم وشخصيتهم".
المادة 37 (أ) و(ج) من "اتفاقية حقوق الطفل":"تكفل الدول الأطراف:...(أ) ألا يُعَرّض أي طفل للتعذيب أو لغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة. ولا تفرض عقوبة الإعدام أو السجن مدى الحياة بسبب جرائم يرتكبها أشخاص تقل أعمارهم عن ثماني عشرة سنة دون وجود إمكانية للإفراج عنهم.
(ج) يعامل كل طفل محروم من حريته بإنسانية واحترام للكرامة المتأصلة في الإنسان، وبطريقة تراعي احتياجات الأشخاص الذين بلغوا سنه...".
27/6 الأحكاملكي نجنب الطفل وصمة الجريمة، ولكي نحمي حياته الخاصة، يجب ألا تكون الأحكام علنية بوجه عام في الدعاوى التي تمس الأطفال. وتقضي المادة 14(1) من "العهد الدولي" باستثناء الحالات التي تتطلب فيها المصلحة الفضلى للطفل السرية من شرط علانية الأحكام. انظر الفصل 24 الخاص بالأحكام.
27/7 العقوباتيجب أن تكون لمصلحة الطفل الفضلى الاعتبار الأول في تحديد العقوبة وتوقيعها على الأحداث الذين تثبت مخالفتهم لأحكام القانون. ويجب أن يُراعى في توقيع أية عقوبة صالح الطفل واحتياجاته وأن تهدف إلى إعادة تأهيله.
ويجب أن تتناسب أية عقوبة مع خطورة الجريمة وظروف الحدث.
والحكم بالسجن في قضايا الأحداث، الذين تثبت مخالفتهم لأحكام القانون هو آخر تدبير يجب اللجوء إليه، وذلك في الحالات ذات الطبيعة الاستثنائية. وتنص القاعدة 17(1)(ج) من "قواعد بكين" على أنه "لا يفرض الحرمان من الحرية الشخصية، إلا إذا أدين الحدث بارتكاب فعل خطير يتضمن استخدام العنف ضد شخص آخر أو بالعودة إلى ارتكاب أعمال إجرامية خطيرة أخرى، وما لم يكن هناك أي إجراء مناسب آخر." وعند الحكم بالسجن، فيجب أن تحدد سلطة قضائية الحد الأقصى للعقوبة، وأن تراعي تقليلها بقدر المستطاع.
المعايير ذات الصلة
المادة 14(4) من "العهد الدولي":"في حالة الأحداث، يراعى جعل الإجراءات مناسبة لسنهم ومواتية لضرورة العمل على إعادة تأهيلهم."
القاعدتان 14(1) و14(2) من "قواعد بكين":"14(1) حين لا تكون قضية المجرم الحدث قد حولت إلى خارج النظام القضائي (بموجب القاعد 11)، يتوجب أن تنظر في أمره السلطة المختصة (محكمة، هيئة قضائية، هيئة إدارية، مجلس أو غير ذلك) وفقاً لمبادئ المحاكمة المنصفة والعادلة.14(2) يتوجب أن تساعد الإجراءات على تحقيق المصلحة القصوى للحدث، وأن تتم في جو من التفهم يتيح للحدث أن يشارك فيها وأن يعبر عن نفسه بحرية."
المادة 40(4) من "اتفاقية حقوق الطفل":"تتاح ترتيبات مختلفة، مثل أوامر الرعاية والإرشاد والإشراف والمشورة والاختبار والحضانة وبرامج التعليم والتدريب المهني وغيرهما من بدائل الرعاية المؤسسية لضمان معاملة الأطفال بطريقة تلائم رفاههم وتتناسب مع ظروفهم وجرمهم على السواء".
27/7/1 عقوبات محظورةلا يجوز توقيع عقوبات بدنية على الأطفال.
وقد قالت لجنة حقوق الطفل إن العقوبات البدنية تخالف اتفاقية حقوق الطفل.
ولا يجوز استخدام أدوات تقييد الحركة والقوة ضد الأحداث لتقييدهم إلا في حالات استثنائية، حينما تستنفد جميع وسائل السيطرة الأخرى وتفشل في أداء المطلوب منها، على ألا تتجاوز الحدود المسموح بها على نحو صريح محدد في القانون واللوائح. ولا يجب أن تتسبب في أي إحساس بالإذلال أو المهانة، وأن يقيد استخدامها وألا يزيد على أقصر فترة ممكنة. (انظر كذلك الفصل 10).
ولا يجوز الحكم على أي شخص كان دون الثامنة عشرة وقت ارتكاب جريمته بالسجن المؤبد.
ولا يجوز توقيع عقوبة الإعدام على أي شخص كان دون الثامنة عشرة وقت ارتكاب الجريمة، بغض النظر عن سن الرشد المحدد في القانون الوطني، أو عمر المتهم عند محاكمته أو صدور الحكم عليه. (انظر الفصل 28 الخاص بحالات عقوبة الإعدام.) وحظر إعدام أي شخص كان دون الثامنة عشرة وقت ارتكاب الجريمة واجب التطبيق في جميع الأوقات وجميع الأحوال، ولا يجوز التخفف من هذا القيد.
27/8 الأطفال السجناءيجب فصل الأطفال السجناء، بوجه عام، عن الكبار مع توفير معاملة لهم تتناسب مع أعمارهم ووضعهم القانوني.
ولا يجوز إخضاع أي طفل للتعذيب أو لغيره من ضروب المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة. ويمتد هذا الحظر إلى ضروب التأديب أو العقوبة القاسية أو المهينة في أية مؤسسة. (انظر الفصل 10).
وتدابير التأديب التي تمثل ضروباً قاسية أو لاإنسانية أو مهينة من المعاملة محظورة حظراً مطلقاً، بما في ذلك العقوبات البدنية والحبس في زنازين مظلمة أو الحبس الانفرادي، أو إنقاص كميات الغذاء، أو تقييد الاتصال بأفراد الأسرة أو منعه، أو العقوبات الجماعية، أو أي ضرب آخر من العقوبة قد يضر بالصحة البدنية أو العقلية للحدث.
ولا يجوز استخدام وسائل التقييد إلا في الحالات الاستثنائية كملاذ أخير، شرط عدم تجاوز الحدود المقررة في القانون أو اللوائح.
ومن حق الأطفال المحرومين من الحرية أن يستمروا في الاتصال بأسرهم عن طريق المراسلات والزيارات، فيما عدا الظروف الاستثنائية . كما أن لهم الحق في التعليم.
المعايير ذات الصلة
القاعدتان 17(1)(أ) و(ب) من "قواعد بكين":"لدى التصرف في القضايا، تسترشد السلطة المختصة بالمبادئ الآتية:
(أ) يتحتم دائماً أن يكون رد الفعل متناسباً، ليس فقط مع ظروف الجرم وخطورته، بل كذلك مع ظروف الحدث وحاجاته، وكذلك احتياجات المجتمع.(ب) لا تفرض قيود على الحرية الشخصية للحدث إلا بعد دراسة دقيقة، وتكون مقصورة على أدنى حد ممكن."
القاعدة 26(1) من "قواعد بكين":"الهدف من تدريب وعلاج الأحداث الموضوعين في مؤسسات إصلاحية هو تزويدهم بالرعاية والحماية والتعليم والمهارات المهنية بغية مساعدتهم على القيام بأدوار اجتماعية بناءة ومنتجة في المجتمع."
الفصل الثامن والعشرون
الدعاوى القضائية المتصلة بعقوبة الإعدام
تعارض منظمة العفو الدولية عقوبة الإعدام في جميع الحالات على اعتبار أنها تمثل ذروة العقوبات القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، وأنها انتهاك للحق في الحياة. وتكفل المعايير الدولية لحقوق الإنسان للأشخاص المتهمين بارتكاب جرائم عقوبتها الإعدام الحق في الحصول على أعلى قدر من الالتزام الصارم بجميع ضمانات المحاكمة العادلة وضمانات إضافية معينة. غير أن هذه الضمانات الإضافية ليست بمبرر للإبقاء على عقوبة الإعدام.
28/1 إلغاء عقوبة الإعدام تعارض منظمة العفو الدولية عقوبة الإعدام في جميع الحالات باعتبارها ذروة العقوبات القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، وأنها تمثل انتهاكاً للحق في الحياة.
ومن المعروف أن التعذيب والضروب الأخرى للمعاملة والعقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة محظورة قطعياً في جميع الأوقات وفي جميع الأحوال (انظر الفصل 10/4 الخاص بالحق في عدم التعرض للتعذيب أو سوء المعاملة).
كما أن الحق في الحياة أساسي ومطلق.* - فلا يجوز تعليقه قط ** (انظر الفصل 31 الخاص بالمحاكمات العدالة إبان حالات الطوارئ).
وتحث المعايير الدولية لحقوق الإنسان على إلغاء عقوبة الإعدام.***
وقد اعتمد المجتمع الدولي أيضاً معاهداتٍ تهدف بالتحديد إلى إلغاء عقوبة الإعدام. ومن "البروتوكول الاختياري الثاني للعهد الدولي"، و"بروتوكول الاتفاقية الأمريكية الخاصة بحقوق الإنسان بشأن إلغاء عقوبة الإعدام" و"البروتوكول السادس للاتفاقية الأوروبية" الذي يحظر تنفيذ أحكام الإعدام ويطالب بإلغاء عقوبة الإعدام في وقت السلم."****
كما أن الهيئات الدولية والإقليمية، وكذا خبراء حقوق الإنسان يحثون على إلغاء عقوبة الإعدام.
وقد أوضح الأمين العام للأمم المتحدة أن "الهدف الأساسي الجاري العمل على تحقيقه في ميدان عقوبة الإعدام هو التقليص المطرد لعدد الجرائم التي يجوز الحكم على مرتكبيها بالإعدام تشوفاً لإلغاء هذه العقوبة".
وقالت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان إن المادة 6 من "العهد الدولي" "تشير بوجه عام إلى الإلغاء بعبارات توحي بشدة ... بأنه أمر مرغوب. وانتهت اللجنة إلى أن جميع التدابير الرامية للإلغاء ينبغي أن تعد ضرباً من التقدم صوب التمتع بالحق في الحياة..."
وفي عامي 1997 و1998، دعت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان جميع الدول التي لم تلغ عقوبة الإعدام إلى أن توقف تنفيذ أحكام الإعدام بهدف الإلغاء التام لهذه العقوبة.
وعند تأسيس المحكمتين الدوليتين الخاصتين بيوغوسلافيا السابقة ورواندا، استبعد مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة عقوبة الإعدام من قائمة العقوبات التي يجوز لهاتين المحكمتين تطبيقها، حتى رغم أن ولايتهما القضائية تمتد على بعض من أبشع الجرائم، مثل الإبادة الجماعية، وغيرها من الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب. وبالمثل، فإن النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية لا يسمح لهذه المحكمة بأن توقع عقوبة الإعدام.
28/2 عدم جواز العقوبات بأثر رجعي مع الحق في الاستفادة من الإصلاحات التشريعيةلا يجوز توقيع عقوبة الإعدام على مرتكب أية جريمة ما لم يكن القانون المعمول به وقت ارتكابها يقضي بها على تلك الجريمة.*+
وقد أوضح مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بعمليات الإعدام خارج نطاق القضاء أو الإعدام بدون محاكمة أو الإعدام التعسفي أنه يرى أن المادة 6(2) من "العهد الدولي" لا تجيز للدولة أن تعيد العمل بعقوبة الإعدام بعد إلغائها ولا تسمح بتوسيع نطاقها.
ولا يجوز توقيع عقوبة أشد من تلك المطبقة وقت ارتكاب الجريمة.*++ انظر الفصل 25/2 الخاص بالعقوبات التي يمكن تطبيقها.
ومع هذا، فالشخص المدان بارتكاب جريمة يستفيد من أي تغيير في القوانين يخفف من العقوبة المقررة على جريمته.*^ ومن ثم، يجب أن يستفيد المحكوم عليهم بالإعدام من أي تخفيف لعقوبتهم إذا عدلت القوانين بعد صدور الحكم عليهم.*^^
وتمنع "الاتفاقية الأمريكية" صراحةً الدول من توسيع نطاق عقوبة الإعدام ليشمل أية جرائم أخرى، سوى تلك التي كانت مقررة عندما أصبحت أحكام هذه الاتفاقية مطبقة عليها. كما أنها تحظر على أية دولة طرف أن تعيد العمل بعقوبة الإعدام بعد إلغائها.*#
المعايير ذات الصلة
المادة 6(6) من "العهد الدولي":"ليس في هذه المادة أي حكم يجوز التذرع به لتأخير أو منع إلغاء عقوبة الإعدام من قبل أية دولة طرف في هذا العهد."
المادتان 4(2) و4(3) من "الاتفاقية الأمريكية":"2) لا يجوز توقيع عقوبة الإعدام في البلدان التي لم تلغها بعد إلا على أخطر الجرائم وبموجب حكم نهائي صادر من محكمة مختصة وطبقاً لقانون يقضي بهذه العقوبة على أن يكون مطبقاً قبل ارتكاب الجريمة. ولا يجوز مد نطاق هذه العقوبة إلى الجرائم التي لا تطبق عليها الآن في الوقت الحالي.
3) لا يجوز إعادة العمل بعقوبة الإعدام في البلدان التي ألغتها."
28/3 نطاق الجرائم المعاقب عليها بالإعداموفي البلدان التي لم تلغ بعد عقوبة الإعدام، لا يجوز توقيع عقوبة الإعدام إلا على أخطر الجرائم.*##
وقد صرحت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان بأن "تعبير "أخطر الجرائم" يجب ألا يؤوّل إلا بمعنى اعتبار عقوبة الإعدام تدبيراً استثنائياً تماماً."
ولا يجب أن يتجاوز نطاق الجرائم المعاقب عليها بالإعدام "الجرائم المتعمدة التي لها عواقب مميتة أو بالغة الخطورة."(*) ويرى مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بعمليات الإعدام خارج نطاق القضاء أو الإعدام بدون محاكمة أو الإعدام التعسفي "أن مصطلح ["العمد"] يجب أن يساوى بمصطلح "سبق الإصرار"، ويجب أن يفهم باعتباره نية مبيتة للقتل".
وقال مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بعمليات الإعدام خارج نطاق القضاء والإعدام دون محاكمة والإعدام التعسفي "إن عقوبة الإعدام يجب أن تلغى بالنسبة لبعض الجرائم، مثل الجرائم الاقتصادية والجرائم المتعلقة بالمخدرات."
وقالت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان إن فرض عقوبة الإعدام على الردة والممارسات غير المشروعة للجنس أو اختلاس المال العام أو السطو بالقوة أو ممارسة اللواط أو تكرار الهروب من الخدمة العسكرية أمر لا يتفق مع المادة 6 من "العهد الدولي" التي تقصر تطبيق عقوبة الإعدام على أخطر الجرائم."
وقد أعربت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان عن قلقها بشأن "العدد المفرط من الجرائم المعاقب عليها بالإعدام" في عدد من الولايات الأمريكية، وإعادة العمل بعقوبة الإعدام في بعض الولايات، وقالت "إنها تأسف لتوسيع نطاق عقوبة الإعدام في الوقت الراهن في القانون الفيدرالي (الأمريكي)". وحثت اللجنة السلطات على أن تراجع القوانين الفيدرالية وقوانين الولايات بهدف قصر عدد الجرائم المعاقب عليها بالإعدام على أخطر الجرائم.
وقد حظرت اللجنة الأمريكية صراحة تطبيق عقوبة الإعدام على الجرائم السياسية أو تلك المتصلة بالجرائم العامة.(**)
المعايير ذات الصلة
المادة 15(1) من "العهد الدولي":"لا يدان أي فرد بأية جريمة بسبب فعل أو امتناع عن فعل لم يكن وقت ارتكابه يشكل جريمة بمقتضى القانون الوطني أو الدولي. كما لا تجوز فرض أية عقوبة تكون أشد من تلك التي كانت سارية المفعول في الوقت الذي ارتكبت فيه الجريمة. وإذا حدث، بعد ارتكاب الجريمة، أن صدر قانون ينص على عقوبة أخف، وجب أن يستفيد مرتكب الجريمة من هذا التخفيف".
28/4 فئات الأشخاص الذين لا يجوز إعدامهمتقيد المعايير الدولية فرض عقوبة الإعدام على عدة فئات، من بينها الأشخاص الذين كانوا دون الثامنة عشرة وقت ارتكاب جرائمهم، والأشخاص الذين تزيد أعمارهم على السبعين، والنساء الحوامل والمرضعات، والأشخاص الذين يعانون من أمراض خلل عقلي أو أمراض عقلية.
28/4/1 الأحداثلا يجوز الحكم بالإعدام على الأشخاص الذين كانوا دون الثامنة عشرة وقت ارتكاب الجرائم، بغض النظر عن سنهم وقت المحاكمة أو صدور الحكم عليهم.(***)
وقد قالت اللجنة الأمريكية الدولية إن الحظر المفروض على إعدام الأطفال في طريقه إلى أن يصبح مبدأ أساسياً من مبادئ العرف الدولي، وذلك بالنظر إلى عدد الدول التي صدقت على "الاتفاقية الأمريكية" و"العهد الدولي"، والتي عدلت تشريعاتها الوطنية لتتفق مع تلك المعاهدات.
وقد أعربت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان عن أسفها للأحكام الواردة في تشريعات عدد من الولايات الأمريكية، التي تجيز فرض عقبة الإعدام على الأشخاص الذين كانوا دون الثامنة عشرة وقت ارتكاب جرائمهم، وتنفيذ أحكام الإعدام فيهم. وقد حضت اللجنة السلطات على أن تضمن عدم الحكم على هؤلاء الأشخاص بالإعدام بسبب الجرائم التي ارتكبوها وهم دون الثامنة عشرة.
28/4/2 المسنونتحظر "الاتفاقية الأمريكية" إعدام أي شخص فوق السبعين بموجب المادة 4(5).(+)
وقد أوصى المجلس الاجتماعي والاقتصادي التابع للأمم المتحدة بأن تحدد الدول "سناً أقصى لا يجوز الحكم بالإعدام أو تنفيذ حكم بالإعدام على أي شخص تجاوزه."
وقد أعربت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان عن أسفها "لأن بعض الولايات [الأمريكية] لا توفر فيما يبدو حماية لهؤلاء الذين يعانون من التخلف العقلي."
28/4/3 المعوقون ذهنياًإعدام الأشخاص المعوقون ذهنياً محظور.(++) ويشمل هذا الحظر الأشخاص الذين أصيبوا بالجنون منذ الحكم عليهم بالإعدام.
وقد أوصى المجلس الاقتصادي والاجتماعي للأمم المتحدة الدول بأن تلغي عقوبة الإعدام "على الأشخاص الذين يعانون من التخلف العقلي أو من ضعف بالغ في القدرات الذهنية، سواء أكان ذلك في مرحلة صدور الحكم أو تنفيذ حكم الإعدام."
28/4/4 الحوامل والمرضعاتلا يجوز توقيع عقوبة الإعدام على امرأة حامل ولا على "أم مرضع".
28/5 الالتزام الصارم بجميع الحقوق الخاصة بالمحاكمة العادلةنظراً لاستحالة تصحيح أي خطأ يحدث في تطبيق عقوبة الإعدام بعد التنفيذ، يجب أن تُراعي قضايا عقوبة الإعدام بدقة جميع المعايير الدولية والإقليمية التي تحمي الحق في المحاكمة العادلة. ومن ثم، يستوجب الاحترام الكامل لجميع الحصانات ولضمانات صحة الإجراءات المحددة في المعايير الدولية المطبقة في المراحل السابقة على المحاكمة، وأثناء المحاكمة، وخلال مراحل الاستئناف. وتعتقد منظمة العفو الدولية أن إعدام أي شخص هو انتهاك للحق في الحياة، ورغم أن هذا الرأي لا يحظى بقبول عالمي؛ إلا أن الهيئات الدولية المعنية بحقوق الإنسان والخبراء العاملين في هذا المجال يتفقون على أن إعدام أي شخص بعد محاكمة جائرة هو انتهاك للحق في الحياة.
ولا يجوز حرمان أي شخص من حياته تعسفاً.
وقد أوضحت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان أن الحظر المفروض على حرمان الشخص من حياته تعسفاً، الوارد في المادة 6(1) من "العهد الدولي"، يستوجب من القانون أن يفرض رقابة صارمة على الحالات التي يجوز فيها للدولة أن تحرم شخصاً من حياته، وأن يضع لها ضوابط محكمة.
وتقول اللجنة المذكورة إن توقيع عقوبة الإعدام في نهاية محاكمة لم تحترم أحكام "العهد الدولي"، وتعذر الإنصاف عن طريق الاستئناف، يمثل انتهاكاً للحق في الحياة.
وأوضحت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان أنه عند محاكمة مرتكبي الجرائم "يجب مراعاة الضمانات الإجرائية، بما في ذلك الحق في النظر المنصف أمام محكمة مستقلة، وافتراض البراءة، وتوفير ضمانات دنيا للدفاع، والحق في المراجعة أمام محكمة أعلى. وتنطبق هذه الحقوق علاوة على ذلك في الحق في التماس العفو أو تخفيف الأحكام."
ولا يجوز توقيع عقوبة الإعدام إلا عندما تثبت إدانة المتهم "بناءً على أدلة واضحة ومقنعة لا تترك مجالاً لأي تفسير مخالف للحقائق". ولا يجوز تنفيذ "حكم بالإعدام إلا بعد تأييده نهائياً من جانب محكمة مختصة بعد دعوى قضائية تتوفر فيها جميع الضمانات الممكنة للمحاكمة العادلة، على ألا تقل عن تلك الواردة في المادة 14 من "العهد الدولي"، بما في ذلك حق أي مشتبه فيه أو متهم بارتكاب جريمة عقوبتها الإعدام في الحصول على مساعدة قضائية كافية في جميع مراحل الدعوى."
المعايير ذات الصلة
المادة 6(2) من "العهد الدولي":"لا يجوز، في البلدان التي لم تلغ عقوبة الإعدام، أن يحكم بهذه العقوبة إلا جزاءً على أشد الجرائم خطورة وفقاً للتشريع النافذ وقت ارتكاب الجريمة وغير المخالف لأحكام هذا العهد ولاتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها. ولا يجوز تطبيق هذه العقوبة إلا بمقتضى حكم نهائي صادر عن محكمة مختصة".
وقد صرح مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بعمليات الإعدام خارج نطاق القضاء أو الإعدام بدون محاكمة أو الإعدام التعسفي بأن "الدعاوى المفضية إلى توقيع عقوبة الإعدام يجب أن تستوفي أعلى معايير الاستقلالية والكفاءة والموضوعية والنزاهة المطلوبة في القضاة والمحلفين كما هي محددة في الصكوك القانونية الدولية ذات الصلة. ويجب أن ينتفع جميع المتهمين الذين يواجهون عقوبة الإعدام من خدمات محامين أكفاء في جميع مراحل الدعوى. ويجب افتراض براءة المتهمين إلى أن تثبت إدانتهم بما لا يدع أي مجال معقول للشك، وذلك في إطار التطبيق الصارم لأعلى المعايير الخاصة بجمع وتقييم الأدلة. وعلاوةً على ذلك، يجب أن تؤخذ جميع العوامل المخففة في الحسبان. ويجب أن تضمن إجراءات الدعوى الحق في مراجعة وقائع القضية وجوانبها القانونية على السواء أمام محكمة أعلى تتألف من قضاة مختلفين عن قضاة المحكمة الأولى التي نظرت القضية في الدائرة الابتدائية. كذلك، يجب ضمان حق المتهم في التماس العفو وتخفيف الحكم أو طلب الرأفة".
ولن نعيد في الأقسام التالية (28/1-28/4) جميع ضمانات المحاكمة العادلة التي تنطبق على جميع المتهمين بارتكاب أفعال جنائية، والتي سبق أن ذكرناها من قبل في هذا الدليل، ولكننا سوف نقتصر فحسب على تلك الأحكام التي كفل تأويلها في الدعاوى القضائية المتصلة بعقوبة الإعدام المزيد من الحماية أو التي توفر ضمانات إضافية.
28/5/1 الحق في الحصول على محامٍ كفءٍلكل شخص يحتجز أو يتهم بارتكاب فعل جنائي الحق في الاستعانة بمحامٍ أثناء احتجازه وخلال محاكمته وعند الاستئناف. انظر الفصل 3 الخاص بالحق في الاستعانة بالمحامين قبل المحاكمة، والفصل 20/3 الخاص بحق المتهم في الحصول على محام يدافع عنه.
ويجب أن يتولى محامٍ الدفاع عن أي شخص يتهم بارتكاب جريمة عقوبتها الإعدام، ويختار ألا يدافع عن نفسه بنفسه، في جميع مراحل الدعوى.
وقد أوضح المجلس الاقتصادي والاجتماعي التابع للأمم المتحدة أن الشخص الذي يواجه عقوبة الإعدام يجب أن يزود "بمساعدة كافية من جانب محامٍ في كل مرحلة من مراحل الدعوى، على نحو يفوق الحماية المكفولة في الدعاوى التي لا تتصل بعقوبة الإعدام."
كما أوضحت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان "أن من البديهي أن تتاح مساعدة قانونية لأي سجين يدان ويحكم عليه بالإعدام. وينطبق هذا على جميع مراحل الدعوى القضائية [بما في ذلك الاستئناف]."
وصرح مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بعمليات الإعدام خارج نطاق القضاء أو الإعدام بدون محاكمة أو الإعدام التعسفي بأن أي شخص يتهم بارتكاب جريمة عقوبتها الإعدام، يجب أن ينتفع في جميع المراحل من "نص تشريعي مناسب يلزم الدولة بتوفير مساعدات قانونية على نفقتها من جانب محامين أكفاء".
ولا يجوز المضي قدماً في نظر الدعاوى القضائية المتعلقة بعقوبة الإعدام ما لم يتوفر للمتهم محامٍ متخصص وكفءٍ لمساعدته.
وقد اعتبرت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان أن حق المتهم قد انتهك في حالة واصلت فيها المحاكمة نظر القضية، وأصدرت حكمها بإدانة المتهم، وقضت عليه بالإعدام بعد أن انسحب محاميه، وقد تولى القاضي فيما يبدو مهمة مساعدة المتهم في الدفاع عن نفسه. وانتهت اللجنة إلى ضرورة "التوقف" عن نظر الدعوى القضائية في حالة التهم المعاقب عليها بالإعدام، إذا لم يكن للمتهم محامٍ يدافع عنه.
ومن حق المتهم بارتكاب جريمة عقوبتها الإعدام، مثله مثل أي شخص يتهم بارتكاب فعل جنائي، أن يدافع عنه محامٍ يختاره في مرحلتي المحاكمة والاستئناف. فإذا كان المحامي المعين للدفاع عنه لن يتقاضى منه أتعاباً، فلا يصبح حق المتهم مطلقاً في اختيار المحامي الذي سيدافع عنه. غير أن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان حبذت أن تنتدب الدولة، في حالة القضايا المتصلة بعقوبة الإعدام، المحامي الذي يختاره المتهم للدفاع عنه، بما في ذلك أثناء مرحلة الاستئناف.
وأوضحت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان أن المتهم بارتكاب جريمة عقوبتها الإعدام يجب أن يمثل بمحامٍ يختاره، حتى وإن اقتضى ذلك تأجيل نظر الدعوى.
والدولة ملزمة بوجه خاص في الدعاوى المتصلة بعقوبة الإعدام بأن تتخذ تدابير للتأكد من حسن أداء المحامي المنتدب لواجبه في الدفاع عن المتهم. فإذا ما أُخطرت السلطات بأن المحامي المنتدب قد قصر في أداء واجبه، أو إذا تبين لها تقاعسه، فيجب أن تلزمه بأن يؤدي واجبه على خير وجه، أو أن تستعيض عنه بآخر.
وقد اعتبرت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان أن حق المتهم في الاستعانة بمحامٍ قد انتهك في حالة لم يبذل فيها المحامي جهداً كافياً في أداء واجبه، وتقاعس عن تفنيد أدلة الإثبات أثناء المحاكمة، ثم انتدبته المحكمة من جديد لمباشرة دعوى الاستئناف، رغم أن المتهم طلب تعيين محامٍ آخر.
وبالمثل، فقد اعتبرت اللجنة المذكورة أن حقوق المتهم قد انتهكت في حالة سلم فيها المحامي المنتدب للدفاع عن المتهم في دعوى الاستئناف بأنه لا يوجد مبرر لاستئناف الحكم، دون أن يخطر المتهم بذلك أو يتشاور معه. وقالت اللجنة إنه كان على المحامي الذي انتدبته الدولة على نفقتها أن يبلغ المتهم بأنه لن يؤيد استئناف الحكم حتى يتيح له فرصة التفكير في أي من الاختيارات الباقية المفتوحة أمامه.
28/5/2 الحق في الحصول على وقتٍ كافٍ وتسهيلاتٍ مناسبةٍ لإعداد الدفاعمن حق كل شخص يتهم بارتكاب فعل جنائي الحق في الحصول على مساحة زمنية وتسهيلات كافية لإعداد دفاعه. انظر الفصل 8 الخاص بالحق في مساحة زمنية وتسهيلات كافية لإعداد الدفاع.
ولكن هذا الحق يغدو أهم وأخطر في حالات عقوبة الإعدام.وقد أوضحت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ذلك بقولها "إن الأمر يحتم في القضايا التي قد يصدر فيها الحكم بإعدام المتهم أن يمنح المتهم ومحاميه فسحة كافية من الوقت لإعداد المرافعة أمام المحكمة، وهذا أمر بديهي."
28/5/3 الحق في إتمام الإجراءات دون تأخير لا مبرر لهيجب الانتهاء من نظر الدعاوى الجنائية، بما في ذلك التحقيقات والمحاكمة الابتدائية والاستئناف، دون إبطاء لا مبرر له. انظر الفصل 7 الخاص بالحق في التقديم للمحاكمة في غضون مدة زمنية معقولة أو الإفراج عن المحتجز، والفصل 19 الخاص بالحق في المحاكمة دون إبطاء لا مبرر له.
وقالت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان "إن من حق المتهم في جميع الدعاوى القضائية، وبخاصةٍ تلك المتصلة بعقوبة الإعدام، أن تتم المحاكمة وأن ينظر الاستئناف دون أي تأخير لا مبرر له."
وفي إحدى حالات عقوبة الإعدام، رأت المحكمة المذكورة أن التأخيرات التالية كانت أطول مما ينبغي: تأخير لمدة أسبوع من تاريخ القبض على المتهم في عرضه على القاضي (انتهاك للمادة 9(3) من "العهد الدولي")، واحتجاز المتهم لمدة 16 شهراً قبل تقديمه للمحاكمة (انتهاك للمادة 9(3) من "العهد الدولي")، وتأخير لمدة 31 شهراً بين المحاكمة ورفض طلب الاستئناف.
28/5/4 الحق في الاستئنافلكل شخص يتهم بارتكاب جريمة عقوبتها الإعدام الحق في أن يُراجع قرار إدانته والحكم الصادر عليه أمام محكمة أعلى.انظر الفصل 26 الخاص بالحق في الاستئناف.
ومن حق كل شخص يحكم عليه بالإعدام أن يستأنف الحكم أمام دائرة قضائية أعلى، ويجب اتخاذ الخطوات الكفيلة بجعل هذا الاستئناف إجبارياً.
وقد قال مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بعمليات الإعدام خارج نطاق القضاء والإعدام بدون محاكمة والإعدام التعسفي إن في حالات عقوبة الإعدام "يجب أن تضمن الإجراءات حق مراجعة الوقائع والجوانب القضائية على السواء أمام محكمة أعلى تتألف من قضاة مختلفين عن القضاة الذين نظروا الدعوى في الدائرة الابتدائية."
28/6 الحق في التماس العفو وتخفيف العقوبةمن حق كل من يحكم عليه بالإعدام أن يلتمس العفو عنه أو تخفيف عقوبته.
28/7 عدم جواز تنفيذ حكم الإعدام أثناء نظر دعوى الاستئناف أو التماسات الرأفةلا يجوز تنفيذ حكم الإعدام حتى يستنفد المتهم جميع حقوق الاستئناف المكفولة له أو تنتهي المهلة المحددة لطلب استئناف الحكم، وحتى ينتهي النظر في طلبات الاستئناف المقدمة منه للقضاء، ومن بينها التظلمات المقدمة للهيئات الدولية، والتماسات العفو أو تخفيف الحكم.
المعايير ذات الصلة
المادة 6(4) من "العهد الدولي":"لأي شخص حكم عليه بالإعدام حق التماس العفو الخاص أو إبدال العقوبة. ويجوز منح العفو العام أو العفو الخاص أو إبدال عقوبة الإعدام في جميع الحالات".
المادة 6(4) من "الاتفاقية الأمريكية""من حق كل شخص يحكم عليه بالإعدام أن يلتمس العفو أو الصفح أو تخفيف العقوبة، ويجوز تلبية التماسه في جميع الحالات. ولا يجوز توقيع عقوبة الإعدام أثناء نظر السلطة المختصة لهذا الالتماس".
ولا يجوز تنفيذ حكم الإعدام إلا بعد أن يصبح نهائياً بحكم محكمة مختصة.
ولا يجوز تنفيذ أي حكم بالإعدام ريثما ينظر الاستئناف أو غير ذلك من الإجراءات القضائية أو الإجراءات الأخرى المتعلقة بالتماس العفو أو تخفيف الحكم. وفي رأي منظمة العفو الدولية، أن هذا الحكم لا ينطبق على دعاوى الاستئناف المنظورة أمام المحاكم الوطنية فحسب، بل والتظلمات المنظورة أمام الهيئات الدولية كذلك، مثل: اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، واللجنة الأمريكية الدولية لحقوق الإنسان، والمحكمة الأمريكية الدولية، واللجنة الأوروبية لحقوق الإنسان، والمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان.
وقد دعا المجلس الاقتصادي والاجتماعي التابع للأمم المتحدة الدول الأطراف في تلك الهيئة الدولية التي مازالت تطبق عقوبة الإعدام إلى "ضمان إخطار جميع الموظفين المكلفين بالأمر بتنفيذ أحكام الإعدام بجميع نتائج دعاوى الاستئناف والتماسات الرأفة المقدمة من السجين موضوع الحالة."
وعلاوة على ذلك، فلا يجب فحسب إحاطة الموظفين المسؤولين عن تنفيذ أحكام الإعدام علماً بكل إجراءات الاستئناف، بل يتعين أيضاً "أن توجه إليهم تعليمات بالامتناع عن تنفيذ أي حكم بالإعدام أثناء نظر أي استئناف أو غير ذلك من إجراءات التقاضي أو الإجراءات الأخرى المتعلقة بالتماس العفو أو تخفيف الحكم". وذلك وفق رأي مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بعمليات الإعدام خارج نطاق القضاء أو الإعدام بدون محاكمة أو الإعدام التعسفي.
28/8 ضرورة مرور وقت كافٍ بين صدور الحكم بالإعدام وتنفيذهويجب على الدول أن تسمح بمرور فترة كافية من الوقت بين صدور الحكم وتنفيذه للاستعداد والانتهاء من نظر دعاوى الاستئناف، وكذلك التماسات الرأفة.
وقد أوصى مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بعمليات الإعدام خارج نطاق القضاء أو الإعدام بدون محاكمة أو الإعدام التعسفي بألا تقل الفترة الفاصلة بين الحكم بالإعدام وتنفيذه عن ستة أشهر، وذلك للسماح بوقت كافٍ للاستئناف أمام محكمة أعلى والتماس الرأفة.
28/9 أوضاع السجناء المحكوم عليهم بالإعدامولا يجب أن تنتهك أوضاع السجناء المحكوم عليهم بالإعدام الحق في أن يعاملوا باحترام للكرامة المتأصلة في الإنسان، أو الحظر المطبق ضد استخدام التعذيب أو غيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة (انظر الفصل 10 الخاص بالحق في أوضاع احتجاز إنسانية وعدم التعرض للتعذيب، والفصل 25/5 الخاص بأوضاع السجن).
وقد حث المجلس الاقتصادي والاجتماعي الدول التي مازالت تبقي على عقوبة الإعدام بأن "تطبق "القواعد النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء" تطبيقاً فعالاً من أجل الحد من معاناة السجناء المحكوم عليهم بالإعدام وتجنب مفاقمة آلامهم."
وقد أكدت من جديد اللجنة المعنية بحقوق الإنسان في عدة حالات متعلقة بعقوبة الإعدام على أن المادة 10 من "العهد الدولي"، التي تلزم الدول بمعاملة الأفراد باحترام للكرامة المتأصلة في الإنسان، تشمل، بين جملة أمور، واجب توفير الرعاية الطبية الكافية والمرافق الصحية الأساسية والطعام الكافي ومرافق للترفيه من أجل الأشخاص المحكوم عليهم بالإعدام."
وعلى النقيض من التشريعات الوطنية، تذهب اللجنة المعنية بحقوق الإنسان في الوقت الراهن إلى القول بأن قضاء فترة طويلة في انتظار تنفيذ حكم الإعدام لا يمثل في حد ذاته ومن ذاته انتهاكاً لحقوق السجين. وقد خرجت بهذا الرأي من واقع أن "العهد الدولي" لا يحظر عقوبة الإعدام، ولكنه يرمي، فيما يرمي له من أمور، إلى الحد من استخدام تلك العقوبة، ومن ثم فإن وضع حد زمني أقصى سوف يشجع الدول على أن تنفذ أحكام الإعدام قبل انقضاء المهلة المحددة لهذا الغرض. وقالت اللجنة: "إن أول وأخطر عاقبة لتحديد فترة الاحتجاز في انتظار تنفيذ عقوبة الإعدام هو أن الدولة الطرف التي تعدم سجيناً لأنه استوفى المدة المقررة لانتظار تنفيذ حكم الإعدام لن تنتهك بذلك التزاماتها بموجب العهد المذكور، في حين أنها إن امتنعت عن إعدامه فسوف تخل بالتزاماتها بموجب العهد، وهذا في حد ذاته انتهاك "للعهد الدولي". وتجدر بنا الإشارة هنا إلى أن خمسة من أعضاء اللجنة المعنية بحقوق الإنسان قد اختلفوا مع هذا الرأي ونشروا رأيا مستقلاً أوضحوا فيه أن القول السابق يفتقر إلى المرونة، وأنه من الأحرى دراسة كل حالة على حدة "لتحديد ما إذا كان الاحتجاز لفترة بالغة الطول في انتظار تنفيذ حكم بالإعدام يمثل ضرباً من المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة."
وفي حالة سابقة، أوضحت اللجنة المذكورة ما يلي: "رغم أن الاحتجاز في انتظار تنفيذ حكم الإعدام لأكثر من 11 عاماً هو بالتأكيد مسألة تثير قلقاً خطيراً، ولكن اللجنة مازالت ترى أن الاحتجاز لفترة معينة من الوقت لا يرقى إلى أن يكون انتهاكاً للمادتين 7 و10(1) من "العهد الدولي" ما لم توجد أوضاع أخرى تحمل على الاعتقاد بذلك."
وقد وجدت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان أن إخطار رجلين بتأجيل تنفيذ حكم الإعدام فيهما قبل 45 دقيقة فقط من الموعد المقرر للتنفيذ، رغم أن أمر التأجيل كان قد صدر قبل ذلك بعشرين ساعة، إنما هو ضرب من المعاملة القاسية واللاإنسانية ينتهك المادة 7 من "العهد الدولي".
الفصل التاسع والعشرون
المحاكم الخاصة والمحاكم العسكرية
الحقوق الخاصة بالمحاكمة العادلة واجبة التطبيق في جميع المحاكم، بما في ذلك المحاكم الخاصة والمحاكم العسكرية
29/1 المحاكم الخاصة أو الاستثنائيةتأسست محاكم خاصة أو استثنائية في الكثير من البلدان لمحاكمة نوعيات معينة من الجرائم، وهي بوجه عام لا تتبع جميع إجراءات المحاكم العادية. ومن أمثلة هذه المحاكم الخاصة أو الاستثنائية محاكم جرائم السطو والأسلحة النارية، والمحاكم الجنائية الخاصة ومحاكم الثورة.
وكثيراً ما تكون ضمانات المحاكمة العادلة التي توفرها الإجراءات المتبعة في المحاكم الخاصة أقل منها في المحاكم العادية، وكما أشارت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان فإن "السبب في إنشاء هذه المحاكم في الغالب هو فتح الباب أمام تطبيق إجراءات استثنائية لا تتمشى مع المعايير العادية للعدالة."
ومع هذا، فقد أوضحت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان أن أحكام المادة 14 من "العهد الدولي" تنطبق على جميع المحاكمات التي تجري في المحاكم، سواء أكانت عادية أم خاصة.
وقد أوضح الفريق العامل المعني بالاحتجاز التعسفي التابع للأمم المتحدة "أن من بين أخطر أسباب الاحتجاز التعسفي وجود المحاكم الخاصة أو المحاكم العسكرية أو غير ذلك من أنواع المحاكم غير العادية، أياً من كان اسمها. ولئن كان القانون الدولي لا يحظر في حد ذاته تشكيل هذه المحاكم بموجب "العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية"، إلا أن الفريق العامل قد وجد بشكل أو بآخر، من واقع التجربة، أن أياً من هذه المحاكم لا يحترم بالفعل ضمانات الحق في المحاكمة العادلة الواردة في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد المذكور."
وقد أعربت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان عن قلقها بشأن قوانين مناهضة الإرهاب في فرنسا، التي تمنح ولاية قضائية خاصة لمحكمة مركزية تخول لممثلي الادعاء فيها سلطات خاصة للقبض والتفتيش تبيح احتجاز المشتبه فيهم في مراكز الشرطة مدة قد تصل إلى أربعة أيام (ضعف المدة العادية). وبموجب هذه القوانين، ليس للمتهم نفس الحقوق المكفولة له في المحاكم العادية. وعلاوة على ذلك، فليس للمتهم الحق في الاتصال بمحامٍ خلال الاثنتين والسبعين ساعة الأولى من احتجازه لدى الشرطة، وليس له الحق في الاستئناف ضد أحكام المحكمة الخاصة.
وقد أوصت اللجنة الأمريكية الدولية بإلغاء المحاكم الخاصة بمحاكمة الأشخاص المتهمين بارتكاب جرائم إرهابية، التي تحجب فيها هوية القضاة ورجال الادعاء، والتي تتبع فيها إجراءات سرية لتقديم الشهود وأخذ أقوالهم.
ويتركز تحليل عدالة الإجراءات القضائية في المحاكم الخاصة أو الاستثنائية ـ بوجه عام ـ على ما إذا كانت المحكمة مشكلة بحكم القانون، وما إذا كانت ولايتها القضائية تنتهك ضمانات عدم التمييز والمساواة، وما إذا كان القضاة مستقلين عن السلطة التنفيذية والسلطات الأخرى في أحكامهم، وما إذا كان القضاة أكْفاء ويتحلون بالنزاهة، وما إذا كانت الإجراءات المتبعة في هذه المحاكم تتمشى مع الضمانات الإجرائية الدنيا للمحاكمة العادلة المحددة في المعايير الدولية.
وحيثما قصرت المحاكم الخاصة أو الاستثنائية عن الوفاء بالمعايير الدولية، فإن منظمة العفو الدولية تدعوها إلى إصلاحها أو إلغائها. وحيثما ظهر أنها قد تأسست من أجل انتهاك حقوق الإنسان، وأنها تفعل ذلك على نحو منظم، فإن منظمة العفو الدولية تدعو إلى إلغائها.
29/2 المحاكم المخصصة لجرائم معينةلقد أسست الكثير من البلدان محاكم متخصصة لمحاكمة الأشخاص الذين لهم وضع قانوني خاص، مثل الأحداث، أو مرتكبي فئات معينة من الجرائم. وتشمل الفئات الأخيرة ـ على سبيل المثال ـ المحاكم التي تعالج المنازعات العمالية والمنازعات المتصلة بقانون البحار أو قضايا الأحوال الشخصية.
ولا يجوز تأسيس محاكم متخصصة لمحاكمة جماعات من الأشخاص على ارتكاب أفعال جنائية بناءً على العنصر أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو العقيدة، أو الرأي السياسي أو غير السياسي، أو الأصل الوطني أو الاجتماعي، أو الثروة، أو المولد، أو أي وضع آخر؛ إذ أن هذه المحاكم تنتهك مبدأ المساواة أمام المحاكم ومبدأ عدم التمييز.* (انظر الفصل 11 الخاص بالحق في المساواة أمام القانون والمحاكم.)
ومع هذا، فتأسيس محاكم متخصصة لمحاكمات جماعات معينة من الأشخاص بناءً على انتمائهم لفئات أخرى جائز. فيجوز ـ على سبيل المثال ـ أن تنظر محاكم الأحداث قضايا القُصَّر، وأن تحاكم المحاكم العسكرية أفراد القوات المسلحة على ما يرتكبونه من جرائم عسكرية مادامت ضمانات المحاكمة العادلة مرعية.
ولكن المحاكم العسكرية - وهي نوع من المحاكم المتخصصة - تثير نوعاً معيناً من القضايا المتعلقة بعدالة المحاكمة، خاصةً عندما تستخدم لمحاكمة المدنيين أو الأفراد العسكريين المتهمين بارتكاب أفعال جنائية مثل انتهاكات حقوق الإنسان (انظر فيما يلي).
29/3 الحق في المحاكمة العادلة في جميع المحاكملا تحظر معظم المعايير الدولية تأسيس محاكم خاصة، من حيث التأسيس في حد ذاته، أما ما تطالب به فهو أن تكون هذه المحاكم متخصصة ومستقلة ونزيهة، وأن توفر ضمانات قضائية واجبة التطبيق لكي تكفل عدالة نظر الدعاوى القضائية.
وقد أوضحت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان أنه على الرغم من أن "العهد الدولي" لا يحظر محاكمات المدنيين أمام المحاكم الخاصة أو العسكرية؛ فإن محاكمة المدنيين أمام هذه المحاكم يجب أن تكون استثناءً في حدود بالغة الضيق، وأن تجري في ظل ظروف تكفل بحق جميع الضمانات المنصوص عليها في المادة 14 من "العهد الدولي".
وتحظر المبادئ الأساسية لاستقلال السلطة القضائية تأسيس المحاكم الخاصة التي لا تستخدم الإجراءات المقررة الصحيحة للدعاوى القضائية، وتجرد المحاكم العادية من ولايتها القضائية. وتكفل هذه المبادئ لكل فرد الحق في أن يحاكم أمام المحاكم العادية، باستخدام الإجراءات القانونية المقررة.**
وقد وجدت المحكمة الأوروبية إلى أن "الاتفاقية الأوروبية" لا تضمن للفرد الحق في المحاكمة أمام محكمة معينة من المحاكم الوطنية. ففي حالة تتصل بمتهمين أُدينا أمام محكمة خاصة، انتهت المحكمة الأوروبية إلى أن حقهما في المحاكمة أمام محكمة مستقلة ومحايدة مشكلة بحكم القانون لم ينتهك.
29/4 الولاية القضائية المحددة بموجب القانونوينطبق شرط أن تكون الولاية القضائية مؤسسة بحكم القانون{(المادة 14(1) من "العهد الدولي"، والمادة 8 من "الاتفاقية الأمريكية"، والمادة 26 من "الإعلان الأمريكي"، والمادة 6(1) من "الاتفاقية الأوروبية")} على المحاكم الخاصة والمحاكم العسكرية والمحاكم المختصة على حد سواء. (انظر الفصل 12/2 الخاص بالحق في نظر الدعوى أمام محكمة مشكلة بحكم القانون).
وأوضحت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان أن الولاية القضائية للمحاكم الخاصة يجب أن تكون محددة بدقة بحكم القانون.
وأعربت اللجنة المذكورة عن قلقها لأنه إلى جانب قائمة الجرائم الواجب نظرها في المحاكم الخاصة في العراق؛ فإن وزارة الداخلية وديوان رئيس الجمهورية كانا يتمتعان بسلطة تقديرية لإحالة أية قضايا أخرى إلى هذه المحاكم.
كما أوضحت اللجنة الأوروبية أن المحكمة تعتبر أن لها وضعاً سابق التكوين، إذا كانت الترتيبات التي تحكم تكوينها الفعلي محددة سلفاً.
29/5 الاستقلال والحيدةوكما هو الحال مع المحاكم العادية، يتعين أن تكون المحاكم الخاصة أو الاستثنائية مستقلة عن السلطة التنفيذية. ويجب أن تكون قراراتها محايدة. انظر الفصل 12 الخاص بالحق في المحاكمة أمام محكمة مختصة ومستقلة ومحايدة مشكلة بحكم القانون.
وقد وجدت اللجنة الأفريقية أن المادة 7(1) من "الميثاق الأفريقي" قد انتهكت عندما تأسست محكمة خاصة في نيجيريا بموجب "قانون (الأحكام الخاصة بجرائم السطو والأسلحة النارية". وكان معظم قضاتها أشخاصاً لا دراية لهم بالقانون اختيروا من الجناح التنفيذي للحكومة، وهو نفس الجناح الذي أصدر القانون المذكور.
وفي حالة مماثلة، وجدت اللجنة الأفريقية أن أحكام "الميثاق الأفريقي" قد انتُهكت في محاكمة أجرتها محكمة خاصة تأسست بحكم "قانون (المحكمة الخاصة بجرائم الاضطرابات المدنية)، لأن المحكمة المذكورة كانت تتألف من قاضٍ واحد وأربعة ضباط من القوات المسلحة. وقد أشارت اللجنة إلى أن المحكمة "مؤلفة من أشخاص ينتمي أغلبهم إلى الجناح التنفيذي للحكومة، وهو نفس الجناح الذي أصدر القانون المذكور." وخلصت إلى الرأي الآتي: "إن تشكيل هذه المحاكم وحده، بغض النظر عن شخص أعضائها، يجعلها تبدو وكأنما تفتقر إلى الحيدة، إن لم تكن تفتقر إليها بالفعل. ومن ثم، فهي تنتهك المادة 7(1)(د) من "الميثاق الأفريقي".
ورأت اللجنة الأمريكية الدولية أن المحاكم الخاصة التي لها ولاية قضائية على التهم المتعلقة بالجرائم المتصلة بالإرهاب في كولومبيا وبيرو، التي تُخفى فيها شخصية القضاة ورجال الادعاء والتي يقدم فيها الشهود أدلتهم سراً، تنتهك مبادئ العدالة، وضمانات الاختصاص، والاستقلالية والحيدة، وصحة الإجراءات المحددة في "الاتفاقية الأمريكية".
29/6 المحاكم العسكريةتأسست محاكم عسكرية في الكثير من البلدان لمحاكمة أفراد الجيش. كذلك، يحاكم المدنيون في بعض البلدان أمام هذا النوع من المحاكم. وسواء أكانت هذه المحاكم تحاكم أفراداً من العسكريين أم المدنيين، فيجب أن توفر المحاكمات التي تجري في ساحتها للمتهمين جميع ضمانات الحق في المحاكمة العادلة المحددة في المعايير الدولية.
وكثيراً ما يشمل تحليل الإجراءات المتبعة في المحاكم العسكرية، من حيث مدى عدالتها، بحث قضايا من قبيل هل قضاتها يتسمون بالكفاءة والاستقلالية والنزاهة، وهل هي بمنأى عن التدخل في شؤونها من جانب القيادات العسكرية أو المؤثرات الخارجية، وهل لها ولاية قضائية على المتهم، وهل هي قادرة من الناحية القضائية على إقامة العدل بصورة صحيحة.
29/6/1 الاختصاص والاستقلال والحيدةإن شروط الاختصاص والاستقلال والحيدة المطلوب توافرها في المحاكم تنطبق على أية محكمة، بما في ذلك المحاكم العسكرية. انظر الفصل 12 الخاص بالحق في المحاكمة أمام محكمة مختصة مستقلة محايدة مشكلة بحكم القانون.
وكثيراً ما يُختار قضاة المحاكم العسكرية من الضباط العاملين في القوات المسلحة. وفي بعض البلدان، يُشترط أن يدرس هؤلاء القضاة القانون العسكري أو المدني؛ ولكن في بعضها الآخر لا يتوافر هذا الشرط. والمحك في تقييم استقلالية ونزاهة المحاكم العسكرية هو ما إذا كان قضاتها قد حصلوا على تدريب كافٍ أو مؤهلات مناسبة في دراسة القانون، وما إذا كانوا يخضعون، في أدائهم لواجباتهم القضائية، لسلطة رؤسائهم أم هم مستقلون.
وقد أوضحت اللجنة الأمريكية الدولية أن الاستعاضة عن الولاية القضائية العادية للمحاكم بالقضاء العسكري قد قوض ـ بوجه عام ـ من الضمانات المكفولة لجميع المتهمين؛ لأن القضاة العسكريين أقل تمرساً على القانون من القضاة المدنيين.
وقد أعربت اللجنة الأمريكية الدولية عن قلقها في عام 1985 بشأن استقلال وحيدة المسؤولين عن تصريف شؤون القضاء في المحاكم العسكرية في شيلي، حيث رأت أنهم يفتقرون تماماً للتدريب والحصانة ضد العزل.
والمحك في تقييم استقلالية القضاة العسكريين هو مدى خضوعهم للسلطات العسكرية وهم يمارسون دورهم في تصريف العدالة. ويعتبر القاضي العسكري مستقلاً إذا لم يكن لرؤسائه سلطان عليه في إطار صفته "القضائية"، وذلك بالرغم من أنهم هم الذين يختارونه لأداء تلك المهمة، وأنه يظل خاضعاً لسلطتهم في جميع شؤونه فيما عدا ما اتصل منها بإقامة العدل.
وقد أوضحت اللجنة الأمريكية الدولية أن القضاة العسكريين، الذين هم في كثير من الأحيان من الضباط العاملين في القوات المسلحة، ليسوا مستقلين في بعض البلدان لأنهم يخضعون لأوامر رؤسائهم في تصريفهم لشؤون العدالة.
وقالت اللجنة الأمريكية الدولية أن المحاكم العسكرية الخاصة في بيرو ليست "مختصة ولا مستقلة ولا محايدة" لأنها تتبع وزارة الدفاع، مما يجعلها خاضعة لأحد الأجهزة التنفيذية.
وقد بحثت اللجنة الأوروبية مسألة استقلال محكمة عسكرية تابعة لأحد الفرق العسكرية ومحكمة النقض العسكرية. وكانت المحكمة العسكرية المذكورة تتألف من أحد كبار القضاة ومسؤول عن القضاء العسكري وستة مستشارين انتدبتهم الحكومة لأداء مهام لمدة ثلاث سنوات. ووجدت اللجنة المذكورة أن هؤلاء الضباط، رغم بقائهم في الخدمة العاملة وخضوعهم لسلطة رؤسائهم في وحداتهم، كانوا غير خاضعين للمساءلة أمام أي من رؤسائهم عن كيفية تصريفهم لشؤون العدالة وهم يمارسون دورهم كقضاة. ووجدت اللجنة كذلك أنه لم يكن هناك ما يشير إلى أن هؤلاء القضاة قابلين للعزل من مناصبهم. ومن ثم خلصت إلى عدم وجود أي انتهاك للحق في المحاكمة أمام محكمة مستقلة ومحايدة.
29/6/2 محاكمات العسكريين في المحاكم العسكريةتمارس المحاكم العسكرية ولايتها القضائية بشكل عام على العسكريين. ولا تعتبر محاكمة العسكريين على مخالفة القوانين العسكرية (أي الخروج على قواعد الانضباط العسكري، وليس الجرائم التي يؤثمها القانون الاعتيادي) خروجاً على المعايير الدولية طالما توفر فيها الاحترام التام لضمانات المحاكمة العادلة.
غير أن محاكمة العسكريين أمام المحاكم العسكرية على التهم العادية، وانتهاكات حقوق الإنسان كانت بعيدة في كثير من الأحيان عن الحيدة، وأدت إلى إفلات الجناة من العقاب. وقد أوصت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، واللجنة الأمريكية الدولية على السواء، بأن تجري محاكمة مرتكبي هذه الجرائم أمام المحاكم العادية.
وقد أوضحت اللجنة الأمريكية الدولية أن تمديد الولاية القضائية للمحاكم العسكرية لتشمل الجرائم العادية، لغير ما سبب سوى أن مرتكبيها من العسكريين، لا يوفر الضمانات اللازمة لاستقلال وحيدة المحكمة المحددة في المادة 8(1) من "الاتفاقية الأمريكية".
وأعرب مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بعمليات الإعدام خارج نطاق القضاء أو الإعدام بدون محاكمة أو الإعدام التعسفي عن قلقه بشأن "محاكمات أفراد قوات الأمن أمام المحاكم العسكرية التي تتيح لهم لهم، فيما يزعم، الإفلات من العقاب بسبب التصور الخاطئ لمفهوم "التضامن بين الجنود"، الذي يؤدي بوجه عام إلى تفشي هذه الظاهرة." واستشهد بمجموعة من البلدان مثل: كولومبيا، وإندونيسيا، وبيرو كأمثلة معروفة للجميع. وعلى النقيض من ذلك، رحب المقرر الخاص بصدور تشريع في البرازيل ينص على إحالة الدعاوى التي تتعلق بجرائم ترتكب ضد الأطفال إلى المحاكم المدنية، حتى إذا كان الجناة المزعومون من ضباط الجيش."
ودعت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان لبنان إلى تحويل اختصاص المحاكم العسكرية في جميع القضايا المتصلة بانتهاكات حقوق الإنسان على يد قوات الجيش إلى المحاكم المدنية.
ودعت اللجنة الأمريكية الدولية كولومبيا إلى "الحرص على عدم نظر الدعاوى الخاصة بانتهاكات حقوق الإنسان أمام القضاء العسكري."
وتحظر المعايير الدولية لحقوق الإنسان محاكمة أفراد قوات الأمن أو غيرهم من الموظفين المتهمين بالمشاركة في حوادث "الاختفاء" أمام المحاكم العسكرية أو الخاصة.***
29/6/3 محاكمات المدنيين أمام المحاكم العسكريةتتمتع المحاكم العسكرية في كثير من البلدان بولاية قضائية على محاكمات المدنيين المتهمين بارتكاب جرائم تمس الممتلكات العسكرية. وفي بعض البلدان، يحاكم المدنيون المتهمون بارتكاب جرائم تمس أمن الدولة أمام محاكم عسكرية.
ولئن كانت محاكمة المدنيين أمام المحاكم العسكرية غير محظورة صراحة في المعايير الدولية، إلا أنها تثير قضايا تتعلق بعدالة المحاكمة. وقد دعت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان واللجنة الأمريكية الدولية على السواء إلى تجريد المحاكم العسكرية من الولاية القضائية على المدنيين.
وأوضحت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان "أن هذه المحاكم العسكرية والخاصة لا توفر في بعض البلدان ضمانات صارمة لتطبيق العدالة الصحيحة وفقاً للشروط الأساسية المحددة في المادة 14 ("من العهد الدولي") التي تعد أساسية لتوفير الحماية الفعالة لحقوق الإنسان".
ودعت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان لبنان إلى نقل اختصاص المحاكم العسكرية في جميع المحاكمات التي تمس المدنيين إلى المحاكم العادية.
وفي عام 1981، أوصت اللجنة الأمريكية الدولية بضرورة إلغاء محاكمات المدنيين الجارية أمام المحاكم العسكرية أو قصرها على الجرائم التي تمس بالفعل أمن الدولة. وفي عام 19993، انتهت اللجنة إلى "أن نظام العدالة يجب أن ينأى بنفسه عن تأثير القضاء العسكري".
وفي عام 1985، أوضحت اللجنة الأمريكية الدولية أن الاستمرار في توسيع الولاية القضائية للمحاكم العسكرية في شيلي على المدنيين وأفراد قوات الأمن، المتهمين بارتكاب جرائم عادية، يقوض تدريجياً من الولاية القضائية للمحاكم العادية، ويؤثر تأثيراً سلبياً على ممارسة الحق في المحاكمة العادلة.
وقالت اللجنة الأمريكية الدولية إن إخضاع المدنيين للولاية القضائية للمحاكم العسكرية يتعارض مع المادتين 8 و25 من "الاتفاقية الأمريكية الدولية"، وإن المحاكم العسكرية محاكم خاصة ولها وظائف محددة، فقد أعدت لكي تحفظ الانضباط في القوات المسلحة والشرطة، ومن ثم فعليها أن تقصر نشاطها على هذه القوات.
المعايير ذات الصلة
المادة 16 من الإعلان الخاص بالاختفاء:"لا يجوز محاكمتهم (الأشخاص المدعى ارتكابهم الأعمال المشار إليها في الفقرة 1 من المادة 4 أعلاه) إلا بواسطة السلطات القضائية العادية المختصة في كل بلد دون أي قضاء آخر، ولاسيما القضاء العسكري".
الفصل الثلاثون
الحق في التعويض عن الخطأ في تطبيق العدالة
من حق أي شخص يدان نتيجةً لخطأ في تطبيق العدالة أن يجبر الضرر الذي حاق به.
30/1 الحق في التعويض بسبب الأخطاء القضائية30/2 الخطأ في تطبيق العدالة
30/1 الحق في التعويض بسبب الأخطاء القضائيةإن لضحايا الخطأ في تطبيق العادلة حقاً في الحصول على تعويض من الدولة.* وهذا الحق مستقل عن الحق في الحصول على تعويض بسبب الاحتجاز دون سند من القانون. (انظر الفصل 6/5 الخاص بالحق في جبر الأضرار بسبب القبض أو الاحتجاز دون وجه حق).
30/2 الخطأ في تطبيق العدالةيقصد بالخطأ في تطبيق العدالة "لون من القصور الخطير في سير الدعوى القضائية من شأنه أن يلحق ضرراً فادحاً بالشخص المدان."
وطبقاً لنص المادة 14(6) من "العهد الدولي" والمادة 3 من "البروتوكول السابع للاتفاقية الأوروبية" يجب أن تتوفر الشروط التالية لكي يكون الشخص مستحقاً للتعويض:
أ) أن يصدر عليه حكم نهائي بارتكاب فعل جنائي (بما في ذلك الجنح البسيطة).ويعتبر حكم الإدانة نهائياً عندما لا يكون هناك سبيل آخر للمراجعة القضائية أو لاستئنافه؛ كأن يكون المتهم قد استنفد أساليب الانتصاف هذه أو مرت المدة الزمنية المحددة للانتفاع منها.
ب) توقيع العقوبة عليه نتيجة لإدانته. وقد تكون العقوبة حكماً بالسجن أو بلون آخر من العقوبات.
المعايير ذات الصلة
المادة 14(6) من "العهد الدولي":"حين يكون قد صدر على شخص ما حكم نهائي يدينه بجريمة، ثم أبطل هذا الحكم أو صدر عفو خاص عنه على أساس واقعة جديدة أو واقعة حديثة الاكتشاف تحمل الدليل القاطع على وقوع خطأ قضائي، يتوجب تعويض الشخص الذي أنزل به العقاب نتيجة تلك الإدانة، وفقاً للقانون، ما لم يثبت أنه يتحمل، كلياً أو جزئياً، المسؤولية عن عدم إفشاء الواقعة المجهولة في الوقت المناسب".
المادة 10 من "الاتفاقية الأمريكية""لكل إنسان الحق في الحصول على تعويض وفقاً للقانون في حالة ما إذا صدر عليه حكم نهائي بسبب خطأ قضائي."
ج) إبطال حكم الإدانة أو صدور عفو خاص عنه على أساس اكتشاف وقائع جديدة تبين وقوع خطأ قضائي، ما لم يثبت أنه يتحمل هو المسؤولية عن عدم إفشاء الواقعة المجهولة.
ولا تلزم هذه المعايير الدولة بأن تدفع أية تعويضات، إذا ثبت أن عدم اكتشاف المعلومات في الوقت المناسب كان راجعاً كلياً أو جزئياً إلى المتهم. وعلى الدولة يقع عبء إثبات ذلك**.
كما أن هذه المعايير لا تلزم الدولة صراحة بأن تدفع أية تعويضات، إذا أُسقطت التهمة، أو إذا برأت المحكمة الابتدائية المتهم، أو إذا برأته محكمة أعلى لدى استئناف الدعوى. ومع هذا، فإن بعض النظم القضائية الوطنية توجب دفع تعويض للضحايا في مثل هذه الظروف.
ومعنى اشتراط دفع التعويضات "وفقاً للقانون" إلزام الدولة بأن تسن قوانين تنص على تعويض ضحايا أخطاء القضاء. وتنظم هذه القوانين بشكل عام إجراءات منح التعويضات ويجوز أن تحدد قيمتها. ومع هذا، لا تُعفى الدولة من دفع التعويضات عن أخطاء القضاء بسبب عدم وجود قانون أو إجراء يحكم عملية التعويض عن تلك الأخطاء، حيث تظل الدولة مقيدة بالتزاماتها بالمعايير الدولية.
وفي حالة ما إذا كان الخطأ القضائي ناجماً عن انتهاك لحقوق الإنسان، فإن للضحية، حسبما تعتقد منظمة العفو الدولية، حقوقاً في الحصول على أشكال أخرى من التعويض قد يكون من بينها رد الحقوق ورد الاعتبار/إعادة التأهيل، والترضية، وتوفير ضمانات بعدم تكرار ذلك الخطأ.
انظر كذلك الفصل 6/5 الخاص بالحق في الحصول على تعويض بسبب القبض أو الاحتجاز دون سند من القانون.
الفصل الحادي والثلاثون
الحقوق الخاصة بالمحاكمة العادلة خلال حالات الطوارئ
بعض حقوق الإنسان مطلقة، ولا يجوز، في أية حالة، عدم التقيد بها. ولكن يجوز التخفف من بعض الحقوق الخاصة بالمحاكمة العادلة في حالات الطوارئ بمقتضى شروط بعض المعاهدات الدولية لحقوق الإنسان.
31/1 عدم التقيد بالحقوق لا يجوز تعليق بعض حقوق الإنسان قط بأي حال من الأحوال. غير أن بعض المعاهدات الدولية لحقوق الإنسان تبيح للدول أن تتخفف (توقف أو تقيد) من التزامها ببعض الضمانات المعينة لحقوق الإنسان في حالات محددة بدقة، على ألا يزيد هذا التخفف عن الفترة التي يقتضيها الحال. وتعترف النصوص التي تبيح هذا التخفف بحق الدول في تجنب وقوع ضرر استثنائي من شأنه أن يلحق بها ضرراً فادحاً يتعذر إصلاحه، بسبب اندلاع حرب أو اضطرابات أو التعرض لكارثة طبيعية. غير أن الواقع يقول إن هذه النصوص قد أسئ استغلالها لحرمان بعض الأشخاص دون وجه حق من حقوقهم باسم حماية الأمن القومي من الخطر.
وتظل الدولة عند إعلان حالة الطوارئ ملتزمة بسيادة القانون، فلا يجوز لها أن تصبح هي الحَكَم في تطبيق القانون على نفسها. وكثيراً ما تتجاهل الحكومات الحدود الصارمة التي تقيد بها القوانين المحلية والدولية إعلان حالة الطوارئ والشكليات الإجرائية والمجال المسموح لسلطات الطوارئ. وكثيراً ما تتعرض حقوق الإنسان لبعض من أبشع الانتهاكات خلال حالة الطوارئ.
ومن بين الحقوق التي يجوز تعليقها، بموجب أحكام عدد من معاهدات حقوق الإنسان، بعض ضمانات المحاكمة العادلة. غير أن هذا التخفف لا ينبغي أن يتعارض مع الالتزامات الأخرى للدولة بموجب القانون الدولي، بما في ذلك معاهدات القانون الإنساني التي تضمن الحق في المحاكمة العادلة أثناء الصراعات المسلحة - التي تعد أخطر حالة طوارئ يمكن أن تتعرض لها أمة. كذلك، يجب أن تفي مراسيم التخفف بعدد من الشروط الإجرائية الأساسية.
ويجوز للدول، بموجب "العهد الدولي"، أن تتخذ، في أضيق الحدود التي يتطلبها الوضع، تدابير لا تتقيد بالالتزامات الخاصة بحقوق الإنسان إبان حالات الطوارئ الاستثنائية التي تهدد حياة الأمة. وتسمح المادة 4 من "العهد الدولي" للحكومات بأن تتخذ مثل هذه التدابير بشأن بعض حقوق الإنسان المعينة طالما التزمت بالآتي:
أ) أن تتطلب مقتضيات الحالة بشدة هذه التدابير.
ب) عدم منافاة هذه التدابير للالتزامات الأخرى المترتبة عليها بمقتضى القانون الدولي.
ج) أن تُعلن حالة الطوارئ رسمياً، وأن تُخطر الحكومة الأمين العام للأمم المتحدة على الفور بأمر هذه التدابير وبالسبب في ذلك.
والحقوق الوحيدة التي لا يجوز تعليقها هي تلك الحقوق المحددة في المادة 4 من "العهد الدولي" (انظر فيما يلي 31/3) التي لا تتضمن تحديداً الحقوق المتعلقة بالمحاكمة العادلة، وإن كان من الممكن أن تتضمن تلك الحقوق.*
وقد أفادت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان بأن "على الدول الأطراف، إذا قررت في حالات الطوارئ العامة المحددة في المادة 4 (من العهد الدولي) التخفف من "الإجراءات الاعتيادية [للمحاكمة العادلة] التي تنص عليها المادة 14 من [العهد الدولي]، أن تضمن عدم تجاوز هذا التخفف لما تتطلبه بشدة مقتضيات الحالة الفعلية، وأن تحترم الشروط الأخرى المحددة في الفقرة 1من المادة 14"
وفي الآونة الأخيرة ألمحت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان إلى أن الأحكام الخاصة بالمحاكمة العادلة في "العهد الدولي" غير قابلة للتخفف، حيث أوضحت أنه "لا يجوز للدولة أن تحتفظ بالحق في ... القبض على الأشخاص واحتجازهم تعسفاً… وافتراض إدانة المتهم ما لم يُثبت براءته... ولئن كان من الممكن قبول فرض تحفظات على نصوص معينة من المادة 14، إلا أن أنه لا يجوز فرض تحفظ عام على الحق في المحاكمة العادلة."
وقد أوضحت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان تدريجياً، من خلال تعليقاتها على التقارير الدولية المقدمة من بعض الدول عن سير العمل في تنفيذ "العهد الدولي" والنتائج التي توصلت لها بشأن الحالات الفردية، أنها ترى أن بعض الحقوق الأساسية للمحاكمة العادلة الواردة في المادة 14(1) من "العهد الدولي" وحق المحتجز في المثول أمام قاضٍ تعتبر حقوقاً ثابتةً لا يجوز التخفف منها.
المعايير ذات الصلة
المادة 4 من "العهد الدولي":"1) في حالات الطوارئ الاستثنائية التي تتهدد حياة الأمة، والمعلن قيامها رسمياً، يجوز للدول الأطراف في هذا العهد أن تتخذ، في أضيق الحدود التي يتطلبها الوضع، تدابير لا تتقيد بالالتزامات المترتبة عليها بمقتضى هذا العهد، شريطة عدم منافاة هذه التدابير للالتزامات الأخرى المترتبة عليها بمقتضى القانون الدولي وعدم انطوائها على تمييز يكون مبرره الوحيد هو العرق أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو الأصل الاجتماعي.
2) لا يجيز هذا النص أي مخالفة لأحكام المواد 6 و7 و8 (الفقرتين 1 و2) و11 و15 و16 و18.
3) على أية دولة طرف في هذا العهد استخدمت حق عدم التقيد أن تعلم الدول الأطراف الأخرى فوراً عن طريق الأمين العام للأمم المتحدة، بالأحكام التي لم تتقيد بها وبالأسباب التي دفعتها إلى ذلك، وعليها ، في التاريخ الذي تنهي فيه عدم التقيد، أن تعلمها بذلك مرة أخرى وبالطريق ذاته".
ولا يحتوي الميثاق الأفريقي على بند خاص بحالات الطوارئ، ومن ثم، فهو يبيح عدم التخفف من الحقوق الواردة فيه. وتجيز "الاتفاقية الأمريكية" التخفف في أوقات "الحروب، أو الأخطار العامة أو حالات الطوارئ الأخرى التي تهدد استقلال أو أمن الدولة الطرف،" ولكنها لا تجيز التخفف من "الضمانات القضائية الأساسية لحماية الحقوق [غير قابلة للتقييد أو التعليق] (انظر الفقرة 31/3/1 فيما يلي]. وتبيح "الاتفاقية الأوروبية" التخفف في أوقات الحروب أو غيرها من حالات الطوارئ العامة التي تهدد بقاء الأمة. وتحتوي كل معاهدة على قائمة مختلفة بالحقوق التي لا يجوز قط تعليقها (انظر 31/3 فيما يلي).
ولا يجوز قط التخفف من بعض حقوق الإنسان بأي حال من الأحوال، مثل الحق في الحياة والحق في عدم التعرض للتعذيب أو غيره من ضروب المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة. وتشمل قائمة الحقوق التي لا يجوز التخفف منها بعض - وليس كل - ضمانات المحاكمة العادلة.
والرأي الدولي يتجه أكثر فأكثر إلى اعتبار أن حق المحتجز في "العرض على قاضٍ" وحقه في "الحماية من الاحتجاز" دون وجه حق، حقان ثابتان لا يجوز التخفف منهما. وقد دعت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان جميع الدول إلى أن "تسن إجراء على غرار عرض المحتجز على قاضٍ، أو إجراء آخر مشابه واعتباره حقاً شخصياً لا يجوز التخفف منه تحت أي ظرف، بما في ذلك حالات الطوارئ." وقد اعتبرت اللجنة الأمريكية الدولية الحق في العرض على قاضٍ و الحق في الحماية من الاحتجاز دون وجه حق من الحقوق التي لا يجوز التخفف منها.
وفي أوقات الطوارئ، بالتحديد، يزداد خطر جنوح الدولة إلى أن تطأ حقوق مواطنيها. والسلطة التنفيذية هي وحدها - بوجه عام - المتحكمة في إعلان حالات الطوارئ، ولها في تلك الحالة صلاحية إصدار أوامر أو لوائح للطوارئ دون التقيد بالإجراءات القضائية المعتادة. وتعمد الدول في كثير من الأحيان إلى منح نفسها سلطات أوسع تتيح لها القبض على الأفراد واحتجازهم، وتأسيس محاكم خاصة، واختصار إجراءات المحاكمة. وتعتقد منظمة العفو الدولية أن ضمانات المحاكمة العادلة ذات أهمية حيوية لحماية حقوق الإنسان خلال حالات الطوارئ، وأنه لا يجوز لذلك السبب تعليقها. وتزداد في حالات الطوارئ أهمية الحفاظ على استقلال السلطة القضائية، وعدم تقييد يدها في تصريف شؤون العادلة وفقاً للقوانين الوطنية والدولية.
31/2 الضرورة والتناسبيجب أن يكون أي تعليق للحقوق الخاصة بالمحاكمة العادلة من الدواعي الحتمية للحالة. ويقتضي مبدأ التناسب هذا مراعاة الحد المعقول في التخفف من الالتزامات في ضوء الضرورات التي تحتمها حالة الطوارئ الناشئة بسبب خطر ما يهدد حياة الأمة. كما أنه يستلزم أيضاً إعادة النظر في ضرورة هذا التخفف على فترات منتظمة على يد السلطتين التشريعية والتنفيذية.
ويجب أن ترتبط درجة التداخل بين الحقوق ونطاق أي تدبير للتخفف من الالتزام بها (من حيث المنطقة التي سوف يطبق فيها والمدة التي سوف يستغرقها) "ارتباطاً معقولاً بالضرورات التي يحتمها بالفعل إعلان حالة الطوارئ لإنقاذ الأمة من خطر يهدد بقاءها."
ورأت المحكمة الأوروبية أنه لكي يعد تدبير التخفف ضرورياً وقانونياً، يجب توضيح أنه من الممكن استخدام تدابير أخرى تؤثر بصورة أقل على حقوق الإنسان لحل المشكلة. وعلاوةً على ذلك، فيجب التدليل على صحة احتمالات أن يساهم هذا التدبير في حل المشكلة.
فعندما سحبت حكومة المملكة المتحدة طلب التخفف من الالتزام ببعض القيود في أيرلندا الشمالية، احتفظت لنفسها بسلطة احتجاز الأفراد دون عرضهم على وجه السرعة على قاضٍ أو سلطة قضائية أخرى، بناءً على أن هذا التدبير يمليه الوضع القائم في أيرلندا الشمالية، إلا أن المحكمة الأوروبية رأت أن حقوق المحتجزين قد انتُهكت. وعقب هذا الحكم، قدمت الحكومة البريطانية إخطاراً آخر بالتخفف أوضحت فيه أن له "ضرورة حتمية لتقديم الإرهابيين إلى العدالة." ولكن المحكمة رفضت هذا التبرير لجملة أسباب، كان من بينها أنها رأت أن ضرورات الموقف لا تستوجب بشدة انعدام الرقابة القضائية على الاحتجاز." (وقد تقدمت منظمة العفو الدولية، كطرف ثالث في القضية، بمذكرة للمحكمة قالت فيها إن الضمانات الباقية ليست كافية لحماية المحتجزين من التعذيب أو سوء المعاملة خلال الثماني وأربعين ساعة التي يمنعون فيها من الاتصال بالعالم الخارجي.")
وقالت المحكمة الأمريكية الدولية إن أي إجراء يتجاوز الحد المطلوب، الذي يمليه الموقف بشدة، "سوف يكون غير مشروعاً بالرغم من وجود حالة الطوارئ".
31/2/1 هل توجد حالة طوارئ؟ولا يجيز القانون الدولي إعلان حالة الطوارئ ما لم تتعرض الأمة لخطر استثنائي جسيم، مثل استخدام القوة من الداخل أو الخارج على نحو يهدد وجودها أو سلامة أراضيها.
والمقصود بحالة الطوارئ، بحكم تعريفها، أنها وضع قانوني مؤقت للرد على تهديد ما. ففرض حالة الطوارئ بصفة دائمة يتعارض مع هذا التعريف. ومما يدعو للأسف أن حالة الطوارئ تكتسب أحياناً وجوداً دائماً لأنها أُعلنت ولم ترفع بعد انتهاء الضرورة منها، أو لأن إعلانها يتكرر بصفة مجددة، أو لأن التدابير الخاصة تتغلغل إلى حد بعيد في صلب القوانين العادية التي تظل باقية بعد انقضاء حالة الطوارئ.
غير أن المحكمة الأوروبية تترك للدول الأطراف في "الاتفاقية الأوروبية" "هامشاً واسعاً لتقدير" ما إذا كان الأمر يمثل خطراً على بقاء الأمة يستوجب إعلان حالة طوارئ عامة أم لا.
وقالت المحكمة المذكورة: "إن من الأَوْلى أن يكون لكل دولة متعاقدة، بحكم "مسؤوليتها نحو حياة الأمة"، الحق في أن تحدد إذا ما كانت حياة الأمة مهددة بحالة طوارئ عامة. وإذا كان الحال كذلك، فما هو المدى الضروري للتغلب على الأزمة. فالسلطات الوطنية، بحكم احتكاكها المباشر والمستمر بالضرورات الملحة التي تمليها اللحظة، في موضع أفضل، من حيث المبدأ، من القاضي الدولي لتحديد ما إذا كانت حالة الطوارئ هذه قائمة وطبيعة التخفف المطلوب ونطاقه اللازم للتغلب عليها. وفي هذا المقام، تترك المادة 15(1) [من "الاتفاقية الأوروبية] للسلطات هامشاً واسعاً من التقدير".
ورغم هذا "الهامش الواسع للتقدير"، إلا أن اللجنة الأوروبية والمحكمة الأوروبية يقيمان مدى معقولية أسباب إعلان أية حالة طوارئ.
وقد صرحت اللجنة الأوروبية أنها تتولى بنفسها تحديد ما إذا كان الأمر يستوجب إعلان حالة الطوارئ العامة أم لا، "حتى في الحالات المحدودة".
31/3 الحقوق التي لا يجوز قط تقييدها؟من الحقائق المقررة في معاهدات حقوق الإنسان والعرف الدولي أنه لا يجوز قط تعليق بعض الحقوق تحت أي ظرف. وبعض هذه الحقوق متصل بوجه خاص بالمحاكمة العادلة، مثل الحق في الحياة والحق في عدم التعرض للتعذيب أو غيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، والحق في عدم التقديم للمحاكمة على تهمة لم تكن تشكل جريمة في وقت ارتكابها.
ولا يجوز، بموجب "العهد الدولي"، تعليق الحقوق التالية قط"**: الحق في الحياة (المادة 6)، وحظر التعذيب (المادة 7)، وحظر العبودية والرق (المادة 8(1) و8(2))، وحظر الاحتجاز بسبب عدم الوفاء بدين (المادة 11)، وحظر تطبيق القوانين الجنائية بأثر رجعي (المادة 15)، والاعتراف بالشخصية القانونية (المادة 16)، وحرية الفكر والضمير والدين والعقيدة (المادة 18). ويجب ألا ينطوي أي تعليق للحقوق على تمييز بناءً على العنصر أو الجنس أو اللغة أو الدين أو الأصل الاجتماعي.
وتحتوي "الاتفاقية الأوروبية" على قائمة بالحقوق التي لا يجوز التخفف منها، ومن بينها حظر التعذيب والرق والعبودية وتطبيق القوانين بأثر رجعي، والحق في الحياة (فيما عدا حالات القتل الناشئة بسبب أعمال حربية مشروعة***
كما تحتوي "الاتفاقية الأمريكية" على قائمة بالحقوق التي لا يجوز التخفف منها، وتشمل هذه القائمة، علاوة على تلك الحقوق الواردة في المادة 4(2) من "العهد الدولي"، الحق في المشاركة في الحكومة، وحقوق الطفل والأسرة، والحق في الحصول على اسم، والتمتع بالجنسية، والضمانات القضائية اللازمة لحماية الحقوق التي لا يجوز التخفف منها.****
31/3/1 الضمانات القضائية بموجب النظام الأمريكي الدولي؟ورغم أن "الاتفاقية الأمريكية" لم تحدد صراحة أن الحقوق الخاصة بالمحاكمة العادلة لا يجوز التخفف منها؛ إلا أن المادة 27(2) من الاتفاقية المذكورة تحظر تعليق الضمانات القضائية الأساسية لحماية الحقوق التي لا يجوز التخفف منها، مثل الحق في الحياة والمعاملة الإنسانية.*+
المعايير ذات الصلة
المادتان 27(1) و27(2) من "الاتفاقية الأمريكية":"1) في وقت الحرب، أو الخطر العام، أو غير ذلك من حالات الطوارئ التي تهدد استقلال أو أمن أية دولة طرف، يجوز لهذه الدولة أن تتخذ تدابير للتخفف من التقيد بالتزاماتها الواقعة عليها بمقتضى هذه المعاهدة في حدود الإطار الصارم الذي تتطلبه مقتضيات الحالة والمدة التي تستغرقها، بشرط ألا تخالف هذه التدابير الالتزامات الأخرى الواقعة بموجب القانون الدولي ولا تنطوي على تمييز بسبب العنصر أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو الأصل الاجتماعي.
2) لا يجيز الحكم السابق تعليق أي من الحقوق التالية: المادة 3 (الحق في الشخصية القضائية)، أو المادة 4 (الحق في الحياة)، أو المادة 5 (الحق في المعاملة الإنسانية)، أو المادة 6 (التحرر من العبودية)، أو المادة 9 (التحرر من القوانين ذات الأثر الرجعي)، أو المادة 12 (حرية الضمير والعقيدة)، أو المادة 17 (حقوق الأسرة)، أو المادة 18 (الحق في الحصول على اسم)، أو المادة 19 (حقوق الطفل)، أو المادة 20 (الحق في الجنسية)، أو المادة 23 (الحق في المشاركة في الحكومة)، أو الضمانات القضائية الأساسية لحماية هذه الحقوق."
وقد عرّفت المحكمة الأمريكية الدولية هذه "الضمانات القضائية"، التي لا يجوز التخفف منها، بأنها تلك الضمانات "المعدة لكي تحمي أو تكفل أو تؤكد تمتع المرء بالحقوق [التي لا يجوز التخفف منها] أو ممارسته لها." وتحديد سبل الانتصاف القضائية الأساسية لحماية هذه الحقوق التي لا يجوز تعليقها أمر "يختلف باختلاف الحقوق المهددة بالخطر... ولا يكفي اعتبار هذه الضمانات أساسية، بل يجب أن تعد قضائية أيضاً... وينطوي هذا المفهوم على مبدأ المشاركة الإيجابية من جانب هيئة قضائية مستقلة ومحايدة لديها سلطة الحكم بعدم مشروعية التدابير المعتمدة في حالة الطوارئ". كذلك، قالت المحكمة إن "الضمانات القضائية ينبغي أن تمارس في إطار الإجراءات الصحيحة للقانون، وبناءً على المبادئ التي تستند لها هذه الإجراءات التي تعبر عنها المادة 8 من "الاتفاقية".
ومن بين الضمانات القضائية "الحق في العرض على قاضٍ والحماية من الاحتجاز دون وجه حق ".
وقالت اللجنة الأمريكية الدولية إن الحق في العرض على قاضٍ أعد في المقام الأول لحماية الحق في الحرية القابل للتقييد، ولكنه أصبح أداة أساسية لحماية حقي السجين في الحياة وعدم التعرض للتعذيب، وهما حقان لا يجوز التخفف منهما. ورأت المحكمة أيضاً أن الحق في الحصول على وسائل الانتصاف، من قبيل العرض على قاض والحماية من القبض دون وجه حق، لا يجوز التخفف منه قط لأنه أحد "سبل الانتصاف القضائية الأساسية اللازمة لحماية شتى الحقوق التي تحظر المادة 27(2) [من الاتفاقية] التخفف منها."
31/4 المعايير التي لا تجيز تعليق الحق في المحاكمة العادلةولا يجيز عدد من المعايير الدولية المتصلة بالحق في المحاكمة العادلة تعليق أي من ضمانات المحاكمة العادلة.
31/4/1 معاهدات حقوق الإنسان؟لا تجيز بعض معاهدات حقوق الإنسان تعليق الحقوق التي تعترف بها. ومثال ذلك، أنه لا يجوز التخفف من حقوق المحاكمة العادلة التي تكفلها "اتفاقية مناهضة التعذيب" و"اتفاقية حقوق الطفل"، و"اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة"، و"الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري"، و"الميثاق الأفريقي".
وتقول اتفاقية مناهضة التعذيب" "لا يجوز التذرع بأية ظروف استثنائية أياً كانت، سواءً أكانت هذه الظروف حالة حرب أو تهديداً بالحرب أو عدم استقرار سياسي داخلي أو أية حالة من حالات الطوارئ العامة الأخرى كمبرر للتعذيب." *++وتكفل هذه الاتفاقية للمتهم حقاً لا يجوز التخفف منه بعدم التعرض للتعذيب في أي وقت أثناء نظر الدعوى القضائية، بما في ذلك الاستجواب، والاحتجاز، والمحاكمة، وصدور الحكم، والعقاب. وطبقاً لهذا، لا يجوز مطلقاً الأخذ بالأدلة المنتزعة عن طريق التعذيب، إلا عند محاكمة الأشخاص المزعوم أنهم ارتكبوا التعذيب. انظر الفصل 10/4 الخاص بعدم التعرض للتعذيب وسوء المعاملة، والفصل 17 الخاص باستبعاد الأدلة المنتزعة تحت وطأة التعذيب أو غيره من ضروب القسر والإرغام.
ولا يجيز "الميثاق الأفريقي" التخفف من أية أحكام، بما في ذلك ضمانات المحاكمة العادلة، تحت أي ظرف. وقالت اللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب "إن على الحكومات في حالة الطوارئ مسؤولية مستمرة إزاء ضمان الأمن والحرية لمواطنيها." فحالة الطوارئ الوطنية لا تبيح تعليق أي من الحقوق التي تلتزم الحكومات بتأمينها وفقاً لالتزاماتها النابعة من المعاهدة.*^
31/4/2 المعايير التي ليس لها صفة المعاهدةتوجد مجموعة واسعة من المعايير الدولية، التي ليس لها طبيعة المعاهدة، تحمي الحقوق الخاصة بالمحاكمة العادلة، ومن بين هذه المعايير "الإعلان العالمي لحقوق الإنسان"، و"مجموعة المبادئ"، و"المبادئ الأساسية الخاصة بدور المحامين"، و"المبادئ الأساسية الخاصة باستقلال السلطة القضائية"، و"القواعد النموذجية الدنيا". والمعايير من هذا النوع واجبة التطبيق في كل الأوقات وفي جميع الأحوال. وهي تمثل الرأي الذي أجمع عليه المجتمع الدولي حول خير المبادئ والأعراف. وهي لا تجيز قبول معايير أدنى منها في حالات الطوارئ.
31/4/3 القانون الإنسانيلا يجيز أي من اتفاقيات جنيف ولا بروتوكولاها الإضافيان، وكلها معايير تطبق في حالات المنازعات المسلحة، التخفف من أحكامها. ومن ثم، أضحت معايير المحاكمة العادلة قائمة إبان المنازعات المسلحة الدولية وغير الدولية. (انظر الفصل 32 الخاص بالحقوق المتعلقة بالمحاكمة العادلة إبان المنازعات المسلحة).
واتفاقيات جنيف الأربع لعام 1949 وبروتوكولاها الإضافيان معاهدات واجبة التطبيق في حالات المنازعات المسلحة الدولية. وتوفر المادة 75 من البروتوكول الإضافي الأول على ضمانات أساسية للمحاكمة العادلة لأي شخص يحتجز بسبب أفعال متصلة بنزاع مسلح له طابع دولي. ولا تجيز المادة إدانة أي شخص بارتكاب مخالفة جزائية متصلة بالنزاع المسلح إلا بواسطة محكمة "تحترم بوجه عام المبادئ المعترف بها للإجراءات القضائية الاعتيادية."*^^
أما المادة 3 المشتركة بين جميع اتفاقيات جنيف ["المادة 3 المشتركة"] والبروتوكول الإضافي الثاني، فيطبقان في حالة ما إذا كان النزاع ليس له طابع دولي. وتحظر "المادة 3 المشتركة"، الخاصة بالأشخاص الذين لا يشاركون بدور مباشر في الأعمال العدائية، إصدار الأحكام أو تنفيذ العقوبات دون إجراء محاكمة سابقة أمام محكمة مشكلة تشكيلاً قانونياً، "وتكفل جميع الضمانات القضائية اللازمة في نظر الشعوب المتمدنة."*# ولما كانت هذه الاتفاقية لا تجيز أي تخفف من هذا الحكم، فإن الحق في هذه الضمانات القضائية إبان المنازعات المسلحة إنما هو حق ثابت لا يمكن تعطيله بموجب القانون الإنساني الدولي.
وتعتبر المادة 3 عرفاً يتعين على جميع أعضاء المجتمع الدولي الالتزام به، سواء أكانوا مقيدين بمعاهدة خاصة به أم لا.
وتكفل اتفاقيات جنيف الحماية في ظل الحالات الاستثنائية، ولكن الاعتبارات الإنسانية الكامنة وراءها تصح بالمثل في جميع أوقات السلم. وقد أوضح مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بحالات الحصار والطوارئ أنه لما كان لا يجوز التخفف من الحق في المحاكمة العادلة بموجب القانون الإنساني، فيجب أن يعتبر التخفف من هذا الحق غير جائز في جميع الأوقات لأن "من التناقض أن تغدو الضمانات في وقت السلم أضعف منها في وقت الحرب."
31/5 الوفاء بالالتزامات الدوليةيجب أن يتفق أي تعليق للحقوق المعترف بها في "العهد الدولي"، و"الاتفاقية الأمريكية"، و"الاتفاقية الأوروبية" مع الالتزامات الأخرى للدولة الطرف بموجب القانون الدولي، بما في ذلك القانون الإنساني. ومعنى هذا، أن الحق في المحاكمة العادلة يسري بموجب القانون الإنساني في الأوقات التي تنطبق عليها أحكام اتفاقيات جنيف وبروتوكولاها الإضافيان - أي إبان المنازعات المسلحة الدولية وغير الدولية. ومعنى هذا أيضاً أن الدولة الطرف في المعاهدات الأخرى لحقوق الإنسان، التي توفر مدى أوسع من الحماية للحقوق التي لا يجوز التخفف منها، يجب أن تحترم التزاماتها الأخرى هذه؛ علماً بأن الالتزامات التي لا يجيز العرف الدولي التخفف منها لها الأسبقية على أية سلطة للتخفف تجيزها المعاهدة.
الفصل الثاني والثلاثون
الحقوق الخاصة بالمحاكمة العادلة إبان المنازعات المسلحة
يتضمن القانون الإنساني الدولي، الذي ينص على قواعد نموذجية دنيا للسلوك إبان المنازعات المسلحة، ضمانات هامة للمحاكمات العادلة. وهي تنطبق على فئات شتى من الأفراد خلال الحروب الدولية والمنازعات الداخلية، بما في ذلك الحروب الأهلية.
32/1 القانون الإنساني الدولييحكم القانون الإنساني الدولي السلوك إبان المنازعات الدولية المسلحة. فالضمانات المنصوص عليها في "اتفاقيات جنيف الأربع" لعام 1949 وبروتوكوليها الإضافيين تكفل الحماية لفئات شتى من البشر، تسميهم "الأشخاص المحميون"، في حالات محددة. ومن بين جوانب الحماية هذه ضمانات المحاكمة العادلة للمتهمين بارتكاب أفعال جنائية.
وإذا كان للنزاع المسلح طابع دولي، فإن "اتفاقية جنيف الثالثة" توفر الحماية للأسرى بينما توفر الاتفاقية الرابعة الحماية للمدنيين. وتنطبق الضمانات الواردة في "البروتوكول الإضافي الأول" لعام 1977 على "الأشخاص الذين في قبضة أطراف المنازعات الدولية المسلحة"، ومن بينهم الأسرى، والأشخاص المحرومون من وضع المحاربين، والأشخاص المتهمون بارتكاب جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب.
وتنطبق الضمانات المحددة في المادة 3 المشتركة بين اتفاقيات جنيف الأربع ("المادة 3 المشتركة") وفي البروتوكول الإضافي الثاني إبان المنازعات المسلحة غير الدولية، بما فيها الحروب الأهلية، وإن كان الرأي قد اتجه الآن إلى اعتبار المبادئ الواردة في هذه المادة المشتركة واجبة التطبيق في جميع الأوقات.
ويجب احترام الحقوق الخاصة بالمحاكمة العادلة والقانون الإنساني الدولي في جميع الأحوال، فلا يجوز التخفف من الأحكام ذات الصلة. ويمكن أن يعد إنكار الحق في المحاكمة العادلة إلى جريمة حرب في أحوال معينة، الأمر الذي يعني وجوب محاكمة المسؤولين عن ذلك على يد الدولة التي يوجدون بها أو تسليمهم إلى دولة أخرى لمحاكمتهم أو نقلهم إلى محكمة جنائية دولية.
ولما كانت ضمانات المحاكمة العادلة المكفولة في القانون الإنساني لا تنطبق إلا في ظروف محددة وعلى فئات محددة من السكان؛ بات من الواجب التمعن في أحكام كل معاهدة لتحديد مدى انطباقها على الحالة قبل الاستشهاد به. وقد تختلف بعض الأحكام المعينة من معاهدة إلى أخرى، لكن المطلب الأساسي الذي تنص عليه، والذي يحتم عدالة المحاكمة؛ إنما يؤكد على أن نفس الضمانات واجبة التطبيق من الناحية الجوهرية في المنازعات الدولية وغير الدولية على السواء.
32/1/1 المنازعات المسلحة الدوليةكفلت المادة 75 من "البروتوكول الإضافي الأول" للأشخاص الذين في قبضة أحد الأطراف في أي نزاع مسلح دولي الحق في المحاكمة العادلة. كما توجد أحكام أخرى تتعلق بحق أسرى الحرب في المحاكمة العادلة في القضايا الجنائية في المواد من 82 إلى 88 ومن 99 إلى 108 من "اتفاقية جنيف الثالثة".
والأحكام التي تضمن محاكمة عادلة للسكان المدنيين في الأراضي المحتلة موضحة في المواد من 64 إلى 78 من "اتفاقية جنيف الرابعة". أما حقوق الرعايا الأجانب في الأراضي المحتلة، فهي مشمولة في المواد من 35 إلى 46، وأما حقوق المدنيين المحتجزين، فمنصوص عليها في المواد من 79 إلى 141.
32/1/2 المنازعات المسلحة غير الدوليةوأهم أحكام القانون الإنساني الدولي المتعلقة بالحق في المحاكمة العادلة في المنازعات المسلحة غير الدولية موجودة في المادة 3 المشتركة بين جميع "اتفاقيات جنيف الأربع" وفي المادة 6 من "البروتوكول الإضافي الثاني".
وتنطبق المادة 3 المشتركة على المنازعات المسلحة "التي ليس لها طابع دولي"، وتنطبق أحكامها على "الأشخاص الذين لا يشتركون مباشرة في الأعمال العدائية، بمن فيهم أفراد القوات المسلحة الذين ألقوا عنهم أسلحتهم، والأشخاص العاجزون عن القتال بسبب المرض أو الجوع أو الاحتجاز أو لأي سبب آخر".
ونطاق "البروتوكول الإضافي الثاني" أكثر تحديداً، فهو ينطبق على المنازعات التي تشارك فيها "القوات المسلحة المنشقة أو الجماعات النظامية المسلحة الأخرى" التي تمارس سيطرة على الأراضي تمكنها "من القيام بعمليات عسكرية متواصلة ومنسقة، وتستطيع تنفيذا هذا البروتوكول". ولكن "البروتوكول الإضافي الثاني"، مع هذا، لا يسري "على حالات الاضطرابات والتوتر الداخلية مثل الشغب وأعمال العنف العرضية وغيرها من الأعمال ذات الطبيعة المماثلة التي لا تعد منازعات مسلحة". انظر كذلك الفصل 31 الخاص بالحقوق المتصلة بالمحاكمة العادلة خلال حالات الطوارئ.
32/1/3 عدم التمييزويحتوي القانون الإنساني على نوعين من الأحكام المناهضة للتمييز بشأن المحاكمات. فلا يجوز تجريد الأشخاص الموجودين في قبضة أي من أطراف الصراع من الحقوق المكفولة لأفراد القوات المسلحة التابعة لذلك الطرف أو رعاياه. ومعنى هذا أنه لا يجوز إخضاع أسرى الحرب لأية عقوبات جزاءً على جرائم ما لم تكن هذه العقوبات مطبقة على من يقترفها من جنود الدولة التي تحتجزهم. ويجب محاكمة أسرى الحرب أمام نفس المحاكم وطبقاً لنفس الإجراءات المطبقة على أفراد الدولة الذين تحتجزهم، ولا يجب أن توقع عليهم عقوبات أشد.
وعلاوة على ذلك، فإن المعاملة التمييزية محظورة بناءً على العنصر أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو العقيدة، أو الآراء السياسية أو غيرها، أو الجنسية أو الأصل الاجتماعي، أو الثراء أو النسب أو مركز آخر، أو بناءً على أية معايير مماثلة أخرى، سواء أكان الصراع المقصود دولياً أو غير دولي.
32/1/4 استمرار الحمايةلا تنطبق أحكام المحاكمة العادلة المنصوص عليها في القانون الإنساني على المنازعات المسلحة فحسب، بل تنطبق أيضاً في حالات معينة بعد توقف العمليات العدائية. فضمان الحق في المحاكمة العادلة المكفول في "البروتوكول الإضافي الأول" للأشخاص الذين يقبض عليهم أو يحتجزون أو يعتقلون لأساب تتصل بالنزاع المسلح الدولي تستمر "لحين إطلاق سراحهم، أو إعادتهم إلى أوطانهم أو توطينهم بصفة نهائية حتى بعد انتهاء النزاع المسلح".
المعايير ذات الصلة
المادة 3 المشتركة بين اتفاقيات جنيف (المنازعات المسلحة غير الدولية)"(1) الأشخاص الذين لا يشتركون مباشرة في الأعمال العدائية، بمن فيهم أفراد القوات المسلحة الذين ألقوا عنهم أسلحتهم، والأشخاص العاجزون عن القتال بسبب المرض أو الجوع أو الاحتجاز أو لأي سبب آخر، يعاملون في جميع الأحوال معاملة إنسانية، دون أي تمييز ضار يقوم على العنصر أو اللون، أو الدين أو المعتقد، أو الجنس، أو المولد أو الثروة أو أي معيار مماثل آخر.
ولهذا الغرض تحظر الأفعال التالية، فيما يتعلق بالأشخاص المذكورين أعلاه، وتبقى محظورة في جميع الأوقات والأماكن:
(أ) الاعتداء على الحياة والسلامة البدنية، وبخاصةٍ القتل بجميع أشكاله، والتشويه، والمعاملة القاسية، والتعذيب.
(ب) أخذ الرهائن.
(ج) الاعتداء على الكرامة الشخصية، وعلى الأخص المعاملة المهينة والحاطة بالكرامة.
(د) إصدار الأحكام وتنفيذ العقوبات، دون إجراء محاكمة سابقة أمام محكمة مشكلة تشكيلاً قانونياً، وتكفل جميع الضمانات القضائية اللازمة في نظر الشعوب المتمدنة.
المادة 75(4) من "البروتوكول الإضافي الأول": (المنازعات المسلحة الدولية)"لا يجوز إصدار أي حكم أو تنفيذ أية عقوبة حيال أي شخص تثبت إدانته في جريمة مرتبطة بالنزاع المسلح إلا بناءً على حكم صادر عن محكمة محايدة تشكل هيئتها تشكيلاً قانونياً، وتلتزم بالمبادئ التي تقوم عليها الإجراءات القضائية المرعية والمعترف بها عموماً."
المادة 6(2) من "البروتوكول الإضافي الثاني": (المنازعات المسلحة غير الدولية)"لا يجوز إصدار أي حكم أو تنفيذ أية عقوبة حيال أي شخص تثبت إدانته في جريمة دون محاكمة مسبقة من قبل محكمة تتوفر فيها الضمانات الأساسية للاستقلال والحيدة..."
والحق في المحاكمة العادلة للمدنيين في الأراضي المحتلة واجب التطبيق منذ بداية أي نزاع أو احتلال حتى سنة واحدة بعد انتهاء العمليات العسكرية بوجه عام. وعلاوةً على ذلك، فدولة الاحتلال ملزمة طيلة فترة الاحتلال بتنفيذ الأحكام الضامنة للمحاكمة العادلة. وفي جميع الأحوال، "فالأشخاص المحميون الذين يفرج عنهم أو يعادون إلى الوطن أو يعاد توطينهم بعد هذه التواريخ يستمرون في الانتفاع بالاتفاقية في هذه الأثناء."
وتظل ضمانات الحق في المحاكمة العادلة المنصوص عليها في المادة 6 من "البروتوكول الإضافي الثاني" مطبقة في نهاية أي نزاع مسلح داخلي بالنسبة للأشخاص الذين حرموا من حريتهم أو قيدت حريتهم لأسباب متصلة بالصراع.
32/1/5 الحقوق الخاصة بالمحاكمة العادلةعندما لا يوجد حكم صريح بشأن جانب معين من جوانب الحق في المحاكمة العادلة في إحدى معاهدات القانون الإنساني، فلا يعني هذا أن القانون الإنساني يجيز انتهاك هذا الجانب، إذ أن ضمانات المحاكمة العادلة مصاغة بعبارات فضفاضة بحيث تشمل جميع أنواع الضمانات المعاصرة ذات الصلة التي أتى ذكرها في هذا الدليل، وهي لم تعين إلا الحد الأدنى من المتطلبات التي يجب احترامها في جميع الحالات.
فخلال الصراعات المسلحة الدولية، تنص المادة 75(4) من "البروتوكول الإضافي الأول" على أن محاكمة الأشخاص الموجودين في قبضة أحد أطراف الصراع يجب أن تتم أمام "محكمة محايدة تشكل هيئتها تشكيلاً قانونياً وتلتزم بالمبادئ التي تقوم عليها الإجراءات القضائية المرعية والمعترف بها عموماً". كما أن المادة 75(4) من "البروتوكول الإضافي الأول" تحتوي على قائمة غير شاملة لضمانات المحاكمة العادلة. وبعضها مصاغ بطريقة فضفاضة، مثل المادة 75(4)(أ)، التي تشترط في الإجراءات أن "تكفل للمتهم كافة الحقوق وجميع الوسائل الضرورية للدفاع عن نفسه سواء قبل أم أثناء محاكمته."
ولا يجوز "للمحاكم المختصة التابعة لدولة الاحتلال إصدار أي حكم" على المدنيين الذين يعيشون في الأراضي المحتلة خلال صراع مسلح دولي "إلا إذا سبقته محاكمة قانونية."
والحق في المحاكمة العادلة في الصراعات المسلحة غير الدولية معرف تعريفاً واسعاً بالمثل، حيث تقول المادة 3 المشتركة إن المحاكمات يجب أن "تكفل جميع الضمانات القضائية اللازمة في نظر الشعوب المتمدنة." كما أن المادة 6(2) من "البروتوكول الإضافي الثاني" تلزم المحاكم بأن توفر "الضمانات الأساسية للاستقلال والحيدة"، وتورد المادة المذكورة كذلك قائمة موجزة تعدد الضمانات ولكنها لا تحصرها حصراً.
32/2 قبل نظر الدعوى32/2/1 الإخطارإن لكل شخص، يحرم من حريته أو يتهم بارتكاب فعل جنائي متصل بصراع مسلح دولي، حقوقاً معينة في أن الحصول على معلومات بهذا الشأن.
إبلاغ المرء بحقوقهيجب على الدولة الحاجزة أن تخطر أسرى الحرب المقدمين إلى المحاكمة بمجموعة معينة من الحقوق "قبل بدء المحاكمة بوقت مناسب". وهذه الحقوق هي "الحصول على معاونة أحد زملائه الأسرى، والدفاع عنه بواسطة محام مؤهل يختاره، واستدعاء شهود، والاستعانة، إذا رأى ذلك ضرورياً، بخدمات مترجم مؤهل."
أسباب الاحتجازيجب أن يُخطر، على جناح السرعة، أي شخص يقبض عليه أو يحتجز أو يعتقل بسبب أفعال تتصل بنزاع دولي مسلح - بلغة يفهمها -، بمعلومات عن أسباب هذه التدابير التي اتخذت.
التهميجب أن يخطر أي شخص، يتهم بارتكاب فعل جنائي متصل بنزاع مسلح دولي "دون إبطاء، بتفاصيل الجريمة المنسوبة إليه."
ويجب إبلاغ أسير الحرب ومحاميه "قبل بدء المحاكمة بوقت مناسب وبلغة يفهمها بصحيفة الاتهام..."
كما أن أي فرد من السكان المدنيين للأراضي المحتلة يتهم بارتكاب فعل جنائي، يجب أن يبلغ دون إبطاء "كتابة وبلغة يفهمها بتفاصيل الاتهامات الموجهة إليه."
الحق في إخطار الأسرة والأصدقاءتنص "اتفاقية جنيف الثالثة" على ضرورة إخطار الدولة الحامية عند القبض على أسير بتهمة جنائية، وهي بدورها ملزمة بأن تبلغ أسرة السجين وأصدقائه بأحواله. والدولة الحامية هي دولة ثالثة واجبها أن تصون مصالح طرفي النزاع ورعاياهما المقيمين في أراضي العدو. وقد أسهبت المادة 104 في تفصيل الشروط الأساسية لإخطار الدولة الحامية، ونصت على ضرورة تأجيل المحاكمة في حالة تقاعس الدولة عن تلبية هذه الشروط.
وتنص "اتفاقية جنيف الرابعة" على أن تبلغ دولة الاحتلال الدولة الحامية، ومن ثم تبلغ في نهاية المطاف الأسرة والأصدقاء بالإجراءات المتخذة في الحالات الخطيرة. ولا يجوز الاستمرار في نظر الدعوى إذا لم تلب الشروط المطلوبة في الإخطار المذكور. وعلاوةً على ذلك، فرغم أن المادة 76 من "اتفاقية جنيف الرابعة" لم تنص على السماح بالاتصال بالأهل والأصدقاء، إلا أنها ضمنت "للأشخاص المحميين الحق في أن يزورهم مندوبو الدولة الحامية ومندوبو اللجنة الدولية للصليب الأحمر ..."
32/2/2 افتراض البراءةيجب احترام مبدأ افتراض البراءة في الصراعات الدولية وغير الدولية على السواء. ويجب أن ينطبق هذا الحق في جميع مراحل الدعوى حتى صدور الحكم. وفي كل من المنازعات الدولية وغير الدولية يجب أن "يعتبر المتهم بجريمة بريئاً إلى أن تثبت إدانته قانوناً."
32/2/3 الحق في عدم التعرض للإرغام على الاعترافلا يجوز في المنازعات الدولية أن "يرغم أي شخص على الإدلاء بشهادة على نفسه أو على الاعتراف بأنه مذنب"، و"لا يجوز ممارسة أي ضغط معنوي أو بدني على أسير الحرب لحمله على الاعتراف بالذنب عن الفعل المنسوب إليه." وفي حالة المنازعات غير الدولية "لا يجبر أي شخص على الإدلاء بشهادة على نفسه أو على الإقرار بأنه مذنب."
32/3 الحقوق في مرحلة ما قبل المحاكمة
افتراض البراءة قبل المحاكمةلا يجوز السماح باحتجاز أسير الحرب في انتظار المحاكمة "إلا إذا كان الإجراء نفسه يطبق على أفراد القوات المسلحة في الدولة الحاجزة إزاء المخالفات المماثلة، أو اقتضت ذلك مصلحة الأمن الوطني. ولا يجوز بأي حال أن تزيد مدة هذا الحبس الاحتياطي على ثلاثة أشهر."
الحق في عدم التعرض للتعذيب وسوء المعاملةمن المخالفات الجسيمة لاتفاقية جنيف الثالثة ارتكاب أي من الأفعال التالية ضد سجناء الحرب: "القتل العمد، والتعذيب أو المعاملة اللاإنسانية، بما في ذلك التجارب الخاصة بعلم الحياة، وتعمد إحداث آلام شديدة أو الإضرار الخطير بالسلامة البدنية أو بالصحة". (وارتكاب مثل هذه الأفعال على المدنيين في الأراضي المحتلة مخالفة جسيمة لاتفاقية جنيف الرابعة.)
ولا يجوز إخضاع أسرى الحرب لأي عقوبة من "العقوبات البدنية، والحبس في مبانٍ لا يدخلها ضوء النهار، وبوجه عام، أي نوع من التعذيب أو القسوة."
الحق في الفحص والعلاج الطبيتقدم للمدنيين الذين تحتجزهم دولة الاحتلال، بتهمة ارتكاب جرائم، "الرعاية الطبية التي تتطلبها حالتهم الصحية".
الحق في الشكوى من أوضاع الاحتجازمن حق أسرى الحرب أن يشكوا للسلطات العسكرية للدولة الحاجزة وللدولة الحامية بشأن أوضاع الاحتجاز دون أن يتعرضوا لعواقب ضارة نتيجة تقديمها. وإذا كانت هذه الأوضاع ترقى إلى حد التعذيب أو غيره من ضروب المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، فيجوز اعتبار الاحتجاز غير مشروع.
حق المحتجز في الاتصال بأسرته وبالعالم الخارجيللأسرى مجموعة محدودة من الحقوق المعينة في الاتصال بالعالم الخارجي، مباشرة وعن طريق الدولة الحامية. وتكفل الفقرة 3 من المادة 103 من "اتفاقية جنيف الثالثة" بعض الحقوق من أجل "أسرى الحرب أثناء حبسهم حبساً احتياطياً" أثناء انتظارهم للمحاكمة، مثل الحق في إرسال وتلقي الخطابات.
32/3/1 النساء المحتجزاتمن حق النساء المحتجزات خلال الصراعات المسلحة الدولية ضروب خاصة من الحماية. وينبغي بوجه عام احتجاز النساء بمعزل عن الرجال، وأن يوضعن تحت إشراف نساء. غير أنه يجب احتجاز أفراد كل أسرة معاً حيثما أمكن.
"تحتجز أسيرات الحرب اللاتي يقضين عقوبة تأديبية في أماكن منفصلة عن أماكن الرجال ويوكل الإشراف المباشر عليهن إلى نساء كما أن هذا الحكم ينطبق أيضاً على أسيرات الحرب "أثناء حبسه(ن) احتياطياً."
وكذلك فالنساء المدنيات اللاتي تحتجزهن دولة الاحتلال يجب أن يحتجزن "في أماكن منفصلة عن الرجال ويوكل الإشراف المباشر عليهن إلى نساء".
المعايير ذات الصلة
المادة 75(5) من "البروتوكول الإضافي الأول":"تحتجز النساء اللواتي قيدت حريتهن لأسباب تتعلق بالنزاع المسلح في أماكن منفصلة عن أماكن الرجال ويوكل الإشراف المباشر عليهن إلى نساء. ومع ذلك، ففي حالة احتجاز أو اعتقال الأسر، فيجب قدر الإمكان أن يوفر لها كوحدات عائلية مأوى واحد."
32/3/2 الأطفال المحتجزونمن حق الأطفال الحصول على حماية خاصة أثناء المنازعات المسلحة الدولية.، وعلاوة على ذلك، يتعين على دولة الاحتلال أن تأخذ "في الاعتبار النظام الخاص الواجب للأطفال" الذين تحتجزهم. ويجب احتجاز الأطفال في أماكن منفصلة عن أماكن الكبار ما لم يكونوا بصحبة أسرهم.
32/4 الحقوق أثناء المحاكمة32/4/1 اختصاص المحكمة واستقلالها وحيدتهايكفل البروتوكول الإضافي الأول الحق في المحاكمة أمام محكمة مختصة مستقلة محايدة للأشخاص الموجودين في قبضة أي طرف في أي نزاع دولي، حيث يشترط أن تكون المحكمة "محايدة تشكل هيئتها تشكيلاً قانونياً". ويجب أن تتوفر في المحاكم التي تحاكم أسرى الحرب شروط الاستقلال والحيدة. ويجب أن تتم محاكمتهم أمام محاكم عسكرية، ما لم يكن أفراد القوات المسلحة التابعة للدولة الحاجزة يحاكمون أمام محاكم مدنية إذا ارتكبوا نفس هذه الجرائم.
وضمانات الاختصاص والاستقلال والحيدة في المحاكم التي تحاكم المدنيين في الأراضي المحتلة محدودة. ويجب بوجه عام أن يظل القانون الجنائي الخاص بالأراضي المحتلة سارياً وأن تطبقه المحاكم القائمة في تلك الأراضي، فيما عدا عدد من الاستثناءات الهامة، حيث تقضي "اتفاقية جنيف الرابعة" بالإبقاء على قوانين العقوبات والمحاكم القائمة في الأراضي المحتلة، ما لم تلغها دولة الاحتلال أو تعطلها إذا كان فيها ما يهدد أمنها أو يمثل عقبة في تطبيق هذه الاتفاقية".
وهناك بعض جوانب الحماية المحدودة للقضاة ضد العزل من مناصبهم، ولا يجوز لدولة الاحتلال أن تعاقب الموظفين العموميين أو القضاة أو أن تغير من وضعهم في الأراضي المحتلة؛ إذا امتنعوا عن أداء وظائفهم لأسباب من وحي الضمير، دون أن يمس هذا حقها في أن تعزل الموظفين العموميين من مناصبهم.
ويجوز لدولة الاحتلال أن تطبق تشريعاً جنائياً في الأراضي المحتلة بغية "تأمين الإدارة المنتظمة للإقليم وضمان أمن دولة الاحتلال". وفي هذه الحالات، يجوز لها أن تحاكم المتهمين أمام "محاكمها العسكرية غير السياسية والمشكلة تشكيلاً قانونياً، شريطة أن تعقد المحاكم في البلد المحتل." و"يفضل" أن تعقد محاكم الاستئناف جلساتها في البلد المحتل.
وبالنسبة للصراعات غير الدولية فإن البروتوكول الإضافي الثاني يقول: " لا يجوز إصدار أي حكم أو تنفيذ أية عقوبة حيال أي شخص تثبت إدانته في جريمة دون محاكمة من قبل محكمة تتوفر فيها الضمانات الأساسية للاستقلال والحيدة."
المعايير ذات الصلة
المادة 84 من "اتفاقية جنيف الثالثة":"لا يحاكم أسير الحرب بأي حال بواسطة محكمة أياً كان نوعها إذا لم تتوفر فيها الضمانات الأساسية المتعارف عليها عموماً من حيث الاستقلال وعدم التحيز..."
32/4/2 المحاكمة في غضون فترة زمنية معقولةمن حق أسرى الحرب أن يقدموا إلى المحاكمة على وجه السرعة، حيث تحتم المعاهدات الدولية أن "تجرى جميع التحقيقات القضائية المتعلقة بأسير الحرب بأسرع ما تسمح به الظروف، وبحيث يحاكم بأسرع ما يمكن". كما أنها تقضي بأن "ينظر في الدعوى بأسرع ما يمكن" بالنسبة للمدنيين في الأراضي المحتلة الذين تلاحقهم دولة الاحتلال قضائياً.
32/4/3 حقوق الدفاعحق المرء في الدفاع عن نفسهيكفل "البروتوكول الإضافي الأول" (المنازعات المسلحة الدولية) للمرء الحق في أن يدافع عن نفسه، حيث يوجب في الإجراءات "أن تكفل للمتهم كافة الحقوق وجميع الوسائل الضرورية للدفاع عن نفسه، سواء قبل أو أثناء محاكمته."
"لا يجوز إدانة أي أسير حرب بدون إعطائه فرصة الدفاع عن نفسه والحصول على مساعدة محام أو مستشار مؤهل."
كما أن "اتفاقية جنيف الرابعة" تضمن لأي متهم من المدنيين في الأراضي المحتلة "الحق في تقديم الأدلة اللازمة لدفاعه"، وبخاصةٍ الحق في طلب الشهود.
أما بالنسبة للمنازعات غير الدولية، فيشترط "البروتوكول الإضافي الثاني" في الإجراءات "أن تكفل للمتهم سواء قبل أو أثناء محاكمته كافة حقوق ووسائل الدفاع اللازمة."
حضور المتهم"يحق لكل متهم بجريمة أن يحاكم حضورياً" إبان المنازعات الدولية وغير الدولية على السواء.
الحق في الاستعانة بمحامٍمن حق أي أسير حرب متهم بارتكاب جريمة أن يحصل على مساعدة من "محام مؤهل يختاره" ليتولى الدفاع عنه. فإذا لم يختر محامٍ، يٌنتدب له واحد. والمحامي الذي يتولى أمر الدفاع يجوز له "بصفة خاصةٍ أن يزور المتهم بحرية وأن يتحدث معه دون حضور رقيب."
المعايير ذات الصلة
المادة 75(4)(أ) من البروتوكول الإضافي الأول (المنازعات المسلحة الدولية):"يجب أن تنص الإجراءات على إعلان المتهم دون إبطاء بتفاصيل الجريمة المنسوبة إليه وأن تكفل للمتهم كافة الحقوق وجميع الوسائل الضرورية للدفاع عن نفسه، سواء قبل أم أثناء المحاكمة."
المادة 6(2)(أ) من البروتوكول الإضافي الثاني (المنازعات المسلحة غير الدولية):"أن تنص الإجراءات على إخطار المتهم دون إبطاء بتفاصيل الجريمة المنسوبة إليه وأن تكفل للمتهم سواء قبل أم أثناء محاكمته كافة حقوق ووسائل الدفاع اللازمة."
حق المتهم في الحصول على كفايته من الوقت والتسهيلات لإعداد دفاعهكفلت المعاهدات الدولية لمحامي أسير الحرب أن يحصل على "فرصة لا تقل عن أسبوعين قبل بدء المحاكمة، وكذلك التسهيلات اللازمة لإعداد دفاعه عن المتهم"، بما في ذلك إمكانية الانفراد بموكله دون رقيب والتحدث مع شهود النفي وأن "يفيد من هذه التسهيلات حتى انتهاء المدة المحددة للاستئناف."
الحق في استدعاء الشهود ومناقشتهم"يحق لأي شخص متهم بجريمة (متصلة بالمنازعات الدولية) … استدعاء ومناقشة شهود النفي طبقاً للشروط ذاتها التي يجري بموجبها استدعاء شهود الإثبات." و"أن يناقش شهود الإثبات أو يكلف الغير بمناقشتهم".ولأسير الحرب المتهم بارتكاب جريمة الحق في "استدعاء الشهود".
الحق في الاستعانة بمترجم شفوي وتحريرييحق لأسير الحرب "الاستعانة، إذا رأى ذلك ضرورياً، بخدمات مترجم مؤهل".
الحق في علانية المحاكمة والحكمإبان المنازعات الدولية، يحق "للشخص الذي يتهم بجريمة الحق في أن يطلب النطق بالحكم عليه علناً."
ورغم أن اتفاقية جنيف الثالثة لا تنص صراحة على علانية محاكمات أسرى الحرب، لكنها تشترط تمكين ممثلين من الدولة الحامية من حضور المحاكمة، ما لم يكن من اللازم، بصفة استثنائية، عقد المحاكمة في جلسات سرية لمصلحة أمن الدولة. ويجب على الفور إبلاغ الدولة الحامية ومحامي الأسير، والأسير، بلغة يفهمها، بالحكم والعقوبة المقررة وبمعلومات عن جميع حقوقه في الاستئناف.
الحق في الاستئنافللأسرى نفس الحق في الاستئناف مثل أفراد القوات المسلحة التابعة للدولة الحاجزة، ويجب توضيح هذه الحقوق لهم.
ورغم أن "البروتوكول الإضافي الأول" لا يضمن الحق في الاستئناف، إلا أنه ينص على ضرورة "تنبيه أي شخص يصدر ضده حكم ولدى النطق بالحكم إلى الإجراءات القضائية وغيرها التي يحق له الالتجاء إليها، والمدد الزمنية التي يجوز خلالها أن يتخذ تلك الإجراءات". ويحتوي "البروتوكول الإضافي الثاني" نفس الضمان بعبارة مطابقة بالنسبة للمنازعات غير الدولية.
32/4/4 حماية المتهم من المحاكمة مرتين على نفس التهمةلا يجيز "البروتوكول الإضافي الأول" (المنازعات المسلحة الدولية) "إقامة الدعوى ضد أي شخص أو توقيع العقوبة عليه لجريمة سبق أن صدر بشأنها حكم نهائي طبقاً للقانون ذاته والإجراءات القضائية ذاتها." كما أن "اتفاقية جنيف الثالثة" تنص على الآتي: "لا يعاقب أسير الحرب إلا مرة واحدة عن الذنب نفسه أو التهمة نفسها."
32/4/5 الحماية من التعرض لتطبيق القانون بأثر رجعي"لا يجوز أن يتهم أي شخص (من الأشخاص الذين في قبضة أحد أطراف نزاع دولي) أو يدان بجريمة على أساس إثباته فعلاً أو تقصيراً لم يكن يشكل جريمة طبقاً للقانون الوطني أو القانون الدولي الذي كان يخضع له وقت اقترافه للفعل."
ولا يجوز محاكمة أسرى الحرب على ارتكاب أفعال لم يكن يجرمها القانون الوطني أو الدولي وقت وقوعها.
كما أن "اتفاقية جنيف الرابعة" تحتوي على عدد من الضمانات الواقية ضد تطبيق القوانين الجنائية بأثر رجعي على المدنيين في الأراضي المحتلة حيث تقول: "لا تصبح القوانين الجزائية التي تفرضها دولة الاحتلال نافذة إلا بعد نشرها وإبلاغها للسكان بلغتهم. ولا يكون لهذه الأحكام أثر رجعي."
ولا يجوز للمحاكم في الأراضي المحتلة أن تطبق "إلا القوانين التي كانت سارية قبل وقوع المخالفة."
وينص البروتوكول الإضافي الثاني المطبق في حالة المنازعات غير الدولية على "ألا يدان أي شخص بجريمة على أساس اقتراف الفعل أو الامتناع عنه الذي لا يشكل وقت ارتكابه جريمة جنائية بمقتضى القانون الوطني أو الدولي."
32/5 الحكم في القضايا التي لا تتصل بعقوبة الإعداملا يجوز للسلطات العسكرية ومحاكم الدولة الحاجزة أن تحكم على أسرى الحرب "بأية عقوبات خلاف العقوبات المقررة عن الأفعال ذاتها إذا اقترفها أفراد القوات المسلحة لهذه الدولة."
"وعند تحديد العقوبة، يتعين على محاكم أو سلطات الدولة الحاجزة أن تراعي إلى أبعد حد ممكن، أن المتهم ليس من رعايا الدولة الحاجزة، وهو لذلك غير ملزم بأي واجب للولاء لها، وأنه لم يقع تحت سلطتها إلا نتيجةً لظروف خارجة عن إرادته. وللمحاكم والسلطات المذكورة الحرية في تخفيف العقوبة المقررة عن المخالفة التي اتهم بها الأسير، وهي لذلك ليست ملزمة بتطبيق حد أدنى لهذه العقوبة."
"وتخصم أي مدة يقضيها أسير الحرب في الحبس الاحتياطي من أي حكم يصدر بحبسه، ويؤخذ ذلك في الاعتبار عند تقرير أي عقوبة."
كما أن أسرى الحرب الذين تقام عليهم الدعوى بموجب قوانين الدولة الحاجزة، بسبب جرائم ارتكبت قبل وقوعهم في الأسر، يستمر تمتعهم بجوانب الحماية التي تكفلها لهم "اتفاقية جنيف الثالثة". ولا يجوز معاملة الأسرى الذين نفذوا أحكامهم معاملة مختلفة عن غيرهم من الأسرى.
وبالنسبة للمدنيين في الأراضي المحتلة، فإن "اتفاقية جنيف الرابعة" تلزم المحاكم بألا تطبق عليهم سوى القوانين "… التي تكون مطابقة للمبادئ القانونية العامة، وعلى الأخص المبدأ الذي يقضي بأن تكون العقوبة متناسبة مع الذنب."
ويتفق "البروتوكولان الإضافيان الأول (الخاص بالمنازعات الدولية) والثاني (الخاص بالمنازعات غير الدولية) في عدم إجازة توقيع أية عقوبة أشد مما كان مطبقاً عند ارتكاب الجريمة. أما إذا عاد المشرع، بعد ارتكاب الجريمة، وخفف من العقوبة القانونية على هذه التهمة، فيستفيد المتهم من هذا التخفيف.
32/5/1 حظر العقاب الجماعيينص "البروتوكول الإضافي الأول" (الصراعات غير المسلحة) على أنه "لا يدان أي شخص بجريمة إلا على أساس المسئولية الجنائية الفردية." كما أن "اتفاقية جنيف الثالثة" تفرض حظراً على توقيع "العقوبات الجماعية عن أفعال فردية" على أسرى الحرب.
وإبان المنازعات غير الدولية لا يجوز أن "يدان أي شخص بجريمة إلا أساس المسؤولية الجنائية الفردية."
وبالنسبة للمدنيين في الأراضي المحتلة "لا يجوز معاقبة أي شخص محمي (من الفئات الخاضعة لنص المعاهدة) عن مخالفة لم يقترفها هو شخصياً. وتحظر العقوبات الجماعية، وبالمثل جميع تدابير التهديد أو الإرهاب."
32/6 الدعاوى القضائية المتعلقة بعقوبة الإعداميفرض القانون الإنساني، في الدول التي لم تلغ بعد عقوبة الإعدام، قيوداً صارمة على الحالات التي يجوز فيها توقيع عقوبة الإعدام وتنفيذها. ويجب أن تقترن قراءة هذه القيود، بالإضافة إلى الضمانات الخاصة بالحق في الحياة، بمطالعة أحكام قانون حقوق الإنسان، ومعايير تلك الحقوق التي تحد من استخدام هذه العقوبة. (انظر الفصل 28 الخاص بالدعاوى القضائية المتعلقة بعقوبة الإعدام). وقد استبعدت النظم الأساسية للمحكمتين الجنائيتين الدوليتين الخاصتين بيوغوسلافيا السابقة ورواندا والمحكمة الجنائية الدولية عقوبة الإعدام على جريمة الإبادة الجماعية، وغيرها من الجرائم ضد الإنسانية والانتهاكات الجسيمة للقانون الإنساني.
أسرى الحربحدت "اتفاقية جنيف الثالثة" من الأحوال التي يجوز فيها توقيع عقوبة الإعدام على سجناء الحرب، وتنفيذ تلك الأحكام فيهم.
"يجب تبليغ أسرى الحرب والدول الحامية في أقرب وقت ممكن بالمخالفات التي تستوجب عقوبة الإعدام طبقاً لقوانين الدولة الحاجزة"، على أن يتم ذلك فور وقوعهم في الأسر، ولا يجوز توقيع عقوبة الإعدام عليهم بسبب ارتكاب تلك المخالفات إلا بعد إخطارهم بها.
ولا يجوز للدولة الحاجزة أن توسع من نطاق عقوبة الإعدام دون موافقة الدولة الحامية. وهو ضمان يحمي أسرى الحرب من التعرض لأي تشريع تطبقه عليهم خصيصاُ الدولة الحاجزة من شأنه أن يضر بوضعهم.
واليوم بات أي توسيع في نطاق عقوبة الإعدام بمثابة إجراء يتنافى مع دعوة الجمعية العامة للأمم المتحدة، ولجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، إلى تقليص نطاق هذه العقوبة بهدف إلغائها، ويتنافر مع التزامات الدول الأطراف في "العهد الدولي" و"الاتفاقية الأمريكية". (انظر الفصل 28 الخاص بالدعاوى القضائية المتصلة بعقوبة الإعدام.)
وتقضي المادة 100 من "اتفاقية جنيف الثالثة" بأنه لا يجوز إصدار حكم بالإعدام قبل تنبيه هيئة المحكمة إلى أن ولاء السجين هو لدولة أخرى، وأنه محتجز رغم إرادته. ومن ثم يجب على رئيس المحكمة أن يحرص "على مراعاة هذا الحكم الإلزامي؛ "فإن لم يفعل، توافرت الأسباب لاستئناف الحكم وتنحية النتائج التي توصلت لها المحكمة."
ولا يجوز تنفيذ أي حكم بالإعدام على أسير حرب قبل انقضاء مهلة لا تقل عن ستة أشهر من تاريخ تسلم الدولة الحامية للإخطار الخاص به. وقد حددت المادة 107 شروطاً مفصلة بشأن الإخطار المذكور. ومن بين أغراض اشتراط إرجاء التنفيذ مدة ستة أشهر إتاحة الوقت للدولة الحامية لكي تخطر بلد المنشأ، حتى يمكنه إيفاد ممثلين دبلوماسيين بهدف بذل مساعٍ لتخفيف العقوبة. وعلاوة على ذلك، فهذا ضمان ضد "صدور الحكم بناءً على ظروف اللحظة، التي كثيراً ما تشوبها الاعتبارات العاطفية."
حظر عقوبة الإعدام على فئات معينة من البشريقضي "البروتوكول الإضافي الأول" المنطبق على المنازعات الدولية، بأنه "لا يجوز تنفيذ حكم الإعدام لجريمة تتعلق بالنزاع المسلح، على الأشخاص الذين لا يكونون قد بلغوا بعد الثامنة عشرة من عمرهم وقت ارتكاب الجريمة." كما أن "البروتوكول الإضافي الثاني"، المنطبق على المنازعات غير الدولية، يوفر حماية أشد حيث ينص على الآتي: "لا يجوز أن يصدر حكم بالإعدام على الأشخاص الذين هم دون الثامنة عشرة وقت ارتكاب الجريمة، كما لا يجوز تنفيذ عقوبة الإعدام على أولات الأحمال أو أمهات صغار الأطفال."
ورغم أن "البروتوكول الإضافي الأول" لا يحظر الحكم بالإعدام على الجرائم المتصلة بالنزاع المسلح على الحوامل أو الأمهات المرضعات، إلا أنه يحظر إعدامهن. "تحاول أطراف النزاع أن تتجنب قدر المستطاع، إصدار حكم بالإعدام على أولات الأحمال أو أمهات الأطفال الصغار اللواتي يعتمد عليهن أطفالهن، بسبب جريمة تتعلق بالنزاع المسلح. ولا يجوز أن ينفذ حكم الإعدام على مثل هؤلاء النسوة."
وعلاوة على ذلك، ينص "البروتوكول الإضافي الثاني" (المنازعات المسلحة غير الحكومية) على أنه "لا يجوز تنفيذ عقوبة الإعدام ... على أولات الأحمال أو أمهات صغار الأطفال."
الملاحق
الملحق الأول
مجموعة التعليقات العامة المعتمدة من جانب اللجنة المعنية بحقوق الإنسان
مجموعة مختارة من التعليقات العامة المعتمدة من اللجنة المعنية بحقوق الإنسان توفر إرشادات مرجعية يحتج بها في تفسير أحكام "العهد الدولي":(وثيقة الأمم المتحدة رقم HRI/GEN/1/Rev.3، 15 أغسطس/آب 1997)
التعليق العام 6 (المادة 6)3) وتعد الحماية من حرمان أي إنسان من حياته تعسفاً. وهي حماية تقتضيها الجملة الثالثة من المادة 6(1) صراحةً، ذات أهمية بالغة. وترى اللجنة أن على الدول الأطراف أن تتخذ تدابير ليست فقط لمنع حرمان أي إنسان من حياته عن طريق القيام بأعمال إجرامية والمعاقبة على ذلك الحرمان، وإنما أيضاً لمنع أعمال القتل التعسفي التي ترتكبها قوات الأمن التابعة لتلك الدول ذاتها. ويعد حرمان أي إنسان من حياته من قبل سلطات الدولة أمراً بالغ الخطورة، ولذلك ينبغي للقانون أن يضبط ويقيد بشكل صارم الظروف التي يمكن فيها للسلطات حرمان أي شخص من حياته.
6) ومع أنه يستنتج من المادة 6(2) إلى (6) أن الدول الأطراف ليست ملزمة بإلغاء عقوبة الإعدام إلغاء تاماً، فإنها ملزمة بالحد من استخدامها، ولا سيما بإلغاء الحكم بها إلا في حالة ارتكاب "أشد الجرائم خطورة"، ولذلك ينبغي لها أن تفكر في إعادة النظر في قوانينها الجنائية في ضوء ما سبق، وهي ملزمة، على أية حال، بقصر تطبيق عقوبة الإعدام على "أشد الجرائم خطورة". وتشير المادة أيضاً، بصورة عامة، إلى إلغاء عقوبة الإعدام بعبارات توحي بقوة بأن الإلغاء مستصوب (الفقرتان 2(2) و(6)). وتستخلص اللجنة أنه ينبغي اعتبار كل التدابير المتعلقة بالإلغاء تقدماً نحو التمتع بالحق في الحياة في إطار مفهوم المادة 40، وأنه ينبغي، على ذلك الأساس، تقديم تقرير بشأنها إلى اللجنة. وتلاحظ اللجنة أن عدداً من الدول قد ألغى بالفعل عقوبة الإعدام أو أوقف تطبيقها. ومع ذلك، تبين تقارير الدول أن التقدم المحرز نحو إلغاء عقوبة الإعدام أو الحد من تطبيقها غير كافٍ بالمرة.
7) وترى اللجنة أنه ينبغي فهم عبارة "أشد الجرائم خطورة" بمعناها الضيق، وهو أن عقوبة الإعدام ينبغي أن تكون تدبيراً استثنائياً جداً. ويستنتج أيضاً من العبارات الصريحة للمادة 6 أنه لا يمكن فرض هذه العقوبات ألا وفقاً للقوانين التي تكون سارية عند ارتكاب الجريمة وغير مخالفة لأحكام العهد. وينبغي احترام الضمانات الإجرائية الوارد وصفها في العهد بما في ذلك الحق في جلسات استماع عادلة من قبل محكمة مستقلة، وافتراض البراءة. والضمانات الأدنى للدفاع، والحق في إعادة النظر في العقوبة من جانب محكمة أعلى. وتنطبق هذه الحقوق بالإضافة إلى الحق الخاص في التماس العفو أو تخفيف العقوبة.
التعليق العام 8 (المادة 9)1) إن المادة 9 التي تتناول مسألة حق كل شخص في الحرية وفي الأمان على شخصه غالباً ما فهمت فهماً ضيقاً إلى حد ما في التقارير التي قدمتها الدول الأطراف. ولذلك قدمت تلك الدول معلومات غير كاملة. وتشير اللجنة إلى أن الفقرة 1 تنطبق على جميع أنواع الحرمان من الحرية، سواء في الحالات الجنائية أو في الحالات الأخرى كالأمراض العقلية، مثلاً، والتشرد، وإدمان المخدرات، والأغراض التربوية، ومراقبة الهجرة، إلى غير ذلك. وصحيح أن بعض أحكام المادة 9 (جزء من الفقرة 2 وكامل الفقرة 3) لا تنطبق إلا على الأشخاص الذين توجه إليهم تهمة ارتكاب إحدى الجرائم، غير أن البقية، وخاصةً الضمان الهام الوارد في الفقرة 4، أي حق الرجوع إلى القضاء ليقوم بتحري قانونية الاعتقال، تنطبق على جميع الأشخاص الذين يتعرضون للحرمان من حريتهم بالقبض عليهم أو باعتقالهم. وبالإضافة إلى ذلك، يتعين على الدول الأطراف أن تضمن أيضاً، وفقاً للمادة 2(3) توفير سبيل الانتصاف الفعال في الحالات الأخرى التي يدعي فيها شخص أنه قد تعرض للحرمان من حريته مما يتنافى مع هذا العهد.
2) تقتضي الفقرة 3 من المادة 9، أن يراعى في حالة أي إنسان موقوف أو معتقل بتهمة ارتكاب إحدى الجرائم، إحالته "فوراً" إلى أحد القضاة أو الموظفين المخولين قانوناً مباشرة الوظائف القضائية. ويضع القانون، في معظم الدول الأطراف، حدوداً زمنيةً أكثر دقة. وترى اللجنة أن التأخير لا ينبغي أن يتجاوز أياماً معدودة. وقد قدم عدد كبير من البلدان معلومات غير كافية عن الممارسات الفعلية فيما يتعلق بهذه المسألة.
3) وهناك موضوع آخر، وهو مدة الاحتجاز الإجمالية في انتظار المحاكمة. وهذا الموضوع أثار بالنسبة لفئات معينة من القضايا الجنائية في بعض البلدان بعض القلق داخل اللجنة. وقد استفسر الأعضاء عما إذا كانت ممارسات تلك البلدان تتوافق مع حق الشخص في "محاكمته خلال مدة معقولة أو" في "الإفراج عنه" بمقتضى الفقرة 3. وينبغي أن يكون الاحتجاز قبل الإحالة للمحاكمة إجراءً استثنائياً وأن تكون مدته قصيرة إلى أقصى حد ممكن. واللجنة ترحب بأية معلومات تتعلق بالآليات الحالية والتدابير المتخذة لتخفيض مدة ذلك الاحتجاز.
التعليق العام 13 (المادة 14)4) وتنطبق أحكام المادة 14 على جميع المحاكم في نطاق هذه المادة عادية كانت أو متخصصة، وتلاحظ اللجنة أنه توجد، في بلدان عديدة، محاكم عسكرية أو خاصةً تحاكم المدنيين. وقد يثير ذلك مشاكل خطيرة فيما يتعلق بإقامة العدالة على نحو منصف وحيادي ومستقل. وغالباً ما يكون السبب في إنشاء هوه المحاكم هو التمكن من تطبيق إجراءات استثنائية لا تتفق مع المعايير العادية للعدل. ومع أن العهد لا يحظر هذه الفئات من المحاكم. إلا أن الشروط التي ينص عليها تشير صراحةً إلى ان محاكمة المدنيين من جانب هذه المحاكم ينبغي أن تكون استثنائية جداً. وأن تجري بشروط تسمح أساساً بتوافر جميع الضمانات المنصوص عليها في المادة 14. ولاحظت اللجنة النقص الخطير في المعلومات بها الشأن في تقارير بعض الدول الأطراف التي تتضمن مؤسساتها القضائية مثل هذه المحاكم لمحاكمة المدنيين. وفي بعض البلدان، لا توفر مثل هذه المحاكم العسكرية والخاصة الضمانات الصارمة لإقامة العدالة على وجه صحيح وفقاً لمتطلبات المادة 14 التي هي متطلبات أساسية لتوفير حماية فعلية لحقوق الإنسان. وإذا قررت الدول الأطراف في حالات الطوارئ الاستثنائية المشار إليها في المادة 4 عدم التقيد بالإجراءات الاعتيادية المنصوص عليها في المادة 14، ينبغي أن تتأكد من أن حالات عدم التقيد هذه لا تتجاوز أضيق الحدود التي يتطلبها الوضع الفعلي، وأن تتقيد بسائر الشروط الواردة في الفقرة 1 من المادة 14.
5) وتنص الجملة الثانية من الفقرة 1 من المادة 14 على أن "من حق كل فرد ... أن تكون قضيته محل نظر منصف وعلني". وتتوسع الفقرة 3 من المادة في بيان مقتضيات "النظر المنصف" فميا يتعلق بالفصل في التهم الجنائية، غير أن متطلبات الفقرة 3 هي ضمانات دنيا لا يكفي دائماً التقيد بها لتأمين نظر منصف في القضية وفقاً لما تنص عليه الفقرة 1.
6) إن علنية المحاكمات هي وسيلة وقائية هامة لمصلحة الفرد والمجتمع بأسره. وفي الوقت ذاته، تعترف الفقرة 1 من المادة 14 بأن للمحاكم سلطة منع الجمهور كلياً أو جزئياً من حضور المحاكمة لأسباب واردة في الفقرة ذاتها. وتجدر الإشارة إلى أن اللجنة تعتبر أن المحاكمة، بخلاف مثل هذه الظروف الاستثنائية، يجب أن تكون مفتوحة للجمهور عامة، بمن فيه الأفراد التابعون للصحافة. ويجب ألا تكون مثلاً، محصورة فقط بفئة معينة من الأشخاص. وتجدر الإشارة إلى أنه حتى بالنسبة للقضايا التي يمنع فيها الجمهور من حضور المحاكمة، يجب أن يكون الحكم علنياً، مع بعض الاستثناءات المحددة حصراً.
7) ولاحظت اللجنة نقصاً في المعلومات المتعلقة بالفقرة 2 من المادة 14، بل لاحظت في بعض الحالات أن قرينة البراءة، التي هي أساسية لحماية حقوق الإنسان، مصاغة بعبارات بالغة الغموض، أو أنها تنطوي على شروط تجعلها غير فعالة. فبسبب قرينة البراءة يقع عبء إثبات التهمة على عاتق الادعاء ويجعل الشك لصالح المتهم. ولا يمكن افتراض الذنب إلا بعد إثبات التهمة بما لا يدع للشك المعقول مجالاً. فضلاً عن أن قرينة البراءة تنطوي على حق المعاملة وفقاً لهذا المبدأ، لذلك، فإن من واجب جميع السلطات العامة أن تمتنع عن الحكم بصورة مسبقة على نتيجة المحاكمة.
8) ومن بين الضمانات الدنيا في الإجراءات الجنائية المنصوص عليها في الفقرة 3، الضمانة الأولى التي تتعلق بحق كل متهم بجريمة في أن يتم إعلامه، في لغة يفهمها، بطبيعة التهمة الموجهة إليه (الفقرة الفرعية (أ)، وتلاحظ اللجنة أن تقارير الدول لا تشرح في الغالب كيف يتم مراعاة هذا الحق وتأمينه. وتنطبق المادة 14(3)(أ) على جميع حالات التهم الجنائية، بما فيها تلك الموجهة إلى أشخاص غير معتقلين. وتلاحظ اللجنة كذلك أن حق المتهم بجريمة في أن يتم إعلامه بالتهمة "سريعاً" يتطلب أن تعطى المعلومات بالطريقة الموصوفة فور توجيه التهمة من جانب سلطة ذات صلاحية. وفي رأي اللجنة أن هذا الحق يجب أن ينشأ عندما تقرر إحدى المحاكم أو إحدى سلطات الادعاء العام، أثناء التحقيق، أن تتخذ إجراءات ضد شخص مشتبه به بأنه ارتكب جريمة أو تسميه علناً بأنه مشتبه به، ويمكن الإيفاء بالمتطلبات المحددة في الفقرة الفرعية (3)(أ) عن طريق إعلان التهمة شفهياً أو خطياً، على ان تشير المعلومات إلى القانون وإلى الأفعال المدعى بها والتي ترتكز عليها التهمة.
9) وتنص الفقرة الفرعية 3(ب) على أن يُعطي المتهم من الوقت ومن التسهيلات ما يكفيه لإعداد دفاعه وللاتصال بمحام يختاره بنفسه. إن "الوقت الكافي" يتوقف على ظروف كل قضية، لكن التسهيلات يجب أن تشمل الوصول إلى الوثائق وغيرها من الإثباتات التي يطلبها المتهم لإعداد دفاعه. وكذلك فرصة تعيين محامٍ والاتصال به. وعندما لا يريد المتهم أن يدافع عن نفسه شخصياً أو يطلب شخصاً أو جمعية يختارهما هو، يجب أن يتمكن من اللجوء إلى محامٍ، وبالإضافة إلى ذلك، تنص هذه الفقرة الفرعية على أن يتصل المحامي بالمتهم في شروط تضمن التقيد الكامل بسرية اتصالاتهما. وينبغي أن يكون بإمكان المحامين أن يقدموا المشورة إلى موكليهم وأن يمثلوهم وفقاً لمعاييرهم وأفكارهم المهنية الثابتة دون أية قيود أو تأثيرات أو ضغوط أو تدخلات لا مبرر لها من أي جهة.
10) وتنص الفقرة الفرعية 3(ج) على أن يحاكم المتهم دون تأخير لا مبرر له. وتتعلق هذه الضمانة لا بالتاريخ الذي ينبغي أن تبدأ فيه المحاكمة وحسب، وإنما أيضاً بالتاريخ الذي ينبغي أن تنتهي فيه هذه المحاكمة وأن يصدر فيه الحكم. فيجب أن تتم جميع المراحل "دون تأخير لا مبرر له". وبغية جعل هذا الحق فعلياً، يجب أن تتوفر إجراءات لضمان أن المحاكمة سوف تسير "دون تأخير لا مبرر له"، في الدرجة الأولى والاستئناف على حد سواء.
11) لم تعالج جميع التقارير كافة جوانب حق الدفاع، كما حددته الفقرة الفرعية 3(د). فاللجنة لم تتلق دائماً معلومات كافية تتعلق بحماية حق المتهم في أن يكون حاضراً أثناء الفصل في أية تهمة موجهة إليه، أو بكيفية ضمان النظام القانوني لحقه سواء في الدفاع عن نفسه شخصياً أو بواسطة محامٍ من اختياره، أو بماهية الترتيبات التي تتخذ إذا كان الشخص لا يملك الوسائل الكافية لدفع أجر المعونة القضائية. ويجب أن يكون للمتهم أو لمحاميه حق العمل بعناية ودون خوف على استخدام جميع وسائل الدفاع المتاحة. وحق الاعتراض على سير القضية إذا كانا يعتقدان بأنه غير منصف. وعندما تجرى المحاكمات غيابياً، بصورة استثنائية ولأسباب مبررة، يصبح التقيد الدقيق بحقوق الدفاع أكثر ضرورة.
12) وتنص الفقرة الفرعية 3(هـ) على أنه يحق للمتهم أن يناقش شهود الاتهام بنفسه أو من قبل غيره، وأن يحصل على الموافقة على استدعاء شهود النفي واستجوابهم بذات الشروط المطبقة في حالة شهود الاتهام. وهذا الحكم وضع لكي يضمن للمتهم ذات السلطات القانونية لإلزام الشهود على الحضور ولإجراء الاستجواب أو الاستجواب المضاد لأي شهود كما هي الحال بالنسبة للسلطات المتاحة للادعاء العام.
13) وتنص الفقرة الفرعية 3(و) على أنه في حالة عدم تمكن المتهم من التكلم أو فهم اللغة المستخدمة في المحكمة، فإن له الحق في مساعدة مجانية من مترجم. وهذا الحق مستقل عن نتيجة المحاكمة، وينطبق على الأجانب، وكذلك على رعايا البلد. وأنه ذو أهمية أساسية في القضايا التي يكون فيها جهل اللغة التي تستخدمها المحكمة أو الصعوبة في فهمها عائقاً رئيسياً في وجه الدفاع.
14) وتنص الفقرة الفرعية 3(ز) على ألا يكره المتهم على الشهادة ضد نفسه أو على الاعتراف بذنب. ولدى النظر في هذا التدبير الوقائي، ينبغي عدم إغفال أحكام المادة 7 والفقرة 1 من المادة 10، فبغية إكراه المتهم على الاعتراف أو على الشهادة ضد نفسه، غالباً ما تستخدم طرق تنتهك هذه الأحكام. وينبغي أن ينص القانون على أن الإثباتات الموفرة بواسطة مثل هذه الطرق أو بأي شكل آخر من أشكال الإكراه غير مقبولة البتة.
15) وبغية الحفاظ على حقوق المتهم بموجب الفقرتين 1 و7 من المادة 14، ينبغي أن يكون للقضاة سلطة النظر في أي ادعاءات بانتهاكات حقوق المتهم أثناء أية مرحلة من مراحل المحاكمة.
16) وتنص الفقرة 4 من المادة 14 على أن الإجراءات المطبقة على الأحداث تأخذ في الاعتبار أعمارهم وضرورة العمل على إعادة تأهيلهم، ولم تقدم تقارير عديدة معلومات كافية تتعلق بمسائل ذات صلة كالسن الدنيا التي يمكن فيها اتهام حدث بجريمة، والسن القصوى التي لا يزال الشخص يعتبر فيها حدثاً. ووجود محاكم وإجراءات خاصة، والقوانين المنظمة للإجراءات ضد الأحداث،وكيف تراعى جميع هذه الترتيبات الخاصة للأحداث، "ضرورة العمل على إعادة تأهيلهم". وينبغي أن يتمتع الأحداث، على الأقل، بذات الضمانات والحماية الممنوحة للراشدين بموجب المادة 14.
17) وتنص الفقرة 5 من المادة 14 على ان لكل شخص أدين بجريمة حق اللجوء، وفقاً للقانون، إلى محكمة أعلى كيما تعيد النظر في قرار إدانته وفي العقاب الذي حكم به عليه، ويُلفت الانتباه بنوع خاص إلى ترجمة كلمة "جريمة" (crime) الواردة في اللغات الأخرى ( "infraction" - "delito" - prestuplenie"")، مما يدل على ان الضمانة لا تنحصر فقط بالجرائم الأكثر جسامة. وفي هذا السياق، لم تقدم معلومات كافية بشأن إجراءات الاستئناف، وخاصةً الوصول إلى محاكم المراجعة وسلطات هذه المحاكم، وما هي الشروط الواجب توافرها للاستئناف ضد حكم صادر، والطريقة التي تراعى بها إجراءات محاكم المراجعة متطلبات النظر المنصف والعلني الواردة في الفقرة 1 من المادة 14.
18) وتنص الفقرة 6 من المادة 14 على التعويض، وفقاً للقانون، في بعض حالات وقوع خطأ قضائي موصوفة في المادة المذكورة. ويتبين من تقارير دول عديدة أن هذا الحق غالباً ما لا يُراعى أو لا يُضمن بشكلٍ كافٍ في التشريع المحلي، وينبغي للدول عند الاقتضاء، أن تكمل تشريعاتها في هذا المجال بغية جعلها متسقة مع أحكام العهد.
19) ولدى النظر في تقارير الدول، غالباً ما تم الإعراب عن آراء متباينة فيما يتعلق بمدى الفقرة 7 من المادة 14. وقد رأت بعض الدول الأطراف ضرورة إبداء تحفظات فيما يتصل بإجراءات استئناف سير القضايا الجنائية، ويبدو للجنة أن معظم الدول الأطراف تفرق تفريقاً واضحاً بين استئناف سير المحاكمة المبرر بظروف استثنائية، وإعادة المحاكمة المحظورة عملاً بمبدأ عدم جواز المحاكمة على ذات الجرم مرتين (non bis in idem) الوارد في الفقرة 7. وفهم معنى مبدأ non bis in idem على هذا النحو قد يشجع الدول الأطراف على إعادة النظر في تحفظاتها على الفقرة 7 من المادة 14.
التعليق العام 16 (المادة 17)8) وحتى فيما يتعلق بعمليات التدخل التي تتفق مع العهد، يجب أن يحدد التشريع دون الصلة بالتفصيل الظروف المحددة التي يجوز فيها السماح بهذا التدخل. وأي قرار باللجوء إلى هذا التدخل المسموح به يجب أن تتخذه السلطة التي يسميها القانون وحدها دون سواها. وعلى أساس كل حالة على حدة. ويقتضي التقيد بالمادة 17 ضمان سلامة وسرية المراسلات قانوناً وفي الواقع. وينبغي أن تُسلم المراسلات إلى المرسل إليه دون مصادرتها أو فتحها أو قراءاتها. وينبغي حظر الرقابة، بالوسائل الإلكترونية أو بغيرها على السواء، وحظر اعتراض طريق الاتصالات الهاتفية والبرقية، وغيرها من أشكال الاتصالات، والتنصت على المحادثات وتسجيلها. وينبغي أن يقتصر تفتيش منزل الشخص على البحث عن الأدلة اللازمة. وينبغي ألا يسمح بأن يصل إلى حد المضايقة. وفيما يتعلق بالتفتيش الشخصي والبدني، ينبغي أن تكون هناك تدابير فعالة تكفل إجراء هذا التفتيش بأسلوب يتفق مع كرامة الشخص الذي يجري تفتيشه. وفي حالة الأشخاص الذين يخضعون لتفتيش بدين يجريه مسؤولون حكوميون أو موظفون طبيون يقومون بذلك بناءً على طلب الدولة، لا ينبغي ألا يجري الفحص إلا بواسطة أشخاص من نفس الجنس.
التعليق العام 20 (المادة 7)2) ونص المادة 7 لا يسمح بأي تقييد. وتؤكد اللجنة مرة أخرى أنه حتى في حالات الطوارئ العامة، مثل تلك المشار إليها في المادة 4 من العهد، لا يسمح بأي انتقاص من الحكم الوارد في المادة 7، ويجب أن تبقى أحكامها سارية المفعول. وتلاحظ اللجنة أيضاً أنه لا يجوز التذرع بأي مبررات أو ظروف مخففة كتبرير لانتهاك المادة 7 لأي أسباب كانت، بما في ذلك الأسباب المستندة إلى أمر صادر من مسؤول أعلى أو من سلطة عامة.
5) وينصب الحظر الوارد في المادة 7 ليس فقط على الأفعال التي تسبب ألماً بدنياً، وإنما أيضاً على الأفعال التي تسبب للضحية معاناة عقلية. ومن رأي اللجنة فضلاً عن هذا أن الحظر يجب أن يمتد إلى العقوبة البدنية، بما في ذلك العقاب الشديد الذي يؤمر به للمعاقبة على جريمة أو كتدبير تعليمي أو تأديبي. ومن الملائم في هذا الصدد التأكيد على أن المادة 7 تحمي بوجه خاص الأطفال والتلاميذ والمرضى في المؤسسات التعليمية والطبية.
6) وتلاحظ اللجنة أن الحبس الانفرادي لمدد طويلة للشخص المحتجز أو المسجون قد يرقى إلى مرتبة الأفعال المحظورة بمقتضى المادة 7. وكما ذكرت اللجنة في التعليق العام رقم 6(16)، فإن المادة 6 من العهد تشير بصفة عامة إلى إلغاء عقوبة الإعدام في عبارات توحي بقوة بأن الإلغاء أمر مرغوب فيه، وفضلاً عن هذا، فإنه عندما تطبق دولة طرف عقوبة الإعدام على أخطر الجرائم، فيجب ألا تكون مقيدة تقييداً شديداً فحسب وفقاً للمادة 6، بل يجب أيضاً أن يكون تنفيذها بطريقة تسبب أقل درجة ممكنة من المعاناة البدنية والعقلية.
7) وتحظر المادة 7 صراحة إجراء تجارب طبية أو علمية دون موافقة الشخص المعني موافقة حرة. وتلاحظ اللجنة أن تقارير الدول الأطراف لا تتضمن عادة إلا القليل من المعلومات عن هذه النقطة. وينبغي إيلاء المزيد من الاهتمام لضرورة ووسائل ضمان التقيد بهذا الحكم. وتشير اللجنة أيضاً إلى ضرورة توفير حماية خاصة من هذه التجارب، وذلك في حالة الأشخاص غير القادرين على الموافقة موافقة صحيحة. وبصفة خاصة أولئك الذين يجري إخضاعهم لأي شكل من أشكال الاحتجاز أو السجن، فهؤلاء الأشخاص يجب ألا يكونوا موضوع تجارب طبية أو علمية من شأنها أن تضر بصحتهم.
11) وينبغي للدولة الطرف، بالإضافة إلى وصف الخطوات التي تتبعها لتوفير الحماية العامة، التي تحق لأي شخص من الأعمال المحظورة بموجب المادة 7، أن تقدم معلومات مفصلة عن الضمانات التي تكفل الحماية الخاصة للأشخاص المعرضين للأذى بصفة خاصة. ومن الجدير بالملاحظة أن إحدى الوسائل الفعالة لمنع حالات التعذيب وسوء المعاملة هي إبقاء قواعد الاستجواب وتعليمات وطرق وممارسات وترتيبات حجز ومعاملة الأشخاص المعرضين لأي شكل من أشكال القبض أو الاحتجاز أو السجن قيد الاستعراض المنتظم. ولضمان الحماية الفعلية للمحتجزين، ينبغي اتخاذ ترتيبات لوضعهم في أماكن معترف بها رسمياً كأماكن احتجاز، ولحفظ أسمائهم وأماكن احتجازهم، فضلاً عن أسماء الأشخاص المسؤولين عن احتجازهم في سجل يتاح وييسر الاطلاع عليه للمعنيين، بما في ذلك الأقرباء والأصدقاء. وعلى نفس النحو، ينبغي تسجيل وقت ومكان جميع الاستجوابات بالإضافة إلى أسماء جميع الحاضرين. وينبغي أن يتاح الاطلاع على هذه المعلومات لأغراض الإجراءات القضائية أو الإدارية. كما ينبغي اتخاذ ترتيبات ضد الاحتجاز الانفرادي. وفي هذا السياق ينبغي للدول الأطراف أن تضمن خلو أمكنة الاحتجاز من أية معدات قابلة للاستخدام لأغراض التعذيب أو إساءة المعاملة. وإن توفير الحماية للمحتجزين يقتضي أيضاً إتاحة الوصول إليه بشكل عاجل ومنتظم للأطباء والمحامين. وكذلك، في ظل إشراف مناسب عندما يقتضي التحقيق ذلك، لأفراد الأسرة.
12) ومن المهم، من أجل عدم تشجيع ارتكاب الانتهاكات المتعلقة بالمادة 7، أن يحظر القانون في أي إجراءات قضائية، استخدام أو جواز قبول أي أقوال أو اعترافات يكون قد تم الحصول عليها عن طريق التعذيب أو أية معاملة أخرى محظورة.
14) وينبغي قراءة المادة 7 بالاقتران مع الفقرة 3 من المادة 2 من العهد. وينبغي أن تبين الدول الأطراف في تقاريرها الكيفية التي يضمن بها نظامها القانوني على نحو فعال الإنهاء الفوري لجميع الأفعال التي تحظرها المادة 7، فضلاً عن توفير إنصاف مناسب. ويجب التسليم في القانون الداخلي بالحق في تقديم شكاوى من سوء المعاملة المحظور بموجب المادة 7 من العهد ويجب قيام السلطات المختصة بالتحقيق بصورة عاجلة ومحايدة في الشكاوى بغية جعل وسيلة الإنصاف فعالة. وينبغي أن تقدم تقارير الدول الأطراف معلومات محددة عن وسائل الانتصاف المتاحة لضحايا سوء المعاملة والإجراءات التي يتعين على الشاكين اتباعها، وإحصاءات عن عدد الشكاوى والكيفية التي عولجت بها.
التعليق العام 21 (المادة 10)3) وتفرض الفقرة 1 من المادة 10 على الدول الأطراف التزاماً إيجابياً إزاء الأشخاص الذين يتأثرون على نحو خاص بسبب مركزهم كأشخاص محرومين من حريتهم، وتتمم بالنسبة لهم الحظر المفروض على التعذيب أو المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة والوارد في المادة 7 من العهد، ومن ثم لا يجوز تعريض الأشخاص المحرومين من حريتهم لمعاملة منافية للمادة 7، بما في ذلك التجارب الطبية والعلمية، بل ولا يجوز أيضاً تعريضهم لأي مشقة أو قيد خلاف ما هو ناجم عن الحرمان من الحرية. ويجب ضمان احترام كرامة هؤلاء الأشخاص بالشروط نفسها كما هي بالنسبة للأشخاص الأحرار. ويتمتع الأشخاص المحرومون من حريتهم بجميع الحقوق المبينة في العهد، رهناً بالقيود التي لا مفر من تطبيقها في بيئة مغلقة.
4) وإن معاملة جميع الأشخاص المحرومين من حريتهم معاملة إنسانية تحترم كرامتهم قاعدة جوهرية وواجبة التطبيق عالمياً. ونتيجة لذلك، لا يمكن أن يتوقف تطبيق هذه القاعدة، كحد أدنى، على الموارد المادية المتوافرة في الدولة الطرف. ويجب تطبيق هذه القاعدة دون تمييز من أي نوع، كالتمييز على أساس العنصر أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو الرأي السياسي أو غيره، أو المنشأ الوطني أو الاجتماعي، أو الممتلكات أو المولد، أو أي مركز آخر.
9) وتنص الفقرة 2(أ) من المادة 10 على فصل المتهمين، إلا في الظروف الاستثنائية، عن المحكوم عليهم. وهذا الفصل مطلوب من أجل التأكيد على مركزهم كأشخاص غير محكوم عليهم ويتمتعون في الوقت نفسه بالحق في اعتبارهم أبرياء وفقاً للمنصوص عليه في الفقرة 2 من المادة 14. وينبغي لتقارير الدول الأطراف أن تبين كيف يتم فصل الأشخاص المتهمين عن الأشخاص المحكوم عليهم وأن توضح كيف تختلف معاملة الأشخاص المتهمين عن معاملة المحكوم عليهم.
13) وعلاوة على ذلك، تلاحظ اللجنة أن تقارير بعض الدول الأطراف لا تتضمن أية معلومات بشأن المعاملة التي يلقاها المتهمون الأحداث والأحداث المذنبون. وتنص الفقرة 2(ب) من المادة 10 على فصل المتهمين الأحداث عن البالغين. وتوضح المعلومات المقدمة في التقارير أن بعض الدول الأطراف لا تولي الاهتمام اللازم لواقع أن هذا النص هو حكم إلزامي من أحكام العهد. وينص الحكم أيضاً على وجوب النظر في القضايا الخاصة بالأحداث بأسرع ما يمكن. وينبغي أن تحدد التقارير التدابير التي تتخذها الدول الأطراف لإنفاذ هذا الحكم. وأخيراً تقضي الفقرة 3 من المادة 10 بأن يفصل المذنبون الأحداث عن البالغين ويعاملوا معاملة تتفق مع سنهم ومركزهم القانوني فيما يتعلق بظروف الاحتجاز. ويشمل ذلك على سبيل المثال تقصير فترات العمل والسماح بالاتصال بالأقارب، وذلك بهدف التشجيع على إصلاحهم وإعادة تأهيلهم. ولا تتضمن المادة 10 إشارة تحدد سن الحدث. وفي حين أنه يتعين على كل دولة طرف أن تحدد هذا في ضوء الظروف الاجتماعية والثقافية والظروف الأخرى ذات الصلة ترى اللجنة أن الفقرة 5 من المادة 6 تقترح أن يعامل جميع الأشخاص دون الثامنة عشرة من العمر بوصفهم من الأحداث في المسائل المتصلة بالقضاء الجنائي على الأقل. وينبغي للدول تقديم معلومات ذات صلة عن فئات أعمار الأشخاص الذين يعاملون باعتبارهم من الأحداث. وفي هذا الصدد، فإن الدول الأطراف مدعوة إلى أن تبين ما إذا كانت تطبق قواعد الأمم المتحدة النموذجية الدنيا لإدارة شؤون قضاء الأحداث والمعروفة باسم قواعد بكين (1987).
الملحق الثاني
قرار اللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب بشأن الحق في اللجوء إلى القضاء وتلقي محاكمة عادلة*
إن اللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب
إذ تدرك أن الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب قد أعد بغرض تعزيز حقوق الإنسان وحمايتها وفقاً للأحكام الواردة في الميثاق، وإذ تعترف بالمعايير الدولية لحقوق الإنسان،
وإذ تسلم بأن الحق في المحاكمة العادلة جوهري لحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية،
وإذ تضع نصب أعينها المادة 7 من الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب،
1) ترى أن من حق كل شخص تُنتهك حقوقه أو حريته أن يحصل على سبيل انتصاف فعال،2) ترى أيضاً أن الحق في المحاكمة العادلة يشمل، ضمن ما يشمل، الآتي:
أ) أن يكون من حق كل شخص أن يعرض قضيته وأن يعامل على قدم المساواة مع غيره أمام المحاكم عند البت في حقوقه والتزاماته،ب) إبلاغ كل شخص، عند القبض عليه، بلغة يفهمها بأسباب القبض عليه وإبلاغه على وجه السرعة بأية تهم تنسب إليه.ج) عرض المقبوض عليهم أو المحتجزين - على وجه السرعة - على قاضٍ أو موظفٍ آخر يخوله القانون ممارسة السلطة القضائية، ومن حقهم أن يقدموا إلى المحاكمة في غضون مدة زمنية معقولة أو يفرج عنهم.د) افتراض براءة المتهم بارتكاب فعل جنائي إلى أن تثبت إدانته محكمة مختصة.هـ) أن يكون من حق المتهمين، عند الفصل في التهم المنسوبة إليهم، ما يلي:
1- أن توفر لهم كفايتهم من الوقت والتسهيلات لإعداد دفاعهم، وأن يتصلوا في إطار من السرية بمحاميين يختارونهم،2- أن يقدموا للمحاكمة في غضون فترة زمنية معقولة،3- أن يناقشوا شهود الإثبات بأنفسهم أو من قبل غيرهم، وأن يحصلوا على الموافقة على استدعاء شهود النفي وأن يناقشوهم بموجب نفس الشروط المطبقة في حالة شهود الإثبات.4- أن يحصلوا على مساعدة من مترجم دون مقابل، إذا كانوا لا يتكلمون اللغة التي تستخدمها المحكمة.
3) من حق أي شخص يدان بارتكاب فعل جنائي أن يستأنف الحكم أمام محكمة أعلى.4) توصي الدول الأطراف في الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب بأن تنشر الوعي بإجراءات اللجوء للقضاء وأن توفر للمحتاجين المساعدة القانونية.5) تقرر الاستمرار في إجراء المزيد من الدراسة والبحث بشأن الحق في اللجوء إلى القضاء، والحصول على محاكمة عادلة بهدف مواصلة التوسع في المبادئ المتصلة بهذا الحق.
0 التعليقات:
إرسال تعليق